جيل "المروكو مول" بين الإنتظارية.. والإنكسار/ علي مسعاد

Casatoday2010@gmail.com

في زمن إنتشرت فيه ، الأمراض الصامتة المزمنة ، بين الكثير من الناس ، أصبحت لا تسمع غير الشكوى ، من الضعف وقلة الحيلة و الأرق ، وهي الأعراض الأكثر ، إنتشارا بين جيل اليوم ، جيل " المروكو مول " و " البلاك بيري " .
هل كان لهذه الأمراض ، أن تنتشر لولا التربة الخصبة ، التي وجدت في نفوس العديدين ، من قلة الإيمان و ضعفه و الهرولة وراء المال و الغنى الفاحش بأي وسيلة و أي ثمن ، فضلا عن غياب الوازع الأخلاقي ، لدى الكثيرين .
يحدث كل هذا و العالم المعاصر ، عرف قفزة نوعية من حيث التطور و التقدم ، لكن من حيث العمران و الهندسة المعمارية ، لكن من حيث بناء الإنسان كروح و جسد وعقل ، فالخواء و الفراغ ، لدرجة ضاعت المعايير الأخلاقية ، بين بني الإنسان ، وأصبح الفرد منا يقاس بمقدار إمتلاكه لحاسوب و كاميرا رقمية و هاتف نقال و سيارة و أفخم المنازل ، معايير مادية محضة ، لا مكان فيها للأخلاق و المبادئ و المثل العليا .
فأنت تكون متدينا و نبيلا وشهما و متخلقا بخلق القرآن ، فأنت أقرب إلى الغباء منه الطيبة و أن تملك آخر صيحات الموضة ، فأنت " إبن زمانك " و محط إعجاب الكثيرات و الكثيرين و كل الأعين تتعقب خطواتك ، إن إعجابا أو حقدا أو حسدا .
ما غاب عن جيل " التي جي في " ، أن إنتشار سبب الأمراض المنزمنة و الصامتة ، هو الإبتعاد عن الروحانيات ، وإلا ما تفسير العديدين ، لظاهرة إنتشار " الرقية الشرعية" بين الدروب والأزقة و الشورع و حتى القنوات الفضائية ، فالكل أصبحا متخصصا ، في إيجاد الحلول للمس و الحسد والعين و الجن و غيرها من الأعراض المتربطة بغياب الوازع الديني ، لدى جيل " البلاي ستايشن " .
الجيل الذي أضاع " بوصلته " ، وأصبح تائها ، بين الإسلام والعلمانية ، بين العرب والغرب ، بين الأصالة والمعاصرة ، فلا هو من هؤلاء و لا من هؤلاء ، لدرجة تغيرت لهجته و لغته ، فلا هو عربي و لا عرنسي و لا يمتلك غير رموز " الشات " بلا إحساس وبلا أفق ثقافي .
لدرجة ، أصبحت حياة العديدين ، بلا طعم ، فأغلبهم يأكلون بلا شهية ، يمارسون الجنس بلا لذة ، يعيشون ليومهم بلا أفق ، قاطعوا جذورهم وتاريخهم بلا رحمة و لا شفقة .
يقضون يومهم في قاعة الإنتظار ، إنتظار الذي يأتي وقد لا يأتي ، فالتقدم و الحضارة لا تعني أوتوماتيكيا ، أن تمتلك حسابا بنكيا و آخر صيحات الموضة في التكنولوجيا و الألبسة وأن تكون "إبن زمانك " ليس أن تخرج إلى الشوارع كل يوم أحد وأن تكون " مناضلا " لا يعني البتة أن تكون إنتهازيا و وصوليا ، فلكي تكون كذلك ، عليك أن تعرف نفسك و أن تكون أنت أنت و لا أحد غيرك ، تحس بآلام الآخرين و أن تتخلق بخلق القرآن و أن تكون خليفة فوق الأرض ، بما تعني الكلمة من معنى .
لأن الذي يحدث اليوم ، وتتحدث عنه الصحف و نشرات الأخبار ، من زنا المحارم و قتل الأرواح و إستغلال الضعفاء و ذوي الحاجة و السرقة و الإغتصاب ، ليست من النبل في شيء و لا من الحضارة و التقدم و الذهاء و الذكاء و غيرها من المصطلحات الرنانة ، أو بتعبير لغة الشارع " القافز " ، " كجبدها من فم السبع " ، والتي لم تقدنا إلا إلى الهلاك و الخوف وعدم الثقة في بعضنا البعض ، حتى أصبحت حياتنا "جحيما " لا يطاق .
فهل من "التقدم " في شيء ، أن ينطوي كل فرد على ذاته و كل أسره على نفسها و كل قبيلة على حدودها ، في زمن تقول عنه وسائل الإعلام ، أنه عصر تماهت فيه الحدود و أصبح العالم قرية صغيرة ، بفضل الأنترنيت و الساتل ؟ا أم هو الجشع و الطمع وحب المال و الهرولة ورائه ومن أجله ولأجله ، هي أسباب " إنغلاقنا " على ذواتنا و إحساسنا ب" التعاسة " الداخلية " في زمن أغاني غرف النوم و " بوس الواوا " .

CONVERSATION

0 comments: