مجزرة اوسلو تفقأ عين الجزيرة/ سعيد الشيخ

تابعت أخبار"مجزرة اوسلو" منذ المساء والى ساعة متأخرة من ليل السبت، متنقلا ما بين قناة الجزيرة والقناة السويدية الثانية التي كانت تنقل مباشرة ما يعرضه التلفزيون النرويجي.
ينتابني الهدوء على رغم هول المأساة أثناء متابعتي للتلفزيون السويدي الذي ينقل عن التلفزيون النرويجي الذي حسم الامر بأن الجاني هو رجل نرويجي..وأصاب بالامتعاض والاستفزار من قناة الجزيرة التي كانت تبث تقريرا مكررا يوحي بأن من قام بالهجومين هي "القاعدة" أو مجموعات اسلامية متطرفة تأخذ من فكر القاعدة منهجا وسبيلا، بدليل ان الهجومين يحملان بصمات القاعدة ويشبهان تفجيرات ستوكهولم التي وقعت في العام الماضي.. هكذا كان يقول التقرير.
ولكن تأبى الاحداث والوقائع الا ان تفقأ عين "الجزيرة"، التي تصر على رؤية الاحداث كما هي تريد وليس كما يمضي الواقع.
كانت الشرطة النروجية وبعد ساعات قليلة من انفجار "اوسلو" وما تلاه من هجوم على معسكر الشبيبة في إحدى الجزر بالضواحي قد أعلنت عن القبض على رجل نرويجي ظهر في معسكر الشبيبة مرتديا زي الشرطة كمشبوه يقف خلف الحادثين.
وبدت الجزيرة وكأنها آخر من يعلم بهذا الخبر، متماهية مع كبريات وسائل الاعلام الاوروبية والاميركية المحسوبة على اليمين والمعادية للاسلام التي راحت تشير الى جماعات اسلامية تقف خلف المجزرة المروّعة.
هل هذه سقطة محرر صحفي أم سقطة إدارة كاملة في الجزيرة عندما تحاول أخذ دور البوليس في تحليلها للبصمات وتوزيع الاتهامات قبل إعطاء الجهات الامنية المعنية تصريحات بالشأن.. وما هي الدوافع السياسية التي تجعل من الجزيرة منبرا لبث الخوف لملايين العرب والمسلمين الاوروبيين الذين توجسوا في البداية من ان يكون الفاعل حقا من جماعات محسوبة على الاسلام والعرب.
لقد كان التلفزيون النرويجي في غاية الذكاء عندما جعل من نص القاء القبض على الرجل النرويجي لازما على الشاشة طيلة البث المباشر، وذلك لتبديد ردود الفعل والانتقام من ان تحدث ضد المهاجرين وخاصة المسلمين والعرب.
الجزيرة تتخبط وتتهاوى منذ بداية ثورات الربيع العربي.. ما عادت المنبر الصادق والامين عندما بدأت تضع نفسها في قلب الخبر وتتدخل في صناعته لصالح المموّل الذي ما عاد يكفيه الاستثمار بالنفط فبدأ يستثمر في السياسة ويملك اجندات سياسية تخذل الكثيرين ممن يؤمنون بالقضايا العربية وطنيا وقوميا.
والسؤال الصارخ هنا: هل باتت الجزيرة عبأ على العرب؟
المتمعّن في الدور الذي تلعبه الجزيرة في سوريا وليبيا، حتما سيجد الجواب... والقصف الاعلامي والسياسي الذي تقوم به في ليبيا لا يقل خطورة عن القصف العسكري الذي تقوم به قوات "الناتو".
وفي اليوم التالي من المجزرة على المرء الكثير من التأمل في خبر الجزيرة الذي يقول: "ان المتهم قد انكرجميع التهم المنسوبة اليه" في حين تجمع الوكالات ان المتهم يتعاون مع التحقيقات وقد اعترف بما هو منسوب اليه لكراهيته للاجانب.
* كاتب وشاعر فلسطيني مقيم في السويد

CONVERSATION

0 comments: