جمعة دعم الجيش الحر/ محمد فاروق الإمام

عشرة شهور دامية مضت على سورية وغربان حِمام الموت تحصد الأرواح وتستبيح الإنسان والحيوان والشجر والحجر في طول البلاد وعرضها بلا رادع من ضمير أو بقية من إنسانية، وقد فُقدت هذه المعاني من قلوب الكلاب السائبة المسعورة التي أطلقها من عقالها نمرود الشام ورأس غربانها بشار الأسد، تنهش الأجساد بسادية لم تروها لنا كتب التاريخ في كل سوداوية صحافه على كثرتها!!
ولم يكن لهؤلاء الضحايا من ذنب إلا أنهم ينشدون الحرية والانعتاق من الظلمة إلى النور، ولم يكن لهم من معين أو ولي إلا الله و(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) في مواجهة فئة باغية تريد لهم التقلب في الظلمة والديمومة في دياجيرها، يدفعهم إليها طاغوت الشام بكل جبروته وصلفه وتحديه لله الذي توعدهم بقوله: (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
يوم أمس كانت (جمعة دعم الجيش السوري الحر) وقد يأس المتظاهرون على مدار 300 يوم من التظاهر السلمي من جيشهم (حماة الديار)، لينصفهم ويقف إلى جانبهم، في مطالبهم العادلة المحقة فباعهم لنمرود الشام بأبخس الأثمان، وكان فعل جيش حماة الديار على الأرض يؤكد زهده بهذا الشعب، الذي قدم ويقدم له جهد عرقه لأكثر من أربعين سنة يعدّه تسليحاً وعتاداً وتدريباً لملاقاة العدو الصهيوني الغاشم، كي يحرر لهم مرتفعات الجولان التي سلمها الأسد الأب للصهاينة دون دفع أو مدافعة في حزيران عام 1967، ويحمي سياج الوطن ويذود عن حياضه ويتصدى لمؤامرات الأعداء ويفشل مخططاتهم، فكان الناكر للجميل والعاضَّ لليد التي جاعت لتطعمه وتعرت لتكسيه وارتضت الفاقة والحرمان لتزوده بالسلاح والعتاد!!
ولم تجد هذه الجماهير - بعد صبر عشرة شهور من القتل والذبح وانتهاك الأعراض واستباحة البيوت والمقدسات والتهجير – لم تجد بداً من أن تتوجه إلى البديل الذي وجدته في الجيش السوري الحر، الذي آثر الموت والشهادة على أن تمتد يده بالغدر إلى أهله وأشقائه وأبناء وطنه، والذي تمرد على أوامر نمرود الشام وأبى أن يكون إلى جانب الطغيان والاستبداد دون الأهل والعشيرة، ممن ظُلموا وذُبّحوا على يد حماة الديار الذين تحولوا إلى حماية الظالم السفاح ونظامه السادي دون حماية الشعب والأوطان.
لقد كان للجيش السوري الحر وقفة شجاعة إلى جانب الشعب الثائر المطالب بالحرية والكرامة، يدافع عنهم ويصون أعراضهم ويحمي ديارهم، على قلة عدده وما تمكن من حمله من أسلحة فردية، في مواجهة جيش النظام بكل جبروته وآلته العسكرية الجهنمية من دبابات ومدفعية وقاذفات صواريخ وطائرات عسكرية وبوارج حربية، بكل ما تحمل وتقذف من حمم ونيران، إضافة إلى الآلاف المؤلفة من رجال الأمن والشبيحة والعصابات المسلحة من أعوانه ومؤيديه، ضارباً أسطورة في البطولات ما سمعنا بمثلها منذ أيام عز العرب وماضيهم المجيد، حتى غدت أماكن وجودهم حضناً دافئاً يجد فيه الناس الأمن والأمان.
وكان لابد للمجلس الوطني أن يتحرك.. وقد ارتضته هذه الجماهير الثائرة أن يكون ممثلها الوحيد والناطق باسمها والمؤتمن على ثورتها، أن يتوجه نحو هذا الجيش السوري الحر، وقد خاب رجاؤهم في جيش حماة الديار، اهتداء ببوصلة هذه الجماهير التي خصت جمعتها الأخيرة باسمه لدعمه ومؤازرته، وكان المجلس الوطني رهن إشارة هذه الجماهير ومطلبها، فسارع إلى قيادة هذا الجيش الحر لينسق معها ويقف على مطالبا واحتياجاتها، من إعادة تنظيم وهيكلة واعتماد خطة لاستيعاب الجنود والضباط المنشقين، وتشجيع كبار الضباط والعسكريين على الانحياز إلى الجيش الحر وتأمين الطرق الآمنة لوصولهم إليه، فلم يعد لهذه الجماهير من أمل، بعد الله، إلا هذا الجيش الحر في انتزاع الحرية والفوز بالكرامة من براثن هذا النمرود الباغي، ووضع حد لحمام الدم ومستنقع العذابات والآلام!!

CONVERSATION

0 comments: