من طبول الحرب الى طبول الوئام/ ابراهيم الشيخ
في بداية ايلول كانت منطقة الشرق الاوسط على صفيح ساخن بسبب التهديدات الامريكية واستعدادها لضرب سوريا بسبب استخدام السلاح الكيميائي في هذا البلد، ولكن في اللحظات الاخيرة وبشكل مفاجئ تم نزع فتيل هذه الحرب من خلال اطلاق مبادرة روسية لتدمير الاسلحة الكيميائية.
لم يكن احد يتصور ان تنتهي هذه الازمة بهذا الشكل الذي جنب المنطقة ودولها الخراب والقتل، لانه لو تم سيناريو الحرب لكانت منطقة الشرق الاوسط غير ما هي عليه اليوم، ولكن الذي لم ينته هو القتل والدمار في سوريا لان السلاح الكيميائي كان هو الهدف الذي يقلق الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وكذلك إسرائيل.
وان المفاجئات لم تنته عند هذا الحد وبشكل متسارع حصلت امور لم تكن متوقعة مثل لقاء وزير الخارجية الامريكي جون كيري مع نظيره الايراني محمد جواد ظريف، عقد هذا الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية بين إيران والقوى العالمية الست، ومن ثم تبع هذا اللقاء اتصال هاتفي بين الرئيس باراك اوباما والرئيس حسن روحاني، وهذا التطور بدون شك يعد اختراقا مهما ويعتبر الاول منذ اربعة وثلاثين سنة اي منذ بدء الثورة الايرانية في 1979.
هذه التطورات ان دلت على شيء انما تدل على ان الطرفين جادين في التوصل الى حل ينهي حالة الاحتقان والتشنج والتهديدات بالحرب وعدم الاستقرار في المنطقة التي كانت تعيش على وقع دق طبول الحرب من قبل امريكا واسرائيل وايرن، فهذا التغيير في الموقف الايراني ببدء انتهاج سياسة منفتحة يشكل بداية بناءة ومهمة للمنطقة العربية، وخاصة دول الخليج التي كانت خائفة من حصول هذه الحرب لما لها من تداعيات ومضاعفات عليها.
ولكن ما ان بدأ الرئيس حسن روحاني في عرض اعتداله على الغرب واستعداده للحوار حول الملف النووي الايراني بدأ التشكيك بنواياه وخاصة من قبل اسرائيل التي تبدو منزعجة وقلقة من التقارب الايراني الامريكي، وهي التي لعبت دورا مهما ومحرضا على ضرب ايران وتشديد الخناق عليها، وستحاول اسرائيل الضغط على الولايات المتحدة والدول الغربية من اجل عدم تصديق الموقف الايراني، وستعمل اسرائيل جاهدة الى تخريب وبث المخاوف من هذا التقارب.
كذلك عبرت بعض الدول العربية عن شكوكها حيال الموقف الايراني التي فوجئت به، ومن غير شك ان التقارب الايراني الامريكي يزعج الدول العربية وخاصة الخليجية التي قد تشعر انها خًذلت من قبل امريكا، ومن المعروف أن أمريكا لا يهمها سوى مصالحها ومصالح حليفتها اسرائيل وخاصة في الملف النووي وليس خوفا على هذه الدول، ولم تكن الدول العربية سوى اداة لتحقيق مصالح امريكا في المنطقة.
من غير شك ان الدعم العربي الذي يُقدم للمعارضة السورية هدفه اسقاط نظام الاسد وبالتالي اسقاط الورقة السورية من ايدي ايران، ولكن هذا الدعم قد يتغير بتغير قواعد اللعبة وخاصة بعد التقارب الايراني الامريكي وصدور قرار بمجلس الامن حول تدمير الاسلحة الكيماوية السورية مقابل عدم دعم المعارضة السورية، ومن الممكن ان تضغط واشنطن على الدول العربية من اجل عدم دعم المعارضة المسلحة، لان تحقيق مصالح الدول الكبرى اهم من نشر الديمقراطية التي تأتي في اخر اهتماماتها.
يبدو ان الدول العربية التي تدعم المعارضة السورية ليس لها اي استراتيجية في هذا البلد، لانه لا احد لديه تصور كيف ستنتهي الازمة السورية ومن سينتصر فيها، النظام ام المعارضة بقيادة الجيش الحر ام الجماعات المتشددة التي تريد اقامة امارتها الاسلامية على الارض السورية، ومن غير شك ان الاطراف العربية الداعمة للمعارضة ستكون الخاسر الاكبر، لان الدول الكبرى كروسيا وامريكا ومعهم ايران لن يسمحوا بأي تغييرات تضر بمصالحهم غير ابهين بالمصالح العربية، وحتى بمصالح الشعب السوري نفسه.
وهنا تساؤل ما هو وضع العرب من هذه الصفقات التي تحصل بين ايران والولايات المتحدة في مسألة النووي الايراني الذي كان يشكل الفزاعة الكبرى، وماذا لو اتفقت الولايات المتحدة مع ايران حول سوريا وبموافقة روسية، يبدو ان كل هذه الامور تحصل دون ان يكون للعرب اي دور لانهم فقدوا اي تأثير في السياسة الدولية، وحتى عدم مقدرتهم على حل قضاياهم الخاصة التي اصبحت لا تحل الا بتدخل القوى الخارجية.
في حال سارت الامور كما يجب بدون معوقات في مسألة تدمير السلاح الكيماوي السوري وخاصة انه صدر قرار من الامم المتحدة بتوافق جميع اطراف، وفتحت ايران منشأتها النويية للمفتشين وجرى التأكد من سلمية المفاعلات النويية الايرانية، فماذا عن الترسانة النووية الاسرائيلية التي تهدد امن المنطقة وخاصة أمن الدول العربية التي لحد الان لم تنجح بطرح قضية خطر هذه الترسانة امام العالم، وماذا عن السلام مع الفلسطينيين، وهل ستلتزم اسرائيل باقامة الدولة الفلسطينية ام ستبقى استثناء في المنطقة.
كاتب فلسطيني
ielcheikh48@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق