مصر تاهت بين "العسكر" .. و"الحرامية"/ مجدى نجيب وهبة


** نعم .. مصر تاهت بين "العسكر" ، و"الحرامية" .. وللمرة المليون ، أكتب أنه لا فائدة من الكتابة أو الحوار ، فقد كتب على هذه البلد أن تخرج من "نقرة" لتقع فى "دوحديرة" ..

** العسكر .. هو المقصود به "المجلس العسكرى" .. لا قرار ولا موقف حاسم .. ولا كلمة لتعبر عن جموع 80 مليون مواطن مصرى شريف .. ولكن كل قرارات المجلس العسكرى تأتى بصورة عناد غريب ، أو إصرار على عدم الإستجابة لمطالب هذا الشعب ، وهذه هى الأدلة على صحة أقوالنا ...

· المشهد الأول ..
** تولى المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد .. بعد تنحى الرئيس السابق "محمد حسنى مبارك" وتكليفهم بإدارة شئون البلاد .. ووعد المجلس الشعب أن يحافظ على مطالبهم المشروعة ، وأن يقود البلاد إلى بر الأمان ، ولكن لم يحدث شئ من ذلك .. والدليل :

** تسليم "مجلس الشعب" لـ "حزب الحرية والعدالة" .. الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين .. وحزب "الأصالة" ، وحزب "النور" .. الفكر السياسى للجماعة السلفية .. وحزب "المصريين الأحرار" يضم مجموعة "6 إبريل" ، والوطنية للتغيير ، والجماعة الإشتراكيين ..

** هذا الثالوث المخرب .. لا يمثل الشعب المصرى ، ولكنه يمثل المجموعة الفوضوية ، التى تركها المجلس العسكرى تثير الفوضى والتخريب فى ميدان التحرير ، مؤيد لهم ، ومطبطبا عليهم ، وهم يحرقون حضارة مصر .. حرقوا المجمع العلمى وهم يتراقصون ، وبعد القبض على بعض الصبية .. إعترفوا أنهم ينفذون مطالب بعض الثوار ، وأدلوا بأسمائهم ، بل أدلوا بأسماء بعض الزعماء السياسيين الذين يمولون هذه الجماعات والتنظيمات ، القابعة فى ميدان التحرير ، ومع ذلك ، لم نجد شخص واحد تم القبض عليه ..

· المشهد الثانى ..
** حدثت وقائع إعتداءات عديدة على جهاز الشرطة ، وعلى الأقسام ، وخرج من يطلقون عليهم "ثوار" لمحاصرة مبنى ماسبيرو ، وخلعوا أحذيتهم ، ورفعوها فى وجه المجلس العسكرى ، وطالبوا بتسليم السلطة فورا إلى مجلس الشعب المنتخب ، كما طالبوا بتطهير الإعلام ، رغم أن الإعلام يعمل للترويج للفوضى الهدامة .. وقد تم السيطرة على كل العاملين بالإعلام المصرى ، والإعلام الخاص بالدفع بملايين الدولارات ، لتوظيف الإعلام لتنفيذ سيناريو هذه الفوضى .. وكانت الرسالة بتظاهراتهم أمام ماسبيرو ، والإدعاء بالكذب إنهم حضروا لتطهير الإعلام هى رسالة خادعة .. كان المقصود بها الظهور أمام الرأى العام المصرى ، أن الإعلام غير موافق على هذه الفوضى ، أو هذا الهدم فى مؤسسات الدولة ، وأن الإعلام يتبنى سياسة وطنية تدافع عن تراب الوطن ، وليس سياسة لحرق مصر بمن فيها ...

** إنها تمثيلية رخيصة مدبرة بين المتأمرين فى التحرير ، وبين ماسبيرو ، بل ما يثير الضحك أن تسجل كاميرات هذه القنوات لقاءات خاصة للبعض ممن يطلقون على أنفسهم ثوار ، وهم يوجهون رسالة نقد وتهديد إلى الإعلام أن يتقوا الله فى مصر ، وأن يكون إعلامهم منصفا من أجل مصر ..

** العجيب أن "الحرامى" ، و"المزور" ، و"القناص" ، هم جميعا يقدمون تمثيليات مضحكة أمام ماسبيرو ، وهم يوجهون السباب للإعلام ، ويرفعون اللافتات مطالبين بتطهير الإعلام ممن أطلقوا عليهم "إعلام النظام السابق" ، وينقل نفس هذا الإعلام هذا السباب ، عبر شاشاتهم بدعوى أنهم محايدون ، ينقلون الرأى والرأى الأخر ، حتى من يشتمهم ، ويصدق الأغبياء هذه التمثيليات الوقحة التى تمارس ضد الشعب المصرى فى حماية المجلس العسكرى ، والجيش المصرى ، الذى يقف حاميا لأكبر مبنى للفسق والفجور والخيانة ضد مصر ..

· المشهد الثالث ..
** مجلس شعب ، تم تفصيله من جماعات محظورة أكثر من 80 عاما ، خرج معظمهم من السجون والمعتقلات .. لا يؤمنون بالديمقراطية ، ولا بالمواطنة ، ولا بالدولة ، ولكنهم يؤمنون بـ "الإلهية الحاكمية" .. أى بمعنى تأليه الحاكم .. ليقوم المجلس العسكرى بتسليمهم مصر تشطيب سوبر لوكس على المفتاح ، رغم رفض المجلس العسكرى فى البداية هذا السيناريو ، ولكن ما يدور الأن بين المجلس العسكرى ، والإخوان أشبه بما يدور بين "البلطجية" ، و"الإعلام" ..

** المجلس العسكرى يصدر بيانات الطمأنينة ، كلما إشتعلت الأحداث ، أو شعر أن الطبقة الصامتة بدأت تتحرك ، فتكون البيانات هى الحقنة المخدرة ، لتعود الطبقة الصامتة للنوم مرة أخرى .. أما ميدان الدعارة الذى تخرج كل لحظة منه حكاوى من داخل الخيام .. مرة بممارسة الدعارة ، ومرة أخرى بتناول المخدرات ، ومرة ثالثة بوجود عناصر من البلطجية والخارجين على القانون ، ووجود أسلحة مع المعتصمين داخل الخيام ...

** ومع ذلك ، قال المجلس العسكرى ، وقالت وزارة الداخلية وهى تستعطف البلطجية ، عندما بدأوا هجومهم على مبنى الوزارة أن يعودوا إلى التحرير للإعتصام على حريتهم .. أما عن مجلس "قندهار" .. فقد عقد جلسة محاكمة للسيد وزير الداخلية ، فوقع الوزير فى الفخ ، وذهب بنفسه إلى مجلس "قندهار" ، وجرت التمثيلية ، التى تمنى "عصام العريان" أن يقدمها فى يوم من الأيام ، ليكون أول إستجواب لإسقاط وزير الداخلية ، بعد أن بدأت الداخلية تتعافى فى تفقد الأمن ، وملاحقة المجرمين .. وهو سحب الثقة من وزير الداخلية ، وإتهامه بأنه وراء الأحداث الأخيرة بستاد بورسعيد ، بل وسحب الثقة من حكومة الجنزورى لإسقاطها ، ومع ذلك يقف المجلس العسكرى موقف المتفرج ، ويترك وزير الداخلية يستعطف البلطجية بالتظاهر فى ميدان التحرير ، وبعد جهود ومباحثات بين الأب الروحى للبلطجية ، وخطيب التحرير .. وتدخل العلماء والباحثين ، وأصحاب الأجندات ، وأعضاء برلمانيين داخل المجلس ، إستطاعوا إقناع البلطجية بالعودة إلى ميدان التحرير للإعتصام كما يشاؤون .. وقالوا لهم .. "معلش بلاش وزارة الداخلية .. إحنا سوف نلغيها ، ومتزعلوش ، وهانشيل الوزير ، وماتخدوش على خاطركم ، ومحدش هايقدر يحاكمكم ، لأنكم مسنودين" .. ومع ذلك أمام هذه التمثيلية التى تدار ، والشعب المصرى يقف ليضرب كفا على كف ، لم يسأل أحد نفسه سؤال بسيط جدا .. إذا كانت كل من يطلقون على أنفسهم "قوى سياسية" أو "أحزاب إئتلافية" أنكروا صلتهم بالذين يقذفون مبنى وزارة الداخلية بالحجارة والمولوتوف ..

** وتساءل الكثيرون .. إذن فمن يكونوا هؤلاء .. قال الشعب "إنهم مجموعة بلطجية" ، وخرج النائب "محمد أبو حامد" ، والنائب "عمرو حمزاوى" ، والنائب "مصطفى النجار" من حزب الكتلة المصرية ، يدافعون عن هؤلاء ، وقالوا أنهم ثوار .. فإذا إحتكمنا إلى من قالوا أنهم بلطجية ، بعد أن سرقوا المحلات ، وأحرقوها ، وهددوا السكان ، وسمع الجميع أصوات سفالاتهم ، وهم يتفوهون بها أمام الجميع ، والشرطة تخشى التعامل معهم أو ضربهم ، فهل تنطلق الدعوات بعد كل هذه الوساطات لمطالبة هؤلاء بالعودة للتحرير والإعتصام ونصب الخيام .. وكما يقول الجميع ، ومن يهلون علينا أمام شاشات الإعلام الفاسد أن التظاهر حق مكفول أقره "القانون والدستور" .. إذن ، فالأمور واضحة وأن كل من بالتحرير هم أنفسهم هذه المجموعة من البلطجية ، ولكنهم ينتظرون الأوامر ، بحرق هذا المبنى ، فيتم حرقه .. يقولون لهم هاجموا الداخلية ، فيتم مهاجمتها ، والشعب يقف مشاهدا لكل هذه التمثيليات ، والمجلس العسكرى يقوم بكتابة رسائل حب على صفحته يخاطب بها هؤلاء البلطجية ، بل أن نفس المجلس إعترض على بعض مؤيديه الذين إنطلقوا من ميدان العباسية لتأييد المجلس ، وطالبهم فى أكثر من بيان بفض هذه التظاهرات من أجل مصر ؟!!!! ..

· المشهد الرابع ..
** عقب أحداث مجزرة "بورسعيد" .. كتبنا ، إبحثوا عن المستفيد ، وكتبنا أن المستفيدون الوحيدون هما من يريدون سرعة الإستيلاء على مصر ، وتوريط الشرطة لتكون هناك ذريعة أو سبب لسحب الثقة من الوزير ، وإسقاطه ، بل وإسقاط حكومة الجنزورى بالكامل .. ونحن أمام هذه السيناريوهات نعرض كل الرؤيا ، ومع ذلك .. أعتبر نفسى وأعتبر موقعى هى نقطة فى محيط من الفساد والخطط والمؤامرات لإسقاط دولة بأكملها ، ومسح تاريخها من الوجود ، بل وإسقاط الثورة التى مازالت تعيش فى وجدان هذا الشعب العظيم .. ولكن ماذا تفعل هذه النقطة فى المحيط .. فالكل قام بتقسيم الغنائم ، والشعب أو حزب الكنبة كما أطلق عليهم "الإعلام المأجور والصحافة المنبطحة" ... لم تكن هذه الكلمة عفوية ، بل كانت مقصودة ، ومدبرة لإسقاط رأى الأغلبية وتكميمهم لإسكات أصواتهم ، فلا يسمع إلا أصوات الخونة والمتأمرين واللصوص .. بل أن الشريحة الكبيرة من أصوات الشعب المصرى ، لم تجد منبر واحد يعبر عن مطالبهم ، فكل من يتحدث من هذه الشريحة يتهم بأنه من الفلول ، وهو من أعداء الثورة .. بل أن كل القنوات المصرية والفضائية ، وبرامج التوك شو ، ضيوفها الدائمين هم مجموعة من اللصوص والأفاقين والمتاجرين بالوطن والخونة .. وإذا تصادف أن قام أحد المتصلين بالبرنامج ، لإبداء رأيه من عامة الشعب ، أو من الطبقة الصامتة ، للكشف عن المؤامرة التى تتعرض لها مصر ، أو المطالبة بالمحافظة على الوطن ، تقوم مقدمة البرنامج بقطع الإتصال ، وتدعى كذبا أننا فقدنا الإتصال وتطلب من المواطن بمعاودة الإتصال مرة أخرى ...

· المشهد الخامس والكارثى ..
** نفس النغمة ، ونفس الصمت بين اللصوص والعسكر .. فالأن إنطلقت أصوات اللصوص تطالب بسحب الثقة من حكومة الجنزورى ، وإقالة وزير الداخلية ، وإعادة هيكلة جهاز الشرطة ، وتطهير القضاء ، وسحب الثقة من المجلس العسكرى ، وهو الكارت الأخير الذين يلعبون به ، لإرهاب أعضاء المجلس العسكرى ، والضغط عليهم لتنفيذ مطالبهم التى تعد فجور ما بعده فجور ، وتعد أهم أهداف نكبة 25 يناير ، فبعد إستيلاء الإخوان على مجلس الشعب ، إنطلقت دعاوى الإخوان ، بعد مجزرة بورسعيد ، بصوت الغربان الذى يتصاعد ويعلى وتروج لهم جريدة المصرى اليوم .. هذه المطالب حتى تصير أمر واقع ومطلب شعبى ، بل ومطلب ثوار التحرير ، بسرعة تسليم السلطة لمجلس الشعب المنتخب ، ثم بدأت هذه الصيحات تعلو ، ثم تعلو ، ثم تعلو .. وصارت بقدرة قادر ، وبفضل جريدة المصرى اليوم ، خبر فى الصفحة الرئيسية ، بل خبر نقرأه يوميا ..

** فاليوم خبر بعنوان "الإخوان : ننتظر رد العسكرى حول تشكيل حكومة إئتلافية .. و"الشاطر" مطروح لرئاستها" .... "النور السلفى : أن الأوان لرحيل الجنزورى ، وعلى البرلمان تولى إدارة البلاد" ... والمصيبة الأكبر أنهم يقسمون فى مصر ، وكأنها كرة فى ملعب اللصوص والعسكر .. والشعب الأبله هو المتفرج ، والصامت على هذه المسخرة ...

** تفاصيل هذا الخبر تقول .. "كشف الدكتور محمود غزلان، المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، عن أن الجماعة عرضت على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن تشكل حكومة ائتلاف وطنى، وأنها تنتظر رده على هذا العرض، وقال فى تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن الجماعة سوف تراجع المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام، فى موقفه الرافض لتشكيل الحكومة، موضحاً: «لقد أعلن رفضه تولى المهمة، لكننا سنراجعه"

** أضاف «غزلان»، رداً على سؤال حول الوضع القانونى لـ«الشاطر» الذى سبق سجنه وهو ما قد يعرقل تبوأه منصباً رسمياً: «هذا أمر سهل لو تم التوافق على (الشاطر) بين الجماعة والمجلس العسكرى، فالكل يعرف أن القضية التى أدين فيها كانت سياسية بالأساس" ..

** من جانبه، جدد «الشاطر» على صفحته بموقع "تويتر" أمس، تأكيده أن اسمه ليس مطروحاً لرئاسة الحكومة، وقال: «نعلن استعدادنا لتشكيل الحكومة، واسمى غير مطروح لرئاستها" ..

** وبالطبع الإخوان ينتظرون رد المجلس .. والمجلس يراقب رد فعل الشارع ، فهو يتمنع ولكنه راغب .. وهكذا يستمر المسلسل بين العسكر والحرامية ، ومصر تاهت بينهم ، بل سقطت .. ومن يقول غير ذلك فهو مغيب وأبله ، ولا تسألوننى عن أى أمل فى هذا الوطن الذى رحل ولن يعود ...

صوت الأقباط المصريين

CONVERSATION

0 comments: