بداية وللإنصاق فإن حسن نصر الله قد حاز في فترة من الفترات على حب العرب والإعجاب به أثناء استبسال المقاومة اللبنانية في صيف عام 2006 ضد العدوان الصهيوني الغاشم على لبنان، وكان لموقفه هذا تقدير من الجماهير العربية التي خرجت في مظاهرات تأييد للمقاومة اللبنانية في العديد من العواصم العربية وهي ترفع أعلام حزب الله وصور السيد حسن نصر الله، ونفس هذه الجماهير كانت على علم مسبق بالعلاقة بين الضاحية الجنوبية وطهران وولاء حسن نصر الله وحزبه لملالي قم، والاعتقاد بولاية الفقيه المقدم على كل ولاء للوطن، وهذه الجماهير نفسها على علم بالتحالف بين حزب الله والنظام السوري الديكتاتوري الوراثي كمنتج غير شرعي من منتجات التحالف الإستراتيجي بين طهران ودمشق، حيث تسهل دمشق عبور المساعدات العسكرية الإيرانية عبر ممراتها إلى الضاحية الجنوبية، وهذه الجماهير نفسها بررت لحسن نصر الله هذه المواقف المتباينة طالما أنها تصب – باعتقادها - إلى دعم المقاومة اللبنانية.
ولكن الانقلاب العسكري الذي قام به "حزب الله" وحلفائه في السابع من أيار 2008، واحتلال ميليشيات هذا الحزب وميليشيات حلفائه لبيروت ودخول أحيائها ليطعنوا أهل بيروت من الظهر ويسفكوا دماءهم ويزهقوا أرواحهم ويفجروا المؤسسات ويحرقوا البيوت في واضحة النهار.. أهل بيروت الذين أوقفوا الاجتياح الاسرائيلي أشهر طويلة على أبوابها في العام 1982 كافأهم حسن نصر الله كما كافأ النعمان سنمار، أهل بيروت كانوا يدركون أن النظام السوري يريد معاقبتهم على إخراج مخابراته وجيشه من لبنان، ولكنهم لم يتوقعوا أن تأتي الطعنة من الخاصرة.. من الشركاء في الوطن.
الجماهير العربية التي أسكرتها انتصارات المقاومة اللبنانية عام 2006 هزها هذا الانقلاب المفاجئ لحسن نصر الله عام 2008 التي طالما هتفت باسمه وأقامت المهرجانات تحية له، فسقط من عيون محبيه وغابت هتافات مؤيديه، وجاءت الثورة الشعبية السورية لتسقط آخر أوراق التوت التي كان حسن نصر الله يخبئ سوءاته بها، فأحرقت هذه الجماهير صوره وأعلام حزبه وانبرت الأقلام التي كانت تمجده إلى الأمس القريب تكشف خزاياه ودجله وتبين بالوقائع والقرائن والأدلة تورطه مع أعداء الثورة السورية، ودعمه اللامحدود للنظام الباغي بدمشق تمده بالسلاح والعتاد والرجال، وتسانده بوسائل الإعلام الكثيرة التي بنتها وأقامتها لتكون صوت الكذب والدجل وقلب الحقائق، ليثبت بلا مجال للشك أن تحالفه مع النظام السوري الباغي أغلى عنده من آلاف الضحايا والمفقودين والجرحى والنازحين والمهجرين، ونصرة باطل هذا النظام أهم من نصرة الشعب المظلوم والتنكر لكل دعاويه في نصرة المظلومين والمحرومين التي طالما أصم أسماعنا في ترديدها.
وجاء خطابه الأخير يوم الأربعاء الماضي 15 شباط الحالي بمناسبة مقتل عماد مغنية ليثبت ويؤكد أنه لا يستطيع أن ينظر إلى أية مسألة كانت إلا من هذه الزاوية الوحيدة، حيث قال: (إن بعض الأنظمة العربية وقفت ضد المشروع الصهيوني، فهل من العدل أن نساوي بينها وبين الأنظمة التي خدمت المشروع الصهيوني؟)
ثم يمضي في محاججته التي تنطوي على اعتراف ضمني، بأن معظم العرب لا يصدقون مقولة أن النظام السوري نظام مقاوم، وما زالت مرتفعات الجولان السورية محتلة منذ العام 1976، ولم يسمع في سمائها أزيز رصاصة ضالة واحدة منذ العام 1974، بعد توقيع الأسد الأب اتفاقية فك الاشتباك عند الكيلو (54)، وأن العرب والعالم أجمع لا يصدق وقوف النظام السوري ضد المشروع الصهيوني، وقد سعى هذا النظام بكل الوسائل الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الكيان الصهيوني على مدار عشرين عاماً وأكثر دون أن يفلح في ذلك لتسويف الصهاينة ومماطلتهم.
لقد أشار حسن نصر في خطابه المحاجج ليجد المبرر لكذب النظام السوري ودجله قائلاً: (إن من ينتقد النظام السوري ويطالبه بسبب أنه لم يفتح جبهة الجولان) ويتساءل بشأنه، في نكران مخزي لكل ما قدمه العرب للقضية الفلسطينية، قائلاً: (هل هو حارب إسرائيل وفتح الجبهات ضدها أم أنه منع حتى دعم المقاومة في فلسطين ضد العدو).
0 comments:
إرسال تعليق