همومك كبيره يا شعبنا في القدس/ راسم عبيدات


...... شعبنا العربي في القدس تتعاظم هموه يوماً بعد يوم،ولا يكاد يخرج من معركة حتي ينتقل الى معركة أخرى،أو قد تكون معاركه متشعبة ومتعددة وعلى اكثر من جبهة وصعيد في نفس الوقت،معارك يفرضها ويضبط ايقاعاتها الاحتلال،ومعارك أخرى بفعل ايدينا،بفعل جهلنا وتخلفنا وانعدام وعينا،بفعل ضيق افقنا،وما نشهده من حالة ضياع وتوهان،هو نتاج لتلك المعارك ولغياب المرجعية والعنوان المقدسي الموحد والجامع،وباختصار المجتمع المقدسي يتعرض الى حالة من الطحن والتفكك والذوبان.

واليوم مع اقتراب العام الدراسي الجديد لا أحد يعرف مصير أكثر من (614) طالبة من طالبات دار الفتاة اللاجئة الواقعة على شارعي المسعودي وصلاح الدين في قلب مدينة القدس،فصاحب/أصحاب الملك يصر/ون على الاخلاء ولديه/م من الحجج والذرائع الكثير،حيث السلطة لم تفي بالتزاماتها وتعهداتها المالية،واعتمدت سياسة المماطلة والتسويف مع أصحاب الملك،بل وحسب قولهم مست بكرامتهم،وبالمقابل السلطة تقول أن حاجتهم للمدرسة تدفع بأصحاب الملك لإبتزازهم،وأياً كانت الحجج والذرائع ومهما كان الخلاف نوعه وشكله وحجمه،فلا يحق للسلطة ولا لصاحب او اصحاب الملك تشريد أكثر من ستمائة طالبة مقدسية،في وقت نشهد فيه هجمة واسعة على قطاع التعليم في القدس،هجمة يراد لها صهينة المناهج الفلسطينية،فبدلاً من ان يوقع مدير التربية والتعليم الفلسطيني في القدس على أمر الاخلاء للمدرسة،وتصمت وزارة التربية والتعليم على ذلك أو تسلم به كان الأجدى بهم،التمسك ببقاء الطالبات في مدرستهن،والوصول الى اتفاق مع أصحاب الملك يضمن لهم حقوقهم وكرامتهم،واذا كانت السلطة على مستوى الوفاء بالتزامات استئجار مدرسة مقدسية غير قادرة،فهذا مؤشر على ما سيكون عليه موقفها من معركة المنهاج(تطبيق المنهاج التعليمي الاسرائيلي على المدارس الفلسطينية الخاصة في القدس) الذي تنوي بلدية الاحتلال ودائرة معارفها تطبيقه على المدارس الخاصة،فهذه المدارس حتى تجابه وتقاوم القرار الاسرائيلي وترفضه،وبعد أن لجأت الى أخذ المال المشروط من بلدية القدس،على السلطة ومعها كل القوى والاحزاب ومؤسسات المجتمع المدني البحث عن الطرق والاليات العملية التي تمكنها من المقاومة والصمود والرفض،ومن ضمن مقومات الصمود والرفض هذا، تقديم الدعم المادي لتلك المدارس،وأيضاً على الجهات القائمة والمشرفة على تلك المدارس دفع ضريبة الانتماء والصمود،مع تأكيدي على عدم تفاؤلي وثقتي بمواقف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية اولاً والسلطة الفلسطينية ثانياً من هذه القضية،حيث منذ أكثر من شهر طالبت القوى الوطنية المقدسية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بعقد لقاء لبحث هذه القضية،ولكن يبدو أن هذه القضية وغيرها من القضايا المقدسية ليست على أجندة اللجنة التنفيذية ولا السلطة الفلسطينية.

مافيات وعصابات من البلطجية والشبيحة ومعهم العديد من المحامين وللأسف العرب سواء من القدس او الداخل الفلسطيني – 48 - وآخرين ممن لا ضمير او انتماء لهم وبمعلومات توفر وتسرب لهم من داخل بلدية الاحتلال ودوائرها المختلفة،وبغطاء البعض ممن يعتبرون أنفسهم نافذين عشائريا او اقتصاديا او سلطويا ...الخ،يقومون بتزوير ملكية اراضي العديد من المواطنين في القدس،او يستغلون غيابهم لكي يقوموا بالاستيلاء على تلك الأراضي عبر بوابات التزوير والتهديد والبلطجة والزعرنة،ووضع اليد بالقوة على تلك الأراضي،وهناك من يستغلون أية خلافات أسرية اوعائلية او عشائرية حول ملكية الأراضي او الميراث ليحشروا انوفهم في تلك المشاكل من أجل الحصول على مبلغ من المال او حصة من الأرض،ولولا ضعف الحركة الوطنية الفلسطينية والسلطة لما تجرأت تلك المافيات أن تصول وتجول علناً وجهراً وتنهش هذه الأرض أو تلك،وهذه الظاهرة أصبحت منتشرة انتشار النار في الهشيم،وأصبح مطلوب من صاحب العقار او الأرض ان يثبت حقه في عقاره او ارضه،في وجه تلك المافيات والعصابات والبلطجية والزعران،وأحيانا اخرى يكتشف المواطن ان ارضه قد بيعت اكثر من مرة دون علمه،وحتى جرى تسريبها الى جهات مشبوهة وأخرى معادية،وفي ظل حالة الانفلات والفراغ السلطوي في القدس،وما تلقاه تلك العصابات والمافيات من تسهيلات ودعم من قبل الاحتلال وأجهزته المختلفة،فأنه لا بد من حراك شعبي وجماهيري ومؤسساتي واسع يفضح ويعري من يقومون بهذه الأعمال ومطالبة السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب الوطنية والاسلامية بتحمل دورها ومسؤولياتها بالعمل على محاسبة تلك العصابات والمافيات وبشكل رادع،فالأرض هي العنوان الأول والأخير للصمود،وكم من ارض او عقار سرب الى الاحتلال ومستوطنيه عن طريق مثل هؤلاء الشبيحة والبلطجية والزعران ومرضى النفوس؟.

الشباب الفلسطيني في القدس وهو الفئة الحية في المجتمع الفلسطيني،هو الأكثر استهدافاً من قبل الاحتلال الاسرائيلي وأجهزة مخابراته،والهدف واضح هو اخراجه من دائرة المقاومة والصمود والبقاء في بلده وعلى ارضه،وفي الجهة المقابلة لا يجد الشباب الفلسطيني الاهتمام الكافي لا من السلطة او القوى والاحزاب ولا المؤسسات التي تضع لهم الخطط والبرامج والمشاريع المستجيبة لأهدافهم وتطلعاتهم او الحاضنة والراعية لطاقاتهم وابداعاتهم،ولذلك في الكثير من الاحيان تجد في القدس مجموعات كبيرة من الشباب المقدسي في حالة من التوهان والضياع وتسير بلا هدف،سوى التسكع والدوران في الشوارع،وابعد من ذلك تلحظ مدى حالة الضياع تلك من خلال الأغاني العبرية المنطلقة من مسجلات سياراتهم،او مطاردتهم وملاحقتهم للفتيات في الشوارع والمس بهن ليس من خلال الترخصات والألفاظ الخادشة للكرامة والحياء العام،بل تصل احيانا حد التحرشات الحسدية،وهذا الكم الكبير من الشباب لو وجد حضانة ورعاية،كما كان قبل أوسلو من قبل الأحزاب والتنظيمات،حيث كان هناك برامج توعوية وثقافية وأنشطة تطوعية ومناشطات وطنية،وكانت تتسابق الفصائل والأحزاب وتتبارى في تأطير الطلبة واستقطابهم وتوعيتهم وتثقيفهم جماهيرياً ووطنياً،وكذلك الشباب الجامعي والعمالي وغيرهم.

أما اليوم فتجد الطلبة في حالة عزوف عن التنظيمات والأحزاب،وانتمائها لتك الأحزاب والتنظيمات في جزء كبير منه، ليس عن قناعة او وعي،بل بحكم العلاقات الأسرية والعائلية والعشائرية والمحيط الاجتماعي،فالفرد أو الطالب ينتمي الى هذا الحزب او ذاك،من أجل أهداف وطنية ومهنية ومطلبية وديمقراطية ،وقناعات فكرية وسياسية،ويرى في تلك الأحزاب القدوة والمثل والقدرة على ترجمة الأهداف والشعارات الى حقائق ووقائع على الأرض،ولكن عندما يجد أن تلك الأحزاب والتنظيمات مأزومة وغير قادرة على حل همومها ومشاكلها،يصبح يبحث عن العمل والتأطير خارج تلك التنظيمات،والحراك الشبابي والائتلافات الشبابية المتشكلة فلسطينياً بفعل التأثر بالثورات العربية أو الحالة الفلسطينية البائسة،هي تعبير عن عدم الرضى عن دور الأحزاب والتنظيمات،او قدراتها على تغير الواقع.

وعلى التنظيمات أن تعيد النظر ببرامجها وطرق وأليات عملها،وحتى شروط عضويتها،وان تفسح المجال والطريق للشباب لتبوء مراكز قيادية،بعيداً عن الاشتراطات التعجيزية،فالقيادات النمطية والمتكلسة في الأحزاب والتنظيمات دمرت أحزابها وأضعفتها،وهي تجتر نفس الكليشهات والشعارات،والتي الكثير منها تجاوزتها حركة الواقع،فالقيادات الحزبية والسياسية التي لا تجيد استخدام التكنولوجيا،هي قيادات متخلفة،لن تساهم في تطور أو تغير أو نهوض لا وطني ولا حزبي ولا اجتماعي،ونحن نشهد في الساحة الفلسطينية أن من يقسمون ويشرذمون،هم نفسهم من يوحدون ويجمعون؟.

CONVERSATION

0 comments: