الأربعــاء الثــالــث من شهر أغسطس / آب عام 2011 يـــومٌ تـــاريخيٌ حيٌ .../ أنطـــونـــي ولســـن

الأربعاء الثالث من شهر أغسطس / آب عام 2011 يومٌ تاريخيٌ حيٌ سُطرت حروفه من نور ونار .
نعم هو يومٌ تاريخيٌ حيٌ عايشناه نحن من عايش تاريخ ثورة يوليو 1952 حتى هذا اليوم العظيم ، يوم محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك وولديه علاء وجمال ، وعايشه ويعيشه شباب مصر الثورة التي أصبحت هي الخطوة الأولى المقدسة لتحويل مصر والعالم العربي وغير العربي الذي يحكم من قبل حكام لا حب لهم لأوطانهم ولا لشعوبهم وإنما هم مصاصي دماء شعوبهم ولصوص قوتهم إلى دول تدار شئونهم بأبناء بلادهم بدستور يحقق الحق و العدل والمساواة بين جميع أبناء الوطن الذي يدير شئونهم أفراد من الشعب لهم مدد محددة بعد إنتخابات حرة يمكنهم بعد ذلك الترشح لمدة أخرى والشعب هو الحكم الذي يقرر إن فوافق على إعادتهم مرة أخرى أو إنتخاب أخرين يرى فيهم الكفاءة والقدرة على أخذ الوطن خطوة أو خطوات إلى الأمام وليس التقهقر والتخلف والإهمال الذي سببه الحكم اللانهائي والذي يظن فيه الحاكم أنه إله يحكم إلى الأبد .
الرئيس السابق مبارك وصل إلى الحكم دون إستشارة الشعب ولا أستطيع أن أتكهن لو أن الشعب كانت له الكلمة في الأختيار كان قد إختاره أم لا . لأننا منذ ثورة يوليو ورؤساؤنا يستمرون في الحكم عن طريق الإستفتاء لا الأنتخابات وكانت النتائج دائما 99.9% ومن الطبيعي أن الكلمة كانت دائما للرئيس أما الشعب فلا مكان له من الإعراب .وعندما قرر الرئيس السابق مبارك أن يكون بقائه على الكرسي مقرون بإنتخابات حره لدرجة إنه سمح بأخرين بالترشح أمامه في رئاسة الجمهورية وكان الأمر واضح أنه لا منافس ، وعندما ظهر المنافس في شخص الدكتور أيمن نور في إنتخابات 2005 لُفقت له التهم وأدخل السجن لينال جزائه على تطاوله ومنافسة السلطان الواحد الأحد .
بل أن الأمر لم يقتصر على إنتخابات رئاسة الجمهورية ، لكنه شمل أيضا إنتخابات مجلسي الشعب والشورى حيث إستطاع الإخوان على الرغم من أنهم كانوا الجماعة المحظورة على الحصول على 88 مقعدا والذي يعتبر إكتساحا حقيقيا ليكونوا الجبهة المعارضة الوحيدة في البرلمان بغض النظر عن ألأسلوب الذي إستخدموه مع أبناء الشعب البسطاء مستخدمين الدين كوسيلة إقناع لإنتخابهم وليس البرنامج الواضح المحدد الذي يوضح ما سيقدمونه لهؤلاء البسطاء لرفع مستوياتهم المعيشية والصحية مما أوصل مصر إلى ماهي عليه ، جماعة تريد الوصول إلى الحكم ليس لخدمة الوطن ولكن لتكون لهم القوة والسلطان ، يقابلهم جماعة الرئاسة التي لا هم لهم سوى بيع الوطن لمن يدفع وإهمال الإنسان إهمالا أدى إلى إنتشار الرشوة والفساد إلى مايزيد عن 400% وإنتشار الأمراض الفتاكة على مختلف أنواعها دون وجود مستشفيات أو أطباء لمعالجة المرضى . إنتشرت الأمراض السرطانية بسبب إنتشار الزراعات المسرطنة . كل هذا وأكثر يحدث للشعب المصري دون وازع أو ضمير والناس تعاني ولا من معين .
زاد الطين بلة تسخير الشعب وموارده للتوريث مما دفع بالبعض وأنا منهم أن نتمنى أن تعود الملكية ليصبح السيد جمال مبارك ملكا على مصر وتكون زوجته السيدة خديجة ملكة أيضا ولا فارق بين كلمة ملك ورئيس جمهورية فكلاهما يبقى إلى أن ينتهي العمر ، ولا فارق بين ملكة وسيدة مصر الأولى فكلتاهما تعيش في قصور ملكية ولهما خدم وحشم لم يكن لدي ملكات مصر في السابق ما لسيدات مصر الأوائل إن كان في عهد السادات أو مبارك .
جماعاتان تعملان على هدم وخراب مصرإحداهما تريد الوصول إلى الحكم والسلطة ، والأخرى تستمر فيما تفعل دون خوف أو وازع أو ضمير وفي الوسط شعب يعاني وقد ضاع منه الطريق ولا يعرف إلى أين المسار الصحيح بعد أن أصبح أقصى ما يتمناه الواحد منهم رغيف عيش يقف في الطابور لساعات ويموت البعض منهم قبل أن يحصل عليه . شعب يبحث عن قطعة لحم يطبخ عليها لقمة دسمة ولا يجدها لأنها أصبحت من الممنوعات بالنسبة لهم حتى لحم الحمير النافقة باعوها بأسعار أيضا لا يستطيع إبن البلد الفقير أن يحصل على قطعة منها .
يموت أبناء مصر إن كان في قطار أو عبارة أو غرقى ولا من يرحم ولا من يهتم لا من الجماعة التي تركز على أتباعها ، ولا من الحاكم والحكومة البعيدين عن الشعب بعد السماء عن الأرض مع إختلاف أن ساكن السماء دائما وأبدا يرعى من على الأرض . وهذا ما حدث في الخامس والعشرين من شهر يناير هذا العام 2011 فقد أنار الله بصيرة شباب وشابات مصر الذين إستخدموالتكنولجيا الحديثة في التواصل والتفاهم والإتفاق على شيء واحد وهو رحيل مبارك وقد تم لهم ذلك .
المحاكمة التي عقدت في الثالث من شهر أغسطس / آب هذا العام 2011 كانت من أجل شهداء ومصابي الثورة فيما سمي بموقعة الجمل والمتهم فيها الرئيس السابق بتهمة إعطاء الأوامر للتخلص من الثورة وشاركه كل من ولديه الأكبر علاء والأصغر جمال .وقام بالتنفيذ ، أو هكذا يتهم وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعدوه .
قبل المحاكمة تراهن الشعب على أن مبارك لن يدخل قفص الإتهام في محاكمة علنية . لكن قد تم نقله إلى أكاديمية الشرطة وظهر بالفعل راقدا على سرير طبي داخل قفص الإتهام ومعه ولديه واقفين أحدهما علاء ممسكا بين يديه بالقرآن الكريم والأخر جمال واقفا ينظر بنظرات بلهاء محاولا أن يبدو غير مباهى وبغطرسة لا تصدر إلا من إنسان فاقد الشعور بالمسئولية وأنه فوق الجميع . هذا الشعور إنتابنا جميعا ونحن مشدودون لشاشة التلفزيون نتابع محاكمة القرن وكل القرون السابقة . لكن ...
لكن هل هذه كل التهم الموجهة لهذه المجموعة من البشر الغير آدميين ؟ الحقيقة لا .. مصر قد تم القضاء عليها على أيدي هؤلاء السفاحين . مصر فقدت في عهد المخلوع أهم صفة إتصفت بها وهي المحبة والتسامح والأخاء بين أبناء مصر ورمضان خير شاهد على ذلك . مصر فقدت الأمن والأمان وأصبحت البلطجة جزء أساسي من أسلوب الحياة الذي أوجدته عصابات الحكم لحماية أنفسهم من غضب الشعب . مصر لم تعد في عهد الرئيس السابق الدولة التي كان يعمل حسابها بين الدول ذات الصفات المشرفة . مصر لبسوها الحجاب والنقاب والجلبية والقبقاب وقالوا لشعبها إرتع في الفساد فأنت محصن بما ألبسناه لأمكم مصر. مصر باع رئيسها المخلوع الغاز لإسرائيل وشعبه لا يستطيع شراء أنبوبة غاز . مصر رئيسها سمعنا أنه كان يتاجر في الأسلحة وهي تجارة محرمة دوليا . مصر علاء الإبن الأكبر إشترك في بيع أرضها ومواردها الصناعية للغير نظير نسبة مشاركة . مصر إتفق جمال إبن الرئيس السابق مع اصحاب الأعمال على أن يكونو مقربين إليه وأطلق أيديهم لتدمير إقتصاد مصر .
مصر ترك الرئيس السابق الحبل على الغارب لوزير داخليته ليصول ويجول في حرية تامة يفعل ما يشاء في الشعب المصري يسجن من يشاء ويقتل من يشاء وقد شملت جرائمه المسلمين والمسيحيين على السواء ... وهناك الكثير والكثير مما تسبب به حكم الرئيس السابق مبارك وحكومته وولديه مما أوصل مصر إلى ماهي عليه الأن .
ومع هذا من كل قلبي أتمنى على القاضي الذي سينطق بالحكم على الرئيس السابق محمد حسني مبارك إذا ثبتت إدانته بأي حكم تراه المحكمة أن يشمل النطق بالحكم بعد إعلان الحكم بجملة " مع إيقاف التنفيذ نظرا لحالته الصحية " .
وهذا يأخذني بالعودة إلى الجملة التي كتبتها في بداية المقال " الأربعاء الثالث من شهر أغسطس / آب عام 2011 يومٌ تاريخيٌ حيٌ سطرت حروفه من نور ونار " . وهذا ما جعلني أكتب طالبا " مع إيقاف التنفيذ " إذا أدين الرئيس السابق . لأن هذا اليوم يوم مقدس يجب أن تأخذنا الرحمة قبل الإنتقام لأن سطوره كتبت بحروف من نور والنور غير الظلمة ففي النور تمتليء القلوب بالمحبة والتسامح . وهذا ما أتمناه على الشعب المصري أن ينير قلوبهم بنور المحبة والتآخي والنظر إلى الأمام لإعادة لمصر روحها السمحة والعمل من أجل أن تأخذ مكانتها التي تستحقها بين الدول المتقدمة . ونار ستلتهم الجميع إذا غمر قلوب المصريين الحقد والكُره والبغضاء والتواكل وعدم الإكتراث والأنانية وحب الذات وتسليم أنفسهم لمن يقودهم إلى الدمار والخراب حتى لو إتخذو من الدين .. أي دين وسيلة وصول إليكم .

CONVERSATION

0 comments: