أعداء لبنان: المال والسلاح والتطرف/ بطرس عنداري‮ ‬

في‮ ‬الاسبوع‮ ‬الماضي‮ ‬عالجنا‮ ‬موضوع‮ ‬اشتياق‮ ‬بعض‮ ‬اللبنانيين‮ ‬الى‮ ‬الحروب،‮ ‬مما‮ ‬حمل‮ ‬عددا‮ ‬من‮ ‬الاصدقاء‮ ‬والقراء‮ ‬على‮ ‬اتهامنا‮ ‬بالتشاؤم‮ ‬والتحامل‮ ‬على‮ ‬الذين‮ ‬يؤيدون‮ ‬ويدعمون‮ ‬انتفاضة‮ ‬الشعب‮ ‬السوري‮. ‬وها‮ ‬نحن‮ ‬اليوم‮ ‬امام‮ ‬احداث‮ ‬مؤلمة‮ ‬في‮ ‬عاصمة‮ ‬لبنان‮ ‬الثانية‮ ‬التي‮ ‬عانت‮ ‬وتعاني‮ ‬الحرمان‮ ‬وانخفاض‮ ‬معدل‮ ‬مداخيل‮ ‬العائلات‮ ‬الى‮ ‬نسبة‮ ‬مؤلمة‮.‬
ان‮ ‬كل‮ ‬يوم‮ ‬تغلق‮ ‬العاصمة‮ ‬الثانية‮ ‬طرابلس‮ ‬ابوابها‮ ‬وطرقاتها‮ ‬امام‮ ‬أقضية‮ ‬الشمال‮ ‬حيث‮ ‬يتوقف‮ ‬تدفق‮ ‬الزائرين‮ ‬والمتسوقين،‮ ‬يحرم‮ ‬ألوف‮ ‬العائلات‮ ‬من‮ ‬مداخيل‮ ‬يومية‮ ‬تعوّل‮ ‬عليها‮ ‬لسدّ‮ ‬احتياجاتها‮ ‬اليومية‮ ‬الضرورية‮.‬
تمرّ‮ ‬هذا‮ ‬الاسبوع‮ ‬الذكرى‮ ‬الرابعة‮ ‬والستون‮ ‬لضياع‮ ‬فلسطين‮ ‬وقيام‮ ‬اسرائيل،‮ ‬والذين‮ ‬كانوا‮  ‬يقتحمون‮ ‬الشوارع‮ ‬ويطلقون‮ ‬لحناجرهم‮ ‬العنان‮ ‬مستنكرين‮ ‬ومنددين‮ ‬ومطالبين‮ ‬باعادة‮ ‬الوطن‮ ‬السليب،‮ ‬نراهم‮ ‬يتصارعون‮ ‬فيما‮ ‬بينهم‮ ‬استجابة‮ ‬وخدمة‮ ‬لفرقاء‮ ‬آخرين‮ ‬لا‮ ‬علاقة‮ ‬لهم‮ ‬باسرائيل‮ ‬والصهيونية‮ ‬التي‮ ‬نكاد‮ ‬ننساها‮ ‬بعد‮ ‬ان‮ ‬أمّنا‮ ‬لها‮ ‬كل‮ ‬تسهيلات‮ ‬البقاء‮ ‬والتجذر‮.‬
منذ‮ ‬العام‮ ٨٤٩١ ‬والجميع‮ ‬يطالب‮ ‬بالمال‮ ‬والسلاح‮ ‬لمجابهة‮ ‬الاغتصاب‮ ‬والعدوان‮ ‬وارجاع‮ ‬المشتتين‮ ‬الى‮ ‬ديارهم‮. ‬وقد‮ ‬تدفقت‮ ‬الاموال‮ ‬والاسلحة‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬الاتجاهات،‮ ‬ولكنها‮ ‬استعملت‮ ‬للصراعات‮ ‬الداخلية‮ ‬ولخوض‮ ‬الحروب‮ ‬الاهلية‮ ‬وزج‮ ‬معظم‮ ‬القوى‮ ‬من‮ ‬مخلصة‮ ‬ومشبوهة‮ ‬في‮ ‬اقتتال‮ ‬يبدأ‮ ‬ولا‮ ‬ينتهي‮.‬
ومع‮ ‬تراكم‮ ‬الثروات‮ ‬النفطية‮ ‬زادت‮ ‬طموحات‮ ‬بعض‮ ‬اصحاب‮  ‬هذه‮ ‬الثروات‮ ‬الى‮ ‬تحقيق‮ ‬احلام‮ ‬الهيمنة‮ ‬ولعب‮ ‬ادوار‮ ‬كبيرة‮ ‬ومتعددة‮. ‬وهكذا‮ ‬تحوّلت‮ ‬الثروات‮ ‬العربية‮ ‬الى‮ ‬ممول‮ ‬رئيسي‮ ‬لمعامل‮ ‬الاسلحة‮ ‬الاميركية‮ ‬والغربية‮. ‬واذا‮ ‬طالت‮ ‬نعمة‮ ‬السخاء‮ ‬بعض‮ ‬الاشقاء‮ ‬الصغار‮ ‬مثل‮ ‬لبنان،‮ ‬يحدد‮ ‬هدف‮ ‬وشروط‮ ‬العطاء‮ ‬لشراء‮ ‬الضمائر‮  ‬والاسلحة‮ ‬ودعم‮ ‬السلفية‮ ‬والتطرف‮. ‬وهكذا‮ ‬تحولت‮ ‬احلام‮ ‬الدعم‮ ‬والمساعدات‮ ‬العربية‮ ‬للبنان‮ ‬الى‮ ‬كابوس‮ ‬مزعج‮ ‬يخيف‮  ‬اللبنانيين‮ ‮ ‬ويثير‮ ‬شكوكهم‮ ‬بعد‮ ‬ان‮ »‬لوّث‮« ‬سخاء‮ ‬الاشقاء‮ ‬الإعلام‮ ‬والإعلاميين‮ ‬وشوّه‮ ‬حرية‮ ‬الرأي‮ ‬الانتخابية‮ ‬وحَرَف‮ ‬السلاح‮ ‬عن‮ ‬هدفه‮ ‬الحقيقي‮.‬
ان‮ ‬حجم‮ ‬المساعدات‮ ‬المالية‮ ‬التي‮ ‬تتدفق‮ ‬على‮ ‬السلفيين‮ ‬والمتطرفين‮ ‬في‮ ‬لبنان،‮ ‬وقبله‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬وسوريا،‮ ‬تثير‮ ‬الرعب‮ ‬وليس‮ ‬القلق‮ ‬فقط‮ ‬لانها‮ ‬وقود‮ ‬حرب‮ ‬داخلية‮ ‬تؤشر‮ ‬لاشتعال‮ ‬معارك‮ ‬داخلية‮ ‬بين‮ ‬العقلانية‮ ‬والظلامية‮.‬
ان‮ ‬الاسلحة‮ ‬والاموال‮ ‬التي‮ ‬تدفقت‮ ‬على‮ ‬لبنان‮ ‬منذ‮ ‬نصف‮ ‬قرن‮ ‬وحتى‮ ‬اليوم،‮ ‬ذهبت‮ ‬وبنسبة‮ ‬كبيرة‮ ‬جداً‮ ‬الى‮ ‬اهداف‮ ‬غير‮ ‬سليمة،‮ ‬ولولا‮ ‬انجازات‮ ‬المقاومة‮ ‬كدنا‮ ‬نقول‮ ‬انها‮ ‬هدرت‮ ‬مئة‮ ‬بالمئة‮.‬
أخيراً،‮ ‬أذكّر‮ ‬الاصدقاء‮ ‬الذين‮ ‬شعروا‮ ‬بالانزعاج‮ ‬من‮ ‬عنوان‮ ‬مقال‮ ‬الاسبوع‮ ‬الماضي‮ ‬بان‮ ‬يعيدوا‮ ‬قراءة‮ ‬الفقرة‮ ‬التالية‮:‬
‮»‬ان‮ ‬الاخطر‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬هذا‮ ‬تدفق‮ ‬السلاح‮ ‬على‮ ‬لبنان‮ ‬بحراً‮ ‬وبراً،‮ ‬والباخرة‮ ‬التي‮ ‬صادرها‮ ‬الجيش‮ ‬اللبناني‮ ‬واستولى‮ ‬على‮ ‬حمولتها‮ ‬لم‮ ‬تكن‮ ‬الاولى‮ ‬ولن‮ ‬تكون‮ ‬الاخيرة،‮ ‬والاعتدة‮ ‬الحربية‮ ‬التي‮ ‬تدخل‮ ‬الساحة‮ ‬اللبنانية‮ ‬لا‮ ‬تذهب‮ ‬الى‮ ‬سوريا‮ ‬فقط‮ ‬بل‮ ‬يتم‮ ‬تخزين‮ ‬كميات‮ ‬كبيرة‮ ‬منها‮ ‬على‮ ‬الاراضي‮ ‬اللبنانية‮ ‬وخاصة‮ ‬الشمالية‮ ‬منها‮ ‬حيث‮ ‬تحلم‮  ‬القوى‮ ‬الظلامية‮ ‬والسلفية‮ ‬باقامة‮ ‬الامارات‮ ‬امتداداً‮ ‬لمحاولة‮ »‬فتح‮ ‬الاسلام‮«. ‬وليس‮ ‬التحامل‮  ‬على‮ ‬الجيش‮ ‬ومؤسساته‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬بعض‮ ‬النواب‮ ‬والسياسيين‮ ‬ومحاولة‮ ‬حجب‮ ‬الرواتب‮ ‬والمخصصات‮ ‬عنهم‮ ‬سوى‮ ‬جزء‮ ‬من‮ ‬خطة‮ ‬طويلة‮ ‬الأمد‮ ‬هدفها‮ ‬إضعاف‮ ‬الجيش‮ ‬اللبناني‮ ‬وإثارة‮ ‬الشكوك‮ ‬حول‮ ‬ممارسته‮ ‬ومواقفه‮«.‬

CONVERSATION

0 comments: