بروتوكول الموت/ محمد فاروق الإمام

نعم إنه بروتوكول الموت بامتياز لأن هذه التسمية جاءت من رحم المعاناة التي يتعرض لها الشعب السوري على يد جلاديه بمشاركة الأشقاء في الجامعة العربية العاجزة ببعض أعضائها المعاقين، وغطاء من العالم أجمع بفضل المماحكة بين روسيا المتواطئة مع النظام والغرب الغير مكترث بهذه الأرواح التي تزهق.
فبعد مخاض عسير عبر ولادة قيصرية، راح ضحيتها ما يزيد على ألفين من الشهداء، وقّع النظام السوري على بروتوكول المبادرة العربية بعد أن تيقن أن الفريق الذي سترسله الجامعة إلى سورية قد أتقن السباحة في بحر الدم السوري النازف منذ عشرة أشهر على يد عصابة المافيا التي تحكم سورية منذ ما يزيد على أربعة عقود، لأن فن إتقان السباحة في هذا البحر شرط من شروط وزير خارجية النظام وليد المعلم حتى يقوم بالتوقيع على هذا البروتوكول، وقد تحقق له ذلك دون أي عناء أو التزام ببنود المبادرة العربية، وإذا كان غير ذلك فكيف لنا أن نبرر عدم تطبيق النظام لهذه البنود التي تشترط على النظام فيما تشترط قبل وصول فريق المراقبة إلى سورية أن تُسحب كل الآليات العسكرية والمظاهر المسلحة من شوارع المدن والبلدات والقرى، وأن يطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين تجاوزت أعدادهم الستين ألفاً، وأن توقف كل عمليات القمع بحق المتظاهرين السلميين والسماح لهم بالتظاهر السلمي، وأن يسمح لوسائل الإعلام العربية والأجنبية بالدخول إلى البلاد وحرية الحركة لرصد ما يجري على الأرض السورية بشفافية ومهنية، وكل هذا لم يتحقق، ومن هنا جاءت تسمية هذا البروتوكول ببروتوكول الموت، لأن آلة القمع الجهنمية الدموية التي يستخدمها النظام بحق الشعب السوري في طول البلاد وعرضها لم تتوقف، بل زادت وتيرتها أضعاف أضعاف ما كانت عليه قبل القبول بالمبادرة والتوقيع على البروتوكول الملحق بها؟!
وحتى بعد وصول طلائع بعثة المراقبين العرب إلى دمشق كان في انتظارهم عملية رعب لتخويفهم وحرف مهمتهم التي جاؤوا من أجلها، لإشغالهم بمهمة التفتيش عن وسائل تحميهم من يد العصابات المسلحة التي يدعي النظام وجودها، والتي ستكون لهم بالمرصاد إن هم تجرؤوا وغامروا في الذهاب إلى المواقع غير الآمنة بحسب ما قاله المعلم قبل أيام من وصول اللجنة، بعيداً عن رغبة النظام السوري في تحديد المواقع المسموح للمراقبين العرب بزيارتها، وبالفعل فقد افتعلت العصابات الأسدية تفجيرين في موقعين أمنيين كانت البعثة تنوي زيارتهما، وادعت أن ذينك التفجيرين كانا على يد انتحاريين من عناصر القاعدة، مع العلم أن هذين الموقعين لا يمكن لطائر أن يحط على الجدران الخارجية لهذين الموقعين المحصنين، لكثرة العيون المراقبة والأيادي التي تقبض على الزناد على مدار الساعة، وكثرة سلاسل الحواجز والسواتر الترسانية التي تقطع أوصال الشوارع والممرات والمداخل إليها على بعد ثلاثمائة متر من هذين الموقعين، اللذين تم تفجيرهما بفبركة وتخطيط وتنفيذ من أجهزة الأمن السورية بأجساد العشرات من المعتقلين السياسيين السوريين الذين كانوا قد قضوا تحت التعذيب داخل أقبية هذه المقرات الأمنية، التي ادعت سريعاً وبعد نحو ثلاثين دقيقة، أن القاعدة هي وراء هذين التفجيرين، وقد مهد وزير الدفاع اللبناني لأجهزة أمن النظام السوري إلصاق هذه التهمة بالقاعدة عندما أعلن قبل يومين أن هناك عناصر من تنظيم القاعدة قد تسللوا إلى سورية من منطقة عرسان الحدودية اللبنانية، في الوقت الذي مضى على مقتل عماد مغنية قائد المهمات الصعبة في ميليشيا حزب الله في نفس المنطقة لنحو ثلاثة أعوام (شباط 2008) ولم تتمكن أجهزة مخابرات النظام السوري تحديد هوية مفجر السيارة التي قتلت عماد مغنية.
عمليتا التفجير فبركة ممجوجة من ترهات هذا النظام التي لا يمكن أن تنطلي على طفل معوق أو يصدقها شيخ خرف، وقد خبر القاصي والداني ألاعيب هذا النظام وخدعه وكذبه، وهذا ديدنه ومبدأه وتاريخه، وقد سقطت كل أوراق التوت التي كانت تستر عوراته لسنين طويلة كان يخدع فيها بسطاء الأمة ويشتري بالفتات من المال المنهوب ذمم ضعافها.
علينا انتظار موقف الجامعة العربية وقرارها التي ستتخذه بعد وقوع هذه المسرحية المستهجنة وكيف ستتعامل معها ومع تداعياتها، والتي نأمل أن يكون أعضاء اللجنة من الفطنة والنباهة تجاه هذه الألاعيب الشيطانية التي يبتكرها النظام، ليجعل من نفسه ضحية للإرهاب لا مبتكر له وممول ومهندس، فيكون لهم الموقف الصلب والمتشدد تجاه هذا النظام دون الالتفات إلى ألاعيبه وخدعه الرخيصة والمفضوحة، وبالسرعة التي تحول دون ما يشتهي النظام ويريد، سعياً لوقف شلال الدم النازف من أجساد أطفال وشيوخ وشباب ونساء الشعب السوري المنكوب، وكف يد النظام عن القمع الممنهج والمقنن بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية والكرامة والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة.
وختاماً أرفق البيان الساخر الذي أصدرته الثورة السورية حول مسرحية التفجيرات المفتعلة التي قامت بها أجهزة أمن النظام السوري.

CONVERSATION

0 comments: