يبدو ان الغرائز والحزازيات الشخصية او حتى يمكن القول الحقد ،اخذت تتحكم بقياديي حزب العمال، والذين كما يبدو لم يتعلموا من الخسارة المدوية لزملائهم في انتخابات آذار الماضي في نيو سوث ويلز، وحتى خسارتهم في الانتخابات الفيدرالية العام 2010 ، والتي اتت على الاكثرية النيابية للحزب الذي اضطر لتشكيل حكومة اقلية مع ثلاثة من النواب المستقلين، ومع ذلك وبدل ان ينصرفوا الى ادارة شؤون البلاد وتعزيز حظوظهم بالفوز بالانتخابات القادمة اصبح التسرع والهلع يتحكم بهم وبسياستهم مع ظهور اي استطلاع للراي.
بالأمس ظهر الى العلن ما كان يدور في الغرف المغلقة، حيث بدأ تعداد الاصوات المؤيدة لكل من رئيسة الوزراء جوليا غيلارد ومنافسها المفترض وزير الخارجية كيفن راد، والذي لم يعلن حتى الآن اقله علناً عن نيته تحدي جوليا غيلارد على زعامة الحزب ومن ثم رئاسة الوزارة التي اطاحته منها غيلارد في حزيران من العام 2010 .
أظهر تعداد الأصوات ان رئيسة الوزراء ما زالت تحظى بدعم 60 مندوباً في اللجنة المركزية للحزب (الكوكس) والذي يبلغ عددهم 103 مندوب، وان 26 مندوباً يدعمون كيفن راد، و17 لم يقرروا بعد موقفهم ودعم اي من الفريقين، هذا حسب الفريق الداعم لرئيسة الوزراء.
أما الفريق الذي يدعم كيفن راد فيقولون انه يتمتع بدعم ما بين 30 و 40 صوتاً، وهناك اعداد اخرى تقول ان غيلارد تحظى بدعم 51 مندوباً وراد يحظى بدعم 31 ويبقى 21 مندوباُ لم يقرروا موقفهم بعد.
اذا كانت هذه الارقام صحيحة فإن كيفن راد يحتاج الى الأصوات ال 21 للفوز بفارق صوت واحد، وهذا الامر غير مضمون في ظل تنامي النزاع وبلوغه مرحلة غير مسبوقة، حيث تم تسريب فيديو يظهر فيه كيفن راد في حالة عصبية يهدد ويشتم ويعود تاريخ هذا الفيديو الذي وضع على (اليوتيوب) الى فترة تولي راد رئاسة الحكومة، حيث اعتبر بروس هوكر الذي يدير مؤسسة للإتصالات وتنظيم الحملات الانتخابية ومقرب من حزب العمال، ان التسريب حادثة خطيرة وطالب بفتح تحقيق بالأمر (راديو اي بي سي العالم هذا اليوم 20/02/2012) ، هذا مع العلم ان جوليا غيلارد انتقدت من قام بتسريب الخبر ونفت اي امكانية للوصول الى وثائق رئاسة الحكومة، من جهته اعتبر المحلل السياسي في صحيفة (س م ه) بيتر هارتشر ان من سرّب الفيديو قد اسدى خدمة لفريق كيفن راد الذي كان يتحفظ حتى تاريخه عن إظهار رغبته في تحدي زعامة غيلارد، حتى ان نفس الجريدة في عددها 20/02/2012 وعلى صفحتها الأولى قالت ان راد على استعداد لإعطاء حقيبة الخزينة لألد اعدائه والداعم الرئيسي لجوليا غيلارد، بيل شورتن، اذا كان ذلك يؤمن لراد دعم شورتن واتحاد نقابات العمال القوية، لكن شورتن ومن على شاشة ال (اي بي سي) في برنامج سؤال وجواب 20/02/2012 ، اكد دعمه لغيلارد وأضاف ان رئيسة الوزراء ستضع حداً لأزمة الزعامة للحزب في الوقت المناسب وقريباً.
إضافة الى حرب الأعداد، ارتفعت وتيرة التصريحات من قبل الفريقين، فقد اتهم سايمون كرين وهو زعيم سابق لحزب العمال، اتهم كيفن راد بأنه لا يعمل مع فريق العمل الحكومي، ودعاه الى السكوت وطالب رئيسة الوزراء بوضع حد له. وهاجم النائب ستيف جيبس راد ووصفه بالشخص المضطرب عقلياً لمجرد تفكيره بالعودة بعدما رفضته الأكثرية من زملائه. اماا النائب دارن شيزمان من جناح اليسار في فيكتوريا، دعا غيلارد الى الرحيل لأنها لا تستطيع التقدم بالحزب وان الناخبين قد قالوا رأيهم بها.
الصوت العاقل الوحيد والذي ابدى تخوفه من خسارة الحزب للسلطة، هو النائب ستيف جورجانوس، بسبب الخلافات التي تعصف بأجنحة الحزب.
ان سياسة التسرع والهلع والتراجع عن الوعود الإنتخابية، سواء من كيفن راد او غيلارد، رغم بعض الإنجازات المهمة والتي لم يستطع حزب العمال تسويقها، مثل حماية الاقتصاد الاسترالي اثناء الازمة المالية العالمية اثناء العامين 2008 و 2009 ، او الثورة التعليمية وغيرها من الإنجازات قد أدت الى تراجع شعبية العمال بين الناخبين الذي اصبح اخر همهم من يكون رئيس الوزراء بعد ان سئموا من الخلافات المتمادية داخل حزب العمال واصبحوا يفضلون اجراء انتخابات مبكرة .
والأمر الآخر، ما هو موقف النواب المستقلين الذي يشكلون حكومة الأقلية مع حزب العمال؟ مع العلم ان النائب المستقل اندرو ويلكي، قال انه بإمكانه التعامل مع راد اذا ماعاد الى رئاسة الوزراء، وقد يكون موقف ويلكي هذا انتقاماً من غيلارد بسبب تراجعها عن دعم مشروعه المتعلق بالمقامرة والبوكر ماشين.
بينما رفض النائب المستقل الآخر، طوني ويندزر، الإجابة عن سؤال والتصريح عن موقفه في الأزمة الحالية، ولم يسمع اي موقف من النائب روب اوكشط.
الكل الآن بإنتظار عودة البرلمان الأسبوع القادم، حيث اصبح الموعد المحدد حسب معظم المراقبين لإنهاء السجال حول من سيتولى رئاسة الوزارة والذي بدأ وحسب بعض الاقتصاديين، بدأ يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي في البلاد.
السؤال البديهي والذي لا بد من طرحه، هل سنرى نهاية حقيقية للأزمة، واذا كان زعماء حزب العمال جادون في وضع نهاية لها وتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية ووقف سياسة الهلع والتسرع والانانية، فلماذا لا يتم ترشيح شخصية ثالثة لتولي المنصب ووضع حد للأزمة مرة واحدة وللأبد، حيث هناك بعض المؤهلين مثل بيل شورتن او غريغ كومباي او كريس ايفانس او حتى ستيفن سميث؟!
سدني
0 comments:
إرسال تعليق