الروائي محمد شكري صاحب "الخبز الحافي" في ذكراه العاشرة/ شاكر فريد حسن
مرت عشر سنوات على وفاة كاتب البؤساء والفقراء والصعاليك ، وكاتب العنف والتمرد ، الروائي المبدع والخلاّق والجارح محمد شكري ، أحد أبرز أعلام القصة والرواية في المغرب العربي .
عاش محمد شكري معذباً ، مشرداً ، ومطارداً في أزقة البؤس والشقاء في طنجة ، باحثاً عن عالم انساني يعيد للإنسان المعذب انسانيته المسلوبة وكرامته المهدورة .
اشتهر محمد شكري بروايته الجميلة الرائعة والشائقة "الخبز الحافي" ، التي حظيت باهتمام الكتاب والنقاد والمثقفين والقراء على امتداد الوطن العربي . ويمكن القول ان نصوصه الابداعية ، القصصية والروائية ، تندرج في اطار "الادب العاري"، هذا الادب الذي تميز به وجاء من خلال معاناة قاسية كابدها بروحه وعقله وجسده ، وعبر عنها بلغة حية وجميلة ، هي لغة الشارع والرصيف.
يعتمد محمد شكري في اعماله المطبوعة "الشطار" و"السوق الداخلي" و"وجوه" و"مجنون الورد" الجانب الاجتماعي والانساني والسياسي ، فيصور المسلكيات الاجتماعية وانماط الحياة في المجتمع التقليدي ، المغربي والعربي ، وتغدو شخصياته ذات ملامح مغربية شعبية مسحوقة منتصرة على طول الخط ، يصوغها باسلوب قصصي متدفق . وتبدو قدرته على تصوير النفس الانسانية المتألمة وسبر أغوارها وتعمق نوازعها واتجاهاتها ، ولا يترك أية فرصة دون ان يقف ليشير الى دلالاتها في التربية النفسية وأخلاقيات الناس والمجتمع .
محمد شكري كاتب يسجل الواقع ، رغم قساوته وبؤسه ، ويترنم بأناشيد الجياع والبائسين ، ويردد أهازيج الثورة والتمرد على الظلم والقهر والعسف والانسحاق ، ويداعب أحلام الفقراء والمسحوقين اجتماعياً ، المنتصرين في انتفاضتهم على الجرح والألم والجوع والقهر الطبقي .
الكتابة لدى محمد شكري هي موقف أخلاقي يعتمد الإثارة العاطفية والتجاوب الإنساني ، ورصد فني جمالي لحدث أو واقعة اجتماعية ينقلها عبر أدواته الفنية ، ويتوغل خلالها في طبيعة العلاقات الاجتماعية والاوضاع القاسية والظروف الصعبة المريرة ، التي تعيش فيها التشكيلات الاجتماعية – الطبقية في المجتمع المغربي .
وصفوة القول ،ان محمد شكري صوت جارح ونموذج متميز ومشرق في الكتابة الابداعية العربية ، وهو من الكتاب الذين لا يموت ادبهم بموتهم بل سيواصل النمو والانتشار لأنه أدب واضح وصادق وشفاف ، أدب يقدم الحدث في صور موحية وبمهارة فنية .
0 comments:
إرسال تعليق