لم يكن العالم على رأي واحد إزاء اعلان اللجنة النروجية لتوزيع جوائز نوبل للسلام عن منحها الجائزة عام 2009 للرئيس الاميركي حديث العهد باراك اوباما.. فقد أثير وقتها الكثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام حول شخصية اوباما وما قدمه للسلام أو ما يمكن أن يقدمه. فقد رأى فريق حينها ان اللجنة تنافق الولايات المتحدة الاميركية على حساب وصيّة الفرد نوبل، الذي أوصى بأن الشخص الذي ينالها يجب ان يكون له منجزات على صعيد السلام العالمي. ورأى جزء أخر ان تسمية الرئيس الاميركي الجديد الذي وعد بالتغيير للنيل بالجائزة هي خبطة ذكية من قبل اللجنة التي تستدرج الرئيس الواعد الى مجالات السلام على عكس الرئيس بوش الابن الذي سبقه والذي ملأ الدنيا حروبا واشتعالات. وهناك من رأى أن نيل اوباما للجائزة ما هو الا إفلاس وتخبّط من قبل اللجنة النروجية.
بعد حوالي ثلاث سنوات يطرح مجلس محافظة ستوكهولم بصفته الجهة المشرفة على مؤسسة نوبل، مساءلته حول أداء اللجنة النروجية بأختيارها اوباما أو غيره من الاميركيين كشخصيات سلام.
ان عالمنا الحالي أبعد ما يكون عن السلام، خاصة في ظل تهديدات إدارة اوباما بشن حرب على إيران بسبب نشاطاتها النووية، وطبعا بسبب حماية الكيان الصهيوني الذي يملك ترسانة نووية لا ترى فيها الولايات المتحدة الا حدائق أمن وديمقراطية وسلام.
لا يمكن في حال من الاحوال إحتساب الانسحاب الامريكي أواخر العام الماضي من العراق بأنه عمل يصب في مصلحة السلام..كيف السلام وكل وعود الديمقراطية البرّاقة في العراق قد تبخّرت لصالح ديكتاتورية طائفية تنذر بانفجارات وحروب أهلية في دولة تعايشت فيها جميع الطوائف لعهود طويلة دون أزمات أو مشاكل.
وفي افغانستان ما زال الابرياء من المدنيين يتساقطون بفعل النشاط العسكري الامريكي، كما ان الأخبار ما زالت تلقي المزيد من الضوء على الاعمال الوحشية التي يجسدها الجنود الاميركيون بحق الضحايا الذين يلقون التقطيع والتمثيل بجثثهم.
ان معتقل "غوانتانامو" الفظيع مازال قائما، ليذكرنا بأن السياسة الاميركية الفاشية ما زالت على عهدها، وأن وعود اوباما باغلاق هذا المعتتقل ما هي الا وعود جوفاء تدخل في باب الكذب والتضليل.
ان الفضيحة الاميركية الكبرى تظل ماثلة في إخفاق إدارة اوباما بتحقيق السلام في منطقة الشرق الاوسط. ولنتذكر ان وعود العمل لتحقيق هذا السلام كان عنوانا بارزا في حملة اوباما الانتخابية، وربما هو البريق الذي جعل لجنة نوبل للسلام ان تنخدع به وتمنح اوباما سلفا جائزة السلام لذاك العام.
ان نظرة متفحصة لانجازات اوباما في هذا الملف نستنتج ان أطراف الصراع العربي-الاسرائيلي قد تباعدوا بخطوات واسعة عن تحقيق السلام نتيجة التعنت وعدم رغبة حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف بالسلام، بينما كانوا يتقاربون خطوات اليه قبل ان يبدأ اوباما عهده الرئاسي.
في عهد اوباما تجسّد الخنوع الامريكي بشكل مريع للارادة الاسرائيلية التي توسعت في اقامة المستوطنات على حساب الارض الفلسطينية. وبدل ان تقوم الدبلوماسية الاميركية في جلب السياسة الاسرائيلية الى طاولة مفاوضات تحقق السلام المتوازن والعادل مع الشعب الفلسطيني، بدل ذلك نرى ان السياسة الاميركية باتت تتبنى السياسة الاسرائيلية العدوانية بشكل كامل في إقصاء الآخر. والفيتو الاميركي الأخير في مجلس الامن ضد مشروع الدولة الفلسطينية الذي تقدم به الفلسطينيون، ما هو الا عدوان على حقوق الشعب الفلسطيني.عدوان صريح وواضح يدعم الاحتلال والاغتصاب في فلسطين.
ما من مرء لا يستطيع ان يرى كيف السياسة الاميركية برمتها وبشقيها الديمقراطي والجمهوري، تتسابق الى إرضاء السياسة الاسرائيلية التي تزداد يوما بعد يوم بوحشيتها وهي تدق طبول الحرب، وتضع نفسها فوق القوانين الدولية.
إذا حسنا يفعل مجلس محافظة ستوكهولم في مساءلتة لجنة نوبل للسلام عن جدوى إختيار باراك اوباما لمنحه الجائزة عام 2009، بالاضافة ومن قبل الى وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، وكذلك نائب الرئيس الاميركي السابق آل غور، خاصة وبأن اي منهم لم يقدم شيئا للسلام.
ان المساءلة يجب ان تظل قائمة دائما كي لا تفقد الجائزة توهجها ولا تفقد قيمتها.
* كاتب فلسطيني مقيم في السويد
0 comments:
إرسال تعليق