بعد انتهاء حرب " لو كنت أعلم " عام 2006 وفرض انحسار حزب الله عن الجنوب وتسلُّم الجيش اللبناني أرض الجنوب، بمعونة القوات الدولية وبموجب القرار الدولي الشهير رقم 1701، ينتهي دور سلاح المقاومة الإسلامية تماماً إذ لم يعد بإمكانها التصرف بمخزونها من العتاد الحربي من حيث تموضعت قواتها في الداخل اللبناني، إن في الضاحية الجنوبية من بيروت أو في مواقع جبلية بعيدة عن أعين المراقبة الدولية.
نسوق رداً مباشراً على تساؤل زعيم الرابية ميشال عون في آخر مؤتمر صحافي له مساء 12 أذار يقول فيه: أين هي الجرائم التي ارتكبتها المقاومة بحق المواطنين اللبنانيين؟
ونورد إحصائية بنتائح حرب " لو كنت أعلم" : ... التي كلفت لبنان ما يزيد عن 2000 ضحية وقرابة ال 4000 جريح ، بالاضافة إلى خسارة نحو 15 مليار دولار، وذلك بتدمير نحو 65% من البنى التحية للبلاد ونحو 30 الف منزل عدا عن تشريد مئات الألاف من أهل الجنوب وضرب الاقتصاد الوطني بأكمله.
وبحسب الاحصاءات النهائية تكبدت إسرائيل 144 قتيل 360 جريح بالاضافة إلى تدمير 11 منزل وتصدّع 141 منزل في مقابل تصدع 14000 منزل لبناني ناهيك بالمعامل والمدارس بالاضافة إلى 1730 سيارة سياحية الخ...
ومع ذلك، لم يتعظ حزب الله مما سببه لأهل الجنوب من مآسي وويلات بل استفزته الحميّة الشعوبية العربية المفتقرة لانتصارٍ ما وجدته في ما ادّعاه من انتصار على إسرائيل أُهْـدِيَ إلى سوريا الأسد!
ترى هل يكتفي السيد عون بهذا الكم من الجرائم التي ارتكبتها المقاومة بحق اللبنانيين بسبب حرب لم يكن قائدها يعلم بأنها ستنتج هذه الكارثة الوطنية أم أنه يُقيسها بحروبه التحريرية والإلغائية التي وحده كان يعرف نتائجها التي دمرت منطقة لم تطلها يد الإثم الغريبة، وقتلت وشرّدت وهجَّرَت عشرات الآلاف من اللبنانيين؟
... . ...
إذن، انتهى دور المقاومة ولم ينتهي دور سلاحها الذي أمسى سلاحاً ميليشياوياً بامتياز، وبواسطته تمّ تعطيل مرافق الدولة واقتصادها كلياً بما عُرف بالاعتصامات الخ... لم تنتهي إلاّ بعد أن ذاق ذوو المصالح في العاصمة مرارة الخسارة والإقفال وتشرُّد آلاف الموظفين والعاملين فيها.
لم يتوقف أذى سلاح المقاومة عند هذا الحد بل تعداه إلى تعطيل دورة السياسة في البلاد، ومع حلفائه الميامين قطب المعارضة الرئيسي مالك مفاتيح مجلس النواب المُفْتَرَضَة حياديتُه، الأستاذ نبيه بري، والناطق الرسمي باسم هذه المعارضة، زعيم الرابية المطالب الأبدي برئاسة الجمهورية، الجنراليسمو ميشال عون ( كما وصفه أحد أركان النظام السوري)، وها هو سلاح المقاومة يفرض أخيراً تكليف رئيس لتشكيل حكومة تحت مظلته بعد أن شلَّ أعصاب وليد جنبلاط وأرغمه على التحالف معه والتنكر لمواقف عزٍّ كان اتخذها إبّان انتفاضة الشعب اللبناني في ثورة الأرز الشهيرة.
إلى هنا والأمر يبدو، في منطق المعارضة التي تحولت إلى موالاة ، بعد تمكنها من سحب البساط من تحت أقدام الحكومة السابقة، التي كانت قد أصبحت على أي حال مقعدة، تصرفاً ديمقراطياً. ولكن ينسى الجميع أن المولاة يجب أن تكون للنظام والدولة وليس لأفرقاء غير لبنانيين واستراتيجيات لا تمت إلى لبنان وديمقراطيته بأية صلة.
في المقابل نجد أن المعارضة الجديدة تقف إلى جانب النظام والدولة وتطالب برفع اليد الغريبة عنها وسحب سلاح هذه المقاومة التي أخيراً أصبحت ميليشيا. إنها حقاً إحدى أبداعات السياسة اللبنانية المناقضة لكل ديمقراطيات العالم!
على المحك اليوم، يقف طرفا السياسة في لبنان على نقيض بعضهما البعض. الطرف الأول، الموالاة ( ضد الدولة)، التي تصرّ على الاجهاض على المحكمة الدولية للتمكن من تغيير نظام الحكم اللبناني برمته، والطرف الآخر، المعارضة، ( مع الدولة )، تدافع عن النظام والحفاظ على المحكمة الدولية وتحقيق العدالة.
الطرف الأول يستعمل كل ما لديه من سلاح المقاومة/ الميليشيا، عسكريةً وديماغوجيةَ وابتزازٍ وتهديد الخ.. والطرف الآخر بات أشد إصراراً على نبذ السلاح ورفض استعماله خارج نطاق القانون...
في هذا الوقت: الدولة معطلة والدستور شبه معلّق والكل بانتظار تداعيات ما يجري في المنطقة العربية ككل وما سيجري في سوريا بشكل خاص؛ ويبقى السؤال الكبير: ماذا ينتظر اللبنانيون، أقلّهم أبناء ثورة الأرز، وهل يباشرون ثورتهم الحقيقية لتغيير واقع بلدهم السياسي أم يستكينوا أمام جبروت سلاح المقاومة ويخمدوا جذوة غضبٍ تعتمل في أنفسهم؟
مقاومة السلاح
من المفترض أن الشعب اللبناني بات يئن ألماً جرّاء معاناةٍ طال أمدها بطول زمن الأزمات التي تتاسبق مفاعيلها على الساحة السياسية وليس من أحد في كلا الطرفين بقادرٍ على السيطرة الكلية على النظام. والمفترض أن هذا الشعب، بكامل أطيافه ومواقعه الجغرافية، أصبح في أمس الحاجة إلى انتفاضةٍ كبرى تفرض على سياسييه العودة عن غيّهم وغباء معالجتهم للأمور المعيشية التي تبقى من أولويات أي حكم أو نظام ووقف مهاتراتهم السياسية الشوفينية البغيضة التي ضاقوا بها وبهم ذرعاً.. ولكن كيف؟
إن بقاء سلاح المقاومة في يد حزب الله أصبح بات يُمثّل سلاحاً ميلشياوياً بامتياز يعرّض الشعب اللبناني للانقسام،
واستعمال هذا السلاح وسيلة ضغط لتحقيق مآرب سياسية ويهدد الكيان اللبناني للتفكك.
... . ...
بشائرتململ وتحرك شعبي!
إزاء الأزمات المتلاحقة وتتالي الاحباطات، مؤخراً، أثبت الشعب اللبناني، بخاصةٍ الشباب منهم، أنهم قادرون على إثبات الوجود من خلال تظاهرتهم ومطالبتهم بالحكم المدني. كذلك أثبتت سيدات وفتيات لبنان أنهن لسنَ أقل ثوروية في مطالبتهن بالمساواة القانونية مع الرجال.
التجربتان أثبتتا قدرة الشعب على التحرك... فَلماذا لا يتحرك هذا الشعب الآن.
... . ...
ثورة الأرز الثانية
تحرّكَ الشعب اللبناني بكل أطيافه مجدداً ملبياً دعوة المعارضة الجديدة، يوم 13 أذار في ذكرى انتفاضة ثورة الأرز الأولى،
وحملت شعارات أعاقت استكمال مسيرتها طوال الحقبة المنصرمة، فعَلَت ساحة الشهادة والحرية في تظاهرة كبرى،
ارتاحت من المتزلفين والمحذلقين والمتخاذلين والمارقين والمعيقين لقيام الدولة، فعسى أن تستقيم الأمور ويرجع كلُّ مرتدٍ إلى صوابه ويستجيب إلى مطالب أغلبية الشعب اللبناني في:
1- سحب سلاح المقاومة من أيدي ميليشيا حزب الله ووضعه بتصرّف الجيش اللبناني، تنفيذاً لنصوص اتفاق الطائف.
2- استمرار رفض التخلي عن المحكمة الدولية للوصول إلى قتلة رئيس حكومة لبنان وجميع شهداء ثورة الأرز الأولى وسوقهم إلى العدالة الدولية...
صانك الله لبنان
المجلس الوطني الثورة الأرز / نيوزيلندا
المجلس العالمي لثورة الأرز
0 comments:
إرسال تعليق