أينَ الدّفاعُ المدنيّ مِن صرخاتِ كوارثِ شعوبِنا؟!/ آمال عوّاد رضوان


بموجبِ قرارٍ وزاريٍّ أصدرَتْهُ هيئةُ الأمم المتّحدة بتاريخ 18-12-1990، خُصِّصَ الأوّلُ مِن آذار من كلِّ عامٍ يومًا عالميًّا للدّفاعِ المَدنيّ والحمايةِ المدنيّةِ، إذ يُوافقُ الذّكرى السّنويّةَ لسَرَيانِ مفعولِ القانونِ الأساسيّ عام 1972.
فماذا عن بُلدانٍ عربيّةٍ تضرّرتْ مِنَ الصّراعاتِ الدّاخليّةِ والأزماتِ الخارجيّةِ والحروباتِ المزمنة على مرّ العصورِ، وعانت مِنَ الكوارثِ الطّبيعيّةِ والبيئيّةِ، كالفيضاناتِ والزّلازلِ والحرائقِ والجفافِ ونُدرةِ المياهِ والتّصحّرِ، والكوارثِ الصّناعيّةِ والمشاريعِ التّنمويّةِ كالأمنِ الغذائي، وصراعاتٍ وتهديداتٍ متعدّدة على الشّعب؟

الدّفاعُ المدنيّ ليسَ قوًى وفِرَقًا عسكريّة، إنّما يمُدّ يدَ العوْنِ للمواطنينِ للدّفاعِ عن الوطنِ وحمايتِهِ واستقرارِهِ، بمساعدةِ القوّاتِ المُسلّحةِ وإزالةِ المخاطرِ والأضرارِ التي يُلحِقُها العدوُّ بالوطن، كالقنابلِ والألغامِ والغازاتِ الجوّيّةِ والإشعاعاتِ، وتقديمِ الإسعافاتِ وبناءِ المخابئِ والملاجئِ ومواجهةِ الكوارثِ الطّبيعيّةِ والصّناعيّة.
عام 1931 أقامَ د. جورج سان بول الفرنسيّ جمعيّةَ "ليورد جنيف" في باريس، وعامَ 1958 حُوّلتْ إلى "مرافئ جنيف" كمنظّمةٍ دوليّةٍ للحمايةِ المدنيّة، فانضمّتْ إليها جمعيّاتٌ حكوميّةٌ ومنظّماتٌ أهليّةٌ لحمايةِ السّكّانِ وتعزيزِ مواجهتِهم للحربِ والكوارثِ الطّبيعيّةِ والإشعاعاتِ في السِّلم، وفي موناكو عامَ 1966 أُقِرّتْ نصوصُ القانونِ الدّوليّ الحاليّ كمنظّمةٍ غيرِ حكوميّة، وكارتباطٍ دوليٍّ يربطُ الدّولَ الأعضاء، ودخلَ دستورُ المنظّمةِ حيّزَ التّنفيذِ والمفعول في 1-3-1972، بوصْفِها منظّمةً دوليّةً، لتعزيزِ وتنسيقِ النّظامِ العالميّ وتطويرِ أعمالِ المنظّمةِ ووسائلِها الفنّيّة، مِن أجلِ تداركِ وتخفيفِ نتائجِ الكوارثِ الطّبيعيّةِ في السِّلم أو عندَ استخدامِ السّلاح في النّزاع، وعامَ 1975 سُجّلت المنظّمةُ في أمانةِ الأممِ المتّحدة في نيويورك، وعامَ 1977 وَضعَتِ المنظمةُ الصّياغةَ القانونيّةَ النّهائيّةَ لاتّفاقيّاتِ جنيف.

أهمّ أهدافِ الدّفاعِ المّدنيّ:

*مكافحةُ كافّةِ أنواعِ الكوارثِ وشتّى المخاطرِ بمساندةٍ دوليّةٍ فعّالةٍ على الصّعيدِ العالميّ.

*تعزيزُ دوْرِ أجهزةِ وإداراتِ الدّفاعِ المدنيّ في العالم.

*توطيدُ العلاقاتِ فيما بينَها وبينَ أجهزةِ الإعلامِ المختلفةِ، لتاديةِ الرّسالةِ ولنشْرِ توجيهاتِ وتعليماتِ السّلامةِ والحمايةِ للمواطنين.

*عقدُ ندواتٍ تعريفيّةٍ بالدّفاع المدنيّ وواجباتِهِ ومهامّهِ، وتوزيعُ نشراتٍ ومُلصَقاتٍ توعويّةٍ على المُنسّقينَ والمُؤسّساتِ والمُواطنينَ والمدارسِ والجامعاتِ.

منذ عام 1990 حمَلَ الدّفاعُ المدنيُّ شعاراتٍ حولَ خدماتِهِ وأدوارِهِ المختلفة كحقِّ وواجبِ الجميع، وكجزءٍ مِن البرامجِ المدرسيّةِ، وكأداةٍ تضامنٍ لتطويرِ الحمايةِ المدنيّةِ، وركّزَ على العناصرِ الأساسيّةِ في الدّفاعِ المدنيّ في منْعِ الكوارث وخدمةِ البيئةِ، وأمانِ الوطن وحمايةِ الأرواح والممتلكاتِ والبيئةِ، والخدماتِ التّطوعيّةِ وتحليلِ المخاطرِ لتحقيقِ منْع الكوارثِ بشكلٍ أفضل، في القانونِ الإنسانيّ الدّوليّ وسلامةِ الطّرقِ، والسّلامةِ في موقع العمل وإجراءاتِ السّلامةِ والإنذارِ.

مهامّ الدّفاع المدنيّ:

*الاهتمامُ بزيادةِ وعْيِ الحكوماتِ حولَ الوقايةِ مِنَ الأزماتِ والتّأهّبِ لها بطُرُقٍ مدروسةٍ وفعّالة. تطويرُ قدراتِ السّلطاتِ المَحليّةِ والإقليميّةِ والوطنيّة. تطويرُ مشاريع وقايةٍ تحسينُ جداولَ أعمال. إعدادُ خطّةٍ وطنيّةٍ للتأهّبِ للكوارثِ ولجانِ إغاثةٍ. وضْعُ سياساتٍ وإنشاءُ أنظمةِ معلوماتٍ جغرافيّةٍ وآليّاتِ إنذارٍ مُبكّر، وقدراتِ تحليلٍ وقواعدَ بياناتٍ حولَ الخسائرِ النّاجمةِ عنِ الكوارثِ وتقييمِ المخاطرِ وتفاديها. تنظيمُ استراتيجيّاتٍ وطنيّةٍ لحلِّ النّزاعات.

*تعزيزُ قدراتِ الإشرافِ والقيادةِ لتنسيقِ نهجٍ وقائيٍّ إقليميّ للتّخفيفِ، وتحسينُ منهجيّةِ التأهّبِ والإستجابة، وتأهيلُ كوادرَ ومؤسّساتٍ وتنميةُ قدراتِها المادّيّةِ والتّنظيميّةِ وتقنيّاتِها الوطنيّةِ لإدارةِ الكوارثِ والتّأهّبِ لحالاتِ الطّوارئِ على أفضلِ وجه، وتعزيزُ عمليّاتِ الإنعاشِ بعدَ انتهاءِ الأزمات.

*تعزيزُ التّعاونِ وتبادلِ المعلوماتِ والتّحليلاتِ للتّبليغ عن الأخطارِ والتّحذيراتِ في الوقتِ المُناسب، وإقامةُ شراكاتٍ مع مؤسّساتِ البحوثِ والجامعاتِ ووكالاتِ الأممِ المتّحدةِ وغيرِها مِنَ المنظّماتِ الإنسانيّةِ والإنمائيّةِ ذاتِ الصّلة.

التنفيذُ يتمّ بحَمَلاتِ توعيةٍ حولَ السّلامةِ الشّخصيّةِ في حالاتِ الكوارث، واستستثمارِ البُنيةِ التّحتيّةِ التّكنولوجيّةِ وتطويرِ الدّرايةِ التّقنيّةِ اللاّزمةِ والدّعمِ التّقنيّ، ودعْمِ الأنشطةِ الهيكليّةِ وتخصيصِ الأموالِ اللاّزمةِ لها، لتخفيفِ آثارِ الفيضاناتِ والجفافِ كجزءٍ مُهِمٍّ في استراتيجيّةِ إدارةِ المواردِ الطّبيعيّةِ والإنعاش، ووضْعِ خططٍ لدعْمِ وزارةِ الزّراعةِ في التّخفيفِ مِن آثارِ الجفافِ، والتّعاونِ مع السّلطةِ الاقتصاديّةِ بإدماجِ تدابيرَ السّلامةِ مِنَ الزّلازلِ بطُرقِ البناءِ وتطويرِهِ، وتنميةِ قدراتِها المُؤسّساتيّةِ والتّنسيقيّة لإستباقِ التّهديداتِ والوقايةِ منها ومواجهتِها، لأنّها تُعيقُ التّنميةَ البشريّةَ والاستقرار، وتطويرُ قدراتِ قسم الأرصادِ الجوّيّةِ وتفويضِهِ بإصدارِ التّحذيراتِ مِنَ الكوارث، ليَضمنَ التّقييمَ السّريعَ للكوارثِ والاستجابة لها.

استعراضُ التّفويضاتِ للأقسامِ المختلفة، والتّنسيقُ بينَ الوزاراتِ، وتوزيعُ الأدوارِ والإجراءاتِ اللاّزمةِ المُتّفقِ عليها وطنيًّا.

لكن؛ لو تتبّعنا بلداننا العربيّة لوجدنا:

أنّ مصرَ تُعاني مِنَ الفيضاناتِ المَحلّيّةِ وغمْرِ المناطقِ السّاحليّة، والعراق مُهدّدٌ بالجفافِ والزّلازلِ لندرةِ المياه، وعمّان والعقبة في الأردن مهدّدتانِ بالزّلازل لوقوعِهما على خطّ صدع البحر الميت، وبيروت وطرابلس بلنان معرّضتانِ للزّلازلِ والحرائقِ والفيضانات، ومدينة دمشق في سوريا مهدّدةٌ بزلزالٍ حادّ، واليمن يتعرّضُ لمخاطرِ الزّلازل، والمغرب والسّودان والصّومال بلدان تُعاني مِنَ الفيضاناتِ والجفاف!

وها اليومَ معظمُ شعوب بلدانِنا تثورُ سِلميًّا ضدّ ظُلمِ حكّامِها، مَن مارسوا الاستبدادَ والاستعبادَ والاستغلالَ والقمْع، والدّيمقراطيّةُ المُغيّبةُ عن الوعي تصحو وتنتفضُ مِن سُباتِها، تُطالبُ بحقوقِها وبحياةٍ كريمةٍ ومشاركةٍ حقيقيّةٍ فعّالةٍ في الحياةِ السّياسيّةِ وإدارةِ شؤونِ البلاد، وتحقيقِ العدالةِ السّياسيّةِ والاجتماعيّةِ والاقتصاديّةِ لكلّ شرائحِ الشّعب!

فهل مِن مؤسّساتٍ حقوقيّةٍ دوليّةٍ غربيّة وعربيّةٍ تؤازرُ الحُرّيّةَ ومطالبَ شعوبِنا؟

أينّ يقفُ مجلسُ الأمنِ الدّوليّ وهيئةُ الأممِ المّتحدةِ مِن تطبيقِ المواثيقِ الدّوليّةِ لحقوقِ الإنسان، والتّضامن مع ما يجري اليومَ على أرضِ الواقع؟

أليسَ استخدامُ القوّةِ والقمْعِ ضدّ حرّيّةِ التّعبيرِ عن الرأيِ السّلميّ هو انتهاكٌ وخرْقٌ لحقوقِ الإنسان؟

ما جدوى نشْرِ ثقافةِ حقوقِ الإنسانِ إعلاميًّا مِن خلالِ مناصرةِ حرّيّتِهِ، والمؤسّساتُ الحقوقيّةُ العليا صامتةٌ لا تُحرّكُ ساكنًا؟ ومتى تتحرّكُ؟

CONVERSATION

0 comments: