كان الاختلاف الذي نشب بين المسلمين حتى قبل أن يدفنوا جثمان نبيهم المسجى مجلبا للدهشة بشكل غير متوقع من جيل تنسم ضوع الرسالة وتوضأ بعبق النبوة ولامست أياديه يد النبي وسمعت آذانه حديث المبعوث. أما وقد حدث ما حدث فمن العار علينا أن نبقى عالقين في أجواء ذلك الخلاف بعد مرور خمسة عشر قرنا، والأكثر عارا أن نجد بيننا من يوقف حياته ووجوده على هذا الخلاف كليا فيترك البحث والدرس وطلب العلم والعمل ويقصر جهده على قضية واحدة هدفها توظيف الخلاف لتكفير المسلم الآخر وإخراجه من الملة وتحليل قتله وسلب ماله لأنه بزعمهم أشد خطرا على الدين من اليهود والنصارى.
أنا واقعا من خلال متابعتي لحراك اليهود والنصارى في العالم وفي العراق لم أجد خطرا حقيقيا يتهددني من فعلهم بقدر شعوري بالخطر الذي يمثله المسلم الآخر، ولقد وجدت غير المسلمين أكثر طلبا للألفة من بعض المسلمين، ولذا أرى أن من يحشرهم في خلافه مع الآخر يبغي تعميما معروف الهدف والغاية والمقصد.
أنا واقعا من خلال متابعتي لحراك اليهود والنصارى في العالم وفي العراق لم أجد خطرا حقيقيا يتهددني من فعلهم بقدر شعوري بالخطر الذي يمثله المسلم الآخر، ولقد وجدت غير المسلمين أكثر طلبا للألفة من بعض المسلمين، ولذا أرى أن من يحشرهم في خلافه مع الآخر يبغي تعميما معروف الهدف والغاية والمقصد.
واليوم حيث يتواصل البشر عبر الأثير في كل أرجاء المعمورة يتبادلون الخبرات والثقافات والمعلومات بات من المحزن والمؤسف أن لا نكون مثلهم أو لا نتشبه بهم، وان نعمل خلافهم فنقطع أواصر ما بيننا من وشائج ونمحو ما بيننا من اهتمامات ومشتركات، ونلغّم المنطقة الفاصلة بكل أنواع الأسلحة بما فيها أسلحة الدمار الشامل بدل أن نبحث عن نقاط مشتركة ممكن أن نلتقي من خلالها لنفتح حوارت علمية نبحث عبرها عن حلول لمشاكلنا التاريخية الباهتة التي حشرنا انفسنا في أجوائها عنوة.
كفانا استهتارا بالقيم وتدليسا وكذبا بادعائنا الصدق مع أننا غير صادقين مع ذاتنا ومع الآخر ومع محيطنا الآدمي كله. نحن كذابون ومدلسون مع ذواتنا ومع الآخر أي كان، ونحن نختلق المشاكل ونبحث عن النزاعات لنحقق من خلالها المكاسب لأنفسنا أولا ولجماعتنا ثانيا قبل أن نبحث عما يدعم هويتنا الكبرى ويقوي الأواصر بيننا، فكم هو قبيح منظر المسلم الذي يحتقر مسلما آخر لمجرد انه من غير مذهبه أو إنسانا آخر لمجرد انه من غير ملته أو دينه مع أن الإسلام أوصانا بالعدل ووضع لنا نظرية (السواسية) كأسنان المشط ونظرية (التقوى) من حيث التكريم.
إن تنمر الجاهلين وتشيخ المغرضين دفع شبابنا للبحث عن كل ما يسيء إلى المسلم الآخر دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث في عقائدهم عن المواقف التي أتخذها شيوخهم من موضوع الخلاف المعني، فكم من مسألة نشروها في شبكة الانترنيت ظنا منهم أنها تطعن بالآخر وتوهن قدره ثم تبين أنها عند الآخر أكثر قربا لروح للإسلام مما هي عندهم في عقائدهم، ومع ذلك لا يتراجعون بل يكفرون بفضيلة الاعتراف بالخطأ فيملأون غرف البالتوك يقضون فيها ساعات طوال يتبادلون الحديث بأقذع الألفاظ واكره الكلمات وأحقر المسميات، يسب بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، ويكفر بعضهم بعضا، فيتحولون إلى زنادقة فاجرين كفرة في الأقل كل منهم في نظر الآخر، وكلهم في نظر الآخر من أتباع الديانات الأخرى.
خذ مثلا موضوع (المتعة) الذي أصبح الشغل الشاغل للأمة وكأنها لا تجيد غير الجنس والحديث عن العلاقات الجسدية، حيث يؤمن به احد الأطراف حكما شرعيا له قوانينه وقواعده واستخداماته وأوقاته وموجباته وحليته ومحرماته، وهو مع إيمانه هذا لا يعمل به لأن الاعتراف بصحة حكم لا تعني وجوب العمل به دونما باعث وجوبي. ويؤمن الطرف الآخر بحرمته القطعية باعتبار أن سيدنا عمر بن الخطاب (رض) حرمه اجتهادا في زمن خلافته بعد أن عمل به المسلمون طيلة زمن البعثة وخلافة أبي بكر الصديق (رض) وردحا من خلافة عمر.
هذا الموضوع المعقد تحول اليوم إلى فتنة عصماء عمياء تستنهض روح الكراهية والحقد بين المسلمين ولاسيما الشباب منهم، وكأن هذا الحكم النبوي الذي لا يوجد ما يثبت نقضه أو إبطاله صار الميزان المعياري بين الحق والباطل، الإيمان والكفر، من دون كل الموازين العظيمة الأخرى.
كفانا استهتارا بالقيم وتدليسا وكذبا بادعائنا الصدق مع أننا غير صادقين مع ذاتنا ومع الآخر ومع محيطنا الآدمي كله. نحن كذابون ومدلسون مع ذواتنا ومع الآخر أي كان، ونحن نختلق المشاكل ونبحث عن النزاعات لنحقق من خلالها المكاسب لأنفسنا أولا ولجماعتنا ثانيا قبل أن نبحث عما يدعم هويتنا الكبرى ويقوي الأواصر بيننا، فكم هو قبيح منظر المسلم الذي يحتقر مسلما آخر لمجرد انه من غير مذهبه أو إنسانا آخر لمجرد انه من غير ملته أو دينه مع أن الإسلام أوصانا بالعدل ووضع لنا نظرية (السواسية) كأسنان المشط ونظرية (التقوى) من حيث التكريم.
إن تنمر الجاهلين وتشيخ المغرضين دفع شبابنا للبحث عن كل ما يسيء إلى المسلم الآخر دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث في عقائدهم عن المواقف التي أتخذها شيوخهم من موضوع الخلاف المعني، فكم من مسألة نشروها في شبكة الانترنيت ظنا منهم أنها تطعن بالآخر وتوهن قدره ثم تبين أنها عند الآخر أكثر قربا لروح للإسلام مما هي عندهم في عقائدهم، ومع ذلك لا يتراجعون بل يكفرون بفضيلة الاعتراف بالخطأ فيملأون غرف البالتوك يقضون فيها ساعات طوال يتبادلون الحديث بأقذع الألفاظ واكره الكلمات وأحقر المسميات، يسب بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا، ويكفر بعضهم بعضا، فيتحولون إلى زنادقة فاجرين كفرة في الأقل كل منهم في نظر الآخر، وكلهم في نظر الآخر من أتباع الديانات الأخرى.
خذ مثلا موضوع (المتعة) الذي أصبح الشغل الشاغل للأمة وكأنها لا تجيد غير الجنس والحديث عن العلاقات الجسدية، حيث يؤمن به احد الأطراف حكما شرعيا له قوانينه وقواعده واستخداماته وأوقاته وموجباته وحليته ومحرماته، وهو مع إيمانه هذا لا يعمل به لأن الاعتراف بصحة حكم لا تعني وجوب العمل به دونما باعث وجوبي. ويؤمن الطرف الآخر بحرمته القطعية باعتبار أن سيدنا عمر بن الخطاب (رض) حرمه اجتهادا في زمن خلافته بعد أن عمل به المسلمون طيلة زمن البعثة وخلافة أبي بكر الصديق (رض) وردحا من خلافة عمر.
هذا الموضوع المعقد تحول اليوم إلى فتنة عصماء عمياء تستنهض روح الكراهية والحقد بين المسلمين ولاسيما الشباب منهم، وكأن هذا الحكم النبوي الذي لا يوجد ما يثبت نقضه أو إبطاله صار الميزان المعياري بين الحق والباطل، الإيمان والكفر، من دون كل الموازين العظيمة الأخرى.
ومع ذلك الخلاف القاسي نجد في أغلب مجتمعاتنا ولاسيما التكفيرية منها بحثا دءوبا عن أنواع من الزيجات التي يعتقد البعض أنها تحل المشاكل الآنية القائمة. وبعد أن استنسخوا جزء من أحكام المتعة واستعاروه لمشروعهم أطلقوا على ما جاءوا به أسماء ما انزل الله بها من سلطان مثل (الزواج السياحي) أو (زواج المصياف) أو (الزواج الصيفي) أو (زواج المسفار) وهي جميعها أسماء لمسمى واحد قريب الشبه بما يعرف عندهم باسم (الزواج بنية الطلاق) الذي هو الآخر أحد المشاريع التي استنسخوها من حكم المتعة وأطلقوا عليه ذلك الاسم، علما أن الخلاف وصل بين العلماء إلى أعلى مدياته حيث أباح بعضهم "الزواج بنية الطلاق" للمضطر والمسافر وغيرهم ولم يبيحوا "الزواج الصيفي" بسبب اختلاف الاسم لا اختلاف الصيغة بدلالة أنهم عندما وضعوا مقارنة بين الزواجين لم ينجحوا في معادلة الكفة وإليك أقوالهم:
أولاً: في الزواج السياحي السفر مقصود به الزواج أو هو أحد أبرز مقاصده، أما في الزواج بنية الطلاق فالسفر كان لحاجة معينة، وأثناء الإقامة لهذه الحاجة خاف الإنسان على نفسه من الوقوع في المحرم فرغب في الزواج لذلك، ولم يسافر بغرض الزواج.
ثانياً: الطلاق في الزواج السياحي متعين لدى الزوج بوقت معروف مسبقاً في الغالب وهو وقت انتهاء الإجازة وعودة السائح إلى بلده، والذي يكون محسوباً بحجز الطيران، وعادة يكون محدداً بالساعة والدقيقة ومؤكداً، أما الزواج بنية الطلاق فلا يكون بهذا التحديد الدقيق في الغالب، بل قد يزيد أو يقصر حسب انتهاء الحاجة والعمل المقصود بالسفر.
ثالثاً: أن الزواج السياحي غالباً ما تدفع إليه الحاجة المادية للزوجة وأهلها مع علمهم بطريق غير مباشر بنية الطلاق، أما الزواج بنية الطلاق فقد يكون الدافع ذلك وقد يكون غيره من إدارة الإنجاب أو الإعفاف أو نحو ذلك.
المشكلة ان أمر الابتداع لم يقف عند هذا الحد فدون هذين الأنموذجين من الزواج هناك عشرات الأنواع المخترعة المبتدعة المخالفة للشريعة أشهرها "تبادل الزوجات"[1] حيث أعلنت السلطات المصرية أنها اعتقلت زوجين كانا يروجان للجنس الجماعي، وتبادل الزوجات على موقع فيسبوك الاجتماعي في 26/3/2012 و"زواج المسيار" وهو: أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدًا شرعيًا مستوفي الأركان لكن المرأة تتنازل عن السكن والنفقة. وأخرها تقليعة "زواج ملك اليمين"
المشكلة ان أمر الابتداع لم يقف عند هذا الحد فدون هذين الأنموذجين من الزواج هناك عشرات الأنواع المخترعة المبتدعة المخالفة للشريعة أشهرها "تبادل الزوجات"[1] حيث أعلنت السلطات المصرية أنها اعتقلت زوجين كانا يروجان للجنس الجماعي، وتبادل الزوجات على موقع فيسبوك الاجتماعي في 26/3/2012 و"زواج المسيار" وهو: أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدًا شرعيًا مستوفي الأركان لكن المرأة تتنازل عن السكن والنفقة. وأخرها تقليعة "زواج ملك اليمين"
ولا ادري لماذا امتنع المبتكرون عن البحث في حكم المتعة بحثا علميا أكاديميا منصفا عسى أن يجدوه أو يجدوا فيه حلا للمشكلة بدل أن يبحثوا عن طرائق تهين المرأة وتعيدها إلى عصر الرق وملك اليمين لكي يحل للرجل مجامعتها ويحق لها نزع الحجاب في الطرقات والأسواق.
لقد استفزني موضوع زواج ملك اليمين الذي أثاره الداعية المهندس خريج الأزهر عبد الرؤوف عون لما فيه من تحقير وامتهان للمرأة وخروج على ما تعارفت عليه الأمم والشعوب المعاصرة، ولكن استفزني أكثر واستوقفني طويلا قول المهندس المبتكر المبتدع عن زواج المتعة: "إننا كمسلمين حالياً نقوم بتعقيد الأمور أكثر من اللازم، ومنها ما كانت مباحة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل نظام ملك اليمين ونظام زواج المتعة الذي كان مباحاً.... نظرتنا خاطئة لملك اليمين، ونظرتنا خاطئة لزواج المتعة"
فغالبا لا يصدر مثل هذا الاعتراف الخطير عن المعترضين على حكم زواج المتعة إلا بعد معاناة كبيرة يمرون بها وهي التي تمنحهم الشجاعة ليتحدوا المجتمع ويعترضوا على من أبطل حكما شرعيا وعلى من أخذ برأيه من العلماء وأسقط رأي رسول الله (ص)
وأنا هنا أسال: لماذا حقا لا نراجع مواقفنا من بعض مواطن الخلاف أو مسبباتها مثل زواج المتعة وموقف الأطراف منه؟ إن تمسك الشيعة بصحة حكم زواج المتعة لا يعني أنهم يشجعونه أو يمارسونه في حياتهم اليومية، وأنا رغم بلوغي الستين لم أرى أحدا مارس المتعة إلا مرة واحدة وكان الرجل فيها مطلقا، معنى هذا أن الشيعة يريدون محاربة أي عمل يهدف إلى تحريف العقيدة حتى ولو من خلال إبطال حكم بسيط، وبالتالي أجد كل من يتهمهم بأنهم أولاد متعة متجن عليهم بما ليس فيهم.
كما أن رفض السنة الاعتراف بشرعية زواج المتعة لا يعني أنهم لا يمارسون أنواعا غريبة أخرى من العلاقات الحميمة تفوق الإيمان بصحة زواج المتعة آلاف المرات، وهي من السوء بحيث تبدو المتعة مقارنة بها كما هو الفرق بين الزواج الشرعي الدائم والزنى.
ولكن كما قالوا: رب ضارة نافعة، فما سببه المهندس الداعية الأزهري من ضرر نفعنا في تبيان خلاف المسلمين بشان المتعة التي أراهم بحاجة ماسة إليها اليوم أكثر من أي يوم آخر بدل أن ينغمسوا في ملذات محرمة تقودهم إلى جهنم.
إننا اليوم بحاجة ماسة إلى مراجعة بعض المواقف التي أخذناها ممن سبقنا على علاتها سعيا منا باتجاه التطوير والتنوير، ونحتاج كثيرا إلى أن نحسن الظن بالمسلم الآخر بدل أن نبحث له عن هنات وزلات يوجد في قاموس حياتنا ما هو أدهى منها وأمر، ولا تنسوا أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، ونحن في شهر كريم أبواب العفو فيه مفتحة تبحث عمن يريد الاعتراف والتوبة.
فغالبا لا يصدر مثل هذا الاعتراف الخطير عن المعترضين على حكم زواج المتعة إلا بعد معاناة كبيرة يمرون بها وهي التي تمنحهم الشجاعة ليتحدوا المجتمع ويعترضوا على من أبطل حكما شرعيا وعلى من أخذ برأيه من العلماء وأسقط رأي رسول الله (ص)
وأنا هنا أسال: لماذا حقا لا نراجع مواقفنا من بعض مواطن الخلاف أو مسبباتها مثل زواج المتعة وموقف الأطراف منه؟ إن تمسك الشيعة بصحة حكم زواج المتعة لا يعني أنهم يشجعونه أو يمارسونه في حياتهم اليومية، وأنا رغم بلوغي الستين لم أرى أحدا مارس المتعة إلا مرة واحدة وكان الرجل فيها مطلقا، معنى هذا أن الشيعة يريدون محاربة أي عمل يهدف إلى تحريف العقيدة حتى ولو من خلال إبطال حكم بسيط، وبالتالي أجد كل من يتهمهم بأنهم أولاد متعة متجن عليهم بما ليس فيهم.
كما أن رفض السنة الاعتراف بشرعية زواج المتعة لا يعني أنهم لا يمارسون أنواعا غريبة أخرى من العلاقات الحميمة تفوق الإيمان بصحة زواج المتعة آلاف المرات، وهي من السوء بحيث تبدو المتعة مقارنة بها كما هو الفرق بين الزواج الشرعي الدائم والزنى.
ولكن كما قالوا: رب ضارة نافعة، فما سببه المهندس الداعية الأزهري من ضرر نفعنا في تبيان خلاف المسلمين بشان المتعة التي أراهم بحاجة ماسة إليها اليوم أكثر من أي يوم آخر بدل أن ينغمسوا في ملذات محرمة تقودهم إلى جهنم.
إننا اليوم بحاجة ماسة إلى مراجعة بعض المواقف التي أخذناها ممن سبقنا على علاتها سعيا منا باتجاه التطوير والتنوير، ونحتاج كثيرا إلى أن نحسن الظن بالمسلم الآخر بدل أن نبحث له عن هنات وزلات يوجد في قاموس حياتنا ما هو أدهى منها وأمر، ولا تنسوا أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، ونحن في شهر كريم أبواب العفو فيه مفتحة تبحث عمن يريد الاعتراف والتوبة.
0 comments:
إرسال تعليق