إن المرأة المصرية منذ فجر التاريخ وهي شريكا ومعينا للرجل ، فقد شاركتة الحياة وقاسمتة المعاناة من فلاحة الارض الي تبوء اعلي المناصب السياسية وتولي الشؤن الادراية في الدولة الفرعونية ، فكانت الفلاحة المصرية وكانت حتشبسوت ونفرتيتي وكليوباترا ، إن التميز ضد المرأة لا علاقة لة بالبيئة المصرية التي عرفت الزراعة ومن ثم المشاركة الكاملة بين الرجل والمرأة ، وأسست اول دولة مركزية مستقرة في القرن الثالث قبل الميلاد ، وانما هو دخيل علي البيئة المصرية نتيجة الغزوات والاحتلال من مختلف الشعوب والاعراق التي تحتقر المرأة والتي لم نسمع بها عن امرأة قيصرية حكمت روما ولا عن امرأة كسراوية حكمت فارس لاكن سجل التاريخ اسماء مصريات حكمن الدولة المصرية بأحرف من نور مثل كليوباترا .
لقد ساهمت المرأة في صناعة تاريخ مصر منذ نشوء الدولة المصرية قبل الميلاد وما تزال ، ورغم ان دورها في ثورة ٢٥ يناير سجلة التاريخ في ميدان التحرير وفي مشرحة زينهم ومازال يسجلة امام المحاكم العسكرية (مثول المصرية أسماء محفوظ أمام المحكمة العسكرية) ، رغم كل هذا إلا ان المرأة المصرية حتي الان لم تجني من ثمار تلك الثورة إلا المزيد من التهميش والاقصاء في شتي مجالات الحياة لدرجة ان القوانين والتشريعات التي حصلت عليها بعد نضال مرير في فترة ماقبل الثورة نرها الان تتأكل ، نتيجة محاولات إلغاء قوانين الاسرة والطقل وتحطيم ملصقات "لا للختان" وتعليق لافتات "نعم للختان "فى بعض المحافظات وغيرها من محاولات الهجوم الشرس علي حقوق المرأة ومكتسباتها القليلة.
ولا شك في ان حالة الاستقطاب السياسي الشديد التي تسود الساحة السياسية المصرية بعد الثورة ، بالإضافة الي انتشار حالة الفوضي والعنف (البلطجة) قد ساهمت ايضا في تحجيم قدرة المرأة علي المشاركة السياسية ، مما حدا بمركز الإسكندرية لصحة وتنمية المرأة للقيام بإجراء بحث يهدف إلي معرفة أسباب عزوف المرأة عن المشاركة السياسية ورؤيتها بعد الثورة والوقوف علي مدي ثقة المرأة في التغييرات التي أحدثتها ثورة يناير، وعن مدي الغبن الذي تشعر بة المرأة المصرية بعد الثورة تقول الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح " ان المرأة لم تحصل على حقها بسبب مبدأ الذكورية الذي يسيطر على المجتمع حتى الآن " وأشارت الي أنه "يكفي انتهاك حقوق المتظاهرات باختبار فحص العذرية يوم 19 أبريل الماضي "
وتشير بعض التقارير المعنية بحقوق المرأة الي مدي تراجع دور المرأة المصرية بعد الثورة حيث لم يقتصر الامر علي تهميش المرأة وضعف تمثيلها سياسياً في الأحزاب والحكومة ومواقع صنع القرار فحسب ، بل تعداها الي العنف ضد المرأة نتيجة لحالة ألإنفلات الامني الي درجة انة تم رصد 94 حادثة عنف ضد المرأة منها 51 حالة قتل و 11 حالة إصابة و 15 حالة إغتصاب و 5 حالات انتحار و12 حالة إختطاف , كل ذلك في الستة أشهر ألاولي فقط من العام الجاري ومازالت الامور تسير نحو الاسوء ، حيث اوضح مركز أولاد الأرض لحقوق الإنسان في احدث تقاريرة ، ان حالات العنف ضدة المرأة قد ارتفعت بصورة حادة بعد الثورة ، وكانت النسبة الاكبر هي العنف الاسري حيث وصلت نسبة قتل النساء لشبهة سوء السلوك او مايعرف بجرائم الشرف الي 59.4% من إجمالي حوادث العنف خلال النصف الاول من العام الجاري ، واحتل الإغتصاب المرتبة الثانية بنسبة 20% في جرائم العنف ضد المرأة.
إن المرأة المصرية تنتهك حقوقها وتتعرض للعنف والاعتداء ليس في البيت فقط ولاكن في الاماكن العامة وحتي في الجامعات المصرية والتي من المفترض ان توفر للمراة اعلي درجات الحماية ضد العنف , فقد تم رصد بعض حالات الاعتداء علي المرأة الجامعية ، كما حدث في حالة تعرض الطالبة سمية أشرف ( بالفرقة الرابعة جامعة الازهر فرع الزقازيق) للأعتداء من قبل الحرس الجامعي عليها وعلي زميلاتها مما أدي الي اصابتها بنزيف داخلي بالبطن (المفترض ان الحرس الجامعي يعمل لحماية الطلبة وليس للاعتداء عليهم) ، ولم يقتصر الاعتداء وممارسة العنف ضد المرأة علي الطالبات الجامعيات فقط ، بل تعداها ليصل الي الاستاذة الجامعية ايضا وتم رصد بعض حالات الاعتداء عليهن داخل الحرم الجامعي ، كما حدث في حالة تعرض الاستاذة الجامعية د.نوال حامد رئيسة فسم الجفرافيا بكلية الآداب جامعة الزقازيق لسب والشتم ثم الضرب امام طلبتها وعلي يد رجل .
وإذا كانت مثل هذة الانتهاكات الصريحة لحقوق المرأة ولحقوق الانسان بصفة عامة حدثت في عصر النظام البائد ، فهذا بلا شك كان من ضمن اسباب اندلاع ثورة ٢٥ يناير التي قامت لتخلص الشعب المصري من الظلم والفساد وتضع حد لانتهاكات حقوق الانسان المصري ، غير ان هذة الانتهاكات الصارخة لحقوق المرأة وحقوق الانسان لم تتوقف بعد وما زالت مستمرة حتي الان ، حيث تعرضت أمراة مصرية للسب والاعتداء ليس في الشارع العام ولا في ميدان التحرير كي تلقي التهمة علي البلطجية (هذا المصلح الهلامي المبني للمجهول) كالعادة ، ولاكن وصل انتهاك حقوق المرأة الي مكتب رئيس الوزراء د. عصام شرف ،
عندما قام أحد ضباط الحراسة فى مجلس الوزراء "نائب مدير الأمن بمكتب الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء"، بالاعتداء بالضرب على المواطنة أمل رمضان سكرتيرة نائب رئيس الوزراء صفعاً على الوجه وركلاً بالأقدام وبالالفاظ النابية والجارحة ، وذلك أمام مكتب رئيس الوزراء ، مما دفعها للقول "النهاردة بس عرفت أن اللي بيشتغل في مكتب رئيس الوزراء لازم يكون بلطجي، ويتعامل مع الناس ببلطجة".
إن المشوار ما زال طويل امام المرأة المصرية حتي تقترب من السقف المقبول عالميا لحقوق المرأة ، فهناك العديد من القوانين المجحفة في حق المرأة تحتاج الي إعادة النظر مثل قانون وقف معاش المرأة في حالة زواجها ، كما يجب إعداد قوانين رادعة لحماية المرأة من كل أشكال العنف والتي تنعكس بالسلب علي الاسرة والاطفال ومن ثم علي المجتمع ، كما أن المراة المصية تحتاج لتفعيل القوانين والتشريعات علي اساس مبدأ المواطنة والمساواة الكاملة كما تفعل الدول الديمقراطية ، مثل المادة السابعة من الاعلان الدستوري الذي اقرة المجلس العسكري الموقر والتي تنص علي أن " المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ".
فهل تحصل المرأة المصرية علي حقوقها الانسانية التي تمكنها من المشاركة في الحياة السياسية ومراكز صنع القرار ؟ وهل تحصل المرأة علي عدد مقاعد في البرلمان القادم يوازي او يقترب من نسبة تمثيل المراة في المجتمع المصري ؟ أم تصبح المرأ ة هي كبش الفداء للثورة المصرية ؟.. هذا ما ستجيب عنة الايام القليلة القادمة حيث الانتخابات البرلمانية ثم استحقاق الانتخابات الرئاسية .
الباحث. نبيل عواد المزيني
رئيس مركز المزيني للدراسات والابحاث
0 comments:
إرسال تعليق