منذ 15 مارس 2011، اتسع تدريجيا نطاق احتجاجات السوريين المطالبين بتغيير نظام بشار الأسد انطلاقا من درعا، مرورا بالعديد من المدن والبلدات السورية وصولا إلى ريف دمشق، في ظل تعتيم إعلامي كامل، باستثناء ما ينشره النشطاء المجهولون من صور ولقطات فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي لإطلاع العالم على حقيقة ما يحدث، وعلى مدى القمـع الدموي الذي تمارسه ميلشيات الشبيحة وقوات الأمن والجيش التابعة للنظام .
ولعل تلك الصورة لا تشكل كل الحقيقة من أعمال للقمع في ظل استمرار أجهزة الأمن السورية رفض دخول الإعلاميين ومؤسسات حقوق الإنسان لاستفرادها في أعمال القمع وبين هذه الصورة التي تنقل عبر الجوال وصورة النظام السوري الرسمي الذي لا يعترف بالحقيقة وما زال صامدا ويتعالى علي شعبه ويمارس القمع والقتل بحق أبناء الشعب السوري تلكم حقيقة الموقف العربي الذي طالما رأى العديد من المحللين بأن جامعة الدول العربية تريد أن تعكس التجربة الليبية في التعامل مع الملف السوري ..
وهنا لا بد من التأكيد مجددا بأن ما دفع جامعة الدول العربية إلى اتخاذ مثل هذه المواقف تجاه نظام الأسد هو عدم استجابة النظام إلي أقل المطالب الشعبية وعدم اعتراف سوريا بحقوق المعارضة فكان لا بديل عن الخيار العربي ..
وفي ضوء ذلك اتخذت جامعة الدول العربية قرارا بتعليق عضوية سوريا في الجامعة، وهذا ليس فقط عقابا لنظام الأسد على عدم تجاوبه مع توجهات الجامعة وإنما هو دعم واضح للمعارضة السورية، من خلال فتح المجالات لأكثر من احتمال خلال الأيام المقبلة ضد النظام السوري.
إن الدول العربية لم تفهم حتى الآن أن دمشق تعمل فقط من أجل كسب الوقت.
إنه يتعين على الدول العربية أن تدرك الآن وإلى الأبد . إن الحكومة السورية ليس لديها إرادة لوقف المذابح وأنها تحاول كسب الوقت لتواصل أعمال القتل.
إن الشعب السوري لا يمكنه أن يستمر في وضع الانتظار وأن الجامعة العربية فشلت ويجب على العالم العربي أن يفهم أن رغبة النظام السوري في إيجاد حل ووقف القمع غير موجودة.
وهذا الوضع سيدفع المجتمع الدولي للتدخل في سوريا وإقامة منطقة حظر طيران مماثلة لما حدث في ليبيا مما يمكن المنشقين على الجيش من "الثورة". وتزداد المؤشرات وضوحا برغبة الغرب في تبني تدخل عسكري بغطاء ومشاركة عربية. لا سيما وأن التحرك الروسي بإرسال بعض القطع الحربية الروسية للشواطئ السورية سيعقد الأمور وربما يدفع باتجاه إيجاد منطقة عازلة بمحاذاة الحدود التركية .
ان تصرفات السلطات السورية "باتت غير مقبولة على الإطلاق" وأنه "لم يعد ممكنا الوثوق بها" والمطلوب عربيا "تحرك واسع" لدفع جامعة الدول العربية إلى تبني "موقف قوي" ضد النظام السوري في ظل استمرار العمليات العسكرية في عدد من المدن السورية.
ولعل العمل في المرحلة المقبلة يتلخص في النقاط التالية والتي أجمعت عليها المعارضة السورية وطالبت بتنفيذها عبر بيان أصدره المجلس الوطني السوري المعارض "تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية" و"فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية من قبل الدول الأعضاء على النظام السوري" و"نقل ملف انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة إلى محكمة الجنايات الدولية".
أما الطلبان الباقيان فهما "دعم الجهد الأممي الرامي إلى تأمين الحماية الدولية للمدنيين السوريين وخاصة في حمص وإرسال مراقبين دوليين والسماح لممثلي وسائل الإعلام والمنظمات الدولية بالدخول إلى سورية بكل حرية" و"الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلا شرعيا للثورة والشعب في سوريا".
وكانت المعارضة السورية دعت الاثنين إلى توفير "حماية دولية" للمدنيين تجاه القمع الذي يزداد دموية من قبل قوات النظام السوري الذي اتهم الولايات المتحدة بالضلوع في "الأحداث الدموية" في سوريا.
نص قرار جامعة الدول العربية
وفيما النص الكامل لقرار جامعة الدول العربية القاضي بتعليق عضوية جامعة الدول العربية
1- تعليق مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتباراً من يوم 16/11/2011 وإلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها التي وافقت عليها بموجب خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية والتي اعتمدها المجلس في اجتماعه بتاريخ 2/11/2011.
2- توفير الحماية للمدنيين السوريين وذلك بالاتصال الفوري بالمنظمات العربية المعنية، وفي حال عدم توقف أعمال العنف والقتل يقوم الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بما فيها الأمم المتحدة وبالتشاور مع أطياف المعارضة السورية لوضع تصور بالإجراءات المناسبة لوقف هذا النزيف وعرضها على مجلس الجامعة الوزاري للبت فيها في اجتماعه المقرر يوم 16/11/2011.
3- دعوة الجيش العربي السوري إلى عدم التورط في أعمال العنف والقتل ضد المدنيين.
4- توقيع عقوبات اقتصادية وسياسية ضد الحكومة السورية.
5- دعوة الدول العربية لسحب سفرائها من دمشق، مع اعتبار ذلك قراراً سيادياً لكل دولة.
6- دعوة جميع أطراف المعارضة السورية للاجتماع في مقر الجامعة العربية خلال ثلاثة أيام للاتفاق على رؤية موحدة للمرحلة الانتقالية المقبلة في سورية، على أن ينظر المجلس في نتائج أعمال هذا الاجتماع ويقرر ما يراه مناسباً بشأن الاعتراف بالمعارضة السورية.
7- عقد اجتماع على المستوى الوزاري مع كافة أطراف المعارضة السورية بعد توصلهم إلى الاتفاق كما جاء في سادساً.
8- إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم لمتابعة الموقف.
وتعد هذه القرارات غير كافية وغير فعالة والمطلوب عربيا الاسراع في وقف الدماء والقتل الغير مشروع الذي يمارسه نظام الاسد فاقد الشرعية ..
ولعل تنصب الأولوية الحالية الي وقف القتل وتأمين حماية دولية للمدنيين خاصة بعد إعلان تركيا استعدادها للتعاون لإقامة منطقة آمنة للمدنيين وهو ما كان يطالب به المجلس الوطني باستمرار .. وبهذا الخصوص نرى ان قرارات الجامعة العربية ضدّ النظام السوري، لا يجب الإستِـخفاف بها، لأن هذا النظام لم يتردّد أبداً في السابق في زعْـزعة استقرار جيرانه، وبالتالي، فإن هذه القرارات تعني أن مُـعظم الحكَّـام العرب باتوا واثقين بأن الأسد لن يستطيع البقاء أكثر من ذلك في سُـدّة السلطة.
مما لا شك ان عدم استجابة الرئيس بشار الاسد ونظامة لكل الجهود المبذولة لإنهاء القتال في سوريا تعني انه قرر عدم قبول هذه الامور .. في هذا السياق ستكون هناك معارضة شعبية متزايدة له واعمال قتل كل يوم. و انه لا مفر في النهاية من أن يضطر الى التنحي بشكل أو اخر.
رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
0 comments:
إرسال تعليق