الغزو قادم .. فماذا أنتم فاعلون أيها الثوار؟/ سعيد الشيخ

تلوح في الافق أجوبة السؤال الذي كنت طرحته في مقالي السابق وهو:"هل تقدم امريكا على غزو ليبيا"؟.
الاساطيل الاميركية بدأت بالتحرك صوب وحول السواحل الليبية، بإنتظار ساعة الصفر التي يحددها "البنتاغون" وحلفاؤه في حلف الناتو من أجل الانقضاض على ما تبقى من نظام معمر القذافي وأبنائه السبعة، ولكي يحصل الشعب الليبي على الحرية التي إفتقدها في ظل النظام، ويصير له نظامه الديمقراطي.
مشهد في غاية الروعة عندما تتسابق الانسانية لنصرة شعب يعاني من قمع الديكتاتورية...ولكن هل هذا هو المشهد الحقيقي الذي يسوّقه الاعلام الامريكي ومعه الاعلام المتحالف من كل جهات الكوكب.
بالنظر الى تاريخ الولايات المتحدة الاميركية فأن الجيش الامريكي لم يتدخل خارج الحدود الا لمصلحة امريكا وحلفائها وعلى رأسهم الكيان الصهيوني... ومصلحتها الآن في ليبيا تتلخص بالنفط. النفط أولا وآخيرا، تماما كما كان الامر في العراق الذي قدم كل الدلائل على عدم ملكيته على سلاح نووي، وهو المبرر الذي وضعته امريكا وحلفاؤها لغزو العراق..وكانت المحصلة الاخيرة التي نعرفها هو الغزو الذي تعزز بعد ذلك بارتكاب المجازر والاعمال الوحشية بحق الشعب العراقي.
وعندما تقول هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الامريكية: "ان دعم الثورات العربية ضرورة استراتيجية لامريكا"، علينا في الشارع العربي ان نتوجّس من غاية هذه الاستراتيجية التي لم تكن في يوم من الايام الا الى جانب العدو الاسرائيلي والتستر على جرائمه المستمرة من خلال سياسة المكيالين.. وآخر ممارسة لهذه السياسة ما زالت ماثلة باستعمال امريكا حق النقض "الفيتو" في مجلس الامن لمنع إدانة اسرائيل بسبب سياساتها الاستيطانية التي تعطّل عملية السلام وتدفع اسرائيل لارتكاب المزيد من الاعمال العدوانية.
ولكي لا يتكرر السيناريو العراقي فلا ينبغي للثورة الليبية ان توفر أبوابا مشرعة لتدخل عسكري امريكي يعبر من خلالها تحت شعارات انسانية. وفي واقع الحال تظل الاهداف هي منابع النفط.. إذ ان جوهر الثورة بالحرية يجب ان يظل ماثلا أمامهم، فلا يمكن في حال من الاحوال إستبدال النظام الديكتاتوري بنظام استعماري تغلّفه وعود الديمقراطية والرفاهية.
ان وعود الديمقراطية للعراقيين كانت وبالا عليهم وما زالوا يكتوون بنارها حتى اليوم. وحسب معطيات كثيرة في التاريخ فأن السياسات الامريكية لا تبحث عن أصدقاء بينها وبين الشعوب الاخرى، بل عن عملاء يؤدون لها مصالحها،وعندما تنتهي صلاحيتهم فأنها تصيبهم بالخذلان وتركلهم الى مزابل التاريخ. أليس حسني مبارك وزين العابدين بن علي وحتى القذافي ومن قبلهم شاه ايران مجرد أمثلة صغيرة؟
حتى الآن نستطيع ان نسجل لثورة الشعب الليبي كل الطهارة المعمّدة بدماء الشهداء،والمطلوب هو المحافظة على هذه الطهارة، والمحافظة على البراءة الثورية التي تنشد الحرية من براثن الديكتاتور.وذلك بأن لا تقع في براثن التدخل العسكري الامريكي الذي لا يحمل سوى قذارة المصالح المتوحشة.
مدير موقع الوان عربية

CONVERSATION

0 comments: