أيها المصريون.. لقد كان حلم كثيرا منا هو أن نرى مصر في مصاف الدول المتحضرة والمتقدمة في الشرق الأوسط كتركيا التي نقدرها شعبا وحكومة، ولكنني أتساءل بعد ما حدث لها اليوم وضربها زلزالها الأخير وأفقدها الكثير من مكتسباتها ومقدراتها ألا يسترعى هذا الحدث المروع انتباهنا ويستوجب أن نتوقف أمام قضاء الله الخاطف كثيرا لنفكر مليا قبل أن نحلم بمستقبل مصر حضاريا ونسعى لتحقيق أمل الإمساك بدفة الحكم لنحقق لها مبتغاها وللمصريين أحلامهم!.
أرى أن مصائبنا جميعا لا تأتي فرادى، وترمي حممها من بركان حلم القيادة والزعامة الذي ينكب عليه ويتصارع من أجله الأفراد والأحزاب والقطاعات والجماعات الدينية.. فهل تدارسوا هؤلاء جميعا الزلازل الأخلاقية التي تدمر الكثير من أبناء الوطن من حينٍ إلى حين.. وهل أوجدوا حلا لمعضلة الصراع السياسي القائم بين جماعات دينية على اختلاف انتماءاتها والتي بلغت مداها إلى حدٍ لا يقبله مواطن مخلص يحب بلاده .
انظروا إلى تفاقم ظاهرة السب واللعن وانتهاك كرامة البعض للآخر والتي لم يسلم منها حتى اللذين يظهرون الالتزام بأخلاق ومبادئ الدين الحنيف!، والأمثلة حاضرة وهو أمرٌ غير مقبول.
ألم يقل الله عز وجل في كتابه العزيز ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) صدق الله العظيم.
وهل يشهد واقعنا بأننا وفقنا للعمل بمقتضى هذه الآية الكريمة فاهتدينا بهداه صلى الله عليه وسلم وتأسينا بسنته على الوجه الذي يُرضي الله عز وجل، فجميعنا يعلم أن الله سبحانه أحصى لنبيه المنافقين وعرفه بهم حق المعرفة ولكنه لم يفضحهم أو يذكرهم أو حتى ينوه عنهم في حياتهم، وكل ما كان يفعله بشأن موت أحدهم بأنه لا يصلي عليه.
فما بالنا نتهم أعلامنا وشيوخنا وإخواننا بالجهل والكذب والنفاق.. وما بالنا ننقسم على أنفسنا ونؤسس وندعو لأحزاب مختلفة تشكلت لجماعات تنتمي لدين واحد طلبا للولاية وسعيا وراء الحكم ( بدعاوى العودة إلى حكم الله وتطبيق الشريعة )، فمع من ستكون أنت وأنا لهذه الفرق المختلفة والتي تتلوا كتابا واحد!، أنزل على نبيٍّ واحد، ولماذا نختلف لحد السباب واتهام أحدنا للآخر بالكذب والنفاق والجهل، سبحان الله!
ألم يحذرنا رسولنا الكريم فيما ورد عنه ورواه الإمام البخاري في صحيحه حيث قال عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال النبي ( ص ): يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها" صدق رسولنا الكريم ( ص ).
لقد روي عن شيخنا الإمام محمد متولي الشعراوي أنه قال( أود أن أُحكم بالإسلام لا أن أَحكم به )، وهو القول الذي يفهم منه أن الشيخ يريد أن يكون جوهر الإسلام كائنا بأنفسنا علما وعملا وبالتالي تحكمنا شريعته بطبيعة الحال، من غير تكالبٍ على حكم!، فلماذا لا نخطو إلى هذا الاتجاه!..
الحق أن ما نشاهده الآن من سلوكٍ وانقسام وتشاحن يدعونا جميعا إلى حزن كبير ويبعدنا عن روح الدين وجوهره أكثر ويضيف إلينا معاناة أخرى قد تطيح بنا إلى مجهول يتربص بنا طويلا .
فهل آن لنا أن نخلع عن أنفسنا جلابيب التفرقة والتنافر ونمعن النظر ونتدبر عن وعي مبادئ وتعاليم ديننا الحنيف.
يقول الله سبحانه وتعالى ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ) صدق الله العظيم.
نقلا لمقال الأديبة ( عبير عبد التواب البطوجي )
0 comments:
إرسال تعليق