لقد تغاضت الجامعة العربية عن جميع ويلات وكوارث الأمة طوال ستة عقود، ولم تجد هذه الجامعة المفرّقة ما يستحق الاهتمام او التحرك للقيام ولو بمحاولة لحقن الدماء او لمنع عدو من احتلال أرض عربية.
وعندما نقول الجامعة العربية نعني الأنظمة العربية التي أغدقت على مصانع الاسلحة الاميركية والاوروبية اكثر من ٠٠٤ مليار دولار خلال العقدين الاخيرين مقابل اسلحة حديثة اشترتها وفق شروط أبرزها إبقاء هذا السلاح بعيداً عن الحدود الاسرائيلية مسافة ثلاثمئة كيلومتر.. وكل هذا السلاح يتحول الى خردة ويرمى في الصحارى كل عدة سنوات ويجري استيراد غيره.
فجأة شربت الجامعة المفرّقة حليب السباع واستعادت روحها مع الربيع العربي... ساندت نظامي مبارك وبن علي، وبعد سقوطهما اتخذت موقفاً مفاجئاً من نظام القذافي داعية دول حلف الأطلسي الى قصف ليبيا حيث وقع في العاصمة طرابلس وجوارها حوالى ٠٥ ألف قتيل.. وبعد سقوط القذافي استولت الدول الاوروبية على معظم قطاع النفط، وتقاضت الولايات المتحدة مبلغ ٤ ملايين دولار عن كل يوم شاركت فيه بقصف ليبيا.
وبالوصول الى الازمة السورية، وجدنا جامعة عربية جديدة تعطي الانذارات بالايام والساعات والدقائق، تهيمن عليها بداوة اميركية الهوى غربية الاطوار. بعد الهجمة الفضائحية تراجع نبيل العربي أمين عام الجامعة قليلاً وشعر بالذل لما اتخذ من قرارات وتحوّل الى عقلانية تتناسب وسجله الوطني السابق.
لن نتوقف طويلاً عند مهمات المراقبين الذين أوفدتهم الجامعة لان مهماتهم محددة ونتيجة تقاريرهم لن ترضي سوى جهة واحدة حيث يريد كل فريق ان يعمل المراقبون لمصلحته ولأهدافه.
وعندما طالب رئيس حكومة لبنان السابق سعد الحريري بادخال قوات عربية - تركية مشتركة الى سوريا بهدف حماية المدنيين ومساعدتهم على اسقاط النظام، لم يكترث أحد لما قاله الحريري حيث جاء في سياق تصريحات يومية استهدفت الحكم السوري. ولكن عندما يقول أمير قطر الشيخ حمد كلاماً مماثلاً حول ارسال قوات عربية الى سورية تختلف النظرة والوقائع.
هل يدعو الشيخ الكريم الى ادخال الألوية والفيالق الى الاراضي السورية دون موافقة النظام الحاكم؟
هل يقترح ان تكون القوات المزعومة قوات ردع ام للمراقبة ام لحفظ النظام؟
هل يريد الشيخ حمد ان تتصادم القوات العربية والتركية مع الجيش النظامي السوري في معارك طاحنة تضحك لها اسرائيل وأمها الكبرى؟
هل يظن أمير الدوحة ان الجامعة المفرقة قادرة على ايجاد عدد كاف من القوات النظامية لمثل هذه المهمة؟
الأسئلة والتساؤلات كثيرة والأجوبة ضائعة والمطلوب واحد هو الخروج من المأزق الذي زُجّت به سوريا والعمل على تجنيبها حرباً أهلية ستكون انتكاسة جديدة تضاف الى مجموعة الهزائم والكوارث العربية. ان حرباً أهلية او ما يشابهها لن يستفيد منها أحد سوى اسرائيل وأمّها. وواهمون الذين يقومون بادوار وتصرفات سلبية ضد سوريا، لان الشظايا ستطالهم مثل غيرهم اذا طالت الاحداث وتحولت الى حرب أهلية لا سمح الله.
ان تحريض المعارضة السورية في الخارج على رفض الحوار والتمسك بمبدأ اسقاط النظام وتقديم الدعم السخي لهذه المعارضة، كل هذه الامور تذكرنا بالدعم الاميركي للمعارضات العراقية قبل اجتياح العراق وادخال حكام العراق الحاليين على ظهور دبابات بوش حيث انتهى العراق الى ما شهدناه ونشهده حالياً بعد إبادة وتهجير وتشريد نصف سكانه وتقسيمه الى أقاليم متناحرة.
في الداخل السوري، ما زال الكثيرون ينتظرون »صدمة« او مفاجأة يقوم بها النظام أبعد وأقوى من العفو الذي منح للذين شاركوا في الانتفاضة والتظاهرات... ان المتربصين سيرفضون اي تحرك اصلاحي ولكن »الصدمة« المرجوة تعيدهم الى صوابهم، والصدمة لن تكون أكثر من تراجع باتجاه إرادة الجماهير التي بدورها تريد حلاً ومخرجاً عاجلاً بعد عشرة أشهر من توقف العمل في المصانع والمزارع والمدارس في انحاء عديدة من المدن والقرى السورية.
ان الداخل السوري وحده قادر على إيجاد الحل والمخرج بعيداً عن الانتقام والشماتة... الى متى الانتظار؟
0 comments:
إرسال تعليق