حل الدولتين : تحليل معرفي/ د. أحمد محمد المزعنن



أولاً : (دولة فلسطينية)

مصطلح جديد أو طُعْمٌ من نوع المصطلحات ذات البريق الإعلامي الذي يدغدغ المشاعر ،فمَنْ هو الفلسطيني الذي لا يهتز كيانه طربًا عندما يرى أو يسمع أن هناك من يعمل على انتزاع هذا الاسم المقدس من بين أنياب عصابة المجرمين اليهود المغتصبين،الذين حاولوا طمسه وتغييبه منذ أن ابتليت الأرض المقدسة (فلسطين)بتدنيسهم لترابها هاربين من الهولوكست الأوروبي(المزعوم) باحثين عن مأوى أو ملجأ؟ ولم يجدوا إلا الأرض المقدسة المباركة فلسطين الخالدة مكانًا يؤويهم مع ما كانوا يخفون في نفوسهم الدنسة ،وضمائرهم الخربة من الشر والغدر والخديعة،وقد كان الشعب الفلسطيني العظيم حينئذ ،وقبل تدخل النظمة العربية في الصراع قادًا على دفن هؤلاء اللصوص المجرمين في تراب شاطىء بحر بلاده العظيمة،قبل أن يدنسوا بقية بقاعه،وتعطيهم بريطانيا الدولة المستعمرة آنذاك زما المبادرة،وتحمي بداية غرس كيانهم الإجرامي ،وتحرس الهجرات الأولى وتمنحهم الأرض الأميرية والأوقاف ليقيموا عليها المستوطنات والمستعمرات الأولى ،على الساحل أولاً،ثم تغلغلوا تدريجيًا إلى الداخل على مراحل مدروسة.

وهذا المصطلح (دولة فلسطينية) تطوير إعلامي معرفي ظهر على يد الدبلوماسي الأمريكي جورج ميتشل،أي أنه صناعة صهيوينة أمريكية إلى جانب المصطلح المعرفي الذي ألقاه فريق العمل الأمريكي على لسان الجنرال كيث دايتون وهو مصطلح (الفلسطينيون الجدد)،على الرغم من أن رئيسهم السابق بوش الابن كان قد تبناه كذبًا ونفاقًا وإغراقًا في التضليل والتعمية،وإضاعة للوقت حتى انتهاء ولايته؛ليتلقفه الرئيس الجديد باراك حسين أوباما،ويقذف به في المستنقع العربي والفلسطيني من خلال (غزوته السلمية) المبكرة،وفي بيانه المخادع المغلف بالبلاغة المصطنعة،والذي أطلقه من جامعة القاهرة إلى العرب والمسلمين.

الدولة الفلسطينية التي يرأسها حاليًا رئيس انتهت شرعيته الوطنية:محمود رضا عباس مرزا ،فاقد الهلية ولاشرعية،رأس المحتالين الذين يسوقون قضية وطننا باسم مبادرة السلام العربية،سمسار أوسلو ورأس جواسيسها ،هذه أل(دولة فلسطينية)الخديعة، تقول لفلسطين الحبيبة الحقيقية،فلسطين الوطن،فلسطين الأرض والقضية والشعب،فلسطين الانتماء بكل ما يمثله الوطن من عنفوان وكرامة،فلسطين التاريخ والجغرافيا المثقلين بعبق الأمجاد والقداسات،فلسطين الحقيقة والواقع والماضي والحاضر والمستقبل والبداية والمآل ،تقول لكل هؤلاء:إلى اللقاء في مدافن القصائد،وفي بطون التاريخ،وفي الأحلام الوردية للشعب الذي يزداد عزلة يومًا بعد يوم عن قضيته،وفي حمأة مطاردة أبنائه،وقتلهم بدم بارد في الضفة على يد السلطة،وفي غزة على يد اليهود،ومن ينسق معهم من الجيران:الإخوة الأعداء،وفي غياب شبه تام من فلسطينيي الشتات إلا من رحم ربي .

ثانيًا : دولة إسرائيل أل ( يهودية)

متاهة من نوعٍ آخر

في حلبة السياسة الدولية،ومنذ ظهور الكيان اليهودي الصهيوني بعد انهزام سبع دول عربية أمام العصابات اليهودية في عام 1948م،ثم طوال الهزائم المتوالية للأنظمة العربية أمام اليهود،كان هؤلاء المجرمون الغزاة يلعبون على سلبيات التعدد والاختلاف في الموقف العربي الرسمي،بالإضافة إلى غياب ثم تلاشي الضغوط الشعبية في الوطن العربي الممتد من شواطىء الأطلسي غربًا إلى شواطىء الخليج العربي وجبال كردستان وجبال طوروس اللتين تشكلان الحد الطبيعي للوطن العربي شرقًا،وقد بلغ الاغتراب العربي لمفردات الصراع مع اليهود ذروته بتوقيع اتفاقيات السلام مع اليهود الغزاة من جانب الحلفاء الثلاثة : مصر والأردن والسلطة الفلسطينية العميلة .

وظل التراجع والتنازل عن استحقاقات الحق الطبيعي في فلسطين يتوالى حتى بلغ ذروته فيما يعرف باتفاقيات أوسلو ،ثم ونتيجة للمعارضة الشديدة لتطبيق استحقاقاتها دعمها النظام الرسمي العربي بالمبادرة العربية للسلام 2002م في مؤتمر القمة في بيروت ، وهذه المبادرة تطوير سلبي عكسي تراجعي للنقاط الأربعة المشهورة في مؤتمر الرباط ، ولكن الأمر الجديد هو استحداث منصب إدارة أو وكالة جديدة لتسويق الفشل والتنازل والتخاذل والإحباط وزرع بذور اليأس على مستوى خمسين دولة عربية وإسلامية،وتعيين محمود رضا عباس مرزا وكيلاً أو مديرًا لها على رأس فريق أوسلو المشؤومة من الهابطين والساقطين وطنيًا وعقليًا وأخلاقيًا ومهنيًا،من معدومي الضمائر،ناقصي الأهلية.

ونظرًا لتمكن اليهود والحركة الصهيونية من نخب المجتمعات الغربية فقد استطاعوا أن يطابقوا بين سياساتهم وسياسات تلك الدول،ووظَّف الصهاينة قوى الغرب الرأسمالي لخدمة التفسير الأحادي لكل مفردات الصراع في مراحله المختلفة. وكانوا قد سيطروا منذ الثورة البلشفية أكتوبر 1917 م على النخب في الأحزاب والتنظيمات الاشتراكية واليسارية فيما كان يعرف بدول الستار الحديدي أو الكتلة الشرقية عن طريق التغلفل في الأوساط القيادية للأحزاب الشيوعية التي كان معظم مؤسسيها ودعاتها وفلاسفتها وقادة التوجيه فيها من العنصر اليهودي الخزري ، وعن طريق المال والإعلام الجماهيري الذي كان الهدف منهما إغراق العالم في وحل الفكر والاقتصاد الاستهلاكي الترفي الذي يفقد الإنسان معه القدرة على التمييز القيمي ،وتبين الحق من الباطل ، دولة إسرائيل اليهودية تطوير جديد لمفهوم يهودية الدولة الذي واجه معارضة شديدة ، وتسويق أميريكي متزامن مع تسويق المصطلح الوردي : الدولة الفلسطينية ! ولكن هل هما متساويان على أرض الواقع وبمنطق الحل السلمي إن كان هناك ثمة نية حقيقية لحل الصراع كما يقترحه مستر باراك حسين أوباما أو كما رُسِمَ له ليتبناه ويلقي بثقله الرسمي خلفه ؟

يبدو الأمر وكأنه مجرد تلاعب بالألفاظ،ولا يعدو أن يكون شراكًا ينصبها الصهاينة من خلال الإدارة الأمريكية الجديدة التي تحاول أن توهم العالم أنها إدارة مختلفة،وتتبع نهجًا أدار ظهره لكل السياسات العدوانية الخرقاء التي انتهجتها الإدارة السابقة ،وهو ادعاء مكشوف الضعف،يفتقر إلى المنطق وأقل درجات المصداقية .

الدولة الفلسطينية : مفهوم حقيقي أقدم من عشرات الكيانات السياسية والوطنية التي ظهرت نتيجة لاتفاقية سايكس ـ بيكو 1916م وما بعدها من الأحداث الدولية،وذلك لو قدر له أن يقوم على أرض الواقع ويستمر في النمو والتطور الطبيعيين كي يصبح دولة ذات كيان متميز بعمقه التاريخي ورمزيته وقداسته الثقافية والدينية والإنسانية ،وطبيعته التي لا مثيل لها على وجه الأرض، وموقعه الفريد،وكما حدث ذلك للكيانات العربية والدولية في إطار الأمم المتحدة والنظام الدولي الجديد،الذي يزعم أنه يصون الحقوق الإنسانية ويدعم التطلع الإنساني إلى الحرية والديموقراطية،وكما وقع لأي جماعة بشرية تستوطن إقليمًا ما من أكبرها كالصين وروسيا والولايات المتحدة إلى أصغرها كجمهورية أندورا في جبال البرانس (مساحتها 50 كيلومتر مربع ) وإمارة ليشتنشتاين على حدود النمسا،وإمارة موناكو في الريفييرا وبعض جزر المحيط الهادي،كان يفترض في الشعب الفلسطيني أن تكون له دولة في ظل الانتداب البريطاني.

وجود فلسطين وكيانها وواقعها ووزنها أكبر من أن تحتويه دولة حقيقية تمارس سلطة زمنية على مجمل مساحتها التي تشمل بالضرورة الأراضي والأقاليم التي يجري فيها نهر الشريعة(نهر الأردن حاليًا)فلسطين أكبر وأعظم من أن يجلس فيها جواسيس يتنافى وجودهم مع القداسة التي جبل بها ترابها،وخالطت أنفاس هوائها،ومحال أن تدوم لعصابات إجرامية مغتصبة للتاريخ والجغرافيا والواقع.

وأين بعض الكيانات القطرية القزمية من الكيان الفلسطيني، ولا نذهب بعيدًا فقطر والبحرين نموذجان عربيان وغيرهما من تلك الكيانات التي لم يكن لها وجود يوم أن كانت فلسطين ملء السمع والبصر،وسمح لهذه الأقطار ولغيرها بالظهور والاستمرار والعطاء الطبيعيين وتتحول إلى وضع الدولة في التطور القانوني الطبيعي،وذلك عدم غزوُها من عدو إحلالي عبارة عن تجميع عدواني من نفايات الأمم الأوروبية،وغيرها بمؤازرة الأمم الظالمة لتأسيس كيان من نسج الخرافات والأساطير وبفعل القوة الغاشمة،وهو (إسرائيل):(ال دولة ال يهودية )كما ألقاه على ساحة المفاهيم السياسية الحالية كل من ميتشل وأوباما؛استمرارًا لتكريس واقع قام على التلفيق والكذب والظلم ،في حالة إنسانية فريدة ،وفي محاولة لفرض حل مستحيل بالشروط الأمريكية المتماهية مع الألاعيب والعبث الصهيوني في سابقة إنسانية لم يشهد التاريخ لها مثيلا،وهذا ما يجعلنا نشك كثيرًا في هذا (الفيلسوف الحكيم) القادم من بلاد المادة واللامعيارية والافتقار إلى العدل نحو الشرق موطن الحكمة والأديان السماوية؛ليفرض شرعًا يتصادم مع شريعة الله.

ثالثًا : ابحث عن بريطانيا

تحت كل حجر عثرة في طريق يوجد رأس إنجليزي

وهنا نتوقف عند ( أل التعريف ) في كلمتي : ال دولة ال يهودية ، فهي لم ترد صدفة أو من قبيل التزويق اللفظي ، بل إنها في غاية الخطورة من حيث المدلول السياسي الدولي ،وهنا نذكر القرار رقم 242 الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي الذي وضع صياغته مندوب بريطانيا بمجلس الأمن اللورد كارادون Caradon Lord ، وتبناه المجلس في 22 نوفمبر 1967م وذلك في أعقاب العدوان اليهودي على مصر وسوريا والأردن في يونيو 1967م ،ذلك العدوان الذي يطلق عليه العرب النكسة تمييزًا له عن النكبة ،والذي نتج عنه احتلال مساحات واسعة من أراضي تلك الدول ، والجدل الطويل والتضليل المعرفي المقصود الذي حدث حول ما ورد فيه في تعبير انسحاب إسرائيل من ( أراضٍ محتلة Occupied Territories) بصيغة التنكير ،والتنكير في اللغات يفيد المجهولية والتعمية وعدم التحديد والعموم،وليس من ( ال أراضي المحتلة Occupied Territories The) بصيغة التعريف ،والتعريف يفيد التحديد والحسم والخروج من الجدل، وقد استخدم الصهاينة صيغة التنكير لإنكار إلتزامهم الدولي،والتهرب من الانسحاب مما احتلوه من الأراضي حتى هذه الساعة حيث يحتلون أرضًا سورية ولبنانية و( فلسطينية :الضفة الغربية التي كانت حينها تتبع الدولة الأردنية في القانون الدولي ) . النص الإنجليزي للمادة الأولى من القرار رقم 242:

( i ) Withdrawal of Israel armed forces from ( … ) territories occupied in the recent conflict.

الترجمة : انسحاب قوات إسرائيل المسلحة من ( ... ) أراضٍ اٌحْتُلَتْ في النزاع الحالي (يقصد 5 يونيو 1967م) .

وسيجد من يتابع مفهوم الدولة اليهودية أن المقصود به العمق التاريخي والواقع الجغرافي والصبغة الدينية التي تعتبر الدين بديلاً عن المرجعية إثنية المفتقدة ، وليس مجرد سياق سلوكي وثيولوجي وأيديولوجي ينظم علاق الإنسان بمعبوده ، وأول نتيجة عملية طبيعية لهذ المكون المعرفي الجديد بعد أن يكتسب الشرعية هي طرد من تبقى من الشعب الفلسطيني متشبثًا بأرضه ، متمسكًا بجذوره إلى خارج حدود الدولة اليهودية ، وتدفق الملايين إلى أرض الميعاد تحت مسمى ( اليهودية ) في ظل الوضع الدولي والإنساني الحالي حيث تسمح ظروف تحالفات الكيان الصهيوني وعلاقاته العميقة مع الغرب بأن تتشكل الولاءات لكل من يجد مصلحة شخصية أو رسمية مشتركة بحمل أكثر من جنسية ،بحيث لا توجد فواصل بين من هو يهودي حقيقة وغير اليهودي ،وتؤدي هذه المجهولية المعرفية إلى إغراق المنطقة العربية بموجات متوالية من الغزو العسكري والاقتصادي الذي يتغلف بأغلفة المصالح الحقيقية والمزعومة والمشاركة والسياحة والرحلات ، وسوف يمضي اليهود بعيدًا منطلقين من هذا المفهوم الجديد لتطبيق استحقاقاته ، فإذا كانوا قد استمروا 42 سنة يجادلون في دلالة ( أل التعريف ) التي تعمد المندوب البريطاني كرادون بحذفها من كلمة ( مناطق ) ،وقد فعلوا الأفاعيل بعد عام 1967م ، مما لا يقع تحت حصر من الجرائم في المحيط الموجود حولهم ، فمن يستطيع أن يتخيل نتائج ما سوف يفعلونه عندما يتم الاعتراف بِ ( ال دولة ال يهودية ) التي يريد جورج ميتشل وأوباما ومجموعات التلفيق والكذب والاحتيال الدولي تسويقها وتثبيتها في الثقافة العربية والإسلامية ،أولاً على مستوى الأنظمة والحكام المستضعفين ،ثم على مستوى الشعوب التي سيتم ترويضها بكل أساليب الإذلال والتجويع والبطش ليجعلوها تقبل الشىء ونقيضة ، كما حدث طوال عقود من الصراع ، ويجعلونها تتنكر لثوابت تاريخها وثقافتها ووجودها وأصول دينها الذي يتضمن كتابه السماوي نصوصًا دينية محكمة صريحة تحرم هذا الاعتراف ، ويشتمل على منهج كامل لتفسير وتأصيل الصراع مع النقيض اليهودي الوجودي ،ولا ينكر ذلك أو يلتف حوله أو يتجاهله إلا منافق أو كذاب أو مخالف خارج عن نصوص الشرع الصريحة المحكمة المعلومة من الدين بالضرورة ، أيًا كانت صفته أو مكانته أو رتبته ؟

إن اليهود حاليًا يعتقدون أنهم قد حققوا يهودية الدولية بالقتل والتدمير والإجرام ، وهي استحقاقات ثقافة ترسخت أصولها لقرون طويلة في نفوس وعقول أجيال طالها الكثير من احتقار الجنس البشري ؛ نتيجة لخصائص الفساد والإفساد المتجذرين في الشخصية اليهودية ،وهم حاليًا يعتبرون أنفسهم في بداية مرحلة جديدة يؤسسون لِِ (ال دولة ال يهودية THE Jewish State ) ، وَ ( أل التعريف ) تُعرَفُ في اللغة العربية ( بأل العهد ) ، أي أنها تعطي المعنى التالي للاسم الذي تسبقه : إن تلك الدولة المقصودة بالتعريف هي التي عهدتَها أيها القارىء أو المستمع أو السياسي أو المفاوض أو الرئيس أو أيها الزعيم ، أي أنها الدولة التي كان لها وجود سابق على الحدث الحالي الذي يقع في زمنه الخطاب الإنساني ،وهو في مرحلة التدخل الأمريكي الحالي بعد خطاب أوباما وتحركات وتصريحات ميتشيل يعبر عنه باستئناف المفاوضات سعيًا للتوصل إلى حل الدولتين .

والسؤال الذي يطرح نفسه حاليًا:أين كانت هذه الدولة اليهودية Jewish State THE التي حددتها ( أل التعريف التي تقابلها في اللغة الإنجليزية حرف THE )؟وفي أي مكان قامت ؟وفي أي زمن؟ وما مواصفاتها؟

فأنتم أيها الكذابون اليهود القتلة أغراب غزاة ولا يزال هذا مسلككم وسمتكم الغالبة عليكم منذ أن قذفت بكم الدول الأوروبية خارجها كما تقذف النفايات والقاذورات والملوثات ،وحتى هذه الساعة ،أنتم لم تكونوا في زمن ، فتفتقرون إلى البعد الزمني ، ولم تكونوا في مكان ، وبهذا تفتقرون إلى البعد المكاني ، وأصحاب المكان لا يزالون أحياء شهودًا على أنكم أنتم الأغراب وهم أصحاب الحق الشرعيون .

أيها اليهود الغزاة:سيبزغ فجر الحقيقة التي تهزم باطلكم،وسوف تنقلب كل أفعال التزييف والتزوير التي قمتم ولا زلتم تقومون بها على البشر ،سوف تنقلب عليكم دمارًا وعارًا يكمل سلسلة الوصم الذي وصمكم بها المنهج الرباني الحق بالإفساد والفساد والإجرام المتأصل في طبيعتكم التي لم تعرف يومًا السلام ،ولم تستقر على معايير وقيم مما يقدسه البشر .

ثم إن الحكم في الشرائع السماوية والوضعية هو للأغلبية : ولا يُبنى على مروق بعض من يتسمون بالفلسطينيين من أصحاب الطماع الدنيوية،والأحلام المريضة والضمائر الخربة ،والنوايا الفاسدة ، بل الحكم لمن يعرفون الحق ، ويدافعون عنه ، ويتحملون التضحية في سبيل الوصول إليه ،بهذا تنطق شريعة السماء وشرائع أصحاب العقول السليمة التي لا تتناقض مع الحق الذي لا يتعدد.

رابعًا : الدور الأمريكي المضلل الجديد

الدليل الأكبر على ما نذهب إليه هو الخديعة الكبرى في المدخل السياسي والمعرفي الذي دخل منه ميتشل واقتنع به أوباما وسوّقه عربيًا وإسلاميًا في خطابه في القاهرة ،المدخل الاحتيالي الخديعة هو الاصرار على اختزال الحقوق الإنسانية التاريخية والوطنية التي لا تقبل التنازل ،وببساطة اختزال الوطن الفلسطيني بكل ما يمثله للإنسان في مجرد وقف الاستيطان والتصدق بما اطلقوا عليه الدولة الفلسطينية على عملائهم محموعة جواسيس وسماسرة أوسلو ،وقد التقط الصهاينة هذه الجزئية وجعلوها جوهر القضية فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها؛بهدف صرف النظر عن الجوانب الأساسية للصراع والتي يجري حاليًا دفنها واعتبارها مجرد شعارات غير قابلة للتنفيذ ،بحيث يجري استبعادها وإزاحتها عن أجندات عملية التفاوض التي يتحرق إليه الفريق الفلسطيني،ويتظاهر الصهاينة بعدم جدواه،وطرح بدائل جديدة استثمارًا لحالة الضياع والانقسام الفلسطيني ،والانصراف الكلي للمجموعة العربية عن مجريات القضية ،واختزالها أيضًا في جهود مصر للحوار والتوفيق بين الفلسطينيين .

والدليل الثاني :الاندفاع الأمريكي نحو المنطقة بطريقة لا تترك مجالاً للشك من أن الولايات المتحدة هي الحاكم الفعلي المتحكم في مجريات الأمور بها ،وأنها هي التي تحل وتربط تحت مفهوم خادع فضفاض باسم الشراكة ؛بحيث تعود الثقة إلى الدور الأمريكي لدى الجماهير التي فقدت ثقتها في أمريكا وفي كل من يسير في ركابها ، وكل ذلك تكريس لعملية الغزو العدواني الذي قادته مع بريطانيا ودول ما يعرف بالتحالف دمروا به العراق ،وسرقوا مقدراته ، وشتتوا أهله ، وقتلوا مئات الآلاف من شعبه ،وزرعوا الفتنة بين طوائفه ،وفسخوا وحدته ،ومستفيدين من الخوف والريبة وانعدام الثقة التي يستشعرها كل من يعيش في هذه المنطقة نتيجة للعدوان الأمريكي المعزز بالأساطيل الجوية والبحرية والأقمار الصناعية ،وكل ما توصلت إليه الآلة الحربية لهذه الدولة العدوانية المتحالفة مع أحط نظام عنصري .

خامسًا : البيان الفلسطيني (2)

هل من استفاقة قبل فوات الأوان ؟

الفلسطينيون في سباق مع الوقت ،ولا أقصد الفلسطينيين بالداخل فهم ميؤوس منهم ولا خير فيهم ليس أقل من أنهم يدعمون الجاسوس العميل محمود عباس الذي فتنهم ،وفسخ وحدتهم ،وقتل ويقتل أبناءهم ،وحاصرهم ويحاصرهم مع حليفه الصهيوني بدعم من دولة الظلم أمريكا ،ولكن أقصد الغالبية الصامتة المحيّدة المغرّبة من الشعب الفلسطيني،عليهم أن ينتبهوا إلى تصفية قضيتهم وبشكل نهائي بالتنسيق المطلق بين الأنظمة العربية وسلطة محمود عباس العميلة،والصهاينة المحتلين،والولايات المتحدة الأمريكية قلعة الصهيونية وموئل الظلم والعدوان الإجرامي ضد الإنسانية ،وضد الإسلام والمسلمين والأمة العربية وكل أحرار العالم.

وفي هذه الحالة لا يبقى للفسطينيين غير أن يعزلوا كل الزعامات المفرطة ،فيتبرأوا منهم ومن أفعالهم،وأن يدوسوا على رؤوس قادة فصائل الهزيمة ورموز الأحزاب الانتهازية من اليساريين المنافقين،وخفافيش مصاصي دماء الوطن من الخونة والجواسيس والعملاء،وأن يفتكوا بهم في انتفاضة لا تترك لهم أخضرَ ولا يابسًا،وأن يغسلوا أنفسهم من أدران الاستسلام لمشروع أوسلو المشؤومة التي ما جلبت غير الخزي والعار والانقسام والدماء والإجرام في حق الوطن،وما هو قادم أعظم وأذل وأخزى،ثم ينهضوا بواجبات مقاومة عدوهم المحتل لأرضهم ،وعليهم أن يتدبروا أمرهم ويستبدلوا كل ما جاءت به سلطة أوسلو المشؤومة العميلة بمؤسسات وطنية حقيقية تصمد في وجه الغزو اليهودي ،وليعلموا إن إرادة الشعوب الحية لا تهزم أبدًا إذا وجدت قيادات وطنية مخلصة،وسيفرضون شروطهم على العدو والصديق ،وإلا فإنهم سيصبحون مجرد قصة للتسلية وإنتاج الأفلام والمسلسلات كقصة تغريبة بني هلال الشعبية والزير سالم ، والزناتي خليفة ولكن بصيغة أخرى مخالفة تمامًا .

أيها الفلسطينيون وطنكم يباع ويسلم يدًا بيد للصهاينة وأنتم تتفرجون واجمون ، أنتم وحدكم القادرون على هزيمة صفقة بيع بلادكم ، الوقت يمضي بسرعة والريح تمضي رخاءً للسماسرة والتجار والمنتفعين :من الفلسطينيين والعرب واليهود والأمريكان ،وأنتم وحدكم في النهاية من سيخسر وطنه عنوان كرامته ورمز عزته:فلسطين ،هل لديكم ما هو أغلى من فلسطين ؟ قوموا ! استيقظوا ! اصحوا ! أفيقوا ! ثوروا ! تمردوا ! انتفضوا ! هبوا في وجه الظلم !

الحل الراهن

ضرورة عقد مؤتمر قوى الشعب العام لقطع الطريق على سلطة أوسلو العميلة وانجرافها في الطريق التدميري الذي تحول إلى إجراءات عملية تمارس على الضفة بعد تدمير غزة وحصار أهلها وبدء ظهور مؤشرات على التأسيس للفتن التي تغذيها الأطراف المعادية لحماس ـ طليعة كفاح الشعب ـ ومعها بعض فصائل المقاومة،مؤتمر قوى الشعب يعزل مجموعة العملاء ويسحب البساط من تحت أقدام كل المتآمرين على قضية الوطن المقدسة.

((عمل ساعة أفضل من كلام قرن كامل))

(... والله غالب على أمره ولكن أكثرالناس لا يعلمون .) (يوسف 21)


CONVERSATION

0 comments: