المسمار الأخير فى نعش مـصر/ مجدي نجيب وهبة

** على نار هادئة .. وبالتصوير البطئ .. يتم تشييع "جثمان مصر" ، بعد أن وضع فى التابوت ، ليدق المسمار الأخير بالنعش .. لقد كتبنا مئات المقالات ، بلا فائدة .. فى محاولة لإنقاذ "جثمان مصر" .. ولكن كان هناك إصرار من البعض على ربطها بأجهزة التنفس الصناعى ، وربطها بالمحاليل داخل غرفة العناية المركزة ، ومنع كل المحاولات لإنقاذها ، ومنع الزيارات عنها .. حتى تموت إكلينيكيا ، فلا تحتاج إلى شئ سوى فصل الأجهزة لتشييع الجثمان !!!! ...
** كتبنا وحذرنا .. ولكن يبدو أننا كنا كالبلهاء .. إنتقدنا الدور الإعلامى فى هدم وإسقاط مصر ، وإكتشفنا أننا كنا مغفلين .. فكل شئ مدروس بعناية فائقة .. إنتقدنا الصحف وتساءلنا "لمصلحة من هذه المانشيتات التى تحرض على كل مؤسسات مصر" ، فغفونا من نومنا ، لنكتشف أننا كنا سكرانين ، مش فاهمين .. سألنا من المسئول عن هذا الإنفلات .. لم نسمع إجابة من أى أحد .. بل لقد شاهدنا ورأينا تهديدات لكل من يقف ضد تيار الإخوان ليكشف عن جرائمهم ، فلا يستمع إليه أحد .. بل تتم إحالته للنائب العام ، والتحقيق معه بتهمة التطاول على الجماعة..  كما يتم الزج بالسجن ، لكل من كان بالنظام السابق ، حتى ولو كان من الشرفاء ، فالتهمة سهلة لا تحتاج إلى دلائل ، ولا أسانيد .. مثل تهمة موقعة الجمل الوهمية ، أو تهمة إفساد الحياة السياسية .. وتساءلنا .. أين العدالة ، ولم نكن نفهم ، فقد كنا أغبياء !!! ..
** كتبنا أن هناك فرق بين إسقاط قوانين فاسدة ، وأفراد فاسدين ، وبين إسقاط دولة ، فهتفنا وقلنا "فليسقط الفساد" ، ولكن لم نهتف أن تسقط مصر .. ولكن أن تسقط دولة بعظمة مصر .. فلم نصدق أنفسنا .. وإعتقدنا أنه كابوس سنفيق منه على غد مشرق ، وسوف نتذكره كأحلام عابرة لا يمكن أن تكون واقع يتعايشه الشعب المصرى ، فقمنا من غفوتنا لنكتشف أنه واقع وليس كوابيس ، وأن مصر أصبحت مطية فى أفواه العالم ، وحدوتة ساخرة ، يسخر منها الجميع  ..
** ولكن للأسف مع دقات الساعات الأخيرة بالأمس 23/4/2012 .. خرج علينا خبر كارثى .. إعتبرته أنا أنه المسمار الأخير فى نعش "جثمان مصر" .. كان عنوان الخبر .. "طنطاوى صدق على تعديلات قانون الحقوق السياسية" .. والتفاصيل "صدق المجلس العسكرى على تعديلات مباشرة الحقوق السياسية التى تهدف العزل السياسى لرموز النظام السابق ، وهو المشروع الذى قدمه نائب الإخوان ، والذى إتفق عليه كل أعضاء المجلس ، بحرمان كل رموز النظام السابق ، من الترشيح للإنتخابات الرئاسية ، أو ممارسة الحقوق السياسية .. وذلك لمدة عشر سنوات ، والذى أطلق عليه قانون "العزل السياسى" ..
** وفى نفس اليوم .. خبر أخر بعنوان "المشير طنطاوى فى سيناء : لا علاقة للجيش بالسياسة .. والرئيس القادم سيختاره الشعب" ... وقد أكد المشير "حسين طنطاوى" ، أنه لا دخل للقوات المسلحة بالسياسة ، ولسنا طرفا فيها ، فنحن لسنا بساسة .. ولن نسمح لأحد أن يجرنا إلى معترك السياسة ، أو إدخالنا طرفا فيها .. وأشار إلى أن المهمة الرئيسية للقوات المسلحة ، هى الدفاع عن مصر ، وحماية شعبها وأراضيها ...
** أما الفريق "سامى عنان" فقد تداولت مواقع على الفيس بوك ، تصريحات نسبوها للفريق ، منذ بضعة أيام ، تؤكد أن القوات المسلحة لن تقف مكتوفى الأيدى ، حيال تطاول الساسة والإعلاميين على رجالها ، وأبناءها ، ورجال الشرطة ، وقال .. "لن نترككم يامن تشعلون الفتنة ، ولن نرحل عن مصر إلا ونحن جثث همداء ، نموت لأجل هذا الوطن" ...
** وتبعا لقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، بالتصديق على قانون العزل .. قررت اللجنة الرئاسية للإنتخابات بالإجتماع العاجل ، فور نشر تعديلات قانون الحقوق السياسية المعروفة إعلاميا بقانون "عزل الفلول" ، لبحث إستبعاد الفريق "أحمد شفيق" من سباق الرئاسة ..
** وقد صدرت هذه القرارات تباعا بعد شغل الرأى العام ، ووسائل الإعلام والصحافة ، بخبر تداولته وهو قرار فسخ عقد تصدير الغاز إلى إسرائيل ، الذى لاقى إرتياحا شديدا بين المواطنين ، وإعتبره البعض أن إلغاء الإتفاقية حلم لكل المصريين ..  وأشادت حركة "حماس" الإسلامية بالقرار .. وإعتبره خطوة شجاعة فى الإتجاه الصحيح ، وهو خطوة "إستعادة مصر دورها الوطنى ، والقومى لدعم القضايا العربية ، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية" ...وصرح القيادى فى حركة حماس ، "محمود الزهار" ، عن أمله فى إتخاذ خطوات إيجابية لإمداد الشعب الفلسطينى بالغاز ، وقال "إن فلسطين أولى بالغاز المصرى" !!! ...
** وبالطبع أشاد مجلس الشعب "الإسلامى" ، بقرار وقف تصدير الغاز ، وأعرب مواطنى سيناء عن إرتياحهم الشديد للقرار ، وعودة حقوق مصر فى أسعار تصدير الغاز ، لزيادة الدخل القومى المصرى .. ولكننا نتساءل ، لماذا صدر هذا القرار الأن ، ثم يعقبه موافقة المشير على قانون العزل السياسى .. بل ويصرح سيادة المشير أنه لا علاقة للجيش بالسياسة ، والرئيس القادم ستختاره الشعب .. ومعنى خطاب المشير هو إنهاء ما تبقى من ثورة 23 يوليو ، وعدم الإعتراف بالرئيس "جمال عبد الناصر" الذى هو أحد قيادات الثورة العسكريين ، وقد أطلق عليه لقب "الزعيم" .. ومسح تاريخ الرئيس "السادات" ، وكذلك الرئيس "مبارك" ..
** وهنا نتساءل .. هل تناسى سيادة المشير أن الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" هو من الضباط الأحرار .. وأن الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" هو أحد رجال ثورة 23 يوليو ، الذى عين نائبا للرئيس "جمال عبد الناصر" ، ثم بعد وفاة عين رئيسا للجمهورية .. ثم عين "محمد حسنى مبارك" نائبا للرئيس "السادات" الذى أصبح رئيسا للجمهورية بعد إغتيال "السادات" من قبل جماعة الإخوان المسلمين ..
** هل تناسى المجلس العسكرى أن من قاد نصر أكتوبر 1973 هو الرجل العسكرى ، والرئيس "محمد أنور السادات" ، ثم أكمل "مبارك" المسيرة حتى 2011 ..
** وإذا كان الشعب إختار خلفا لمبارك ، اللواء "عمر سليمان" ، وهو ما أدى إلى هياج الإخوان وثورتهم ، وكأن الوطن أصبح مملوكا لهم ، يعزلون من يشاءون ، ويحاكمون من يرغبون ، فى الوقت الذى تناسوا فيه جرائمهم التى روعت شعب ووطن بأكمله ، وسجلت بقطرات من الدماء على صفحات التاريخ ، بل قد رأينا وشاهدنا تهديدهم المستمر للمجلس العسكرى ، وتوعدهم للواء "عمر سليمنا" بمحاولة قتلة .. وهى المحاولة الثانية ، بعد أن فشلت المحاولة الأولى ، عندما تم تعيينه نائب رئيس الجمهورية السابق .. فقد حاولوا إغتياله فى السيارة التى كان المفروض أن يستقلها ، وفى أخر لحظات ذهابه لتولى منصب نائب رئيس الجمهورية السابق ، تم تغيير السيارة ، وهو ما أدى إلى إغتيال حرسه الخاص فى السيارة الأولى ، وقد نجا اللواء "عمر سليمان" من هذه المحاولة الأثمة ، وتوفى حارسيه ، وحتى الأن لم تحقق أى جهات فى هذه الواقعة !! .. ثم إرتضى الشعب بقرار اللجنة الإنتخابية بإستبعاد اللواء "عمر سليمان" .. بزعم عدم إستكمال أصوات الترشيح !!!..
** والأن .. يأتى الدور على رجل الشعب الثانى ، ورجل مصر .. الفريق "أحمد شفيق" .. ليلبى المجلس العسكرى طلب مجلس الإخوان المسلمين ، حتى تقرر اللجنة طبقا لهذا القرار ، إستبعاد الفريق "أحمد شفيق" !!! .. ولأن القرار ينص على العزل السياسى لكل من عمل بالحياة السياسية ... فقد صرح المشير .. "أنه لا علاقة للجيش بالسياسة" .. إذن ، فطبقا لمشروع الإخوان ، فحكم "عبد الناصر" باطل ، وحكم "السادات" باطل ، وحكم "مبارك" باطل .. وبالتالى ، فكل ما بنى على باطل ، فهو باطل !!! ..
** فالمجلس العسكرى الذى عينه "جمال" ، أو إختاره "السادات" ، أو فى فترة "مبارك" .. هو باطل .. والشرطة باطلة .. والقضاء باطل .. والشعب باطل .. والإعلام باطل .. والسياحة باطلة .. والإقتصاد باطل .. والحكومة باطلة .. وكلنا باطلين .. وكلنا فلول .. وكلنا ينطبق علينا قانون العزل السياسى .. .. وأخيرا .. مصر باطلة .. ولا عزاء لوطن باطل بلا عنوان !!!!!......
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

CONVERSATION

0 comments: