الحق في التعبير والتغيير/ ولاء تمراز


كتب ولاء تمراز يقول – يعد الحق في حريه الراي والتعبير من حقوق الانسان الاساسية , وهذا الحق يميز الشعوب والدول عن بعضها البعض لا نه سمه هامه من سمات المجتمع الحضاري ونظام هام من انظمة السياسة الديمقراطية لأي بلد , ولهذا السبب فقد كفلت المواثيق الدولية والوطنية , هذا الحق لما يشكله من اهمية بالغة جدا للإنسان الحر , وقد شهد المجتمع الفلسطيني في السنوات السابقة ظاهرة خطيرة في تزايد ملحوظ فيما يتعلق بممارسة المواطن الفلسطيني لهذا الحق في مناطق الحكم الذاتي " مناطق السلطة الفلسطينية " .

وقد تأكد ذلك في النص الاعلامي العالمي لحقوق الانسان ان لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير , ويشمل هذا الحق حريته المطلقة في الآراء دون مضايقة , وفي التماس الانباء والافكار وتلقيها حتى ونقلها الى الاخرين , بأي وسيلة حضارية , ودونما اعتبار للحدود , وعلى الرغم من ان العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تناول حرية الرأي والتعبير والتغيير , الا انه اورد ضوابط وقيدها عندما يتعلق باحترام حقوق الاخرين او سمعتهم , او لحماية الامن القومي او النظام العام او الصحة العامة او الآداب العامة .

أما فيما يتعلق بالقانون الاساسي الفلسطيني , فقد كفل هذا القانون حرية الراي والتعبير والتغير بشكل مفصل في نصوص مواده الوضعية , حيث نص القانون على ان : حريه العقيدة والعبادة وممارسة الشعائر الدينية مكفوله , شريطة عدم الاخلال بالنظام العام , والآداب العامة في المادة 163وايضا , لا مساس بحرية الرأي الفردي او الشخصي , ولكل انسان الحق في التعبير عن رأيه ونشرة بالقول او الكتابة او غير ذلك من وسائل التعبير مع مراعاة احكام القانون كما ورد في المادة 164.

كما اوجب القانون الاساسي احترام الحريات والحقوق الفردية في حالات الطوارئ , حيث جاء ذلك في : لا يجوز فرض قيود على الحقوق والحريات العامة الا بالقدر الضروري لتحقيق الهدف المعلن في مرسوم اعلان حاله الطوارئ في المادة 165, الا ان القانون الاساسي اجاز فرض بعض القيود على ممارسة حقوق الانسان في هذه الحالة , وذلك بموجب مرسوم يصدر عن رئيس السلطة الفلسطينية حيث نص على انه " عند وجود تهديد للأمن القومي الفلسطيني بسبب حرب او غزو اجنبي او عصيان او حدوث كارثة طبيعية , يجوز اعلان حالة الطوارئ بمرسوم واضح وصريح من رئيس السلطة الفلسطينية لمدة لا نزيد عن ثلاثين يوما طبقا للمادة 166 .

أضحت ثقافة التعبير الحر للإنسان والفرد حقا من حقوق الإنسان في نظر الجميع معيارا حقيقيا لكل تقدم واستراتيجية تنموية إن تعزيز هذه الحقوق , حيث يعتبر الهدف العام لكل المجتمع الدولي، وبالتالي لا يمكن ترك أي وسيلة سلمية لمواجهة انتهاكاتها. إن تعليم ونشر الحق في التعبير والتغيير ، في واقع الأمر، يشكل حقا أصيلا من حقوق الناس، وتعتبر مسؤولية الدول في هذا الصدد مسؤولية كبرى في الترويج والتعريف بمبادئ حقوق التعبير والحرية الشخصية وآليات حمايتها ونشر ثقافتها.

إن قيم الإنسان هي ثمرة تفاعل وتواصل الحضارات والثقافات عبر التاريخ وحصاد كفاح كافة الشعوب ضد كافة أشكال الظلم والقهر, وبهذا المعنى فهي ملك للبشرية جمعاء, وفي هذا الإطار لا عالمية مبادئ حقوق الإنسان وعلى الترابط الوثيق بين الحقوق المدنية والسياسة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق التضامنية، وعلى اعتمادها المتبادل على بعضها البعض وعدم قابليتها للتجزئة، وحتى حقوق المرأة هي جزء أصيل من منظومة الحرية الشخصية, كما أن الخصوصية الثقافية والحضارية التي ينبغي الاحتفاء بها باعتبارها حقا من حقوق حرية الإنسان ـ هي تلك التي ترسخ شعور الإنسان بالكرامة والمساواة، وتعزز مشاركته في إدارة شؤون بلاده، وتنمي لديه الإحساس والوعي بوحدة المصير مع الإنسان في كل مكان ولا تتخذ ذريعة لتهميش الفرد وتكريس الوضع المتدني ، وإقصاء الآخر بسبب أي اعتبارات دينية أو ثقافية أو سياسية أو التملص من الالتزام بالمواثيق الدولية. والتعليم والتربية على حقوق التعبير بحرية مازال في بدايته ببلادنا العربية !! إذ ما زلنا في بداية الدرب وطور بلورة استراتيجية في هذا الصدد وإعداد البنية التشريعية والقانونية والتنظيمية والهيكلية لهذا النوع من التعليم لذا يكتسي موضوع التعليم على حرية الإنسان أهمية بالغة بالنسبة لكافة المواطنين ولمستقبل الأجيال في الظروف الراهنة التي أصبحت فيها حرية الإنسان ركنا أساسيا في بناء المجتمع وديمومته.

إن تعبير تعليم حرية الإنسان يعني كل سبل التعلم التي تؤدي إلى تطوير معرفة ومهارات وقيم الإنسان عن رأيه فيما هو مقتنع فيه , ويتناول تعليم حرية الإنسان تقديم المتعلم وفهمه لهذه الحقوق ومبادئها التي يشكل عدم مراعاتها مشكلة للمجتمع . ويعني هذا التعليم بالجمع بين النظر إلى المحيط، ويركز بالضرورة على الفرد من منظور اكتسابه المعرفة والقيم والمهارات التي تتعلق بتطبيق وتكريس قيم الحرية الإنسانية في علاقة الشخص مع أفراد عائلته ومجتمعه مع اعتبار المضامين الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية.

إن احترام حقوق الإنسان هو مصلحة عليا لكل فرد وجماعة وشعب والإنسانية جمعاء، باعتبار أن تمتع كل فرد بالكرامة والحرية والمساواة هو عامل حاسم في ازدهار الشخصية الإنسانية وفي النهوض بالأوطان وتنمية ثرواتها المادية والبشرية وفي تعزيز الشعور بالمواطنة كاملة غير منقوصة , فلا يكفي ترديد مبادئ حرية الإنسان وانتظار من الناس أن تتبناها، بل يجب ربط هذه المبادئ بالحياة اليومية والثقافات المحلية لتبيان أن تبنيها سيساعد في تحسين التواصل والتفاهم والتسامح والمساواة والاستقامة , فلا يمكن تعليم حقوق حرية الإنسان في فراغ، بل لا مناص من تعليمها من خلال تطبيقها وتكريسها مباشرة على أرض الواقع وفي هذا الصدد إن تعليم حقوق الإنسان في فراغ دون ربطه بالواقع المعيش من شأنه أن يؤدي إلى التعرف السطحي على حقوق لا يمكن تحقيقها حاليا الشيء الذي قد يؤدي بدوره إلى عكس المنتظر.

أما التربية على المواطنة فتعتمد حقوق الإنسان السياسية وثقافة الديموقراطية والتنمية والتسامح والسلم الاجتماعي. وفيما يخص التربية ذات البعد العالمي، فإنها تعتمد على فهم التعاون والسلام العالمي ومبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية. في حين تسعى التربية على التعامل مع وسائل الإعلام لتطوير قدرة الطفل أو الشاب على فرز وتحليل المعلومات التي تبثها وسائل الإعلام وتدريبه على بلورة تفكير نقدي في المناقشة والبحث على الوقائع والدلائل وتثمين وتقييم عواقب مختلف الإعلانات المذاعة والأعمال المنجزة.

فلا مجال إذن عن بلورة استراتيجية خاصة بتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها، وعلى هذه الاستراتيجية تبيان كيفية تجدير مبادئ حقوق الإنسان وسط المجتمع على المدى القصير والوسائل المعتمدة الموصلة لذلك. ولعل أول ما يجب الإقرار به هو اعتماد حقوق الإنسان كمادة وتحديد نسبة زمنية مخصصة لها ضمن استعمال الزمن الإجمالي للبرامج، لكن كمادة مصممة لتتداخل مع جميع المناهج الدراسية وأن لا تبقى كمادة ثانوية للديكور فحسب. وهذا هو الإطار العام والحد الأدنى من الشروط الكفيلة بتحويل مادة حقوق الإنسان إلى مادة لها خصوصيتها وقيمتها شأنها شأن المواد الدراسية الأخرى. كما أن لوسائل الإعلام دورا حيويا وجوهريا في هذا الصدد إذ عليها أن تساهم فعلا وفعليا في خدمة التربية والتثقيف في مجال التربية على حقوق الإنسان والديموقراطية، وذلك عبر منهجية شاملة تربط بين المعرفة والوجدان والأداء. وبهذا المنظور يمكن لتعليم حقوق الإنسان والتربية عليها أن يتطور ليصبح حقلا تربويا كاملا ونهجا لدراسة أوضاع المجتمع وبنائه، لاسيما وأن هناك علاقة وثيقة بين عدم احترام حقوق الإنسان وتفشي الفقر والفساد.

في النهاية : يريد المواطن الفلسطيني دولة فلسطينية مستقلة تعزز فيها سيادة القانون والمساواة , وتحترم فيها حقوق الانسان وحريات جميع الافراد , بعيد عن الشللية والكوتات والمحسوبيات والعائليات ...انتهى .

CONVERSATION

0 comments: