الثورة لا تستقبل أعداءها/ خليل الوافي

صحيح أن دورة التاريخ ،تعيد صياغة مواقف متباينة ،وتحولات خطيرة في المشهد السياسي الذي يحاول أن يعطي انطباعا شموليا حول قراءة الوضع الإنتقالي الذي تعيشه بعض الأقطار العربية ، وتفرزه ردود الفعل المتراكمة التي تعيق أي تحرك إصلاحي في أفق الصراعات الإديولوجية التي نضجت عقب ثورة الياسمين في تونس ،وأخرى في أرض الفراعنة ،وثالثة أعطت إنطباعا دراماتيكي ، وهمجي لصورة القذافي ،وهو يستغيث أبناء شعبه ،في الوقت الذي تعرض نصف السكان للإضطهاد و الإعتقال و النفي و القتل ،وأمور أخرى دفنت أسرارها في التراب ،وما زالت سياسات بعض الحكام تنهج نفس الطريق ،وهي ترى أنها في منأى عن هذا السيناريو ،تختلف المشاهد ،لكن النهاية واحدة ،ورغم الهزة العنيفة التي أصابت قلوب الطغاة بالرعب ،وجعلتهم يرتبون أوراقهم من جديد ،ولو بشكل ظاهري يوحي أن هناك تغيرات جادة في بنية المؤسسات المباشرة ،بحيث تداعى فسادها خارج حدود أوطانها ،وتحاول السلطة تدارك الموقف بإقرار حزمة من الإصلاحات ،بدأت بمحاكمات صورية لشخصيات وازنة من العيار الثقيل ،كان لها الثقل السياسي الواضح في خريطة الواقع الإقتصادي ، وتشكيلة من الملفات الخطيرة التي بدأت ترى النور لتكشف هول الممارسات المالية المشبوهة ، والصفقات التجارية التي تتحايل على القانون ،وتستنزف من ميزانية الدولة وترهقها إلى أبعد الحدود..

الإعتقالات و المحاكمات لتخفيف الضغط على الشارع العربي الذي لم يعد يحتمل هذا الحيف المقصود في تعامل أجهزة الدولة وبقية الجماهير المقهورة ، ولا سبيل إلا للإفصاح عن نية الإصلاح و التغيير ،ومحاربة رموز الفساد ،و التطبيق الفعلي لكل التصريحات ، و الوعود التي لم تحظ بنصيب وافر في لملمة الصورة النمطية التي ظلت راسخة في الوعي الشعبي عن مصداقية النوايا الحسنة التي تنطلق هنا وهناك ...
إن ثورة الياسمين ، وشبابها قاموا بالدور المطلوب في إزاحة أحد رموز الفساد في منطقة المغرب العربي ،وانحصر دور الثورة في تصحيح صورة الحياة السياسية في البلاد ،رغم نجاح التيار الاسلامي في قيادة المؤسسات والاجهزة الحساسة .لكن الامرسرعان ما اخذ جانب من الهدوء الحذر .والمشوبة بطرح اسئلة حرجة على قيادات حزب النهضة .وبدات تخوفات سلسلة الاصلاحات على محمل الجد في واقع يزداد تفاقما . وتراجعت معدلات النمو الاقتصادي باعتبار تونس تعتمد على السياحة بالدرجة الاولى .وعلى عائدات الفوسفاط ومشتقاته .وهذا المعطى يضع الحكومة .والمتتبع للشان المحلي .والامر يحتاج الى قوة دفع في الاتجاه الصحيح .والابتعاد عن التصريحات التي تسيء لثورة التونسيين,وتعطل حركة الانتاج في مصر التي تحولت الى حلبة صراع القوى والتيارات الدينية والسلفية.وجمهور الذي ينادي بعلمانية الدولة.وتداخل المصالح في بلد يعاني الفقر تحت مستويات خطيرة .وتراجع مداخيل شرم الشيخ .والاماكن الاثرية في الاقصر .وباقي المناطق التي كانتفي عهد الرئيس المخلوع تعرف رواجا منقطع النظير...
الثورة العربية تعيش مخاضا عسيرا .تمخضتعنه مظاهر الفوضى والانفلات الامني .وكان هناك اياديخفية تؤثر على المشهد السياسي الجديد الذي تطلع به حركات التغيير .واحلام الشهداء في مستقبل مشرق يعيد الكرامة الى مواطن عربي يتفاؤل خيرا بموجة التحولات التي تشهدها الساحة العربية .وما يزال الوقت طويلا لتكتمل صورة الثورة على ارض الواقع .وتثمر موسم ربيع قادم.............

كاتب وشاعر من المغرب

CONVERSATION

0 comments: