مدرسة آل الأسد خرّجت في سورية على مدى أربعة عقود جيشاً من المتزلفين المليئة أرواحهم بالرياء والنفاق والخبث والفساد والضلال والكذب، ولعل كبير هؤلاء وزير خارجية النظام وليد المعلم الذي يجيد تطويع الكلمات وليّ أعناق الجمل وصياغتها بأسلوب ساخر ومضحك، ولا أدل على ذلك مما قاله في مؤتمره الصحفي الأخير الذي ضم لفيفاً من إعلاميّ النظام في غياب مطلق لوجود إعلام عربي أو أجنبي أو إعلام مخالف أو حتى محايد أو مستقل، واكتشاف ذلك ليس أحجية فكل ما طرح على المعلم من أسئلة كلها تصب في خدمة النظام والتشهير بالآخرين دون استثناء عرب وأجانب ومعارضة، فكل هؤلاء متآمرون كونيون جاؤوا من عالم آخر يريدون القضاء على النظام المقاوم والممانع الذي يحتضن المقاومة الفلسطينية واللبنانية، والذي يقف في وجه الأجندة الإمبريالية والصهيونية ويُفشل مخططاتها.
ومما قاله المعلم في مؤتمره الصحفي حول توقيع النظام على البروتوكول الملحق بالمبادرة العربية والذي ينظم دخول بعثة عربية لترصد ما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان في سورية وتتثبت من تطبيق النظام السوري لبنود المبادرة العربية التي وافق عليها النظام بلا أي تحفظ على أي بند من بنودها، والتي من أهمها وقف القمع وسحب المظاهر المسلحة والآليات العسكرية من المدن والبلدات والقرى، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، والسماح للتظاهر السلمي دون أية معوقات أو تدخل من رجال الأمن والشبيحة، والسماح بدخول وسائل إعلام عربية وأجنبية مستقلة ومحايدة لترصد الوقائع على الأرض بكل شفافية ومهنية.. قال المعلم أن سورية لم توقع على البروتوكول إلا بعد الاستجابة لطلباتها وشروطها، وأنه - أي المعلم – لن يتحدث عن التفاصيل – لأنه كما قال وبأسلوب ساخر – "إن كنا سنغرق البعثة بالتفاصيل عليهم أن يتعلموا السباحة"، ودوت القاعة بتصفيق الإعلاميين الذين تخرجو من نفس المدرسة لأكثر من أربع مرات للمعلم خلال حديثه الساخر من الجامعة العربية وقادة دولها.
وجاء رد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي سريعاً بتكذيب إدعاءات المعلم حول تعديل البروتوكول، مؤكداً في مؤتمر صحفي أننا "لم نعدل البروتوكول".
في هذه الأثناء أنهى المجلس الوطني السوري المعارض جلساته التي عقدها في تونس برعاية الرئيس التونسي المنصف المرزوقي على رغم انتظار رئيسه برهان غليون أكثر من ساعتين حتى يفرغ المعلم من كلامه علّه يكون هناك في حديث المعلم شيئاً جديداً.. ولكن لا جديد.
فقد اعتبر غليون في أعقاب سماعه المعلم يعلن توقيع النظام على بروتوكول الجامعة العربية بأسلوبه الساخر، أنه استنتج "أن التوقيع جزء من سيناريو المراوغة التي يعتمدها النظام في سورية حيال المبادرة العربية"، أي النظام يعمل على كسب الوقت ومنع الجامعة من تحويل الملف السوري إلى مجلس الأمن وعلى تقويض أسس المبادرة العربية، وهذا ما ذهبت إليه معظم وسائل الإعلام العربية والأجنبية وقاله المحللون السياسيون والمهتمون بالقضية السورية، وبالفعل فقد استغل النظام هذه الفرصة في تنفيذ هجمة بربرية ووحشية، ولمّا يجف حبر توقيعه على البروتوكول بعد، شنتها كتائب الأسد ورجال أمنه وشبيحته على المتظاهرين السلميين وقصف المدن والبلدات والقرى السورية بكافة الأسلحة الثقيلة البرية والجوية والبحرية راح ضحيتها في يومين ما يزيد على استشهاد مئتي مواطن سوري بينهم العديد من الأطفال والنساء.
لم يكن المعلم الوحيد من جيش المتزلفين الذين تخرجوا من مدرسة آل الأسد، فهذا الإعلامي شريف شحادة يتفوق على المعلم في برنامج الاتجاه المعاكس الذي بث يوم أمس الثلاثاء 20 كانون الأول الحالي عند وضع برواز زجاجي يحمل صورة سيده بشار الأسد على طاولة الحوار وينبه محاوره اللبناني صالح مشنوق، الذي أفحمه بما أدلى من حجج وأدلة، وعرض من صور ووثائق تدين النظام السوري وما اقترف ويقترف من جرائم بحق السوريين والفلسطينيين واللبنانيين وعمالته وتخاذله وكذبه وافتراءاته، نبهه قائلا: "حتى عندما تشرق الشمس من المغرب وتغرب من المشرق فلن يسقط نظام بشار الأسد".
وقائمة أسماء جيش المتزلفين الذين تخرجوا من مدرسة آل الأسد أطول من أن يحاط بها في هذه العجالة، ولعل الملايين من السوريين والعرب قد زكمت أنوفهم رائحتهم النتنة، وأصابهم الغثيان والقرف حديثهم الممجوج والمكرر، الذي نسمعه مكرهين منهم في بعض الفضائيات بحجة السماع للرأي والرأي الآخر، ولابد من أخذ حظهم في مساحة برامجها الحوارية والفكرية، وعزاؤنا أن هذه الجماهير التي تستمع وتشاهد هذه الأبواق من متزلفي النظام كان مكسباً للثورة السورية وتصب في انتكاسات النظام وسقوط أوراق التوت عن عوراته، وانفضاض الناس من حوله، وابتعاد المخدوعين بزيف شعاراته عنه.
0 comments:
إرسال تعليق