في دائرة عقارات الدولة ومديرية التسجيل العقاري
كانت هناك مراسلات أولية بين إبنتي والأمانة العامة لمجلس الوزراء / دائرة شؤون المواطنين والعلاقات العامة تدور حول قطعة أرض تعود لي بموجب قرار هيئة رعاية أصحاب الكفاءات التابعة لديوان رئاسة الجمهورية أواسط سبعينيات القرن الماضي ( العدد / أراضي / 71 بتأريخ 5/5/ 976 ... في حوزتي نسخة من هذا القرار ) . وصلنا في التاسع والعشرين من شهر آب 2011 إيميل صادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء هذا نصّه :
{{ نهديكم أطيب التحيات ...
إشارةً إلى طلبكم المقدّم إلى معالي الأمين العام لمجلس الوزراء المحترم، والمؤرّخ في 2/3/ 2011 ، نود إعلامكم أنه تمّتْ إحالة طلبكم إلى وزارة المالية / دائرة عقارات الدولة ، فأفادوا بالكتاب ذي العدد : 3450 في 1/8/ 2011 ببيان الآتي :
1. بالنظر لعدم توفر معلومات عن العقار ومالكه تمت مفاتحة مديرية التسجيل العقاري في الرصافة الثانية لتزويدهم باستشهاد مفصّل عن العقار ( 542 ) زعفرانية المذكور بشكواكم بالكتاب المرقم ( 7458 ) في 4/4/ 2011 ولم ترد الإجابة إلى الآن .
2. تمَّ التأكيد على الكتاب المُنوّه عنه بالفقرة (1) أعلاه بموجب الكتاب المرقم (12101) في 23/5/ 2011 .
3.طلبت المديرية أعلاه بكتابها العدد (10269) في 24/5/ 2011 تزويدها بالرقم الصحيح للعقار مدار البحث .
عليكم مراجعة هذه الدائرة وتقديم المستمسكات المتوفرة لديكم ليتسنى إجراء اللازم في ضوء ذلك
مع التقدير.
الأمانة العامة لمجلس الوزراءـ دائرة شؤون المواطنين والعلاقات العامة }}.
أخذت صورة ملوّنة من هذا الإيميل قاصداً بادئ ذي بدء مديرية أملاك الدولة الواقعة في شارع الرشيد بين جسر السنك وساحة التحرير في بغداد . عناصر أمن كثيرة في هذه المديرية والعديد من الجنود والجو العام بادي التوتر بدون مبرر واضح . قال لي رجل الإستعلامات إذهب إلى قاعة الإنتظار . وجدت هذه القاعة بعد مراحل من التفتيش المزعج فسألت أحد الشباب الجالسين على منصّة عالية كأنها خشبة مسرح : أُقابلُ مّنْ لمتابعة الموضوع الخاص المتعلق بملكيتي لقطعة أرض في الزعفرانية ؟ عرضت عليه صورة الكتاب الصادر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء وفيه إشارة لرد هذه المديرية عليه تقترح فيه إحالة الموضوع إلى مديرية التسجيل العقاري الرصافة الثانية . كتب لي على قُصاصة ورق صغيرة إسم موظف بعينه وجملة ( يُسمح له بالدخول ) . أخذتها حسب طلبه إلى مسؤول الإستعلامات . طلب مني تسليم جهاز الموبايل وسلّمني [ الباج ] ليتدلى في رقبتي مثل خروف مُعد للذبح . بعد جولة تفتيش ثانية سمحوا لي بالدخول إلى مكتب ذاك الموظف. أخذني الرجل إلى مكتب رجل آخر لينظر في شأني . قرأ كتاب أمانة مجلس الوزراء وسحب بعض الملفات فلم يعثر على أثر لهذا الكتاب. طلب مني مراجعة السيدة ناهدة فزرت مكتبها في الطابق الرابع لكنها كانت في إجازة مرضية . نابت عنها سيدة بالغة اللطف قالت إنها أم صابرين . بحثت في سجل الواردة عن كتاب الأمانة ورد هذه الدائرة عليه فلم تجده. عرضتُ أنْ أتولى بنفسي مهمة البحث بدلاً منها فناولتني السجل مشكورةً . قلّبته حسب التواريخ والأسماء فوجدت أوليات المعاملة مثبّتة بدقة ووضوح . قالت إنها غير مخوّلة بالبت في الموضوع وإنَّ السيدة ناهدة ستستأنف عملها بداية الأسبوع القادم . زرت هذه المديرية للمرة الثانية وأخضعوني لنفس الروتين الممل القاتل من تفتيش وانتظار وتسليم الموبايل وتعليق الباج . في قاعة الإنتظار طلب الشباب مني إنتظار السيد أحمد فهو المسؤول عن القسم الخاص بالسيدة ناهدة . ظهر من فوق المسرح بعد فترة شاب وسيم حاد وجامد القسمات قالوا إنه السيد أحمد . تقدم مني ويداه في جيوب سرواله كأنه نابليون بونابرت . عرضت عليه أمري ففتح التلفون وتكلم مع جهة ثانية ثم طلب مني الكلام مع السيدة ناهدة فتكلمتُ طالباً الإذن لي بالدخول ومقابلتها . تكلمتْ مع الشاب أحمد فكتب لي قصاصة الورق التي تخوّلني القدرة على مراجعتها . المصعد الكهربائي صغير بطئ الحركة ففضلت الصعود إلى الطابق الرابع مشياً . تكلمت بإسهاب مع السيدة ناهدة وكانت متعاونة معي إلى أبعد حد تعرف قيمة ما تقول وتحترم مسؤوليتها . عرفت فيما بعد أنها مسؤولة الأراضي المصادرة والمتنازع عليها . نصحتني بمراجعة مديرية التسجيل العقاري الرصافة الثانية وزودتني برقم وتأريخ كتاب وجهته السيدة قبل شهر لهذه المديرية ولم يصلها الرد حتى ذاك اليوم .
في مديرية التسجيل العقاري / الرصافة الثانية
ركبت التاكسي الأصفر لوناً طالباً مديرية التسجيل العقاري الرصافة الثانية. ماذا وجدتُ هناك ؟ وجدتُ شيئاً لم يخطر يوماً على البال ! الناس بالعشرات وقوف نساءً ورجالاً وفوضى ضاربة الأطناب وصياح هنا وتوسلات هناك وجدالات بين بين . سألت أحد الموظفين أين مكتب الواردة قال قف مع الواقفين في الطرف الآخر خلف حاجز خشبي غير مرتفع . وقفت مع الحشود متحملاً قوة التدافع وثقل ما أسمع من ألفاظ حتى جاءني الفَرَجُ لأجد نفسي أمام فتاة صغيرة السن غطّت وجهها بأشكال الأصباغ والألوان الثقيلة تكلم المراجعين بأنف يابس وإذا قالت شيئاً قالته بهزة أو هزتين من عالي رأسها . سألتها أهذا المكتب الخاص بسجلات الواردة ؟ تبدّلت سحنة وجهها ثم أشارت برأسها صوب الطرف الآخر من الأمكنة التي يشغلها عدد كبير من الموظفين والموظفات . عرضت على موظف الورقة التي تحمل عدد وتأريخ كتاب دائرة عقارات الدولة إلى هذه المديرية وقد مضى عليه شهر دون أنْ تردّ عليه قال شغلتك مع الست خيرية . حاولت الإقتراب من مكان السيدة خيرية لكني كلما دنوت أخذتني الأيدي والمناكب لأجد نفسي بعيداً عنها وخارج السياق . وصلت إليها بعد لآي وعَنتٍ وعناء . كانت السيدة صارمة دقيقة فيما تقول وتفهم دقائق ما تعالج من مشاكل معقدة تختص بالعقارات وسواها . طال إنتظاري حتى لاحظني أحد الشباب من موظفي هذه الدائرة أخذ مني الورقة التي حملتها معي من دائرة عقارات الدولة في شارع الرشيد ثم غاب . إنتظرت في الزحام والهوسة طويلاً حتى لاح أخيراً حاملاً قصاصة ورق فيها رقم وتأريخ ردهم على كتاب عقارات الدولة . هالني ما رأيتُ ! كان التأريخ هو تأريخ يوم مراجعتي لهذه الدائرة أي الثامن والعشرون من شهر نوفمبر 2011 فأين كانوا طوال فترة شهر كامل ولم يردوا على كتاب وردهم من دائرة في بغداد لا من خارج العراق . سألت مَنْ سألتُ أفي الإمكان أنْ أحمل ردهم بنفسي إختصاراً للوقت واقتصاداً بالجهد ؟ أتاني الجواب من أكثر من مصدر واحد كان أقواها وأعلاها نغمة سمعته من تلك الفتاة المتعجّرفة الغارقة بالأصباغ والزينات : راجع المعتمدين ! زودوني بأسماء إثنين من المعتمدين رحت أسأل عنهما فالتقفني أحدهما وقادني إلى تعريشة خارج المبنى كأنها كوخ ريفي بأثاث رث . قلت له أريد أنْ أحمل الرد معي وأتابع الموضوع عن كثب فما رأيك ؟ قال هذا غير ممكن لكنْ إذا أردت السرعة في الإنجاز فأنا مستعد لمساعدتك ! قلت كيف وكم ستكلفني مساعدتك هذه ؟ أجور التاكسي رواحاً ومجيئاً ... قال . ومتى يصل رد هذه المديرية إلى دائرة عقارات الدولة ؟ قال غداً صباحاً بعد العاشرة . أعطيته ـ ثم ندمتُ ـ عشرة آلاف دينار فكان لطيفاً وكريماً وردَّ بأن عرض عليَّ أنْ نأكل الكباب معاً في مطعم مجاور لكني شكرته واعتذرتُ .
إنشغلت كثيراً بعد هذه المسرحية / مسرحية المعتمد والكباب وأرجأتُ مراجعتي لدائرة عقارات الدولة للوقوف على رد مديرية التسجيل العراقي . بعد فترة زمنية غير طويلة حملت نفسي على مضض إلى مبنى عقارات الدولة فالإجراءات هناك أراها لا تُطاق أبداً كما سَلَف وبيّنتُ لكن للضرورة أحكام قاهرة وأحياناً قاتلة . زرت الحجرة الخاصة بسجلات الواردة وعرضت رقم وتأريخ رد التسجيل العقاري على السيّدة الختيارة المسؤولة عن هذا القسم فقامت بالواجب أفضل قيام وزودتني ببعض المعلومات لأحملها معي للسيدة مسؤولة قسم عقارات الدولة والأراضي المصادرة والمتنازع عليها . جلست كالمعتاد في قاعة الإنتظار انتظر رحمة السماء مع إطلالة الجنرال نابليون القاسي النظرات والجامد الشخصية والشحيح الكلام . ظهر هذا الشاب بعد زمن فطلبت منه السماح لي بدخول جنات عَدْنٍ عارضاً عليه ما معي من أرقام وتواريخ أخذها من يدي وقال إنتظر . طال إنتظاري ثم أشرق وسمح لي بالصعود إلى الطابق الرابع . كانت السيدة ناهدة واضحة فلم تطل زيارتي لها إلاّ لبضعة دقائق إقترحت عليَّ زيارة مديرية التسجيل العراقي إياها وتقديم مذكرة أطلب فيها تزويدي بسند طابو لقطعة أرضي . هُرعت للتسجيل العقاري وسلّمت السيدة خيرية نص مذكّرتي فقالت إنتظر ... حسْبَتك طويلة . انتظرتُ ولم أجد مكاناً فارغاً للجلوس . بعد قرابة الساعة والنصف كتبتْ على المذكرة : لم نجد لهذا الرجل سنداً بملكية قطعة الأرض . أعادتها لي ناصحة أنْ أقابل السيدة المديرة . سألتُ سيدة خلتها إحدى الموظفات أين مكتب المديرة فبيّنت لي الطريق لهذه المديرة . لم يطل وقوفي بباب مكتب السيدة المديرة إذْ جاء دوري فعرضت عليها أمري وقرأتْ ملاحظة السيدة خيرية على مذكرتي . وجدتها سيدة محترمة جداً عالية الخلق متشحة كغالبية الموظفات العظمى بالسواد. قالت إنتظر سأعود بعد قليل . عادت لتؤكد ملاحظة السيدة خيرية في أني لا أملك سند طابو وإنَّ القطعة قد إستغلها في غيابي الطويل غيري ! لم تقل إنَّ حكومات البعث صادرتها فهل كان هذا ما حدث أم أنَّ مؤامرة خبيثة دُبرت تحت جُنح الظلام جرّدتني كل ما أملك في الحياة ؟ قيل لي الكثير وسمعت الكثير عما جرى لممتلكات وعقارات وبيوت الناس خاصة تلك العائدة لأخوتنا المهجّرين حيث بيعت أو تم تداولها شراءً وبيعاً ورهناً وإيجاراً حتى ضاعت المعالم وخفيت الحقائق واغتنى مّنْ اغتنى وافتقر مّنْ افتقر وما زالت هذه المذبحة السريّة ـ العلنية قائمةً حتى اليوم . محامون ومكاتب دلالية ومضاربون ووسطاء سوء يترصدون الأراضي الخالية والدور غير تامة البناء لهم شبكات أخطبوطية تنشط في مديريات التسجيل العقاري والمحاكم المختصة تجمع الأخبار والمعلومات الدقيقة من بعض موظفي هذه الدوائر لقاء رشاوى خيالية . هل أنا بحاجة إلى سند طابو أو أنَّ الكتاب التالي يقوم مقامه ويلعب دوره ؟
{{ رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية العدد/ أراضي / 71
هيئة رعاية أصحاب الكفاءات التاريخ/ 5/ 5 / 976
( مبنى وزارة التخطيط )
إلى /
أمانة العاصمة
الموضوع / تأييد
تؤيد هذه الهيئة أنَّ الدكتور عدنان عبد الكريم الظاهر مشمول بقانون رعاية أصحاب الكفاءات رقم 154 لسنة 1974 وقد حصل على القطعة المرقمة (542) 9/11 مقاطعة 2 الزعفرانية .
راجين إجراء ما يلزم لتسجيلها بإسمه مع الإخذ بعين الإعتبار قرار مجلس قيادة الثورة بجلسته المنعقدة بتأريخ 15/3 / 1976 فيما يخصُّ أسعار هذه القطعة ومنع التصرف بها للمدة الواردة بهذا القرار .
مع التقدير.
ع. رئيس هيئة رعاية أصحاب الكفاءات
الدكتور صلاح الدين الشيخلي
نسخة منه إلى /
ـ السكرتارية العامة للهيئة
مُهنّد / .
أليس في هذا الكتاب من قرارات وقوانين تساوي قوة قانونية سند الطابو ؟
لمنْ المُشتكى يا عراق ؟
0 comments:
إرسال تعليق