بعثة المراقبين تبارك مسلسل القتل في سوريا/ خليل الوافي

غريب امر هذه الحكومات العربية التي لا تريد ان ترفع يدها على اعناق شعوبها .وتترصد بهم حيث اربكوا حساباتها السياسية وعلاقاتها القوية مع الدول الراعية لمصالحها في منطقة لم نحافظ عليها كقوة اقتصادية .تعيد صياغة الواقع الاقتصادي والسياسي للشرق الاوسط الذي يزخر بمقومات النهضة .والتقدم .ولا نظل في الجهة المقابلة ننتظر من ينوب عنا في حل ازماتنا المستعصية التي حاولت جامعة الدول العربية مشكورة دون ان تصل الى حلول واضحة تشفي غليل الشارع العربي حول ما يجري في سوريا الجريحة ..
وفي ظل التصعيد الاخير لحكومة نظام الاسد .وما رافق ذلك من انتهاكات لحقوق الانسان غيرمبالي بقرارات الجامعة ولا بالعقوبات الغربية .ولا بقرارات الامم المتحدة .وضاربا عرض الحائط كل المساعي النبيلة لاحتواء الازمة بعدما تفاقمت الاوضاع.ولم تعد تحتمل المزيد.والمجتمع الدولي يتفرج على المجازر التي يتعرض لها كل سوري يحلم بيوم جديد تشرق فيه شمس الحرية.والصمت العربي الغير مبرر على الاطلاق الذي عودنا باستمرار على هذا الموقف السلبي والمتخاذل الذي لم تشفع له التحولات الجذرية التي يعيشها الشارع العربي .وسقوط دكتاتوريات تقليدية عاشت معنا سنوات طويلة من القهرو الذل والعبودية .وما تزال تعتقد بعض الحكومات والانظمة العربية ان الوقت ما يزال طويلا لكي تظل هذا المؤسسات الظالمة لشعوبها فترة اطول .ولم تنضج بما فيه الكفاية الثورة الشبابية التي نجحت في ارباك مواقع الانظمة ولم تستطع تحقيق اهداف الثورية كاملة .وهي محاولة للالتفاف عليها واجهاض المحاولات الجديدة في مناطق تبشر بانتفاضة شعبية قوية استفادت من اخطاء الامس .وتصعد من محاولاتها واصرارها الدؤوب في الاصلاح والتغيير..
ومما زاد الطين بلة وقائع لجنة المراقبين العرب .التي ذهبت الى سوريا لاحصاء عدد القتلى والجرحى والالوف المالفة من المعتقلين الذين يتعرضون لانواع شتى من التعذديب والقتل المستباح في دولة ترفع اصوات الاذان في سماءها.ماذا تبقى من العروبة والكرامة والشعب السوري يودع عام ويستقبل عاما جديدا كله امل وترقب بعيون شاخصة واكف مرفوعة الى السماء تستغيث_ربما ياتي الفرج من السماء _ولا ننتظر ما تسفر عنه نتائج المراقبين الذين كشفوا عن حقيقتهم المرة .وذلك على لسان رئيسها الذي استبق الاحداث واكد ان الامور تمر في ظروف جيدة .وحتى هذه اللحظة لم يتوقف القتل وحماية المدنيين بالدرجة الاولى .وسحب الجيش والافراج على المعتقلين .اننا امام مسرحية ساخرة تضحك على الشعوب العربية .وتؤكد باستمرار ان الانظمة العربية لا تخرج عن السياق العام الذي وضعت فيه نفسها .وعوض ان تدافع على امن واستقرار مواطنيها باشرت بقتلهم حتى يظل صوت النظام يعلو على صوت الجماهير .وهذه واحدة من الاخطاء السياسية التي ترتكبها الانظمة في حق شعوبها.لان وجودها يستمد استمراريتها من دعم الشعب لها .فهي لاتستطيع البقاء الا اذا ارادت القوى الشعبية ذلك .اما مسالة الخيار الامني والعسكري لحل الازمات العربية .لم يعد يجدي نفعا .وتحولت القوى السياسية لصالح المجتمع المدني الذي يملك مفاتيح السلطة عبر صناديق الاقتراع..
الارادة الشعبية هي الحل الوحيد لنجاح الثورة في سوريا .وتوحد المجلس الوطني والتنسيقيات الديمقراطية في الداخل يعطي اشارات قوية للمرحلة القادمة في سوريا .وهذا الامر ليس بالهين في ظل نظام يغلق كافة الابواب الممكنة .ويسعى جاهدا في الصيد وسط الماء العكر .والضغط الجماهيري والزحف المستمر والعصيان المدني جلها عوامل مساعدة لتقليص دور النظام .واخضاعه للمثول امام الارادة الشعبية والتنحي عن السلطة في ضوء الاحتجاجات العارمة التي تشهدها كافة المحافظات السورية .وقد بات الشعب السوري مقتنعا بشكل قوي لابد ان ياخذ بزمام المبادرة لنجاح الثورة .ولا ينتظر من احد حلول ترقيعية لايقبلها نظام متعنت يرسم نهايته بيده .وتضاعف عدد المنشقين من الجيش الحر الذي يعتبراهم الانجازات التي حققتها الثورة حتى الان .ولايمكن ان يظل الوضع على حاله .لان ارادة الشعب السوري اقوى بكثير مما يخطط له النظام .وما تطمح اليه روسيا والصين وايران في تغيير خريطة المنطقة على حساب نظام فقد الشرعية السياسية امام العالم .ولم يبق له الا الخروج من دائرة الصراع .وتسليم السلطة الى ايادي امينة تحترم رغبة الشعوب في الحياة وممارسة حقها الدستوري في الاصلاح .والبحث عن بدائل سياسية لديمقراطية محلية تتماشى والاعراف السياسية التي تعيشها دول العالم الثالث او التي اصبح تعرف بالدول النامية.
لا خيار امام الشعب السوري هو مواصلة الدرب التحرري .وتوسيع دائرة المظاهرات ومظاهر الاحتجاج في اكثر من منطقة .وهاهي مدينة حلب تنضم الى الثورة بعدما شهدت بعض اجيائها مظاهرات عارمة .وننتظر بفارغ الصبر ان يتحرك الشارع الدمشقي ليحسم المعركة الاصلاحية من اجل انتصار الثورة التي تكابد وتواصل المشوار رغم الحملة الشرسة في قتل البشر والشجر والحجر

*خليل الوافي -مدينة طنجة - المملكة المغربية

CONVERSATION

0 comments: