وزراء عسكر وحرامية/ صالح الطائي

في نظام مثل النظام المعمول به في العراق اليوم يتوجب على الوزراء كلٌ من موقعه العمل على خدمة القضية الأكبر قبل التفكير في العمل على خدمة الفئة أو القومية أو المذهب أو القائمة الانتخابية، وهم بمجموعهم يجب أن يعملون سوية على خدمة وتطوير وتنمية وبناء البلد والسير به نحو الأحسن، وكل تقصير متعمد أو غير مقصود، وكل غياب أو تغيب، طويلا كان أم قصيرا  يترك أثره على مجمل العملية السياسية ويعرقل سير الحياة، بل يوقفها، لأن الحياة ومطالبها مترابطة، ومتى ما تعطل احد مفاصلها تصاب بالتلكؤ أو الوقوف فتتعطل باقي المفاصل عن العمل.
ولقد أدركت القوائم الانتخابية هذه الأهمية؛ فصارت تراهن عليها لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية وفئوية حتى ولو ألحق الأمر أذى بالعراق وأهله. ولذا نرى القائمة العراقية التي تضع رجلا في العملية السياسية وأخرى خارجها بل مع أعدائها ما إن تستشعر تقدما ما محتمل الوقوع أو بارقة أمل تبشر بالتوصل إلى تفاهم حول نقطة خلافية من مئات النقاط الخلافية العالقة حتى تبادر وتطلب من وزرائها مغادرة وزاراتهم والامتناع عن حضور جلسات مجلس الوزراء لتعرقل تنفيذ وتمرير القوانين التي تخدم الصالح العام، والظاهر أن محافظ حكومة إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني فهم مؤخرا أهمية هذه اللعبة وأحب المشاركة بها لمساومة الحكومة المركزية على زيادة حصة الإقليم في الموازنة العامة بالرغم من عدم تناسبها مع ما تتقاضاه محافظات الجنوب الأكثر فقرا، فشدد على الوزراء الأكراد في الحكومة المركزية خلال الاجتماع الذي جمعه بهم في مصيف صلاح الدين بمدينة أربيل على وجوب ترك بغداد والتخلي عن أعمالهم في وزاراتهم ـ بعضها سيادي مثل وزارة الخارجية ـ والعودة إلى الإقليم لحين اتخاذ موقف مما يسميه (المشاكل مع بغداد) غير آبه لما يتركه غياب وزراء الخارجية والتجارة والصحة والنقل وغيرها من أثر كبير على سير الحياة العراقية العامة بما فيها حياة الأكراد أنفسهم.
إن المفروض بوزارات الدولة أن تدار من قبل عراقيين مخلصين لعراقيتهم يعملون لخدمة ومصلحة العراق كله بمحافظاته وأقاليمه كلها، ويجب عليهم أولا القيام بمهامهم وفق ما تتطلبه حاجة العراق حتى ولو تعارضت من حاجاتهم الشخصية والفئوية، فبغير هذه الطريقة لا يمكن أن نبني دولة القانون أو نحافظ على المكاسب أو نتطور نحو الأحسن.
أما إذا استمرت لعبة (العسكر والحرامية) وهرع الوزراء بخفة عند كل أمر يصدر لهم ليغادروا وزاراتهم مع دوام تمتعهم بكافة الصلاحيات والامتيازات التي يتقاضونها أثناء الدوام غير منقصوة مهما طال أمد تغيبهم؛ فإن ذلك معناه أننا نسير خطوة إلى الأمام وعشر خطوات إلى الوراء، وعليه ممكن أن نعود إلى نقطة ما قبل الصفر ليعود تمثيل مسلسل الألم والفاقة والحرمان ببطولة العراقيين كلهم، ويعود التهديد بالحرب والحرب المضادة، وهذا ما لا يريده عاقل أو شريف، فهل من يتعظ أو يخاف حساب الله وحساب الجماهير إذا غضبت؟ فلقد طغى الخطب حتى غاصت الركب، وإلى الله نحتسب.

CONVERSATION

0 comments: