وقفات على المفارق... مع الأفول!/ سعيد نفاع

الوقفة 1: يأفل النجم إذا غاب ويأفل إذا تهاوى شهابا ضائعا في الفضاء الواسع، واستعار البشر النجوم والأفول ربّما لتشابه في المصائر. فنجومهم تأفل إذ تغيب وتأفل إذ تتهاوى مخلفة وراءها شهبا تطول وتقصر حسب نوع النجم ومركبات بنيانه الكيماويّة ضررا أو نفعا، ويبدو أننا في عصر أفول النجوم الأرضيّة تهاوٍ وتباعا وتركيبا كيماويّا وآخرها القذافي !
الوقفة 2: هل أفول نجم الأسد أفضل لإسرائيل !؟
عطفا على الوقفة الأولى وحتى لا يُساء فهمي فتقديري أن نجم الأسد لن يتهاوى وما دام مدعما بمسيرة الإصلاح ولأسباب أخرى ليست موضوعنا هنا، أمّا موضوعنا:
أتخمنا الكثيرون ممّن تناولوا الشأن السوريّ بوجبات غريبة المذاق عسيرة على الهضم "مَعِديّا" ودماغيّا، فيتاميناتها أن النظام السوريّ وقائده هم الأفضل وجودا لإسرائيل، فمقاومتهم وممانعتهم ما هي إلا شعارا فارغا والدليل أن جبهة الجولان "مراح للغزلان"، وما المواقف الأميركيّة ضدّ سوريّة إلا مناورة وذرّا للرماد في العيون، وقد بزّ كل هؤلاء بعض "أصدقاء وأحباء الأمس" عند سوريّة، قبل أن يُصابوا بعمى الألوان إلا الأخضر منها.
وحيث أن أهل البيت أدرى بما فيه وأهل مكة أدرى بشعابها، جاءت مراكز الأبحاث الإسرائيليّة ل"تبصق" في وجوههم وأيّما "بصقة"، فقد نشر "مركز أورشليم للأبحاث السياسيّة" بحثا تحت عنوان: "الانتفاضة السوريّة، التأثيرات على إسرائيل" أعدّه البروفيسور أيال زيسر الذي يُعتبر مرجعا في الشؤون السوريّة في إسرائيل، وجاء مطابقا مع موقف رئيس الموساد السابق مئير داغان الذي كان أكّد مؤخرا على أن سقوط نظام البعث في سوريّة هو الأفضل بالنسبة لإسرائيل، وجاء في البحث بين ما جاء:
"إن في حال صعود المعارضة إلى سدّة الحكم في سوريّة فإنها سوف تدفع باتجاه إبعاد دمشق عن إيران وحزب الله اللبناني، إضافة إلى أن رموز هذه الحركة من خلال علاقاتهم مع النخب الأردنيّة والسعوديّة والنخب التركيّة، والأميركيّة والغربيّة الأوروبيّة، سوف يعملون باتجاه بناء أفضل الروابط مع أميركا وبلدان أوروبا الغربيّة. وإذا أضفنا إلى ذلك الحقيقة القائلة أن دمشق البديلة سوف تكون دمشق الضعيفة، فإن خيار صعود المعارضة السوريّة هو الأفضل لإسرائيل." وأضاف البحث:
"في مصر كان النظام داعما للمصالح الإسرائيليّة، وبالتالي كانت واشنطن وإسرائيل أكثر حرصا على دعم استمراره. في سوريّة النظام الحالي هو الخصم الرئيسي لإسرائيل، والعقبة الرئيسيّة أمام صعود قوة إسرائيل كطرف مهيمن على الشرق الأوسط، وبالتالي فإن إسرائيل وواشنطن سوف تظلان أكثر حرصا على دعم عدم استمراره". وزاد:
"أنه في مصر تزايدت قوة المعارضة بما أصبح من غير الممكن عمليّا لإسرائيل وواشنطن دعم بقاء الرئيس السابق حسني مبارك. في سوريّة النظام قوي والمعارضة ضعيفة، والمطلوب أن تسعى إسرائيل وواشنطن لجهة دعم المعارضة الداخليّة والخارجيّة بما يجعل منها عمليّا أقوى من النظام".
لله درّ الدولار الأخضر فرغم أنه يتهاوى في بورصات العالم، إلا أن له سحرا على بعض العرب لا يقاوم خصوصا وعليه مكتوب "في الله نحن نثق"!!!
الوقفة 2: هل أفل نجم السيّد !؟
في شبابنا المبكّر كانت تخلو حارات قرانا من الناس لسماع خطابات عبد الناصر عبر الراديوهات وكل كلمة قالها وجدت طريقها سلسة إلى القلوب، وراح عبد الناصر وراحت من حياتنا هذه الظاهرة. عادت إلينا عندما سطع نجم نصرالله وخصوصا خلال وبعد حرب تموز 2006 على لبنان، فإذا بساحاتنا تعود لتخلو والفارق هذه المرّة كذلك لمشاهدة الرجل عبر الفضائيّات، وما زال الرجل موجودا وأطال الله في عمره ويخطب وله موقف واضح وضوح الشمس من سوريّة. فما الذي "حدا ممّا بدا" حتّى أفل نجمه "السوريّ" عند البعض ممّن كالوا التهم حينها لكلّ من جرؤ على إبداء حتى ملاحظة على أقواله؟!
أو ربّما كان فاتهم حينها وفطنوا فقط مؤخرا لشكل العمامة التي يعتمر الرجل؟!.
الوقفة 4: هل نجم الجزيرة إلى أفول؟!
رحم الله محمد الماغوط ونهاد قلعي (حسني البرزان) فلا تجوز على الأموات إلا الرحمة، إذ أفادانا أنه "إذا أردنا أن نعرف ما في الضيعة فعلينا أن نعرف ما في البرازيل". كان المرء عند بعضٍ كبيرٍ إذا جرؤ أن يبدي رأيا في "الجزيرة" فكأنه يكفر بالله ورُسله، فإذا بعدد "الكفار" مؤخرا يزداد وباضطراد، خصوصا وبعد أن وصلوا إلى أنه : "إذا أردت أن تعرف ما في الجزيرة واجتهادات بعض عامليها فما عليك إلا أن تعرف ماذا يقول يعري وبن عامي ويحزكيلي في القنوات الإسرائيلية" !

CONVERSATION

0 comments: