** فى مقالنا بالأمس .. بعنوان "المسمار الأخير فى نعش مصر" .. الذى كان ردا على تصديق المشير على مشروع قانون "العزل السياسى" ، لكل رموز رجال الدولة السابقين ، بناء على توصية برلمان جماعة "الإخوان المسلمين" .. والذى قدمه نائب الإخوان "عصام سلطان" ، وإتفق على هذا المشروع كل نواب البرلمان ، إخوان بنسبة 95% ، أما النسبة المتبقية 5% ، فهى لأحزاب ومجموعات هشة ، تسعى لركوب الموجة ، وتسير على درب المثل الشعبى الذى يقول "اللى يتجوز أمى أقوله ياعمى" .. يعنى كدة بالبلدى .. هذا المجلس إخوانى حتى وإن تلون ، أو تجمل بعض أفراده ، فالنتيجة واحدة .. هى تفصيل قوانين تضمن لجماعة الإخوان المسلمين ، السيطرة والهيمنة على كل مؤسسات الدولة ، وتفكيكها ، وتحويلها إلى مؤسسات دينية ، وليست مدنية ..
** لم نكن نتصور بعد تلك التصريحات العنترية للمجلس العسكرى ، وتعهدهم بتسليم مصر لدولة مدنية ، والذى بدأوا فى إصداره منذ توليهم إدارة شئون البلاد .. ولكن مع بداية إجراء الإستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة فى مارس 2011 .. وهى التى جرت حول الموافقة على التعديلات الدستورية أولا ، أو إجراء الإنتخابات البرلمانية ، وكان رأى أغلبية الشعب ، أن يتم عمل الدستور أولا .. وهو ما إتفق مع التصريحات النارية التى أصدرها بعض أعضاء المجلس العسكرى ، وهو ما دعا الجميع أن يصفقوا لها ويهللوا ، لأنه يستجيب للإرادة الشعبية ، ولكن للأسف ... وسأكرر كلمة "للأسف" أكثر من مرة .. أنه لا يمضى أكثر من بضعة ساعات ، إلا ونجد المجلس العسكرى يصدر تصريح يكذب ما صرح به بعض قادة المجلس العسكرى ، فى وسائل الإعلام ، أو تناولته بعض المواقع على صفحات الإنترنت ، ويأتى التكذيب لهذه التصريحات دائما ، ليصب فى صالح الإخوان المسلمين .. وذلك ردا على التهديدات من جماعة الإخوان والسلفيين والحركات الثورية .. هذا الجمع الشيطانى الذى بليت به مصر بعد 28 يناير وحتى الأن ..
** تكرر هذا السيناريو مئات المرات .. بيان صادر عن أحد القادة بالمجلس العسكرى ، يعيد لنا البسمة والأمل .. يعقبه بيان يستنكر فيه ، ويكذب ما صرح به بعض القادة العسكريين ... والمحصلة ، أن المجلس العسكرى الذى يترأسه السيد المشير ، إستجاب لرغبات الإخوان ، وأجرى الإنتخابات الهزلية لبرلمان "قندهار" ، قبل إقرار الدستور .. ولو سألنا طفل فى المراحل الأولى من التعليم ، لا يشتغل بالسياسة ، ولا يستطيع أن يعرف حاصل جمع 3+2 ، لماذا إصرار جماعة الإخوان المسلمين على البرلمان قبل الدستور؟!!! ... ستكون الإجابة التى لا تحتاج إلى أى ذكاء وعناء .. هى أن الإخوان يريدون الهيمنة على مجالس البرلمان ، لأنه عند وضع الدستور ، سيقولوا نحن الذين نمثل الأغلبية ، ونحن الذين أتى بنا الشعب إلى هنا ، ونحن من حقنا أن نضع الدستور .. وقد سمعنا هذه العبارة التى ترددت أكثر من مائة مليون مرة فى الصحف ، وأمام جميع وسائل الإعلام ، وفى المؤتمرات ، وصباحا ومساءا ، وظهرا وعصرا ..
** هذه العبارة بالذات .. حذرت منها قبل الإنتخابات البرلمانية الأخيرة ، وتوقعت أن يحصل الإخوان على نسبة 85% من مقاعد البرلمان بالتزوير .. لأنهم يجيدون فن الكذب ، وفن الضحك على الجهلاء ، وفن التضليل لإرادة الشعب ، وفن دفع رشاوى غذائية ، لكسب أصوات الأغبياء والأميين والفقراء من هذا الشعب ، الذى لو ترشح الإخوان مائة مرة ، لفازوا بالبرلمان ... رغم كل ما يقال الأن ، لأنهم تيار منظم ، ومرحلى ، ومنتشر ، ويضخون أموالا طائلة فى سبيل الوصول إلى تحقيق أهدافهم .. بل ويوظفون الدين جيدا ، فى تهييج الرأى العام ، ويجيدون دق الأسافين ، وتأليف القصص المفبركة عن محاربة الإسلام .. ويرددون "الإسلام فى خطر" .. "إنقذوا الإسلام ياأبناء محمد " .. "حى على الجهاد" .. "الكفار قادمون ، وتدعمهم أمريكا" .. مع العلم أن أمريكا هى التى صنعتهم ، وهى التى مولتهم ، وساعدت على إسقاط النظام السابق .. ودفعت بأكثر من مليار ونصف المليار دولار لكل هذه الفئات لهدم وإسقاط مصر ..
** ومع ذلك .. نفاجئ بجماعة الإخوان فى كل لحظة يدعون أن أمريكا وإسرائيل هى العدو الأول لهم فى العلن .. وفى الخفاء ، يتم عقد الصفقات ، وتوضع سيناريو المؤامرات .. ومع كل ذلك ، ومع علم المجلس العسكرى جيدا عن سلوك ودموية وأكاذيب الجماعة ، نجده يسلم لهم مصر بطريقة "Imaging slow" .. أو بمعنى "التصوير البطئ" ....
** وهنا نضرب كف على كف .. ونحن نقرأ رسالة المشير إلى الشعب التى أرسلها للبرلمان .. وقرأها الدكتور "سعد الكتاتنى" ، وسط صيحات النصر وتهيل أعضاء برلمان "قندهار" ، والتى تقول .. "صدقت على القانون لصدوره من برلمان جاء بإرادة شعبية" .. لقد أصابنا تصريح المشير بالغثيان ، فبالأمس يعلن أنه "لا دخل للمجلس العسكرى بالسياسة ، ولسنا طرفا فيها .. فنحن لسنا بساسة .. ولن نسمح لأحد أن يجرنا إلى معترك السياسة ، أو إدخالنا طرفا فيها" .. ثم أشار إلى أن "المهمة الرئيسية للقوات المسلحة هى الدفاع عن مصر ، وحماية شعبها وأرضها " ..
** وهنا نقول لسيادة المشير .. قد نتفق معكم فى إلتزام الجنود الضباط بتنفيذ الأوامر للدفاع عن الوطن ، وحماية مقدراته ، والدفاع عن شعبه .. ولكن لا نتفق معكم أنه لا دخل للقوات المسلحة بالسياسة ، وأنكم لستم طرفا فيها .. فإذا كان كذلك .. لماذا قبلتم مهمة إدارة شئون البلاد من الرئيس السابق "محمد حسنى مبارك" ، بعد أن تنحى عن الحكم ، ووكل لكم إدارة شئون البلاد فى هذه المرحلة العصيبة .. أنتم تقولون لسنا سياسيين ، ولكننا عسكريين ..فكيف تقبلون الموافقة على إدارة شئون أكبر دولة فى منطقة الشرق الأوسط فيما قارب عامين .. إذن ، فأنتم أعلنتم عن فشلكم فى إدارة مصر فى تلك الفترة الحرجة جدا .. وربما ذلك يفسر هذا الإنهيار المروع فى كل مجالات حياتنا "إقتصاد .. سياحة .. فن .. أمن .. سلوكيات .. فوضى .. تخريب .. حرق منشأت ومؤسسات سيادية .. هجوم على المؤسسات الأمنية" ، حتى باتت مؤسسة الداخلية مهزوزة ، وتخشى التعامل مع التجمعات ، والفوضى .. ولا تملك إلا الدفاع عن المبنى الذى يحمل شعار الداخلية .. حتى الأقسام أصبحت ملطشة ، يتم الإعتداء عليها يوميا ، وتهريب السجناء .. وتحولت المحاكم إلى ساحات للبلطجة ، والفوضى لإرهاب للقضاة والتأثير على قراراتهم .. كما قدمت ألاف البلاغات ضد بعض المتأمرين على حرق مصر ، وتم ضبط أسلحة وأموال ومولوتوف معهم .. ومع ذلك يتم الإفراج عنهم ... وتحولت مصر إلى حدوتة ليس لها أى هدف أو معنى ..
** بجانب حدوتة هذا البرلمان الذى أعلننا فى أكثر من مناسبة أنه أسوأ برلمان فى تاريخ مصر !!! ... وهناك مئات الطعون بعدم شرعيته ، ومع ذلك يخرج علينا سيادة المشير ببيان يؤكد فيه أن إستجابته للبرلمان هى إستجابته للإرادة الشعبية ، لقد أتى هذا البرلمان فى أسوأ سيناريو يوضع لإنتخابات برلمانية يفشل فى وضعه جهابذة الشياطين .. وفى أثناء هذه الإنتخابات تساءل الكثيرين .. لماذا مرت مراحل الإنتخابات بدون عنف؟!! .. ولكنهم لو فكروا لحظة واحدة ، لكانت الإجابة من الإخوان أنفسهم ، وهم يرددون "لماذا الحاجة إلى العنف ، واللجنة بتاعتنا ، ونحن مسيطرين ، ومهيمنين ، على كل دوائر الإنتخابات البرلمانية" .. وتناسى الجميع عن عمد أو غباء ، أن الذين إستخدموا العنف فى برلمان 2005 ، هم الإخوان .. وقد سمحت حكومة "مبارك" بذلك .. ووصل عدد المقاعد لديهم 88 مقعد ، وكانوا يسعون بكل قوة ، حتى يصل العدد إلى 120 مقعد ، للوصول إلى ثلث المقاعد ، لتكون لهم إرادة قانونية ، فى الإعتراض على أى قانون يطرحه المجلس !! ..
** فهل لا يعلم المشير أو المجلس العسكرى ، لماذا سعى الإخوان للوصول للبرلمان ، وكيف إشتروا الإعلام بالكامل .. حتى حنفية المياة ، بدأت يتساقط منها إخوان بدلا من المياة .. مصيبة وكارثة أحاطت بمصر من كل جانب ، ومع ذلك ، يرفض كل المسئولين بالمجلس العسكرى سماع صوت الأغلبية ، بل يعترضون عليهم ، ويطالبوهم بالعودة إلى أعمالهم ، حتى لا تتعطل مصالح الوطن .. فى الوقت الذى يتركون ميدان التحرير للغوغاء والبلطجية ، ليحرقوا ، ويسبوا المجلس العسكرى .. ومع ذلك يستجيب المجلس لكل مطالبهم ، وينفذون رغباتهم فى الوقت الذى يطلقون على الملجس العسكرى ، فى وسائل إعلامهم ، وصحفهم ، وحواراتهم كلمة "العسكر" .. وهى كلمة تطلق على العصابات والمرتزقة ..
** قاد كل هذا السيناريو من الفوضى ، هذا البرلمان الإخوانى .. الذى لم يأتى بأى إرادة شعبية ، بل أتى بالتزوير ، والتدليس ، والترهيب .. فى حين أن المشير يرفض سماع صوت الشعب ، ويلبى طلبات الإخوان ، ويتم عزل اللواء "عمر سليمان" ، من قبل اللجنة العليا للإنتخابات ، وهم يزعمون أنه تم فرز الأصوات ، ووجدوها غير كاملة .. وهذا الزعم هو لتضليل الرأى العام ، وليس لسرد الحقائق ، والمطلوب أن يصدق الشعب هذا الهراء .. قد يقول البعض إذن ، لماذا تم عزل مجموعة أخرى بلغ عددهم 9 أفراد .. نقول لهم ، أن هناك فرق بين العزل على خلفية قضايا جنائية ، صنفت أمن دولة طوارئ ، وبين عدم إكتمال بعض الأصوات ، رغم تأكدنا التام أن هناك خطأ متعمد لإزاحة اللواء "عمر سليمان" ، من سباق الإنتخابات الرئاسية .. ثم يأتى الدور على الفريق "أحمد شفيق" ليستجيب المجلس العسكرى لمطالب برلمان "الجماعة" ، ويصدق على المشروع الذى تقدموا به ، لتحقيق أطماعهم فى التكويش على السلطة ، والإستيلاء على كل مؤسسات الدولة ، وبعد ذلك يخرج علينا تصريح المشير الساخر أنه يستجيب لأن هذا البرلمان يمثل إرادة شعبية .. وبذلك يتم عزل الورقة الأخرى من الكيان الوطنى المصرى ، وهو الفريق "أحمد شفيق" بزعم أنه من الفلول ..
** نقول للمجلس العسكرى .. أنه سيأتى الغد الذى سيطالب فيه الإخوان بمحاكمة كل أعضاء المجلس العسكرى ، بنفس التهم التى يحاكم بها النظام السابق ، ونقول لسيادة المشير .. لقد نفذ رصيدكم نهائيا من الشعب المصرى ، لأنكم لا تمثلون الشعب .. وأسف لهذا الوضوح ، الذى ما كنا نسمح لأنفسنا التعرض له ، أو الكتابة فيه ... ولكننا نجد أن المجلس العسكرى لم يلبى مطلب واحد للشعب المصرى ، وقد طالبناه فى أكثر من مرة أن ينزلوا الميادين ويعرفوا رأى الشعب الحر الشريف الأصيل ، ويبعدون عن الأماكن المغلقة ، التى يصدر من خلالها البيانات الفيسبوكية ، ويتخلوا عن المواقع الإلكترونية .. لأن مصر هى أعظم وأكبر من بيان يصدر عبر صفحة على الفيس بوك ، أو عبر جلسة تضم بعض الطامعين فى الوطن ..
** لقد أهنتم كل الزعماء السابقين ، عندما صرحتم أن العسكريين ليس لهم علاقة بالسياسة ، ولن يورطوا أنفسهم فى أى معترك سياسى ، وتناسيتم أن الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" هو أحد قادة الضباط الأحرار .. والرئيس الراحل"محمد أنور السادات" هو الذى حقق نصر أكتوبر العظيم ، وهو الذى أعاد الكرامة لكل العرب ، وكل الشعب المصرى .. والرئيس "محمد حسنى مبارك" هو الذى أكمل المسيرة ، وحرر كل شبر من أرض سيناء ، وتسلمها بالطريق السلمى من العدو الإسرائيلى ، وهذه هى المناسبة التى تحتفلون بها اليوم ، وتنصلتم من دوره العظيم فى الحفاظ على أرض مصر كل هذه الأعوام السابقة .. نعم هناك أخطاء ، ولكن أخطائهم لا تقاس أمام هذا السقوط الذى تذهب إليه مصر !!! ...
صوت الأقباط المصريين
0 comments:
إرسال تعليق