خربشات لاجئ – 3/ عطا مناع

قلت في خربشاتي السابقة : سأتحدث عن الأم أو المرأة اللاجئة، بصراحة تسرعت، لأنني لا اعرف، وإذا كنت اعرف فهي فتات، وخاصة أنني لا امتلك المعلومة الكاملة، فالمعاناة بدأت قبل عام النكبة، وهذا يعني أن الوجع كان مركبا متدحرجا لكل شرائح المجتمع اللاجئ وبالتحديد المرأة ويليها الطفل، وكانت أمي تحكي لي حكاية أخي الأكبر الذي خرج معهم من قرية زكريا المحتلة وهو في " اللفة" ومات خلال تنقلهم من قرية إلى قرية قبل أن يستقر جدي وأبي في مخيم الدهيشة، الموت كان هو المشهد الذي لاحق جيل النكبة، الموت والقمل وانعدام ابسط مقومات الحياة حتى قضاء الحاجة.
ما قيمة أن تستحضر واقع اجتث من ذاكرتك، فأنت اليوم أسيرا لثقافة المكدولند والشمنيت الإسرائيلي؟؟؟؟
على ماذا تراهن أيها الأحمق؟؟؟ الم ترفض ثقافة الاستجداء؟؟؟ أنت كاذب كغيرك من أداروا الظهر لمن مشوا في وادي الموت، وماذا يعني الحديث عن النكبة والمرأة والحمام المشترك والخوف الكامن القلوب الصغيرة من القادم؟؟ اصمت واترك هذا البذخ الفكري الأرعن؟؟؟ فأنت تكذب على نفسك ولذلك انصح كان لا تعكر صفوت الأموات؟
ماذا يعني أن تخرج بصوتك العالي وتقول لقد مات عشرات الآلاف من الأطفال وهذا يعني الألم لعشرات الآلاف من النساء؟؟؟ وهل تخطط للحديث عن أمك؟؟؟ تريث كل الأمهات سواء، هل تعرف لماذا؟؟؟؟ تعال معي نستذكر بعض المشاهدات؟؟؟
السير عدة كيلو مترات من اجل الحصول على بعض الماء حالة عامة؟؟؟ الماء كان من الكماليات؟؟؟ يكفيك أن تستحم كل أسبوع ولا داعي لهذا البذخ؟؟
غرفة الوكالة واحدة؟؟؟ وصدقني أن الوجبة كانت واحدة، معلش أقول الوجبة تجاوزاً، هههههه عدت إلى الخطاب ألاستجدائي؟ إلى أين تريد أن تصل؟؟؟؟ وما الداعي لهذا الكلام؟؟؟ التاريخ يكرر نفسه؟؟؟؟ لكن التاريخ يأتيك دائما على شكل مأساة؟؟؟ ألا تتفق معي؟؟؟ ما الفرق بين أن تذبح عام 48 وان تذبح في جنين أو غزة؟؟؟ إذن دعك من هذا المنهج الذي يمشي على رأسه، ولك حرية الكلام، ونحن من حقنا آن لا نقرأ ولا نسمع ولا نتكلم، أليس هذه هي الحرية التي تنادي بها؟
عن أية حرية تتحدث، حرية أن ترتدي جلد الأفعى وتنسى من أنت؟ حرية إن تتحول إلى مجرد لحم مكدس في المخيمات؟؟ تخيل إذا باعوك؟؟؟ ما الذي ستكون علية؟؟؟ مجرد عشوائيات على هوامشهم؟؟؟ أنت قضية ؟؟ والقضية بشر؟؟ وللبشر حقوق، والحقوق من دم ولحم، هل تتفق معي؟؟ قد تتف وقد لا تتفق، لكن السؤال أنت مع من تتحدث أتخاطب نفسك أم الأخر؟؟؟ ألهذه الدرجة تغرف في غربتك؟؟ ولما هذا الشعور بالغربة؟؟ لا تسمح لمساحة الصقيع بالاتساع في داخلك، إلا تعلم أن النسيان منحة ربانية لماذا ترفضها؟؟؟؟
لماذا تضخم الحدث؟؟؟ ماذا يعني آن تذبح النساء وتغتصب في صبرا وشتيلا؟؟؟ وهل ذبح الأطفال والنساء في دير ياسين شذوذ عن القاعدة؟؟؟ تذكر ما هو جميل في الحياة السابقة؟؟؟ وإذا تعذر عليك المشهد استحضره ولو كذبا؟؟ تذكر وتذود ببعض الكرامة ولا تتصالح مع نفسك، تذكر الذين سكنوا القهر والمفتاح، ولا تنسى حكايات قريتك التي سمعتها وأنت فتى، وعرج ولو قليلاً على حياتهم وكيف حفروا الصخر من اجل أن تكون، كيف رسمت الحياة بشاعتها على الأقدام الحافية، تذكر وارفع صوتك وتحدث عن النهضة الأولى، كيف خرجوا من رحم الخيام حرية هنا في الأرض المحتلة والشتات؟
هي الحكاية وهي البداية والنهاية، هي التي حملت على كاهلها نتائج لجوئك، هي بأختصار أم سعد، وأم سعد وجدت تحت كل خيمة، وأم سعد وجدت في جباليا وجنين وصبرا ونهر البارد، وهي الحكاية التي لا تموت حتى لو قررت أن تخصى وتنسى، لأنها من لحم ودم، حكاية النساء اللواتي تحملن عار الهزيمة والخطاب، نساء كُن الرافد رغم التعب وتوقف الزمن؟؟؟ إلا تتذكر كيف حفرت الحياة على الوجوه حكايته من تعب؟؟؟ إلا تتذكر ما تحملته القلوب المعذبة التي عاشت منتصف المسافة في مقاومة غير مسبوقة حتى يتوق القلب؟
عليك أن تتذكر وترفع صوتك في وجه أوباش المرحلة، هم هنا ونحن هنا حتى لو دخلنا الكهف سنعود، لأنك أصل الحكاية، والحكاية تتمثل في لحظة الموت التي تختصر رحلة الموت التي أنجبتك، تعال معي إلى لحظة الموت والتوحد مع المفتاح والقرية قبل اللة، وكيف تمر الحياة عليهم وكأنها موجة تكسرت على أسوار عكا، هل تتوقع أن تتلخص الأمنية الأخيرة في حفنة تراب من أمام الدار؟؟؟ هل سمعت بالتي قالت ادفنوني مع بضعة أوراق من الميرمية؟؟؟ وهل شاهدت الجثث المكدسة في المقابر تنتظر الانبعاث الأول؟؟؟ تلك هي الحكايات المجنونة بها التي لا يمكن أن تموت بموتهم؟؟ حكايات اكبر من صاحب جنيف، أو الذي يخرج عليكم ويقول هنا وطنك!!!! وهنا عودتك في المخيم!!!! غير مدرك انك تتعامل مع المخيم كمحطة قد يطول الانتظار فيها؟
المخيم محطة، محطة لماذا؟؟؟ هل المخيم محطة لمدينة روابي؟؟؟ هل تكثف حق العودة في المخيم؟؟؟ من هؤلاء الذين يعتقدون أنهم قادرون على ممارسة الدجل على ألاجئين؟؟ أيعقل أنهم بهذه السخافه؟؟؟ بمن يستقوون علينا!!!! هل من المعقول أنهم لم يقرؤا التاريخ؟؟؟؟ هل يتعاملون معنا كنبتة شيطانية؟؟؟
يا نهر البارد، العودة المظفرة إلى حيث الجذور، لهم الروابي ولنا حلمنا، حلمنا الذي سقيناة بسنوات الشتات، حلمُ يحرسه الملايين من اللاجئين الذي سيقولوا كلمتهم قريباً، اراهم يخرجون ليرددوا بصوت واحد لكم دولتكم ولنا حلمنا؟

CONVERSATION

0 comments: