من المفارقات أن تجري الانتخابات الرئاسية في فرنسا مع الانتخابات التشريعية المسرحية في سورية، ففي الانتخابات الفرنسية كانت الصورة وردية، حيث هزم الرئيس الفرنسي اليميني نيكولا ساركوزي أمام متحديه الاشتراكي فرانسوا هولاند الذي حصل على 51،8% من أصوات الناخبين، وخاطب الرئيس المهزوم ساركوزي أنصاره في باريس قائلا: "بات لفرنسا رئيس جمهورية جديد، إنه خيار ديمقراطي وجمهوري. فرنسوا هولاند هو الرئيس الجديد لفرنسا ويجب احترامه". وأضاف "تحدثت إليه لتوي عبر الهاتف، أتمنى له التوفيق في ظل التحديات". وتابع ساركوزي "أتحمل كامل المسؤولية عن هذه الهزيمة لست شخصاً لا يتحمل مسؤولياته".
ومن السخريات المضحكة أن الإعلام السوري المقروء والمسموع والمرئي احتفل مع أنصار الفائز فرانسوا هولاند معتبراً فوزه نصر للنظام في سورية، فقد أشادت جريدة الوطن شبه الرسمية لتفتتاحيتها بفوز هولاند بعد أن ألقى الفرنسيون بساركوزي ووزير خارجيته الان جوبيه إلى "مزبله التاريخ" على حد تعبيرها المخزي!!
أما الانتخابات التشريعية في سورية فهي تجري في أجواء رعيبة مصحوبة بشلالات من الدماء وبحار من الدموع، تذرفها عيون الأرامل والثكالى.. تذرفها مآقي الأيتام والمشردين والنازحين والمهجرين، تبكي من فقدوهم أو من فارقوهم أو من اعتقلوا من أقربائهم وأبنائهم وآبائهم وإخوانهم.. تجري هذه الانتخابات المسرحية على وقع دوي القنابل وهي تدمر المدن والبلدات والقرى.. تجري هذه الانتخابات وعلى وقع أزيز الرصاص الذي يحصد الناس على غير هدى ودون تمييز بين شيخ وامرأة وطفل وصبية ورجل، وتستهدف كل ما يدب على الأرض من وسائل نقل أو حيوانات أو طيور، فكلها أهداف مباحة للنظام السادي الذي يحكم دمشق.
عام 1998 كتبت مقالاً بمناسبة الاستفتاء على ولاية السيد الرئيس الراحل حافظ الأسد تحت عنوان (أما آن لهذه المسرحية أن تنتهي؟!)، لأنها بالفعل كانت مسرحية ممجوجة مكررة ملّها الناس وسئم تكرارها، وكان الناس يساقون مكرهين للعب فصولها الباهتة بعد كل أربع سنوات، ليجددوا للرئيس العهد بالولاء له مرددين (حافظ الأسد إلى الأبد)، وكم كانت مثل هذه التمثيليات تضيف من أعباء باهظة على ميزانية الدولة المنهكة أصلاً، في الوقت الذي كان فيه الناس أحوج ما يكونون إلى هذه الأموال المهدرة في مثل هذه المسرحيات لتحسين أوضاعهم المعيشية والتخفيف من الضرائب التي كانت تزيد من فاقتهم وفقرهم، أو في تحسين بنيتهم التحتية أو رعايتهم الصحية أو مستويات أبنائهم التعليمية.
وفي عام 2011 وبعد بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والدولة المدنية، والقمع الهمجي الذي قابلت به الأجهزة الأمنية هؤلاء المحتجين السلميين، واستماع الناس لخطاب السيد الرئيس بشار الأسد التهريجي الذي ألقاه فيما يسميه النظام بـ(مجلس الشعب) وصم آذان مستمعيه بهتافات وتصفيق أعضاء هذا المجلس التي قاطعت خطابه أكثر من أربعين مرة، والضحكة البلهاء التي أخرجت السيد الرئيس عن هيبته وجعلته يصفق زهواً بما قيل فيه حينها من أعضاء المجلس، الذين كان جلهم قد تجاوز الستين من العمر وهو لا يصدق أن في شخصه تتجمع كل هذه الصفات التي قيلت فيه، وراح كالطاووس يتطاول ويقصر ويرجع ويتقدم ونواجزه تكاد تخرج من فمه وهو يضحك، في حينها كتبت مقالاً تحت عنوان (مجلس شعب أم مجلس تهريج) قلت فيه: "أعتذر للقارئ إن قلت أن مجلس الشعب في سورية ما هو إلا مجلس تهريج يعين أعضاؤه من قبل أجهزة الأمن، في مسرحية انتخابية هزلية، بحسب درجة الخنوع والولاء وطول الانحناء، ولعل ما قاله أحدهم بحق الرئيس في ذلك اليوم (الوطن العربي قليل عليك فأنت تستحق قيادة العالم) يؤكد على أن أعضاء هذا المجلس الذين تجاوزوا سن الكهولة إلى حالة من الخرف وفقدان التوازن وعدم التمييز، لدرجة أنك لا تجد من بينهم رجل رشيد يختلف مع كل هؤلاء الذين تجاوزهم الدهر وصاروا دماً شمعية تستحق أن تقام لهم قاعة عرض أراجوزي تحكي عصر الحكواتي التي باتت جزءاً من تراث الشام المندثر!!".
واليوم تتحقق مقولة السيد وليد المعلم بأن سورية ستشهد نقلة ديمقراطية نوعية فريدة من نوعها لا توجد في أي بلد آخر، وكانت هذه النقلة النوعية التي بشرنا بها السيد المعلم هي الانتقال من انتخاب مجلس شعب تهريجي إلى انتخاب مجلس شعب تشبيحي في غياب 70% من المواطنين بين مضربين ومهجرين ومفقودين وجرحى ومستشهدين، وكل هذا لا يهم في نظر أهل الحكم في دمشق.. المهم أن تجري الانتخابات وهي من ضمن الإصلاحات التي وعد بها السيد الرئيس وحدد زمانها ومكانها وأعداد المصوتين عليها وشخوص الفائزين بها، والنموذج الشبيح شريف شحادة الذي قد يُختار ليكون رئيساً لهذا المجلس وهو الأجدر والأحق في رئاسته، فمن غيره كان يجرؤ على الخروج على القنوات الفضائية ليسوّق كذب وافتراءات وفبركات وجرائم النظام، ويبرئه من دم الآلاف من الشهداء الذين سقطوا على يد أمن النظام وجيشه وشبيحته.
سورية ستستقبل بعد أيام 250 عضو شبيح يجلسون على مقاعد مجلس الشعب ينبحون بصوت واحد رافعين بأيديهم السكاكين والسواطير والعصي الكهربائية والكلاشنكوف عند استقبالهم السيد الرئيس، الذي سيحضر ولا شك مراسيم الاحتفال بافتتاح الجلسة الأولى لهذا المجلس، يصدحون بصوت واحد: (شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد).
ومن السخريات المضحكة أن الإعلام السوري المقروء والمسموع والمرئي احتفل مع أنصار الفائز فرانسوا هولاند معتبراً فوزه نصر للنظام في سورية، فقد أشادت جريدة الوطن شبه الرسمية لتفتتاحيتها بفوز هولاند بعد أن ألقى الفرنسيون بساركوزي ووزير خارجيته الان جوبيه إلى "مزبله التاريخ" على حد تعبيرها المخزي!!
أما الانتخابات التشريعية في سورية فهي تجري في أجواء رعيبة مصحوبة بشلالات من الدماء وبحار من الدموع، تذرفها عيون الأرامل والثكالى.. تذرفها مآقي الأيتام والمشردين والنازحين والمهجرين، تبكي من فقدوهم أو من فارقوهم أو من اعتقلوا من أقربائهم وأبنائهم وآبائهم وإخوانهم.. تجري هذه الانتخابات المسرحية على وقع دوي القنابل وهي تدمر المدن والبلدات والقرى.. تجري هذه الانتخابات وعلى وقع أزيز الرصاص الذي يحصد الناس على غير هدى ودون تمييز بين شيخ وامرأة وطفل وصبية ورجل، وتستهدف كل ما يدب على الأرض من وسائل نقل أو حيوانات أو طيور، فكلها أهداف مباحة للنظام السادي الذي يحكم دمشق.
عام 1998 كتبت مقالاً بمناسبة الاستفتاء على ولاية السيد الرئيس الراحل حافظ الأسد تحت عنوان (أما آن لهذه المسرحية أن تنتهي؟!)، لأنها بالفعل كانت مسرحية ممجوجة مكررة ملّها الناس وسئم تكرارها، وكان الناس يساقون مكرهين للعب فصولها الباهتة بعد كل أربع سنوات، ليجددوا للرئيس العهد بالولاء له مرددين (حافظ الأسد إلى الأبد)، وكم كانت مثل هذه التمثيليات تضيف من أعباء باهظة على ميزانية الدولة المنهكة أصلاً، في الوقت الذي كان فيه الناس أحوج ما يكونون إلى هذه الأموال المهدرة في مثل هذه المسرحيات لتحسين أوضاعهم المعيشية والتخفيف من الضرائب التي كانت تزيد من فاقتهم وفقرهم، أو في تحسين بنيتهم التحتية أو رعايتهم الصحية أو مستويات أبنائهم التعليمية.
وفي عام 2011 وبعد بدء الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والدولة المدنية، والقمع الهمجي الذي قابلت به الأجهزة الأمنية هؤلاء المحتجين السلميين، واستماع الناس لخطاب السيد الرئيس بشار الأسد التهريجي الذي ألقاه فيما يسميه النظام بـ(مجلس الشعب) وصم آذان مستمعيه بهتافات وتصفيق أعضاء هذا المجلس التي قاطعت خطابه أكثر من أربعين مرة، والضحكة البلهاء التي أخرجت السيد الرئيس عن هيبته وجعلته يصفق زهواً بما قيل فيه حينها من أعضاء المجلس، الذين كان جلهم قد تجاوز الستين من العمر وهو لا يصدق أن في شخصه تتجمع كل هذه الصفات التي قيلت فيه، وراح كالطاووس يتطاول ويقصر ويرجع ويتقدم ونواجزه تكاد تخرج من فمه وهو يضحك، في حينها كتبت مقالاً تحت عنوان (مجلس شعب أم مجلس تهريج) قلت فيه: "أعتذر للقارئ إن قلت أن مجلس الشعب في سورية ما هو إلا مجلس تهريج يعين أعضاؤه من قبل أجهزة الأمن، في مسرحية انتخابية هزلية، بحسب درجة الخنوع والولاء وطول الانحناء، ولعل ما قاله أحدهم بحق الرئيس في ذلك اليوم (الوطن العربي قليل عليك فأنت تستحق قيادة العالم) يؤكد على أن أعضاء هذا المجلس الذين تجاوزوا سن الكهولة إلى حالة من الخرف وفقدان التوازن وعدم التمييز، لدرجة أنك لا تجد من بينهم رجل رشيد يختلف مع كل هؤلاء الذين تجاوزهم الدهر وصاروا دماً شمعية تستحق أن تقام لهم قاعة عرض أراجوزي تحكي عصر الحكواتي التي باتت جزءاً من تراث الشام المندثر!!".
واليوم تتحقق مقولة السيد وليد المعلم بأن سورية ستشهد نقلة ديمقراطية نوعية فريدة من نوعها لا توجد في أي بلد آخر، وكانت هذه النقلة النوعية التي بشرنا بها السيد المعلم هي الانتقال من انتخاب مجلس شعب تهريجي إلى انتخاب مجلس شعب تشبيحي في غياب 70% من المواطنين بين مضربين ومهجرين ومفقودين وجرحى ومستشهدين، وكل هذا لا يهم في نظر أهل الحكم في دمشق.. المهم أن تجري الانتخابات وهي من ضمن الإصلاحات التي وعد بها السيد الرئيس وحدد زمانها ومكانها وأعداد المصوتين عليها وشخوص الفائزين بها، والنموذج الشبيح شريف شحادة الذي قد يُختار ليكون رئيساً لهذا المجلس وهو الأجدر والأحق في رئاسته، فمن غيره كان يجرؤ على الخروج على القنوات الفضائية ليسوّق كذب وافتراءات وفبركات وجرائم النظام، ويبرئه من دم الآلاف من الشهداء الذين سقطوا على يد أمن النظام وجيشه وشبيحته.
سورية ستستقبل بعد أيام 250 عضو شبيح يجلسون على مقاعد مجلس الشعب ينبحون بصوت واحد رافعين بأيديهم السكاكين والسواطير والعصي الكهربائية والكلاشنكوف عند استقبالهم السيد الرئيس، الذي سيحضر ولا شك مراسيم الاحتفال بافتتاح الجلسة الأولى لهذا المجلس، يصدحون بصوت واحد: (شبيحة للأبد لأجل عيونك يا أسد).
0 comments:
إرسال تعليق