الأسد الصغير وطاقم معممي نصر اللات/ محمد فاروق الإمام

لا يزال الأسد الصغير يعتقد – واهماً - بأنه رئيساً للجمهورية العربية السورية وقد جرده الشعب السوري من لباسه الفضفاض الذي حِيك له على عجل يوم 17 تموز من عام 2000، عندما أقدم مجلس التهريج - الذي صنعه حافظ الأسد على عينه من سفهاء الأمة ورعاع المجتمع - بليِّ عنق الدستور في دقائق معدودة، وبدل وغير في مادة سن الرئيس ما يتيح للأسد الصغير شرعية تبؤ منصب الرئاسة خلفاً لأبيه، ومنحه رتبة (فريق) ليصبح هذا الغر الجاهل قائداً للجيش والقوات المسلحة، ومن ثم الأمين القطري لحزب البعث الشمولي، الذي حكم البلاد ولا يزال منذ أن تسلق حفنة من مغامري الحزب على ظهر دبابة ضالة أدارت ظهرها للعدو الصهيوني جدران السلطة في دمشق فجر الثامن من آذار عام 1963.
آخر مسرحيات هذا المتمسك بالسلطة استقباله لمجموعة من "أخيلة المآتى" اللذين أُلبسوا الجلابيب الفضفاضة وعممت رؤوسهم بشعار رجال الدين زوراً وبهتاناً، بعث بهم نصر اللات من بيروت لشد أزر هذا المتهالك الفاقد للشرعية التي لم يحز عليها يوماً من الأيام، لتقديم الدعم والولاء له وتأييده في سفك دماء السوريين وزهق أرواحهم وتقطيع أوصال الأطفال وفقئ عيونهم وبتر أعضائهم، واغتصاب الحرائر وقتل الشيوخ والنساء والإجهاز على الجرحى، ونهب البيوت وحرقها، وملاحقة الحمير واصطيادها، واعتقال الآلاف وتعذيب بعضهم حتى الموت، وتهجير الآلاف إلى خارج حدود الوطن، والشد على يده في تحويل المستشفيات ودور العبادة والمدارس والساحات العامة معتقلات وسجون لشباب سورية وأحرارها، الذين خرجوا ثائرين في كل المدن والبلدات والقرى السورية متظاهرين سلميين مطالبين بالحرية والكرامة وتداول السلطة وقيام دولة مدنية تحكمها المؤسسات الدستورية والقوانين.
قال الأسد الصغير عند استقباله لهذه الفئة التي جاءت تدعي أنها تمثل نبض الشارع المسلم في لبنان وتمثل الطوائف الإسلامية فيه، كما نقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية تفاصيله يوم أمس الجمعة، مؤكداً في لقائه مع هذه الفئة على استهانته بالعرب وتحقير الدول العربية والتقليل من شأنها ووصمها بالعمالة والعمل على تنفيذ املاءات أمريكا وأجندتها في المنطقة: "معركتي ليست مع العرب، لذا لا نهتم بما ينتج منها، لكن المعركة مع من يحركون الدول العربية اليوم". متوقعاً خنوع العرب والتراجع عن مواقفهم، وأن على الزعماء العرب أن يزوروا دمشق لـ"الاعتذار" متهماً الأمريكيين بالعمل على تغيير نظام بلاده ولكنهم – كما جاء في حديثه – "لن يتمكنوا من ذلك". مشيراً إلى أن الخطة الأمريكية كانت "تقضي بتقسيم العراق، إلا أن الأمريكيين اكتشفوا أن تقسيم العراق مستحيل بوجود سورية إلى جانبه فإما سورية مقسمة وعندها يمكن تقسيم العراق وإما البلدان لا يقسمان" ونفس هذا الكلام قاله الأسد الصغير للمسؤولين العراقيين السابقين الذين زاروا دمشق قبل الغزو الأمريكي للعراق، مؤكداً لهم وقوف سورية إلى جانبهم ضد أي غزو أجنبي للعراق.
وأضاف الأسد الصغير قائلاً: "اليوم الأمريكيون في أضعف أوضاعهم الخارجية، وكان همهم هز الوضع السوري لتغطية الانسحاب من العراق، ويريدون تغيير النظام في سورية، لكنهم لن يتمكنوا من ذلك".
ثم توجه في حديثه إلى تركيا مقللاً من حجمها ومن قدراتها بقوله: إن تركيا "لا يمكنها أن تملي على سورية إرادتها، وأن تركيا تدخل في أمر أكبر من حجمها الإقليمي وأكبر مما يسمح به واقعها"، مشيرا إلى أن "المعركة هي مع الغرب".
واعترف الأسد الصغير بصعوبة الوضع الذي جر إليه البلاد قائلاً: أنه يعلم "أن المعركة ليست قصيرة، وهي قاسية، لكن الظروف اليوم أفضل مما كانت عليه قبل أشهر".
وقال في حديثه للمعممين كاذباً - وقد فضحته كل الفضائيات العربية والأجنبية وشهود العيان اللبنانيين، والذين أصيب بعضهم بالقصف المدفعي الذي كان يستهدف القرى والبلدات الحدودية السورية وهم على الأرض اللبنانية – قال: إنه طلب من الجيش دائماً "عدم استخدام الأسلحة الثقيلة في المعارك العسكرية (مع الشعب الأعزل الذي تصدى لآلته العسكرية الجهنمية بصدور عارية)، والاكتفاء بالأسلحة الخفيفة".
وأقر الأسد الصغير في حديثه بأن العقوبات الاقتصادية التي فرضها العرب والمجتمع الدولي على نظامه المتهالك "ستؤثر على سورية، لكنها لن تكون كارثية، وسيكون هناك مجموعة من الإجراءات التي ستساعدنا في مواجهة هذه العقوبات".
وحول الموقف الروسي قال الأسد الصغير: "إن ما قدمته روسيا كان استراتيجياً، ولن تتراجع عنه، وهم اليوم معنا في هذه المعركة".
فلتفخر موسكو بهذا الوسام الدموي الأحمر الذي يريد الأسد الصغير تطويق عنقها به، ويذكر العالم بالسنين الستالينية السوداء التي عاشها الشعب الروسي وشعوب الاتحاد السوفييتي في أتون محرقتها.
وفي سياق حديث الأسد الصغير اعترف بأن نظامه "أخطأ في التعامل مع كل المؤسسات الإسلامية كأنها واحد.. والآن نعيد النظر في أسلوب التعامل مع الكل"، وهذا واضح من خلال استباحة شبيحته ورجال أمنه لمساجد المسلمين وحرقها والعبث بمحتوياتها وتمزيق ودوس مصاحفها، وقصف مناراتها، وكتابة العبارات الكفرية والشركية المؤذية والمثيرة لمشاعر المسلمين على جدرانها، وتحويلها إلى مراكز اعتقال وتعذيب للمعتقلين، وقتل خطبائها وأأمتها واعتقالهم وتهجير بعضهم.
وحول إمكانية الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين، قال الأسد – كاذباً، وقد قال قبل أيام في لقاء صحفي أن نظامه وحزبه كان في صراع مع جماعة الإخوان المسلمين منذ ستين سنة – "فتحنا سابقاً أبواب الحوار مع الإخوان عدة مرات، إلا أننا لم نصل إلى نتيجة، وكان ذلك بفعل تشبث الإخوان برأيهم، وبعدها أيضاً كنت مستعداً للحوار انطلاقاً من مرحلة حماة، وصولاً إلى الحاضر، ولم أكن أنوي تجنب أي نقطة أو مرحلة، لكن اليوم نحن غير مستعدين للحوار معهم ما لم يتخلوا عما هم فيه".
ولم ينس الأسد في حديثه أن يوجه اللوم والعتب للسودان مبدياً استغرابه لمواقفه ألأخيرة من نظامه وخاصة – كما قال – إن "سورية لطالما دعمت السودان خلال الفترة الصعبة التي مر بها والعقوبات التي تعرض لها، لكنه في النهاية وافق على العقوبات ضد سورية".
وعتاب واستغراب الأسد الصغير هذا يذكرنا بأهم شبيحته المدعو يوسف أحمد الذي طرده العرب من الجامعة العربية كمندوب دائم للنظام السوري فيها، عندما وجه كلمات لاذعة لشخص الأمين العام للجامعة السيد نبيل العربي الذي قرأ بيان العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على النظام السوري رداً على القمع الوحشي الذي يجابه به شبيحة ورجال أمن النظام وآلته العسكرية الجهنمية المتظاهرين السلميين الذين يطالبون بالحرية والكرامة، قال هذا السفيه مستنكراً موقف الأمين العام من نظامه ومن يمثل: "لقد زكيته وكنت وراء اختياره لمنصب الأمين العام للجامعة العربية رغم أنه من بقايا نظام مبارك وأعوانه وكان عليه رد الجميل بالوقوف إلى جانب سورية"!!
لقد سقط القناع عن الوجوه الغادرة.. وسقطت أوراق التوت عن الأجساد الخاوية، وبانت عورات هذا النظام بلا رتوش ولا مكياج ولا عمليات تجميل تخفي قبح وجه هذا النظام وحقيقة فعله، ولم يعد بإمكانه أن يقترف الآثام والفواحش في غياب عين الرقيب التي ترصد كل حركاته وتكشف أكاذيبه وخداعه وبطلان دعاويه، بفضل شجاعة أحرار الوطن وثواره، عبر ما يملكونه من أدوات رصد وتصوير وبث لكل ما يقترفه هذا النظام من فظائع وجرائم بحق المتظاهرين السلميين والمواطنين الآمنين العزل بالصوت والصورة.

CONVERSATION

0 comments: