لا تنفك إمارة قطر في إطلاق غازاتها بكل جهات الوطن العربي ، برغبة شرهة ومشبوهة في إحياء ما يسمى بالربيع العربي.
وهل يطلع الربيع وينمو بالغاز؟.. هذا السؤال الملتبس والصعب الذي وضع العقل وكل علومه الفلسفية والمنطقية والفكرية في حيرة حيث بداهة معاني الربيع الذي ينمو بالماء والشمس هو هنا فوق الطبيعة.
إستثمار الغاز بالثورات، أي جدوى لإمارة ما زالت تحبو بعباءتها البدوية ولم تتلمس طريقها الى عصرنة انتاجية ... وليس لها من الانتاج سوى الغاز الذي هو بالاساس هبة ربّانية ، جاءت شركات أجنبية مختصة اكتشفته في باطن الارض وصنّعته ثم أنتجته بأيدي عاملة هي الاخرى جاءت من خارج الامارة.
دعونا نتمعّن في هذين المشهدين التاليين..
- إمارة قطر لا تصنع ولا تزرع بالمفهوم العلمي للزراعة والصناعة لذلك يتوجّب عليها استيراد كل المواد الاستهلاكية من الخارج.
- وإمارة قطر ليس لها اي إرث في العلوم الانسانية والفكرية، لذلك هي تستورد علماء الدين والمفكرين واساتذة الجامعات والكتّاب والصحفيين وتزجهم جميعا في معاركها لاسقاط أنظمة عربية مقابل سخاء مادي يفوق التصوّر.
الهدف القطري ليس الثورة بحد ذاتها، بالمفهوم الذي ينقل الشعوب العربية من حالة البؤس والمهانة الى حالة من الرقي الانساني . بل هي تتطلع الى اسقاط الانظمة العربية فقط، ولو اختلفت في مناهجها السياسية مثل سوريا ومصر أو ليبيا وتونس كنموذجين.وذلك تنفيذا لمشاريع امريكية ماعادت خافية في أهدافها بإشاعة الفوضى في الوطن العربي بمقابل أمن واستقرار كيان الاحتلال الصهيوني.
إمارة قطر ومعها كل دول الخليج العربي ليس لديها أي عادات وتقاليد ديمقراطية وليس لديها مناهج تقوم على العدالة والمساواة، فأي ديمقراطية يبتغونها للدول العربية الاخرى؟... ان بجاحة ووقاحة الملوك والامراء والوزراء في دول الخليج بأحاديثهم عن الديمقراطية كعباءة على الدول الاخرى ارتدائها مثيرة للسخرية وتدعو للاشمئزاز. وكأن الدوحة والعواصم الاخرى ترفل بالحرية والديمقراطية ولها أعراس على غير أعراس السيوف وسباق الهجن وأعراس القبيلة إمعانا في التمييز والعنصرية والمحافظة على التخلف.
الصحراء صارت أبراجا عالية بفعل عوائد النفط .. ولكن هذه العوائد الخيالية لم تستطع ان تقترب من محو الاميّة لدى أعلى الرؤوس الحاكمة في كل دول الخليج حسب ما نشاهد ونسمع، وهؤلاء لا يستطيعون صياغة خطاب قصير دون تأتأة ولكنات هجينة وفراغ من المعاني ولا شيء يدل على جملة مفيدة، فكيف يقدرون على صياغة ثورة؟ ، لولا أنهم مجرد أدوات كما كان عهدهم دائما في مشروع امريكي وأوروبي استعماري جديد بدأ يحفر معالمة في الحياة العربية؟
ومن أبرز هذه المعالم أيضا تقدم النفط الى حصون المفكرين والعلماء .. فقد لطّخ النفط عقول وضمائر المفكرين واقترب بلوثته كثيرا الى وجدان الشيوخ والعلماء حتى باتت الفتاوى تتطاير في الفضاء بلا سند قرآني أو حديث نبوي. وليس الهدف منها مراضاة الله رب الكون ، بل لمراضاة سياسة ومصالح رب رأس المال في البيت الابيض..وللملهاة والتنويع هناك فتاوى اللذة والشهوة لسيادة الرجل ولتسفيه المرأة.. فأين حقوق الانسان في هذا الاندفاع الشهوي؟
تاريخ من الفكر الرجعي ظل عاجزا ومتخاذلا أمام التحديات التي فرضها المشروع الصهيوني على منطقتنا العربية.. فهل يتحوّل الآن الى منهج تقدمي يسعى الى تحقيق الحرية والعدالة لشعوب المنطقة؟ كيف، وما هي علاماته ومسبباته ومعطياته؟ لا تفسير لذلك سوى ما يظهر من مشروع غربي يغذي ويشعل الجمهوريات العربية بالصراع على السلطة يؤدي عاجلا أم آجلا الى تفتيت وتقسيم المنطقة تحت شعارات حقوق الانسان.
ان النظر بالعين المجرّدة في الأداء القطري الأبرز في هذه المؤامرة ، يمكن بسهولة رؤية عظمة الانحطاط الذي يغرق الامارة الصغيرة على يد العائلة الحاكمة بلا انتخابات وبلا برلمان وبلا أي أساس ديمقراطي . الأمر الذي أدى ويؤدي الى تحويل الازدهار الاقتصادي للإمارة الى انحطاط أخلاقي شامل قد بدأ منذ انقلاب الإبن على أبيه في حزيران عام 1995. وهو إمتداد لتاريخ من الخزي في مسلسل خيانات ومؤامرات وانقلابات العائلة على بعضها.
إنتفاخ الانحطاط هو ما يجعل القيادة القطرية المتخمة بالاموال أن تنظر الى خارج حدود الامارة لتصدير هذا الانحطاط عبر إشعال الفوضى في الجمهوريات العربية مستغلة بذلك الشعوب والمعارضات العربية ومطالبها التي لا يمكن نكران شرعيتها.
وهنا كان على قيادة المعارضة العربية الانتباه بعدم تقديم مطالبها ذريعة لتدخل مشاريع غربية ممنهجة منذ أمد بعيد، بيادقها دول الخليج وعلى رأسها قطر المنتفخة بالقواعد العسكرية الاميركية والعلاقات المعلنة وغير المعلنة مع دولة العدو الاسرائيلي.
****
وبعد ما تقدم لا يظن أحد بأننا ضد الثورة.. بل بالعكس، نحن ندعو الى ثورة عربية عارمة تكتسح كل الانظمة العربية بجمهورياتها وممالكها وإماراتها... ومع ثورة شعبية تخرج من ثنايا القهر العربي المزمن ، تهدم الاصنام والهياكل المتحجرة وتصنع الكرامة والنهضة للانسان العربي ، بما لا يفتح مجال لقوى الاستعمار ان تتنفذ في بلادنا.
وليكن واضحا بأن لا نفع بثورة من دون فلسطين. فهي أول الكرامة الى نهايات الأماني والرجاء العربي.
0 comments:
إرسال تعليق