قراءة في تصريحات السيد الرئيس/ صلاح الوادية


خلال لقاء الرئيس محمود عباس وفدا برلمانيا أردنيا بمقر الرئاسة في مدينة رام الله يوم الاربعاء الموافق 6/7/2011، جاء بكل شاردة وواردة في الوطن، وتناولها بما يتناسب مع مصلحة القضية ومصلحة الشعب من وجهة نظره، وبما يراه مسارا جيدا لحل القضية، طبعا للرئيس حق اتخاذ الخيارات بما يجده مناسبا لكل قضية على حدى وفق معايير ومقاييس وطنية تحكم الجميع.

نحن جميعا كثيرا ما عولنا على حكومات إسرائيلية سابقة تلي حكومات متشددة، وعولنا على اليمين وكاديما وأحيانا على أيهود أولمرت ولكننا ننسى أن هناك قواعد وثوابت صهيونية تحكم القاصي والداني في إسرائيل، سواء كان متطرف أم غير متطرف، ومن يقترب منها ربما يلقى مصير رابين حمامة السلام الأولى في اسرائيل كما يعتبرونه، فسيادة الرئيس تطرق إلى ما تم الاتفاق عليه في المفاوضات حول الأمن في عهد أيهود أولمرت ذلك الذي قتل ألاف الأطفال الأبرياء وقطع ملايين الأشجار وقصف ألاف البيوت بمعنى أنه دمر غزة جزئيا، نحن لم نحقق شيئا في المفاوضات في عهد أولمرت لنستذكره ونفضله على الرئيس الإسرائيلي الحالي نتنياهو.

كما قال سيادته (إن المفاوضات هي الأساس للوصول إلى الحل، ولا يوجد عندنا خيارات، ولن أعود للانتفاضة المسلحة، بل خيارنا هو الخيار السلمي الذي بدأ الربيع العربي يطرحه وينادي به)، على أي أساس بنى كلامه السيد الرئيس بأن المفاوضات هي الأساس للوصول للحل، هل حقق قبل ذلك حلولا مجدية وحقيقية ومرضية من خلال المفاوضات، هل تحررت غزة من خلال المفاوضات، هل رفعت مئات الحواجز من الضفة، هل أخذتم شيئا من القدس، ماذا جلبت لنا المفاوضات لتكون أساس الحل الوحيد، إن الجزء الذي تحرر في الوطن إنما تحرر من خلال المقاومة مثلما تحرر الجزء الأكبر من جنوب لبنان أيضا من خلال المقاومة، إن إسرائيل لا تحترم إلا من يؤلمها لا من يستجديها.

نعلم سيدي الرئيس أن سيادتكم لا خيارات لكم سوى المفاوضات ولكننا نتيقن أن الشعب الفلسطيني أمامه العديد من الخيارات التي اختارها في السابق وقد يبدع غيرها في المستقبل إذا عاد الأمر إليه، فهو أول من رسم معادلات جديدة بدءا بالكفاح المسلح مرورا بانتفاضة الحجارة انتهاء بانتفاضة الأقصى الذي امتزج فيها الثائر الصغير حامل الحجارة بالثائر المسلح، وما بينهما من مؤتمرات ومفاوضات، أليس كل تلك صنعها الشعب الفلسطيني وأبدع فيها وجلبت نتائج ابتداء بمدريد وأسلو وانتهاء بأنابوليس، إن انعدام الخيارات هي رؤيتكم سيدي وليس خيار الشعب، بإمكانك أن تعود لشعبك باستفتاء نزيه لتعرف ما هي خياراته.

كيف علمت سيدي أن الخيار السلمي هو خيار الربيع العربي، لقد جاء الربيع العربي بثورات سلمية لإسقاط أنظمة حكم مستبدة وفاسدة وبعد أن نجح الخيار السلمي في تونس ومصر وفشل في ليبيا واليمن انتهجت الشعوب العربية الخيار المسلح لإتمام المهمة وإسقاط الأنظمة البائدة، إذن الشعوب العربية جربت النهج السلمي ونجحت حين فشل في مكان آخر لجأت للسلاح، ليس الهدف المفاوضات وإنما هي وسيلة وإن فشلت كما في حالتنا مع الإسرائيليين علينا أن نبحث عن خيارات أخرى قد تجدي نفعا.

(بالنسبة لنا المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات، وفي حال فشل هذا الخيار فإنه لا يبقى أمامنا بعد الله سبحانه وتعالى إلا التوجه إلى أعلى منبر عالمي وهو الأمم المتحدة)، هكذا وصف السيد الرئيس المفاوضات، أرى أن لا أحد اليوم يتمسك بأمه كل التمسك كما أوصى بها الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال (أمك ثم أمك ثم أمك) وغالبا ما تقاسم الزوجة مكانة الأم عند الرجل أو الوالد ينازعها المكانة، ولكن الأخ أبو مازن وضع المفاوضات بمقام الأم بل متمسك بها أكثر، وأتساءل سيدي الرئيس لو لا سمح الله فشلنا في أيلول على منبر الأمم المتحدة ماذا ستفعل حينها طالما أنه هذا الخيار الأخير، نريد جميعنا أن نعرف ما هي خططكم في حال فشلنا في أيلول.

وفي رد سيادته على ما قالته الولايات المتحدة الأمريكية بأنها ضد توجهنا للأمم المتحدة وأنها ستستخدم الفيتو قال (قلنا لهم إذا المفاوضات باتت معطلة وتريدون منا التوجه للأمم المتحدة فما هو الخيار الثالث؟! ، فقالوا لا يوجد عندنا؟...)

إن كان مصيرنا بيد الولايات المتحدة فعلينا السلام، إن كان تحررنا مرتهن بخيارات غيرنا فبئس التحرر، إن كان رئيسنا لا يعلم مصيره ومصير شعبه ويريد من غيره أن يقرر مصيره فويل لنا، ألا يدري الرئيس أن الولايات المتحدة هي الحليف الأول لإسرائيل وهي الحامي الأول لها والفيتو الأمريكي حاضر في كل حين، فأي خيار الذي تنتظره من الأمريكان يا سيدس؟!!

إن شعب غير قادر على اتخاذ خياراته ورسم سياساته لا يستحق تقرير مصيره.

أما فيما يتعلق بالحكومة الفلسطينية المنتظرة فقد قال سيادته فيها الكثير أهم ذلك أنه (يريد حكومة قادرة على جلب أربعة مليارات ونصف)، في إشارة منه إلى فياض وكيف له ذلك وهو مدين للبنوك وعنده عجز مليار دولار وغير قادر على جلب هذا المليار، وغير قادر على دفع رواتب موظفيه، سيدي الرئيس نعم الدكتور فياض لديه الكفاءة ولكنه ليس متفردا ولا منقطع النظير، فلسطين أجمل ما فيها أنها ولادة وبها بدل الفياض آلاف قادرون على إتمام ما يقوم به فياض وزيادة (وإذا على القبول الدولي يا سيدي أنت العنوان).

لدي سؤال برئ وبسيط وفعلا أريد والكثير يريدون إجابة له ولو تكرمت سيدي ليخرج أي خبير اقتصادي من مكتبك يقول لنا كيف وأين تصرفون 58% من الموازنة العامة في قطاع غزة، في حين أن كل ثقلكم في الضفة الغربية ؟.

يعجبني يا سيدي صراحة نواياكم فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية فلقد قلت بشكل واضح أننا بحاجة لها (من أجل أن نذهب موحدين للأمم المتحدة) هل وحدة الشعب أهم أم مشروع في علم الغيب سيدي الرئيس.

كاتب ومحلل سياسي

http://salahwadia.blogspot.com


CONVERSATION

0 comments: