لا توجد صورة أبشع من صورة قاتل يديه تنقط بالدماء ويهدد بالمزيد من سفكها، وهو يبكي لاستجلاب العطف على نفسه.
على هذه الصورة ظهر بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي في إجتماعه مع الرئيس الامريكي ، وأمام لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية (ايباك) في واشنطن وهو يصيح "باعتباري رئيس وزراء إسرائيل ، لن أسمح أبدا بأن يعيش شعبي تحت شبح الفناء".
كلمات نتنياهو هذه منسجمة تماما مع القاعدة الصهيونية التي تستحضر محارق النازية لليهود كلما أرادت الحكومة الاسرائيلية الاقدام على جريمة جديدة.. انها تخرج مجسّد الضحية وما يوحي من الوداعة من احشائها الحديدية وتتحدث عن مخاطر تتهدد الوجود اليهودي الذي هو اليوم أقوى قوة عسكرية في الشرق الاوسط ومدجج بأعتى وأحدث الاسلحة الفتاكة ومنها المبيدات النووية.
"الهولوكوست" و"أوشفيتز" كلمتان باتتا عند استحضارهما تصاب امريكا واوروبا بالسحر اليهودي، تتكلس العقول وتتبلد الاحاسيس والمشاعر ويتوقف الزمن عند مشهدية المحرقة، ولا تعود السياسة الاميركية والاوروبية ترى وتشعر بكل الانتاج الوحشي الاسرائيلي بحق الاخرين.
منذ عام 1948 عاش اليهود في وطن غير وطنهم، سرقوه بدعم اوروبي وبرعاية امريكية من الشعب الفلسطيني ليلاقي هذا الشعب ويلات الفناء والتشتت، وويلات الابادة في كل مكان حلّ به الفلسطيني بفعل الآلة العسكرية التي تضخّمت ترسانتها الى ما يفوق كل تسليح للدول العربية مجتمعة.
الواقع الذي جعل اسرائيل تعيش بعجرفة غير مشهودة في التاريخ..نظام وحشي عنصري يعيش عقدة التفوق ولا يستطيع التعايش مع الآخر. يرى ان الكون وجد من أجل حفنة من اليهود..هكذا يمكن فهم تحريض نتياهو في واشنطن لدول الكون العظمى ضد ايران ومشروعها النووي.
ايران لم تقم بالسطو المسلح على أوطان الآخرين، ولم تقتل الاطفال في لبنان ولم ترتكب المجازر المتسلسلة بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية مثلما فعلت اسرائيل.. فأي سلاح نووي يشكل خطورة على البشرية ..الايراني أم الاسرائيلي؟
لقد طفحت العدوانية الاسرائيلية بمناداتها للقوى العظمى بضرب ايران..
أحفاد الضحايا الذين فقدوا في المحرقة النازية يخططون لأحراق عالمنا المعاصر بمحرقة كونية من خلال ضرب ايران، هذا البلد المستقل.
فهل يستفيق الغرب المؤمن باسرائيل من السحر اليهودي المدمّر؟
أن المعايير الانسانية التي حاكمت مجرمي النازية في الماضي يجب ان تظل قائمة وموحدة، بل وأكثر بروزا وحساسية وبما يتناسب مع تطور المجتمع المدني، تجاه السياسة التي تتبناها الحكومات الاسرائيلية وداعميها والنظر اليها بأنها تضاهي السياسات التي أنتجت الممارسات النازية.
تجميد الصورة عند مشهد الهولوكوست فيه الكثير من التخلف والتحجّر بما لا يتناسب مع الحداثة وتطوّر المدنيّة، إذ على الحداثة ان تنظر الى الضحايا الفلسطينين والعرب الذين يتألمون ويتزايدون منذ الكارثة الفلسطينية التي نشأت بفعل قيام اسرائيل عام 1948 الى يومنا هذا.
ان نظرة كهذه ربما تتيح للفكر الاوروبي والاميركي ان يتحرر من عقدة المحرقة ويتخلص من السحر اليهودي الذي أوقع كل الغرب بعدم التوازن.
كاتب فلسطيني
مدير موقع الوان عربية
www.alwanarabiya.se
0 comments:
إرسال تعليق