أتعجب حقا لمن ينادون بأحمد شفيق أو عمر سليمان أو عمرو موسى رئيسا لمصر؛ فهؤلاء جميعا كانوا أذناب النظام السابق وأعوانه ، واليد التى يبطش بها .. وعندما قامت الثورة لم تنادِ فقط بإسقاط شخص وإحلال شخص آخر مكانه ولكنها نادت بإسقاط نظام بأكمله بجميع رموزه وأركانه وأحزابه فما فائدة أن يمشى حسن ويأتى بدلا منه صديقه حسنين؟ إن المقصود ليس تغيير الأسماء ولكن تغيير فكر فاسد دفع البلاد إلى هاوية سحيقة.
وأتذكر فى هذا الصدد قصة فرعون وهامان التى ذكرت فى القرآن الكريم لنستقى منها الدروس والعبر والتى هى قصة مكررة فى كل زمان ومكان فقد قال تعالى:"فاستخف قومه فأطاعوه . إنهم كانوا قوماً فاسقين"(الزخرف:43)
قال سيد قطب - رحمه الله- في ظلال هذه الآية الكريمة من سورة الزخرف : "واستخفاف الطغاة للجماهير أمر لا غرابة فيه ; فهم يعزلون الجماهير أولاً عن كل سبل المعرفة , ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها , ولا يعودوا يبحثون عنها ; ويلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة . ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك , ويلين قيادهم , فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين !
قال سيد قطب - رحمه الله- في ظلال هذه الآية الكريمة من سورة الزخرف : "واستخفاف الطغاة للجماهير أمر لا غرابة فيه ; فهم يعزلون الجماهير أولاً عن كل سبل المعرفة , ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها , ولا يعودوا يبحثون عنها ; ويلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة . ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك , ويلين قيادهم , فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين !
ولا يملك الطاغية أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وهم فاسقون لا يستقيمون على طريق، ولا يمسكون بحبل الله , ولا يزنون بميزان الإيمان . فأما المؤمنون فيصعب خداعهم واستخفافهم واللعب بهم كالريشة في مهب الريح . ومن هنا يعلل القرآن استجابة الجماهير لفرعون فيقول": فاستخف قومه فأطاعوه . إنهم كانوا قوماً فاسقين" أى أن اللوم ليس على حاكم جائر ولكن على شعب مغفل.
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه:لو تعثرت بغلة بالعراق لسئل عنها عمر.. لاحظ أن عمر كان يعيش آنذاك فى المدينة والبغلة فى العراق يعنى بينهما مسافات طويلة يقطعها المسافر فى شهور فى عصر ليس به لا إنترنت ولا هواتف أرضية ولا محمولة ولا أية وسيلة اتصال يستطيع من خلالها أن يتتبع أخبار تلك البغلة فيمنعها من التعثر فما بالك برئيس وزراء يمتلك كل وسائل التقنية الحديثة وثورة فى الاتصالات والاستخبارات حينما تدور موقعة الجمل فى بلد هو أعلى مسؤول فيها ولمدة خمسة عشر ساعة متواصلة وتذاع على كل تليفزيونات العالم ويراها القاصى والدانى حتى تحصد أرواح المئات ثم يطل علينا بمنتهى البرود فى اليوم التالى وبراءة الأطفال فى عينيه ويقول:"ماكنتش أعرف..أنا آسف" هو بلا شك يستخف بعقول الشعب المصرى ولا يمكن لعقل طفل أن يصدق ذلك..ثم يسخر من الثورة والثوار ويقول أنه سجزل لهم العطاء ويمد لهم يد السخاء ويعطيهم البنوبون ثم بعد ذلك نجد له أنصارًا يؤيدونه وينادون به رئيسا ولا أجد معنى لذلك إلا أنه استخف قومه فانتخبوه..مثلما ذكرت الآية:"فاسخف قومه فأطاعوه"
وعندما ذكر الله عز وجل فرعون لم يخصه وحده بالهلاك بل أشرك معه وزيره هامان وجنودهما أيضا لأنهم جميعا كانوا شركاء له فى جرائمه بحق الشعب وكانوا ذراعه التى يبطش بها أى أنه أهلك النظام الحاكم كله:الفرعون ورئيس وزرائه ونائبه والجنود المنفذين لأوامرهم أيضا ولم يستثنِ منهم أحدا."إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين"(القصص:88)
فلا يتصور عاقل أبدا أنه بعد هلاك فرعون يقول قائل:فلنولِ علينا هامان لذا أرى أن قانون العزل السياسى لا بد من تفعيله حتى لا نكافئ المجرم بأن نوليه علينا.
فقد قال تعالى:" فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين" (الزخرف:55)
نلاحظ فى هذه الآية ثلاثة أشياء:الانتقام ، فالإغراق ، فالاعتبار بهم في الأمم بعدهم.
والأسف : الغضب المشوب بحزن وكدر ، وأطلق على صنيع فرعون وقومه فعل آسفونا ؛ لأنه فعل يترتب عليه انتقام الله منهم انتقاما كانتقام الآسف ؛ لأنهم عصوا رسوله وصمموا على شركهم بعد ظهور آيات الصدق لموسى عليه السلام .
والأسف : الغضب المشوب بحزن وكدر ، وأطلق على صنيع فرعون وقومه فعل آسفونا ؛ لأنه فعل يترتب عليه انتقام الله منهم انتقاما كانتقام الآسف ؛ لأنهم عصوا رسوله وصمموا على شركهم بعد ظهور آيات الصدق لموسى عليه السلام .
فاستعير " آسفونا " لمعنى عصونا للمشابهة ، والمعنى : فلما عصونا عصيان العبد ربه المنعم عليه بكفران النعمة ، والله يستحيل عليه أن يتصف بالآسف كما يستحيل عليه أن يتصف بالغضب على الحقيقة ، فيؤول المعنى إلى أن الله عاملهم كما يعامل السيد المأسوف عبدا أسفه فلم يترك لرحمة سيده مسلكا . ومعنى الآخرين : الناس الذين هم آخر مماثل لهم في حين هذا الكلام فتعين أنهم المشركون المكذبون للرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن هؤلاء هم آخر الأمم المشابهة لقوم فرعون في عبادة الأصنام وتكذيب الرسول . ومعنى الكلام : فجعلناهم سلفا لكم ومثلا لكم فاتعظوا بذلك . أى أن الإغراق لم يكن لفرعون فقط بل كان لكل رموز نظامه ليكونوا عبرة لمن بعدهم من الأمم.
0 comments:
إرسال تعليق