إن الاتجاه إلى إظهار الحرص الشديد من أجل الحفاظ على مصداقية النهج الديمقراطي أصبح مسعى تتطلع معظم دول العالم إلى تحقيقه ، كما إن إرساء قواعد الديمقراطية أصبح من غير الممكن دون تعزيز دولة القانون ، وكلاهما لا يلتقيان مع مظاهر التهميش و الإقصاء وبعيدا عن مشاركة نصف المجتمع الذي تمثله المرأة ، فحرمان المرأة وتهميش دورها يؤدي إلى نتائج غير ايجابية سواء على الحياة السياسية في البلاد أو في تحقيق التنمية المستدامة و المتجانسة ، فمشاركة المرأة في الحياة السياسية أصبح اليوم ضرورة ملحة يفرضها واقع التطور ، وهذا التوجه أصبح اليوم حقيقة و انشغالا عالميا يتصدر اهتمام المجموعة الدولية منذ سنوات بعد الاعتراف لها بما تمثله من طاقات هائلة في المجالات الفكرية و الإبداعية وفي المساهمة بالرأي في مراكز اتخاذ القرار في كافة أوجه النشاط ، على أن هذا يتطلب أولا التوقف عند صورة المرأة في الإعلام وتقييم وضعها الحقيقي على ضوء إرادة السلطات العليا لتعزيز و ترقية حقوق المرأة وكذلك على ضوء كافة الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بتدعيم دور المرأة في مختلف المجالات ، ومؤشرات ذلك يمكن ملاحظتها من نسبة الأمية في أوساط النساء ونسبة المتعلمات و العاملات ، ومدى التحسن في مجال مشاركتها في رسم السياسات وصنع القرار ، وحجم ما توليه السياسات والبرامج لمبدأ تكافؤ الفرص في مجالات التخطيط و الإعداد و التنفيذ وتكريس مبدأ المساواة في الدستور بين الرجل و المرأة .
الملاحظ في عدد من الدول العربية أن ارتفاع مستوى التعليم لدى النساء لم يرافقه حضور في الحياة السياسية و العامة ، ويرجع هذا الوضع في معظمه إلى عدم اهتمام مختلف الأطراف الوطنية بقضايا المرأة ومن ذلك أشكال التمييز على أساس الجنس في التوظيف وهنا يبرز الدور الهام الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني و الحكومة عن طريق البرلمان لتعميق التوعية بدور المرأة .
لابد من تقديم صورة المرأة في الإعلام بعيون برلمانية ، فللإعلام دور حاسم قي تقديم صورة معينه لها والضرورة أصبحت تقتضي تقديم المساهمة الإعلامية لإبراز الصورة الحقيقية عن المرأة والتخلي عن تقديم النظرة التقليدية و الصورة النمطية مع تكثيف الروبورتاجات الخاصة بها وإعداد برامج خاصة تتقصى واقعها .
إن تعمق ظاهرة التمييز على أساس الجنس يستوجب غسل الأذهان و تحريك الفكر الخامل ، فالإعلام لا يزال يتناول الحديث عن المرأة من خلال أدوارها الوظيفية و المشاكل الاجتماعية التي تتعرض لها في حباتها اليومية بما فيها المهنية و العملية ، كما يعمد التركيز الإعلامي على المرأة إلى اعتبارها موضوعا أكثر من الاهتمام بها كمنتجة أو مستهلكة ، وكثير من المراكز العربية التي تعنى بالبحث في مكانة المرأة وسبل ترقيتها تكاد تجمع على أن إظهار سلبية صورة المرأة قد بلغ حد التطرق إلى فساد عقلها و أنها فاسدة الأخلاق و الطباع ، جاهلة وضيقة الأفق ، مادية و انتهازية ولا يهمها الشأن العام ، وقد ساهم المشهد الإعلامي العربي في عرض المرأة لاستقطاب المعلنين وشد انتباه المشاهدين وفي هذا تغييب البعد الإنساني في الطرح الإعلامي .
ومن الغريب أن تتسم الرؤية الفكرية للمجلات العربية عندما تتعرض لقضايا المرأة بالازدواجية فتصورها كالمراهقة التي لا يشغلها سوى استكمال أناقتها ومتابعة قصص الفنانين و الفنانات ، ولكنها من جهة أخرى تعرض بعض قصص الواقع التي تشير إلى سوء حال المرأة ونبذها اجتماعيا ، كما يمكننا ملاحظة ابتعاد المجلات النسائية عن المشكلات الغالبية العظمى من النساء في المدن و الأحياء الشعبية و نساء الأرياف وتنحاز في المقابل إلى بعض الفئات التي تمثل النموذج الغربي ، كما توحي بعض التغطيات بأن المرأة العاملة هي امرأة مهملة لبيتها و أطفالها بل وفاقدة لأنوثتها ، وعليه يمكننا تصنيف مسألة تناول ومعالجة قضايا المرأة في ثلاثة مستويات ، الأول صنف يتجاهل قضايا المرأة و لا يتعرض لقضاياها و لا لخصوصيتها إلا في المناسبات ، والثاني صنف يتعامل معها كسلعة متأثرة بالنموذج الاستهلاكي الغربي ومقلدة له لذا يركز على أناقتها و لباسها و أسلوبها في الحياة ، والثالث صنف يتعرض لقضايا المرأة ومشاكلها الأسرية و الاجتماعية ولكن بتصورات لا تعتمد على التحليل و التفسير بقدر ما تركز على الجوانب الخيرية بدون التعمق في الأسباب و الأبعاد و الدلالات الاجتماعية و السياسية لوصفها ، وخلاصة القول فان ما يجري نشره هو لها و ليس عنها
ما يمكن للمرأة أن تقوم به نحو نفسها و تجاه وسائل الإعلام هو أن تعي بعض آليات عمل وسائل الإعلام وأن تجد المدخل المناسب للوسيلة الإعلامية المناسبة غبر الأشخاص ، وعليها أن ترسي شبكة من العلاقات المتينة مع وسائل الإعلام ، وأن تكون دائما في موقف المبادر في عملية تحريك الرأي العام بتقديم المادة الإعلامية من خلال الملفات الصحفية و التقارير .. الخ بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بالاتصال الفوري الذي يمنحها فرصة التفاعل مع الحدث وبالتالي طرح أفكارها و آرائها في الوقت المناسب لإحداث الأثر المطلوب في توجهات الرأي العام، هذا مع عدم إغفال أهمية إدراكها القيم المهنية في طرح القضايا الخاصة للمرأة.
وفي المقابل على وسائل الإعلام الاتفاق على ميثاق يتضمن حد أدنى من القيم في طرح ومعالجة قضايا المرأة وحقوقها ، وإبراز مشاركتها السياسية و الاجتماعية وتبني مجموعة من القيم الايجابية التي تدعم المفاهيم المرتبطة بالحقوق الأساسية والمساواة و عدم التمييز ، وترسيخ القيم الايجابية من خلال التركيز في الدراما على صورة واقعية تعكس انجازات المرأة وتعبر عن همومها و مشاكلها وترسم لها في نفس الوقت آفاق مستقبلية تقدمها في قالب مشرق ، وعلى الجمعيات المهتمة بقضايا المرأة أن تدرك و تتابع ما يبث عبر مختلف وسائل الإعلام و أن تتحرك عندما تبث أمورا سلبية . إن الأعلام يساهم بطريقة فعالة في ترقية المرأة ولكن بدون تحرير الإعلام و الصحافة لن تتحرر المرأة و لا الرجل
تكاد نجمع الدساتير العربية على ضمان المساواة بين كل المواطنين و المواطنات في الحقوق و الواجبات بإزالة العقبات التي تحول دون المشاركة الفعلية للجميع في الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ، وهناك قناعة في مختلف الأوساط العربية بأن مسألة ترقية المشاركة السياسية للمرأة في المجالس المنتخبة يدخل في سياق حضاري للمجتمع الذي يرفض التمييز و كذلك يعد ضمن البناء الديمقراطي و تحقيق التنمية في جميع المجالات ، وترتفع أصوات برلمانية عاليا لتؤكد أن مفهوم ترقية الحقوق السياسية للمرأة و توسيع مشاركتها في المجالس المنتخبة يتصل بمفهوم التحضر والتطور وبأنه لا يمكن انجاز أي تنمية حقيقية دون تمكينها من حقوقها كاملة باعتبارها آلية سياسية حاسمة ، والملاحظ أن رغم تواجد المرأة في عدة ميادين كالتربية و التعليم و الصحة و التجارة و المقاولات و القضاء و المحاماة و الإدارة و القوات المسلحة إلا أن نصيبها في صنع القرار الصناعي دون المستوى المأمول ويعكس في بعض الحالات تلك الصورة النمطية التي ألصقت بالمرأة و دورها .
لقد أعادت الكثير من الدول العربية النظر في مجموعة القوانين الخاصة بضمان وحماية حقوق الانسان و الحريات بصفة عامة و حقوق المرأة بصفة خاصة ، ولا ينكر إلا جاحد الجهود المبذولة في مجال التربية و التعليم و التكوين التي حققت فيها المرأة تقدما ملحوظا وكذا التطور الملحوظ لجهود توفير الخدمات الصحية في مجال تحسين وضع الأمومة والطفل والتحسن الكبير في عمالة المرأة مع تسجيل تقدم نسبي على مستوى المشاركة السياسية خاصة في البرلمان وتوفير إمكانيات النفاذ إلى تكنولوجيا الإعلام و الاتصالات من خلال محيطها الطبيعي " الأسرة " ، واستفادة المرأة في الريف من فضائل استراتيجيات التنمية الريفية المستدامة التي هدفت إلى تطوير الدور الاقتصادي للمرأة ، ولكن الواقع يفرز حقيقة لا مجال لنكرانها وهي إنه إذا كانت هذه المكاسب التي حصلت عليها المرأة عديــدة إلا أن التوازن الضروري لم يتحقق وهذا ما يدعو إلى وضع أولويات تهدف إلى توسيع تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص في كل السياسات و البرامج من حيث التخطيط و الإعداد و التنفيذ و المتابعة و التقييم ، والتفكير في إنشاء مركز وطني للبحث والتوثيق والإعلام حول الأسرة والمرأة والطفولة ، ومواصلة العمل على تعزيز المكاسب المحققة في المجالات المختلفة عن طريق إجراء الأبحاث ، والدعوة إلى التغيير وتعزيز القدرات في مجالات السياسة و الاقتصاد و الإعلام ، وخلق محيط مناسب يسمح للمرأة بالتوفيق بين حياتها المهنية و الأسرية، إلى جانب التوعية المستمرة بحقوقها وإعلامها بالنصوص المنظمة للتشغيل و أجهزته ومرافقة الفتيات المستفيدات من آليات التشغيل ، وخلق فضاءات تشجع على تسويق منتوجات المرأة الريفية و الماكثة بالبيت و توسيع نصوص التأمين لضمان تغطية اجتماعية للنساء العاملات في البيت ، وضرورة إعداد دراسة في مجال عمل المرأة بالقطاع غير النظامي .
على المستوى الرسمي ، يبدو أن المهمة ستتركز أساسا على التكفل بما يلي :
* إيجاد الآليات الكفيلة بضمان التطبيق المتواصل لمبدأ تكافؤ الفرص ومتابعة حملات التوعية لتطوير الأذهان نحو إدراك مدى أهمية وضرورة مساهمة المرأة في مراكز اتخاذ القرار.
* اتخاذ الإجراءات وفق ما يمكن أن يسمح به الوضع الداخلي من تعداد السكان و التركيبة البشري .. التي من شأنها أن تمكن من رفع مستوى تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة ، وهنا تبرز فكرة نظام الحصص أو القائمة المثيرة للجدل حاليا .
* الاتجاه إلى إعادة النظر في القوانين المنظمة للأحزاب بالشكل الذي يضمن للمرأة تولي مناصب قيادية ونيابية بشكل موسع ، وفي ذلك عمدت بعض الدول العربية إلى ربط حجم التمثيل النسوي لأي حزب على مستوى قيادته وأجهزته العليا أو إشراك النساء بصفة إلزامية في قوائمه الانتخابية بنسبة لا تقل عن 30% مثلا بتقديم دعم مالي مغر وتقديم تسهيلات تتعلق بضمان مراعاة ظروف الحملات الانتخابية لتنقل المترشحات وحمايتهن بما يتوافق مع العادات والتقاليد التي تتميز في معظم الدول العربية بالكثير من التحفظ .
وفي مستوى الإجراءات تتأكد الحاجة إلى ضرورة ما يلي :
* تفعيل الاهتمام الإعلامي بالمرأة عن طرق إنتاج برامج تبرز تنوع دورها .
* توظيف وسائل الإعلام المختلفة في عملية رفع وعي النساء بتعريفهن بقضاياهن الأساسية وحقوقهن المدنية و السياسية .
*رفع مستوى الوعي الاجتماعي بأهمية مشاركة المرأة في العمل الإعلامي، وإشراك النساء في النقاشات المتعلقة بالمواضيع السياسية و الاجتماعية و النقابية .
* الحرص على إبراز مهاراتها وأهمية دورها في المجتمع وعدم الاقتصار على المناسبات للحديث عن حرية المرأة .
* تسهيل نفاذ النساء في المدن و الأرياف لمجتمع المعلومات .
* التعرض للمشكلات الجديدة التي تعانيها نماذج نسائية نتيجة المتغيرات الاقتصادية و التطورات الاجتماعية والثقافية العربية المعاصرة.
وعلى هذا يمكننا الجزم بأن المجال الإعلامي يظل دوره محوريا فهو الوسيط الأساسي في العملية الهادفة لتحسين وضع النساء وصورتهن في المجتمع بوجه عام .
الاتجاه السائد حاليا يرمي إلى التفكير في إنشاء لجنة دائمة بشؤون المرأة الأسرة أي ما قد أصبح يطلق عليه "بلجنة النوع " وهو معمول به في البرلمانات الأوروبية وعرفته مؤخرا بعض البرلمانات العربية ، وتعنى هذه اللجنة بمتابعة جهود ترقية المشاركة السياسية للمرأة في المجالس المنتخبة باعتبارها مسألة تدخل ضمن سياق حضاري للمجتمع الذي يرفض التمييز ، فتطور المجتمعات أصبح يقاس بمدى مشاركة المرأة في البناء الديمقراطي وفي جهود تحقيق التنمية وذلك بتوسيع استشارتها في عملية اتخاذ القرار وهذا يحيلنا تلقائيا إلى الوقوف على مدى ما تضمنه السلطات من حقوق المواطن الكاملة للمرأة وتقدير جدية احترامها لمبادئ المساواة و تكافؤ الفرص وعدم التمييز ، وتبقى آلية توسيع مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة محل جدل حزبي واسع فإلزامية احتواء قوائم الأحزاب الانتخابية على نسبة معينة من التمثيل النسائي المعروف بنظام " الكوتا " لا يجد عند تطبيقه في الواقع السهولة المتوقعة إذ لا تضمن التركيبة البشرية لأعضاء الحزب بصفة عامة ولتركيبة مرشحيه في مختلف الدوائر الانتخابية خاصة منها بالقرى و المناطق الريفية و الصحراوية الوفاء بهذا الالتزام لاختلاف العادات والتقاليد وطبيعة النظرة إلى المرأة العاملة ناهيك عن اشتغالها بالسياسة ، ثم أن التقيد بالنسبة التي يحددها القانون يمكن أن يكون على حساب الكفاءة بمعنى أن يتم ترشيح نساء دون المستوى التعليمي و الثقافي فاقدات لروح المبادأة والاستعداد للتواصل المستمر مع قضايا المجتمع و انشغالات المواطنين ، وفي المقابل سيكون من شأن مراعاة هذا الاعتبار أيضا التضحية بكفاءات حقيقية من الرجال ذوي الخبرة والتجربة سيتم قصرا استبعادهم من الترشح ، إن نظام " الكوتا " النسائية أوقع ضغطا عللا الأحزاب الإسلامية والأحزاب ذات التوجه المحافظ التي تجد صعوبة في تقبل هذا الإجراء و التعامل به ليس لغياب النساء بل لعدم الاقتناع بمنح دور قيادي للمرأة في اتخاذ القرار رغم الإغراءات المالية التي تخصصها الحكومة للأحزاب للعمل بهذا الإجراء ، حقيقة أن الفئات الواسعة من المجتمع العربي التي لم تتقبل بعد خروج المرأة إلى العمل ليس سهلا إقناعها بالتصويت على برلمان يمكن أن يكون نصفه من النساء ، فضلا عن النساء البرلمانيات لم يظهرن كثيرا من القدرات على احتراف سياسي أو برلماني و تأثيرهن في اتخاذ القرار داخل البرلمان محدود لا يتجاوز كونهن طرف في آلة التصويت على مشاريع القوانين لا غير ، ومع ذلك ساعدت الظروف بعض الدول في تحقيق نسب معقولة من المشاركة النسائية في المجالس المنتخبة ولكن يسود اقتناع أن إدخال نص جديد للمنظومات القانونية العربية لتوسيع مشاركة النساء في الحياة السياسية أنه موجه للاستهلاك الخارجي ولجلب البريق السياسي و الإعلامي ، وبرأي العديد من الخبراء فأن إدخال نظام الحصص للنساء يمكن أن يزيد الأمر تعقيدا حيث تصبح فرص دخول القيادات السياسية في الصفوف الأولى للمؤسسات المنتخبة مهمة صعبة ، واستنادا إلى آراء حزبية يمكن أن نلمس تحفظات و عدم الرضا عن إلزام الأحزاب بتقديم قوائم انتخابية ثلثها مثلا من النساء فالحصول على حظوة دخول البرلمان يجب ـ حسب رأيهم ـ أن يكتسب عبر النضال وبغيره فان المرأة غير مؤهلة لدخول عالم المغامرة السياسية وأن المناسب لها الوظائف الإدارية ، وهناك من يقترح اللجوء إلى إرادة الشعب إن كان يريد القبول بالعمل بنظام الحصص في المجالس المنتخبة و ليس عبر البرلمان فقط ، ومع ذلك نسمع من يستنكر عدم فرض نظام الحصص أو" المحاصصة " ( الكوتا ) في المناصب الحكومية و الوظائف الإدارية العليا .
لعله من المفيد إلقاء نظرة سريعة على ما يعرف بنظام "الكوتا " ، هو نظام يفرض حصصا معينة للمرأة في المجالس التشريعية ومفهومها في اللغة الانجليزية يعني نصيب أو حصة نسبية كذلك قسمة أو مقدار ، ويقصد به تخصيص عدد من المقاعد يمثل الحد الأدنى في الهيئات التشريعية للنساء ، ومعلوم كما سبق أن تطبيق هذا النظام يتطلب إلزام الأحزاب السياسية بتخصيص مقاعد لوجود النساء في مستوياتها التنظيمية ، ويرجع الأصل التاريخي لنظام " الكوتا " إلى مصطلح الأجراء الايجابي affirmative action حيث أطلق لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية على سياسة تعويض الجماعات المحرومة إما من قبل السلطات الحكومية أو من قبل أصحاب العمل في القطاع الخاص ، وقد كان ناجما في الأصل عن حركة الحقوق المدنية ويتصل بالأقلية السوداء وأطلقه لأول مرة الرئيس كينيدي علم 1961 وتابعه الرئيس جونسون في برنامجه الذي كان يمثل جزءا من الحرب على الفقر بداية عام 1965 فتم تطبيق نظام حصص نسبية ( كوتا ) يلزم الجهات بتخصيص نسبة معينة من الطلاب المقبولين فيها الذين ينتمون إلى أقليات أثنية ، فطالبت به جماعات أخرى مثل الحركة النسائية ، ثم انتشر في بلدان أخرى كانت تشعر فيها الأقليات بأنها محرومة من الحقوق .
وحول موقف بعض البلدان من نظام " الكوتا " النسائية فقد ذهبت أغلب التشريعات إلى عدم الأخذ به وذلك لما يتضمنه من الإخلال بمبدأ دستوري مهم وهو مبدأ المساواة ومن هذه التشريعات ، تونس ، اليمن ، لبنان ، الكويت، المملكة العربية السعودية ، قطر، البحرين ، الإمارات العربية المتحدة ،عمان ، مصـر، سوريا ، أمريكا ، الهند ، استراليا وكندا ، وفي المقابل أخذت بعض التشريعات بنظام الكوتا النسائية في البرلمان ومنها ما يلي :
ـ التشريع المغربي ، يخصص 30 مقعدا من أصل 325 مقعد في البرلمان المغربي .
ـ التشريع الأردني ، خصص 6 مقاعد منذ تعديل قانون الانتخاب لسنة 2003
ـ التشريع السوداني ، خصص مابين 10 ـ 35 مقعدا للنساء في البرلمان
ـ التشريع العراقي ، خصص 25% من عدد أعضاء مجلس النواب البالغ 275 عضوا للنساء .
ـ التشريع الفلسطيني ، ينص قانون الانتخاب الفلسطيني لسنة 2005 بخصوص تمثيل المرأة على :"يجب أن تتضمن كل قائمة من القوائم الانتخابية المرشحة للانتخابات النسبية ( القوائم ) حدا أدنى لتمثيل المرأة لا يقل عن واحدة من بين كل من :
* الأسماء الثلاثة الأولى من القائمة .
* الأربعة أسماء التي تلي ذلك .
* كل خمسة أسماء تلي ذلك .
ـ يناقش البرلمان الجزائري في دورته البرلمانية " الخريفية "التي انطلقت في سبتمبر 2011 مشروع قانون بشأن توسيع مشاركة النساء في الحياة السياسية الذي يندرج في إطار الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة في شهر أبريل 2011 وينص مشروع القانون على إجبار الأحزاب السياسية على أن تتضمن كل قائمة انتخابية للمجالس المنتخبة ما نسبته 30% نساء ، وقد أدخلت وزارة الداخلية تعديلا على مشروع القانون ينص على أنه في حالة حصول القائمة على مقعدين فقط يوزعان وجوبا بين الجنسين حسب ترتيب الأسماء ضمن هذه القائمة أي أن المقعد الثاني سيؤول إلى امرأة مهما كان ترتيبها في القائمة ، والمنتظر أن يصادق البرلمان على مشروع القانون المذكور لتنضم الجزائر إلى قائمة الدول العربية التي تأخذ بنظام الكوتا .
ويرجع أول ظهور لنظام الكوتا بالبلدان العربية في الأردن بعدما أصدرت الحكومة الأردنية قانونا معدلا في نهاية عام 2002 رقم (11) لسنة 2003 بتخصيص ( 6 ) مقاعد كحد أدنى لتنافس عليها النساء الى جانب الحق في المنافسة على المقاعد الأخرى كافة لمعالجة مسلسل إخفاق المرأة الأردنية في كل الانتخابات النيابية منذ أن تحصلت المرأة الأردنية عام 1974 على حق الاقتراع و الترشيح ، وبفضل هذا القانون فازت ستة نسوة من المرشحات .
وعلى مدى 65 عاما من تاريخ التمثيل النسائي في البرلمان يمكننا الوقوف على ما يلي :
* من عام 1945 إلى عام 1995
ـ تضاعف عدد برلمانات العالم سبع مرات .
ـ تضاعفت نسبة التمثيل النسائي في برلمانات العالم أربع مرات .
ـ بلغت أهم نسبة تمثيل نسائي في البرلمان عام 1988 حيث مثلت المرأة 8 .14% من أعضاء البرلمانات في العالم .
* من عام 1995 إلى عام 2010
ـ وصل التمثيل النسائي في البرلمان عام 2009 نسبة تاريخية تقدر 18.8 %
ـ في يناير 2010 بلغ عدد النساء اللواتي تشغلن مناصب برلمانية عليا 35 من بين 269 منصب أي 13% في العالم في مقابل 42 منصبا عام 1995
ـ بلغت نسبة تمثيل المرأة في 44 برلمان في العالم 30%
ـ ارتفعت نسبة التمثيل النسائي في البرلمانات العربية إلى 9.5 % أي ضعف ما كانت عليه سنة 1995
( 4.3%)
ـ استنادا إلى إحصائيات تم تجميعها من قبل الاتحاد البرلماني الدولي على أساس المعطيات التي تقدمها البرلمانات الوطنية وفي موعد كان أقصاه 28 فبراير 2010 يتضح أن التمثيل النسائي لا يزال هزيلا إذا ما قارناه بالتمثيل الرجالي بالرغم من أنها حققت قفزة نوعية كما يلي :
ـ مجموع البرلمانيين في الغرف البرلمانية عامة 44665
ـ التمثيـــل الرجالــــــــي 36261
ـ التمثبــــلأ النســـــــائــي 404 8
ـ النسبة المئوية للنســاء البرلمانيـــات 18.9 %
معلوم أن الكثير من البرلمانات في العالم تعرف النظام البرلماني المزدوج أي أن البرلمان يتشكل من غرفتين برلمانيتين الغرفة الأولى وتعرف بالغرفة السفلى كمجلس الشعب أو مجلس النواب .. وهو المنتخب مباشرة من قبل الشعب ، والغرفة الثانية وتدعى الغرفة العليا مثل مجلس الأمة أو الشيوخ .. وفيه يتم تعيين ثلث الأعضاء من قبل السلطات العليا مباشرة فيما يتم اختيار الثلثين بالانتخاب من بين المنتخبين المحليين بالمجالس المحلية المنتخبة ، وعليه ستبرز من الإحصائيات التالية المتعلقة بنسبة مشاركة المرأة في بعض المجالس المنتخبة في عدد من الدول العربية الأهمية النسبية للتمثيل النسائي الذي سيعكس في كثير من الحالات مدى قناعة أو انصراف السلطات عن التعامل مع مسألة توسيع إشراك المرأة في الحياة السياسية بالمستوى المأمول وترتيب هذه البرلمانات عالميا
البلد وتصنيفه عالميا الغرف البرلمانية السفلى الغرف البرلمانية العليا
المقاعد المرأة % المقاعد المرأة %
تونــس (28) 214 59 27.6 % 112 17 %15.2
العـراق (37) 275 70 25.5% ـ ـ ـ
الإمارات العربية (47) 40 9 22.5 % ـ ـ ـ
السودان (65) 444 84 18.9 % 50 3 6 %
سوريا ( 91) 250 31 12.4 % ــ ــ ــ
المغرب (98) 325 34 10.5 % 270 6 2.3 %
الجزائر ( 115) 389 30 12.4 % 136 7 5.1 %
الكويت (115) 65 5 7.7 % 136 7 5.1 %
الأردن (121) 110 7 6.4 % 55 7 12.7%
لبنان ( 128) 128 4 3.1 % ــ ــ ــ
البحرين (131) 40 1 2.5 % 40 10 25%
مصـــــر (132) 454 8 1.8 % 264 18 6.8 %
اليمن ( 134) 301 1 0.3 % 111 2 1.8%
عمــان ( 135) 84 0 0 % 72 14 19.4 %
قطــــر (135) 35 0 0 % ــ ــ ــ
السعودية ( 135) 150 0 0 % ــ ــ ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ويوضح الجدول التالي أفضل تمثيل نسائي بالبرلمان في العالم والملفت للانتباه أن معظم الدول تبنت التمثيل النسبي كنظام انتخابي مع مبدأ الحصص القانونية أو تقاسم الحصص ، وان كان بلوغ نسبة معتبرة في التمثيل النسائي في بعض الحيان لا يتطلب التقسيم الحصصي كما هو موضح بالنسبة للدانمارك وأيسلندا
الدولة النساء في البرلمان % نوع الحصص النظام الانتخابي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
روانـدا 56.3 ( 2008) الحصص القانونية التمثيل النسبي
الســويد 47.3 (2006 ) تقاسم الحصص " "
إفريقيا الجنوبية 44.5 ( 2009 ) " " " "
كوبــا 43.2 (2008 ) دون الاقتراع العام
أيسلندا 42.9 ( 2009 ) دون حصص التمثيل النسبي
فنلندا 42 (2007 ) دون حصص " "
الأرجنتين 40 (2007 ) الحصص القانونية " "
كوستاريكا 38.6 (2006 ) " " " "
النرويج 37.9 (2005 ) تقاسم الحصص " "
الدانمارك 37.4 ( 2007 ) دون حصص " "
أنغولا 37.3 (2008 ) الحصص القانونية " "
بلجيكا 36.7 ( 2007 ) " " " "
هولندا 36.7 ( 2006 ) تقاسم الحصص " "
اسبانيا 36.3 (2008 ) الحصص القانونية " "
الموزمبيق 348 ( 2004 ) تقاسم الحصص " "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وفيما يلي نسبة المرأة بمجالس النواب في بعض الدول الغربية وتصنيفها عالميا
البـلد الغرفة البرلمانية السفلى الغرفة البرلمانية العليا
المقاعد المرأة % المقاعد المرأة %
ــــــــــــ ـــــــــــ
اسبانيا ( 13) 350 128 36.6 % 263 81 30.8%
ألمانيا ( 17) 622 204 32.8 % 69 15 21.7%
كندا ( 49) 308 68 22.1 % 93 32 34.4%
الصيـن (54) 2987 637 21.3 % ــــــ ـــــــ ــــــــ
المملكة المتحدة (61) 646 126 19.5 % 733 147 20.1%
فرنسا ( 65) 577 109 18.9 % 343 75 21.9 %
الولايات المتحدة( 73) 435 73 16.8 % 98 15 15.3 %
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عكس جدول التمثيل النسائي في مجالس النواب ببعض دول الغرب مخالفة لما كان يمكن أن ينتظر وذلك لأن التمثيل النسائي في البلدان التي تنادي بالديمقراطية و المساواة بين الرجل و المرأة لا تتصدر الترتيب العالمي بالعكس فإنها متوسطة الترتيب عالميا ففرنسا مثلا تأتي في المرتبة الخامسة و الستين في حين تأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة ألثالثة و السبعون .
0 comments:
إرسال تعليق