المكوث في الوظيفة/ هيثم البوسعيدي

البقاء طويلا في الوظيفة الحكومية لا يدل في بعض الحالات على الولاء المطلق الذي يبديه الموظف تجاه المؤسسة، لأن سياسة الولاء الناشئة ما بين الموظف والمؤسسة وثقة الموظف بنفسه وبقيادته هي نتاج رابطة متينة بين الطرفين تمتد عبر فترات زمنية حيث يتم تدعيهما بكثير من عوامل النجاح مثل: الحوافز المادية، خطط التطوير وبرامج التدريب، قنوات التواصل ومنافذ المشاركة، بالإضافة إلى ترسيخ مبدأ الشفافية والمساواة في العمل والمشاركة في صناعة القرار بالإضافة إلى تقدير جهد الموظف في ثقافة المؤسسة.

ولكن عند غياب العناصر السابقة واتساع الهوة بين طرفي المعادلة مع وجود الموظف في وظيفته فترة زمنية طويلة بحيث لا تسمح له الأنظمة الإدارية المتبعة بالصعود سريعا عبر السلم الوظيفي، عند ذلك تظهر سلبيات ذلك المكوث متمثلة في رفض التجديد ومقاومة التحديث واستمرارية الهيمنة على مجموعة واسعة من الأعمال والأنشطة حتى تتحول الدوائر العامة إلى ما يشبه الملكيات الخاصة، علاوة على ذلك انخفاض الدافعية إلى العمل وتراجع معدلات الانتاجية ووصول الموظف إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي حيث يعتريه شعور بالكسل والخمول وانعدام فائدة وجوده في المؤسسة، بالإضافة إلى ظهور سلوكيات متباينة منها اتجاه بعض الموظفين للاعتماد على مصادر دخل آخرى تأخذ جزء من جهودهم الذهنية والنفسية مما ينعكس سلبا على العمل.

وفي المقابل هناك وجهة نظر تؤكد على ايجابيات مكوث الموظف في وظيفته لسنوات طويلة بحيث تلك المدة الزمنية تؤدي إلى إيجاد علاقة ايجابية بين طول المدة التي يمضيها الموظف وبين ولائه لوظيفته واستمراره في العمل في منشأته لأن طول المدة في الوظيفة ترسخ ثقافة المنظمة لديه وتعزز ثقته وعلاقته بعمله ومديريه وزملاؤه في العمل بشرط أن يجد الموظف العناصر التي تكفل له التطور والتقدير بشقيه المادي والمعنوي، بالإضافة إلى أن المكوث في الوظيفة لسنوات عديدة تعطي الإدارة مجموعة من التصورات الوافية حول تنوع واختلاف سلوكيات الموظفين.

في نهاية المقال، إن أنظمة الخدمة بما تحمله للموظف من قوانين وقيم وبنود ومغريات ومحبطات كفيلة بدفع الموظف إما نحو توطيد علاقته بالوظيفة والإدارة، أو البحث عن فرصة عمل أخرى في مكان آخر حتى تشبع رغباته في التطوير والترقي الوظيفي، كما أن دور الإدارة العليا وتفكير قادتها في المؤسسة الأدارية يعتبر هام جدا في كيفية التعامل مع رغبات ومتطلبات الموظفين فإما التواصل يتخذ طابع المرونة أو التعقيد حسب إدراك القيادة وإيمان قادتها بخبرات ومؤهلات وقدرات الموظفين.

بالإضافة إلى أن الاستمرارية الطويلة في العمل ترتبط بالرضا الوظيفي الذي ربما يكون في أدنى درجاته أو أعلى درجاته وذلك يعتمد بالأساس على مستوى العدالة التي قد تتحقق أو لا تتحقق داخل المؤسسة الإدارية مما ينعكس في نهاية المطاف سلبا أو إيجابا على أداء المؤسسة الإدارية.

 

CONVERSATION

0 comments: