أبشر أيها الشعب السوريّ فقد جاءك الفرج كما الشقيق الفلسطيني من "القمّة" العربيّة!/ سعيد نفاع

كان والدي الله يرحمه ويطيل في أعماركم، يطلق على القمّة العربيّة "الخمّة العربيّة"، والخمّة في اللهجة العاميّة لأهل شمال فلسطين هي الزبالة، حفظ الله قدركم، اللهم إلا أنه تراجع يوم صار يجلس حول طاولتها عبد الناصر وقيادات قوميّة أخرى، ولكني لا أعرف ما كان سيسميها لو أمدّ الله في عمره وسمع ثُغاءها. لم يجيء كلام المرحوم أبي هذا ،طبعا، من فراغ وإنما من عمق جرحه الفلسطينيّ.
سيكثر في الأيام القريبة التعاطي مع خلفيّات ودلالات وقيمة الاعتراف العربيّ بالائتلاف السوريّ "الحمدوغاني"،( ممثلا شرعيّا ووحيدا للشعب السوريّ)، وأما انا فاخترت ألا أتعب نفسي في هذا وقررت أن أعمّق قليلا في التاريخ لأذكّر إن نفعت الذكرى والشيء بالشيء يذكر، بقراراتها في الشأن الفلسطيني وعينيّا الاعتراف بمنظمّة التحرير (ممثّلا شرعيّا ووحيدا للشعب الفلسطينيّ)، وأرجو ألا يُساء فهمي فشتّان ما بين قلعة العروبة سوريّة وحصن الصهيونيّة إسرائيل وبين الائتلاف "الحمدوغاني" ومنظمة التحرير، ولكن "الخمّة" عادت لأصلها "خمّة" ول"الخمّة".       
القمّة العربيّة والنكبة:
بعد القرار الأممي بتقسيم فلسطين في ال-2 من تشرين الثاني 1947، رفضت الزعامات العربية، باستثناء زعماء الأحزاب الشيوعية، خطة التقسيم ووصفتها بالمجحفة في حق الأكثرية العربية التي تمثّل 67% مقابل 33% من اليهود، فقد أعطى الاقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني.
وعللوا ذلك بسبب ثان لرفض خطة التقسيم وكان الخوف من المستقبل، إذ خشي العرب أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية. ولم تأت مخاوف العرب من فراغ، فقد كان بن غوريون ردا على اقتراح سابق للتقسيم  في حزيران 1938، عبّر أمام قيادة الوكالة اليهوديّة عن نيّته إزالة التقسيم العربي- اليهودي والاستيلاء على كلّ فلسطين بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم.
وفي بث إذاعيّ في 30 نوفمبر1947، صرّح  مناحيم بيجن، الذي كان في ذلك الحين أحد زعماء المعارضة في الحركة الصهيونية، عن بطلان شرعية التقسيم، وأن كل أرض فلسطين ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد.
عقدت الجامعة العربية الناشئة بعد هذا القرار الآنف قمّة وأخذت بعض القرارات كان أهمها:
1. إصدار مذكرات شديدة اللهجة لأمريكا وإنجلترا.
2. إقامة معسكر لتدريب المتطوعين في قطنة بالقرب من دمشق بسوريا لتدريب الفلسطينيين على القتال.
3. تكوين جيش عربي أطلق عليه جيش الإنقاذ وجعلوا عليه قائدا فوزي القاوقجي، ليناوش اليهود حتى تدخل الجيوش العربيّة بعد أن تجهز.
4. رصد مليون جنيه لأغراض الدفاع عن فلسطين.
ومرّت 66 سنة وأمّا المذكرات فدخلت مزابل التاريخ وجيش الإنقاذ رُمي به في الساحة وغدروه، والجيوش العربيّة زُودت بمدافع تالفة، والمليون جنيه تبخرّت على الطريق، وضاعت فلسطين، والبقيّة معروفة... فابشر أيها الشعب السوريّ بقرارات هكذا قِمم!
القمّة والاعتراف بمنظمّة التحرير الفلسطينيّة:
تبنّت القمة العربية في الجزائر ما بين 26و28/11/73 قرارا يعترف لأول مرة بمنظمة التحرير الفلسطينية (ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني) بموافقة جميع الدول العربية باستثناء الأردن الذي امتنع عن تصديق القرار لهذا لم يعتمد القرار وبقي سرا !!.  بتاريخ 18/تموز/74 التقي الملك حسين والرئيس السادات في الإسكندريّة ،وتم التوقيع علي بيان مشترك يعترف فيه السادات ويقر للملك حسين بأحقيته بالتحدث باسم الفلسطينيين المقيمين في الأردن ويزيد عددهم علي المليون نسمة، وقد ترافق ذلك بحملة إعلامية غير مسبوقة من الصحافة المصرية علي المنظمة تمهيدا لتهيئة الأجواء من أجل تنصيب الملك حسين متحدثا باسم الشعب الفلسطيني ،واعتماد ذلك بقرار عربي في القمة العربية التالية والتي ستعقد في المغرب في 26/10/74.
في الجانب الآخر من المشهد عقدت القمة العربية في جو من الرعب والشائعات لدرجة أن أولئك المعروفون بانحيازهم الكامل للملك حسين أصبحوا فجأة مدافعين مستميتين عن منظمة التحرير الفلسطينية !! فقد كانوا يعتقدون أن أيلول الأسود نشرت عشرات المسلحين لقتل بعض الرؤساء والملوك العرب في المغرب (لقد كان مشهد اغتيال وصفي التل ماثلا أمام أعينهم !!)، أما أبو عمار وأبو إياد فقد حضرا القمة العربية وحصلا على ما يريدان بدون أي دليل إدانة لهما بفضل تماسك أبو محمد ورفاقه  في التحقيق (الخليّة التي اعتقلت في المغرب وكانت تخطط لتصفية كل الزعماء المؤيّدين لبيان الإسكندريّة على ذمّة المؤرخ).
لهذا حققت عملية المغرب انتصارا عظيما بدون إراقة نقطة دم واحدة، وتمثل هذا الانتصار في:- 1- التأكيد علي حق الشعب الفلسطيني في العودة. 2- التأكيد علي حق إقامة سلطة وطنية مستقلة بقيادة منظمة التحرير (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) على كل قطعة محررة من الأراضي الفلسطينية، و3- والتـأكيد على دعم جميع البلاد العربية هذه السلطة في شتي المجالات.
واستنادا علي هذا القرار ،وبعد أسبوعين فقط في 13/11/74 تم استقبال ياسر عرفات في الأمم المتحدة ،وتم الاعتراف بالمنظمة (ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني)، وتم منح فلسطين صفة مراقب في الأمم المتحدة في أول سابقة في التاريخ أن تشارك حركة تحرر وطني رسميا في المنظمة الأممية بالإضافة إلي اعتراف الأمم المتحدة بحق الشعب الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني.
ومرّت 40 سنة واللاجئون قد عادوا والممثل الشرعي والوحيد حرّر فلسطين والدعم العربيّ جعل من مخيّمات الضفّة جنات غناء...فابشر أيها الشعب السوريّ بهذا الاعتراف!
ولو اقتربنا أكثر إلى قمّة بيروت ال2002 ومبادرة السلام "الاستسلام" العربيّة والتي جاء فيها:
انطلاقا من اقتناع (إقرأ: عجز وركوع وخنوع) الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع (إقرأ: بعد أن عجزت جحافل جيوش الخليج) لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف.
•  يطلب مجلس القمّة ( إقرأ: يرجو خاشعا ) المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا.
•  كما يطالبها (إقرأ: يرجوها راكعا أو جاثيا) القيام بما يلي.
• الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
• التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه (انتبه: ل- يتّفق، فيتو لإسرائيل) وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
• قبول (انتبه: ل- قبول) قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو (حزيران) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
•  عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
• اعتبار النزاع العربي (إسأل: نزاع عربيّ؟!)  الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
• إنشاء علاقات طبيعية (إقرأ: علنيّة وليست خلويّة) مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
•  ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص (إقرأ: لبنان) في البلدان العربية المضيفة.
•  يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول (إقرأ: التكرُّم بقبول) هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار.
•  يدعو المجلس المجتمع الدولي (إقرأ: أسياده) بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.
•  يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على كافة المستويات وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي.
ورغم هذا الخشوع وهذا الخضوع وهذا الرجاء تفّت إسرائيل على هذه المبادرة، وقد سمعنا الرئيس الفلسطيني في قمّة الاعتراف بالائتلاف "الحمدوغاني" يطالب الدول العربيّة بالتزاماتها من هذه القمّة وبالذات الماليّة. فابشر أيها الشعب السوريّ بهذا الاعتراف والفرج قريب فرأس القمّة حمدين ليس حمدا واحدا والثغاء كان سيّد الموقف!!!
أواخر آذار 2013
سعيد نفّاع sa.naffaa@gmail.com
جوال: 0507208450

CONVERSATION

0 comments: