المعارضات السورية ومؤتمراتها والخطوط الحمر/ محمد فاروق الإمام

بداية أنا لست ضد أي نوع من المؤتمرات السورية المعارضة سواء في الداخل أو الخارج، ولست ممن أنزع إلى وصف بعض المشاركين بالعمالة أو الخيانة أو محاولة التسلق على جثامين الشهداء أو خطف الثورة من أصحابها الحقيقيين، الذين نزلوا إلى الشارع يتصدون لقمع النظام الوحشي بصدورهم العارية وأيديهم الخالية من كل شيء إلا من أغصان الزيتون والورود، لقناعتي أن النظام السوري الذي حكم لنحو نصف قرن قد فرض على سورية التصحر الفكري ومنع أي تحرك سياسي أو اجتماعي أو إنساني خارج قبة حزب البعث وشعاراته التي جعلت منه المادة الثامنة من الدستور القائد والموجه للمجتمع والدولة لنحو أربعين سنة، أطفأ خلالها سرج عقول السوريين وعمل على محو ذاكرتهم، ولابد من التلاقح الفكري وصقل الأفكار المتبادلة والتعارف وتعلم الحوار وتقبل الرأي والرأي الآخر.
ولست ممن يمنح صكوك الوطنية والخيانة لهذا الناشط أو ذاك مهما اختلفت معه في الرؤى والتوجهات والاعتقاد، أو الدين والمذهب والعرق، طالما كل هؤلاء يحملون الهوية الوطنية السورية التي هي من حق الجميع كالهواء والماء والغذاء، ومن حق الجميع أن يعبروا عن وجهة نظرهم بأسلوب حضاري شفاف فلكل منا ما يؤخذ منه ويرد عليه.
ولكن هذا لا يمنع من وضع الخطوط الحمر أمام بعض من هؤلاء المحاورين أو المندسين إذا جاز التعبير في مثل هذه المؤتمرات:
1-صهيوني معادي للقضية الفلسطينية التي هي قضية العرب الأولى التي هي جزء من ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا وأحلامنا، فالمعادي للقضية الفلسطينية هو معادي للثورة السورية وللشعب السوري.
2-مندس يحمل شهادة حسن سلوك من أعداء الأمة ويسعى لتنفيذ أجندة خارجية معادية، ويدعو إلى التدخل الأجنبي العسكري.
3-مجرم تلوثت يداه بدم أبناء الوطن، أو كان جزء فاعل من هذا النظام، قبل أن يعلن توبته، ويقدم اعتذاراً علنياً ويرد المال العام الذي نهبه، وانتظار قرار العدالة بعد تحقق قيام قضاء عادل في سورية ليعطي حكمه فيه.
4-أحد أبواق النظام أو من هو جزء منه مهما كانت صفته الاعتبارية أو الوظيفية.

وغير هؤلاء لا خطوط حمر أمام أي مشارك في هذه المؤتمرات سواء ما يعقد منها داخل الوطن أو خارجه، فالكل بحاجة إلى أن يلتقي مع الآخر بدون شروط مسبقة أو فرض أجندة بعيداً عن منطلقات الثورة وهدفها المعلن وهو إسقاط النظام وقيام الدولة المدنية المنشودة التي يتساوى فيها كل أبناء الوطن بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب أو الطائفة أو المعتقد الفكري من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار فسماء الوطن وأرضها تتسع للجميع.
فانا مع انعقاد مؤتمر أنطاليا ومؤتمر بروكسل ومؤتمر سمير أميس وما يحضر له من مؤتمرات في الداخل والخارج طالما أنها تلتزم بأجندة الثورة وأهدافها ولا تدعي التحدث باسمها أو السعي للالتفاف عليها أو خطفها، وهدفها دعم الثورة والشد من أزرها وتقويتها وتثبيت مواقفها ودفع عجلتها وكسب التأييد لها عربياً ودولياً بكل الوسائل والسبل المتاحة والتي يمكن الوصول إليها لتفكيك النظام وإضعافه، وإسقاط أوراق التوت عن عوراته ونزع أقنعة الزيف والخداع عن وجهه، ومحاصرته سياسياً واقتصادياً وإنسانياً.

CONVERSATION

0 comments: