شيعت الطائفة المارونية الاسبوع الماضي من مقرها العام في بكركي، احد ابرز مكفريها وقادتها الروحيين المطران انطوان حميد موراني بحضور بطركي الطائفة وجميع الاساقفة والقادة الروحيين وممثلي الرئاسات الثلاث.
عاش المغفور له حياة هادئة بعيداً عن الصخب وحب الظهور. وقد دفعه حبه للعلم والادب والعطاء الفلسفي الى تقديم استقالته مبكراً وقبل السن القانونية من رئاسة أبرشية دمشق المارونية ليتفرغ للتأليف الفلسفي وترسيخ جذور المسيحية العربية، فأصدر حوالي عشرة مؤلفات حول هذه القضايا نشرت معظمها دار »النهار« اللبنانية.
كان أستاذاً للفلسفة وتاريخ الأديان في جامعات اوروبية وفي لبنان، وكان معلماً وموجهاً لعشرات الاساقفة والكهنة البارزين منهم صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي الذي أبّن الراحل بكلمات تليق بمكانته وبما قدمه للطائفة المارونية والمسيحيين العرب عامة وللفكر الفلسفي وسائر مجالات الفكر والادب. ووري الثرى في مقابر البطريركية المارونية في بكركي عن عمر تجاوز الثمانين قليلاً.
لقد عرف المغفور له في الاوساط الفلسفية الاوروبية والعربية بفيلسوف الحقيقة، لانه ركز في مؤلفاته على ضرورة ان يكون الانسان ساعياً في كل توجهاته نحو معرفة الحقيقة ليتمكن من الالتزام بالعدالة وحقوق الانسان والتواصل مع الآخر، كما ان معرفة الحقيقة تؤدي الى إقامة أوطان ومجتمعات حضارية متماسكة تقدس الحرية وحقوق الانسان.
وعرف المطران موراني كداعية للانفتاح والتعايش ونبذ العصبيات الدينية والمذهبية وحتى القومية.لا شك ان للحبر الراحل انتاجاً غزيراً من المؤلفات الفلسفية والتاريخية والدينية والادبية لم يُنشر سوى القليل منها. ونأمل ان تشكل هيئة خاصة باشراف البطريركية المارونية لنشر مؤلفات الراحل الكبير. ونعيد التذكير هنا ان إنتاج بعض عظماء الموارنة من أمثال واكيم مبارك وميشال الحايك ما زال ينتظر من يهتم به وينشره لبنانياً وعالمياً. وقد فرحنا عندما سمعنا ان غبطة البطريرك الجديد أبدى اهتماماً حول هذا الموضوع وأصدر توصيات خاصة للاهتمام بنشر الانتاج الفكري للراحلين الكبار من أهل الفكر.
تعازينا الى الطائفة المارونية الكريمة والى أشقاء وشقيقات الراحل وعائلاتهم.
0 comments:
إرسال تعليق