لماذا وإلى أين؟ فلسطين :أرضها وأهلها وهمومها! رؤية من خارج إطار أوسلو المشؤومة/ د. أحمد محمد المزعنن


مرحلة التفاوض على الحل النهائي
(الدولة الفلسطينية المستقلة)
يوليو 2000 م ـ ديسمبر 2009م

إشكالية إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة في الجزائرعام 1988 م

كان إعلان الدولة في حد ذاته إنجازًا جريئًا في ظاهره،ويتمثل تجارب شعوب كثيرة تحررت من نير الاحتلال في الماضي،كالتجربة الجزائرية على سبيل المثال،ولكن في الأنموذج الفلسطيني حينها كان مفرغًا من المضمون وليس له إلا قيمة بروتوكولية مظهرية ،إذا نظرنا إليها في ضوء واقع الحال آنذاك وما كان يمثله البطش الصهيوني الذي كانت تمارسه سلطات الاحتلال في قمة تأجج نار الانتفاضة الأولى ،والمتأمل في الظروف والملابسات والدوافع التي قادت إلى هذا الإجراء يجد في قمتها إطفاء نار الانتفاضة بحركة تحول انفعالي وبتقديم طعم سياسي تستبدل فيه قيادات الانتفاضة وأجهزة توجيهها وتنسيقها بالقيادات التقليدية لمنظمة التحرير التي وقعت على وثيقة الاعتراف بدولة الصهاينة أثناء حصار بيروت ووجدت نفسها بغير أرض في المنافي ،ولا تتسع المكاتب التمثيلية للأسماء والمناصب والمظاهر النضالية ثقيلة الوزن والألقاب التي صاحبت حقبة منظمة التحرير والتي انتهت فعليًا بالخروج من بيروت.

وإن مراجعة بسيطة للتطورات التي تلت هذا الإعلان يرى التوافق الغريب بين الظروف الدولية والإجراءات التي حدثت على مستوى الانتفاضة الشعبية العامة بهدف حرمان الشعب من قطف ثمار ثورته التي تفوقت على البطش الصهيوني في الأرض المحتلة، ومن أجل الالتفاف على ثقل القيادات التي أفرزتها الأحداث والوقائع في الضفة والقطاع،ومَنْ يتتبع نتائج الأحداث التي تتابعت بعد ذلك من المنظور الوطني الفلسطيني يدرك أن من بين أهدافها التمهيد لتوثيق الوعود التي حصل عليها الأعداء من المنظمات أثناء الحصار في بيروت ، وتنفيذ الصفقة التي وقعتها الصهيونية عن طريق الولايات المتحدة مع جماعة محددة في منظمة التحرير أثناء الحصار وبعد الخروج من بيروت .

البعد الآخر لإعلان الدولة :

إن الكثير من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني الذين أعلنوا الدولة في الجزائر عناصر ليس لهم بفلسطين أكثر من مجرد العلاقات العاطفية أو الحزبية أو المصلحية ، وكان إعلان الدولة وتشكيل مكوناتها ميدانًا خصبًا لظهور التكتلات السياسية تعويضًا نفسيًا واجتماعيًا ونضاليًا عن مشاعر الإحباط التي لازمت الفصائل بعد الخروج من بيروت،ومعظمهم تربطهم علاقات مصالح اقتسام ما تبقى من أسلاب الوطن الذي فرطوا فيه ، وقبضوا ثمن بيع أرضه بتسهيلات ومساعدات ، فقامت تلك الأقلية المتنفذة بالتخلص من كل من تجرأ على قول : لا ، وصادروا قرار الأغلبية الحقيقية أصحاب المصلحة في الكفاح ضد الاحتلال ، وهم قادة ورجال الانتفاضة الأولى التي اشتعلت عام 1987 م ، سكان الأرض المحتلة الذين تمرسوا في النضال على أرض المعركة في الوطن المحتل ، إلى جانب فلسطينيي الشتات الذين اختزل دورهم ليصبح دور دافعي ضرائب لسلطة أوسلو والمنتفعين من حولها ،وتم وصمهم في البلاد التي يعملون أو يقيمون فيها عن طريق التصريحات والمواقف غير المسئولة في الانحياز إلى العراق المعتدي على الكويت، ولأن هؤلاء السلطويين لايملك أيٌّ منهم في فلسطين شبرًا واحدًا ؛ فإن حق العودة الذي تضمنه كل الشرائع والدساتير لا يعني لهم شيئًا ، ورفعوا شعار الواقعية نتيجة للهزائم والخذلان الذي أوصلوا إليه الشعب بتصرفاتهم ، فصاروا على استعداد لقبول أي حل يأتي بهم إلى سدة المناصب والكراسي والوجاهات ، فاحتلوا بذلك منزلة الإقطاعيين الذين كانوا حلفاء المستعمرين الإنجليز قبل عام 1947م ، أو الطبقات البرجوازية الانتهازية التي كانت تتقرب وتنافق الحكام زمن الإدارات المصرية في غزة ، والأردنية في الضفة الغربية ، وبعد ذلك طبقة الجواسيس والمتعاونين مع اليهود الذين كانت لهم مكانة مرموقة زمن الاحتلال اليهودي المباشر قبل أن يتستر اليهود خلف السلطة في المعابر والمطارات والإدارات التي استحدثها لهم المستشارون الغربيون الذين نابوا عن اليهود في إدارات السلطة وأجهزتها ، والذي تغير في الحقيقة هي الأسماء والوجوه والملابس والسيارات والحراس وبطاقات ال VIP ، والأرصدة في البنوك والأبراج العمرانية التي ارتفعت على الأراضي المغتصبة إما من الأفراد أبناء الشعب ، أو من الأراضي العامة ، والشقق الفاخرة في باريس ولندن وغيرها من العواصم ، والذي تغير أيضًا هو وسائل الاستثمار للأموال التي قبضوها ثمنًا لأرضنا التي لا يمتلك أي منهم شبرًا فيها !



أثر المتغيرات الدولية :

لقد حاول الرئيس الأميريكي جورج بوش الأب أن يستثمر الانتصار على العراق عام 1991م بهدف تحسين صورة الولايات المتحدة عند العرب من حلفاء وأعداء ، ويحمي وجه الأنظمة الحليفة التي حاربت معه لإخراج العراق من الكويت،وليخرس بعض الذين كانوا ينتقدون ازدواجية المعايير الأميريكية في التعامل مع العراق وإسرائيل ، بالإضافة طبعًا إلى الغايات البعيدة التي يرمي إليها الأميركان لحماية مصالحهم كدولة كبرى،ولتحقيق الأهداف التي تجلت في احتلال أفغانستان(2001م)والعراق(2003م) فيما بعد،وما تبقى لديهم من سياسات تفرضها سياسة التفرد بالقوة ، فقدم اقتراحًا لعقد مؤتمر لحل الصراع العربي اليهودي ، تجتمع فيه كل الأطراف،وفعلاً عقد المؤتمر في مدريد،وكان أقرب إلى المسرحية الهزلية منه إلى المؤتمر الجاد ، وبدلاً من الاستمرار في خط المؤتمر واستثمار الانتفاضة للضغط على اليهود،ولأن الانتفاضة التي قادتها حماس والجهاد الإسلامي وبقية القوى الوطنية منذ عام 1987 م اقتربت من تحقيق النصر فاجأتنا جماعة ياسر عرفات باتفاق أوسلو المهين والمريب في نفس الوقت،وفرضوه كأمر واقع،وأقل ما يمكن أن يوصف به أنه عملية التفافية انتهازية للإسراع في انتهاز الفرص،وتوزيع المناصب على الثوار الذين استبدلوا البنادق والخنادق بالفنادق،وصبغوا شعورهم البيضاء لتتحسن صورهم أمام كاميرات المصورين،ودربتهم الدول الأوروبية وأجهزة ومؤسسات العلاقات العامة على مواجهة الإعلاميين ، والكثير منهم نال شهادة الدكتوراه لما تسبغه كلمة دكتور من الهيبة والمصداقية على لابسي النظارات الطبية الأنيقة،والبعض قد تزوج من فتيات في عمر بناته،والبعض الآخر تحول في طعامه إلى أطعمة الحمية (الريجيم)،والكثيرون صاروا يأخذون دروسًا في فوائد أكل العسل الطبيعي،ويتهامسون فيما بينهم عن نتائج الابتعاد عن أكل أو شرب النعناع وعدم الإكثارمن الليمون،وفوائد القرفة والحلبة،ونبات الجنسنج الكوري الصيني الذي أصبحت له وكالة في فلسطين،فكل ذلك ضروري للسياسي والدبلوماسي،ليساعده على التركيز والربط والاستنتاج ومتابعة الواقع المحسوس الآني الذي يشغله عن عالم المُثُل والأفكار اليوتوبية والأحلام الوردية،ويضمن له أطول مدة من المحافظة على الوعي ليحسن تلقي الأوامر من السلطة الحقيقية التي تصرفهم وتحركهم كالدمى وأحجار الشطرنج أثناء المفاوضات واللقاءات والصفقات،وصار لفلسطين محطة فضائية نسخة طبق الأصل من القنوات الفضائية العربية التي ليس لها من عمل إلا ابتكار البرامج لتفريج الهم وتفريغ الغضب والانفعالات ،وعرض العضلات الكلامية في المعارك الأثيرية الهوائية؛ليعيش المتبارون هانئي البال،وقد شعروا بالتفوق والنصر في نصاعة الرأي وبراعة الصياغة والفصاحة،مادامت المعركة إعلامية،وعلمهم أساتذة العلاقات العامة من اليهود والإنجليز والأميركان والروس والفلنديين والبولنديين من يهود الخزر ومن كل الجنسيات والألوان والأشكال،ووضحوا لهم عبر سلسلة من اللقاءات كيف تكون لغة التفاوض مع الأصدقاء الجيران الجدد،الذين يربطون كل قراراتهم وأعمالهم بالأبد الذي لا يملكون لا حق الحديث عنه،ولا حق تقريره؛لأنهم جماعات خارج التاريخ العام للبشرية،ويعلمونهم كيف عليهم أن يلينوا لهم بالقول لبناء الثقة،وليجسروا الفجوات بينهم how to bridge the gapsوأن ينتقوا من الألفاظ والعبارات ما يتناسب مع الدماثة الدبلوماسية التي تجذب إليهم الأنصار من الغربيين والشرقيين،وفي المقابل عليهم أن يكونوا في منتهى الحدة في نقد إخوانهم (القتلة المتوحشين) murders savagesمن أعضاء وقيادات حماس والجهاد الإسلامي وكل معارض(لجنَّة)أوسلو المشؤومة،وأرشدوهم إلى أنجع وأسرع السبل لتعلم اللغة الإنجليزية، وكيف يختارون ألفاظ الإدانة condemned والشجب والغضب عند وقوع أي حادث استشهادي ( إرهابي ) من المتوحشين ـ أعداء السلام ـ الذين يجب استئصالهم من الجذور Dismantle them from the roots !

راجعوا الأوصاف التي كان يصِمُ بها (أزلام)السلطة العمليات الاستشهادية لينالوا رضا الصهاينة ويصدرون لهم شهادات حسن السيرة والسلوك،وإلا لجأ الصاينة إلى قطع الامتيازات عن كل من يخرج عن هذا الخط،وكان آخر هذه الأوصاف ما تعمد رئيس السلطة (محمود عباس) إلى التفوه به والضغط عليه بقوة،واصفًا العملية التي قامت بها سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي في نتانيا،ردًا على خروقات اليهود للتهدئة المتفق عليها،واستهدافها رجال الحركة،فقال:إنها عملية إرهابية(ضاغطًا على كل حرفٍ في الكلمة)وبطريقة استفزازية،والحقيقة أنها عملية إرهابية بكل المقاييس،فهذا النوع من الأعمال هو من جنس ما مَهَرَ فيه الصهاينة من الأزل،ولا يُعْرَفُ عنهم غير الإفساد والاغتيالات والترويع في كل مراحل التاريخ.ومنها ما وصف به العملية الاستشهادية التي وقعت في تل أبيب بأنها :عملية حقيرة!وهو يعلم تمام العلم من هم الأولى بأن يوصفوا لا فقط بالحقارة بل بأبشع الأوصاف التي تجرمهم وتجعلهم تحت طائلة العقاب على جريمة الخيانة العظمى في حق الأوطان!

وأرسلوهم في دورات تدريبية إلى بلاد الغرب،ليتدربوا على كل فنون مقاومة الإرهاب الفلسطيني،وأقام عندهم جورج تينت مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA قريبًا من قصر ( الرئيس ) في غزة في المكان الذي كان مقررًا أن يكون ميناءً لفلسطين منذ زمن الإدارة المصرية الأولى؛ليتأكد من تنفيذ وتطبيق كل أساليب الكيد والقهر والاعتقال والحرب النفسية وأعمال التعذيب التي أتقنوها في الدورات التدريبية،وليشهد بنفسه تطبيق البنود السرية لأوسلو التي تنقل اللاجئين الفلسطينيين من مقاتلين أصحاب حق في العودة إلى أجراء وخدم عند الرأسماليين اليهود والأمريكان في الدولة التجربة ( دولة غزة وأريحا أولاً)،ولكي يتأكد أيضًا من عملية الانتقال من النضال الجسدي والكفاح الحقيقي،والجهاد العملي إلى الكفاح بالكلمة،والأساليب الديموقراطية التي تتبع في مؤسسات المجتمع المدني الجديد،إذ عليهم أن يتدربوا على الديموقراطية التي تقربهم من جيرانهم النموذج الديموقراطي الفذ في العالم كله،ولكي يساعدهم على ابتكار التفاهمات والمبادرات والتبريرات اللائقة ومشاريع التسويات الجزئية كلما انكشفوا أمام شعبهم وتحرج موقفهم،ولكي يتمكن اليهود المغتصبون تحت ستار التفاهم والتنسيق الأمني الدائم من معرفة عدد الحوامل والمواليد وما توسوس به النفوس،وما ستأتي به الرياح والأمطار،وأين ( تنام كل دجاجة وكل ديك في أرض الميعاد في كل ليلة )،وكم مرة يحلق زعماء حماس والجهاد لحاهم،وما نوع غذاء الشيخ أحمد ياسين،وما الأدعية التي يتلوها في النوم واليقظة وعند ركوبه السيارة،وغيرذلك من المعلومات الاستخباراتية الدقيقة،والتفاصيل التي قد لا يدرك البعض جدواها إلا حين تحتاج الأجهزة إليها في عصر المعلومات عن كل جوانب الحياة لكل حي وكل ميت.

وعليهم أن يثبتوا دائمًا خصائص الديموقراطية الفلسطينية التي تمارس بفعالية في الانتخابات الصورية التي جاءت بهم إلى الواجهة وفي مناقشات المجلس التشريعي تحت سقف السلطة المحدود الذي تسمح به السلطات اليهودية،بحيث لا يتخطون الخطوط الحمراء التي تثير غضب السادة الصهاينة والأوفياء في تنفيذ مخططاتهم،والعملاء القابعين في مبنى المقاطعة ودوائر السلطة:

(تذكروا ما فعلوه في أحد (نبلاء السلطة الثلاثة نبيل عمرو تحديدًا) عندما تجرأعلى رفع صوته بكلمة معارضة لخط السلطة وتوهم أنه حر في أن يقول ما يشاء في تصريح لإحدى محطات التلفزة،أطلقوا عليه النار وهو مستلقٍ على الأريكة في منزله وبين أسرته،وقطعت رجله،وكان هذا درسًا كافيًا للعودة إلى الانضباط،وعبرة لغيره ممن يخرج على خط أوسلو فأصبح من أشد منتقدي حماس وأجرأهم وأفجرهم،وكثيرة هي الأمثلة التي تبرهن على صدق ما نقول،وكثرتها وتتابع الأحداث يؤدي إلى نسيانها مؤقتًا ولكنها لا تضيع من ذاكرة التاريخ.)

،هذا ما وعد به تيري رود لارسن،وما ينقله دائمًا ميجل ميراتينوس،وما ينصح به المستشار العتيد نبيل أبو ردينة وبقية ( الأخوة النبلاء !).

وللحقيقة والتاريخ فقد أثبت هؤلاء ( القادة الثوار! ) وعمالهم وموظفوهم في الأمن الوقائي وأجهزة التنسيق الأمني مع الصهاينة الأعداء،وفي المخابرات العامة والمخابرات العسكرية والمباحث العامة وأمن الرئاسة وحراسة الشخصيات الهامة ، وكل أجهزة السلطة ، أثبتوا جميعًا أنهم في السلوك المدني لا يقلون شراسة وقوة ووفاء وصدقًا والتزامًا في تنفيذ ما يطلب منهم عمله ، وما التزموا به عنهم عندما كانوا مناضلين محاربين في عمان وبيروت وأغوار الأردن وغيرها من ساحات القتال ؛ فهم من سلالة شعب الجبارين ، وهؤلاء اليهود ( حسب زعمهم أي اليهود ) هم ورثة موسى وهارون ويوشع بن نون وباقي الأسباط من أبناء يعقوب بن إسحق بن إبراهيم خليل الرحمن على نبينا وعليهم جميعًا أفضل الصلاة وأتم السلام،أليس هذا هوالمغزى الإعلامي للعبارة ( نحن شعب الجبارين ) التي (ربما !) همس به في أذن الرئيس مستشاره الإعلامي أبو ردينة ،فلا تلوموا اليهود عندئذ إذا ذبحوكم أنتم وحيواناتكم وقلعوا أشجاركم ودمروا أسوار أريحا وهدموا المسجد الأقصى وقذفوا بكم خارج حدود فلسطين!فليس للمسجد الأقصى ولا للمقدسات الإسلامية الأخرى رجال يدَّعون أنهم من سلالة مَنْ بنوه وحافظوا عليه عبر القرون،واسترجعوه من الغزاة صليبيي القرن الحادي عشر الميلادي ـ جدود هؤلاء الصليبيين الحاليين،الذين سلموه لليهود أعداء الله ورسوله وأعداء البشرية جمعاء،منذ وعد بلفور المشؤوم 1917م ثم قيام دولة يهود عام 1947م،ثم المذابح والمجازر الصهيونية حتى هذه الساعة!



الوجه الآخر من الصورة:

يحدث كل هذا واليهود يقضمون الأرض شبرًا شبرًا،ويدمرون البيوت،ويطمسون معالم تقسيم الأراضي،ويقيمون المستوطنات فوق كل تلة يستطيبون هواءها وماءها(وهل في فلسطين إلا الطيب والعطر والقداسة التي دنسوها واستباحوا حرماتها ؟)،ويقتلون المدنيين بالصواريخ الذكية التي يوجهونها بناءً على ما يتلقونه من معلومات دقيقة،وإشارات لاتخطيء أبدًا من الأجهزة المتخصصة الساهرة ليل نهار على رصد الحركات والسكنات والتي زودتهم وتزودهم بها في عملية لا تنقطع،فالعدو المشترك (الإرهاب)يستحق تضافر كل الجهود المحلية والدولية؛لتثبت سلطة ياسرعرفات أنها نظام يحارب الإرهاب القريب والبعيد،وكل ذلك أمام بصر وسمع الجميع،فهذا حقهم الطبيعي الذي من أجله سمحوا للسلطة بأن تكون سلطة،وسمحوا حتى للرئيس أن يمد بساطًا أحمر يسير عليه كلما صعد إلى الهليوكابتر الأردنية الهدية،أو نزل منها على أنغام موسيقى الحرس الرئاسي،وخطوات حرس الشرف استكمالاً لمستلزمات بناء الدولة الهوائية الأهوائية! وذلك كله ما رمى إليه دهاة الصهاينة بهدف حماية مجتمعهم المتحضر،فذلك كله من وسائل الدفاع المشروع عن النفس في المحيط المعادي من الجيران المتوحشين،كما يجاهر الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن في كل مرة يقوم اليهود فيها بارتكاب جريمة ضد الإنسانية،بينما يقيمون الدنيا ولا يقعدونا عندما يرد الشعب الفلسطيني على العدوان بمثله،وتتهددهم العدالة الأميريكية التي تصل إلى كل مناضل في سبيل حقه السليب!

 

الإغراق

إن من أخطر المحاذير في ممارسة الحكم في مثل الظروف التي تسلل فيها أدعياء الوصاية على بلادنا أن تتحول الطاقات التي كانت موجهة نحو تحقيق هدف نضالي واحد محدد ومشخص إلى إجراءات وترتيبات وبرامج ومشاريع مواجهات قولية كل همها المحافظة على حياة فلان أو إظهار براعة وحنكة علان ، أو رصد حركات معارض أو كتابة تقارير وتحاليل أخبار وتخيل معارك وهمية على الورق ، أو حبك الألاعيب والمناورات السياسية والإعلامية ، والإغراق في الغموض والتلاعب في الألفاظ على أساس أن السياسة في جوهرها نوع من الكذب والخداع وتسجيل النقاط في ألعاب اليانصيب،وكل ذلك وكثير غيره جرى ويجري نتيجة للمغامرة التي أدار فيها جماعة من الانتهازيين ظهورهم لقضية شعبهم قبل أن تصنع حركته النضالية وتضحياته البطولية الظروف الموضوعية التي تنبثق فيها الدولة انبثاقًا طبيعيًا،وتفرض حقيقتها على نقيضها اليهودي الصهيوني،وتستوعب حقيقة هذه الدولة مجموع الشعب الذي ساهم بمعاناته وتضحياته وبطولاته على وجودها،فتكون خيرًا على الجميع،والبديل عن ذلك كان القفز على الحواجز،وادعاء الأغلبية،والتنكر لرفاق الدرب النضالي،والانحياز إلى العدو عن وعي أو غير وعي للتدليل على سلامة الخط المنحرف الذي قذفوا فيه مصير شعبهم،ويصرون أنهم على حق،وأن الآخرين سيلحقون بهم في النهاية،ولكن عندما يضع اليهود أمام الجميع استحالات لا يمكن الاقتراب منها،بعد أن يكونوا هوَّدوا وصهينوا الأرض والماء والهواء والشجر والبحر،ومن أراد أن يجاورهم عندئذ فعليه أن يرضى بالأمر الواقع الذي يفرضونه كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة .

إن أخطر ما جناه أهل أوسلو على قضية شعبنا هو المشاريع المتوالية التي يفرغ السابق منها اللاحق من كل ميزة يمكن أن تجعل أي إنسان عاقل قادرًا على الاقتراب منها،أو الموافقة عليها،وذلك كسبًا للوقت،حتى يصلوا بالمتفاوضين إلى وضع من اليأس والإحباط فيضطرون إلى قبول ما تمليه عليهم الصهيونية .

لقد ظل اليهود ينتظرون أكثر من قرن من الزمان ليجدوا ولو طفلاً فلسطينيًا واحدًا ، أو مجنونًا ناقص العقل ، أو ملحدًا ناقص الدين ليضع توقيعه على وثيقة رسمية تسقط الحقوق الثابتة للشعب في أرضه ، تلك الحقوق التي لا تسقط بالتقادم ولا بالوفاة،وهي واضحة وضوح الشمس ، قريبة أقرب من اليد إلى الفم ،فلم يجرؤ أحدٌ على هذا الجرم،والكبيرة الساحقة الماحقة،حتى جاء أهل أوسلو فأعطوهم فوق ما طلبوا،وقعوا لهم على كل ما لم يتوقعوا،فيا لهم من فرسان في زمن غاب فيه دون كيشوت دهرًا ليعود في أغبى صورة،وأحط مثال!

الكل يعرف كذلك أن القضية الآن في دور:عملية السلام Peace Process، وهذا الدور هو الذي يجعل المتفاوضين مع اليهود يمارسون السلوك الانتهازي ويعيشون اللحظة بكل التسهيلات والإغراءات والميزات التي أغرقهم بها اليهود والأوروبيون والأمريكان بدعوى العقلانية والواقعية والبراغماتية،والكثير منهم يدرك عن وعي أنهم لن يعاصروا المرحلة النهائية للصراع عندما تأتي أخطر مراحله وهي المرحلة التي يمهد لها الأميريكيون حاليًا في مشروعهم الخادع خطة الطريق وهو معاهدة السلام Peace Pact or Peace Treaty التي ستنهي حالة الحرب نهائيًا وتصفي الحقوق والمشكلات ذات العلاقة بالصراع في كل جوانبه،وما يحضر له بعض أهل أوسلو أن الكثير منهم لن يكون على واجهة الأحداث في هذه المرحلة،إما طوعًا أو كرهًا،وقد ظهرت بعض الأدلة على ذلك من تغيير بعض الوجوه في التعديلات المتعاقبة،وفي الضغوط الأمريكية التي استحدثت منصب رئيس الوزراء الفلسطيني ليكون أداة تنفيذية تمهد لمعاهدة السلام،وما يستلزمه ذلك من إزاحة الحواجز أمام المرحلة النهائية.

نموذج لواقعية مهندس أوسلو وبراجماسيته :

(1) بعد قيام سرايا القدس بعملية نتانيا(مساء الثلاثاء 12 يوليو 2005م) ردًا على استهداف العدو لكوادرها على الرغم من اتفاق التهدئة: وأدان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس العملية بشدة وقال "نحن ندين هذا الهجوم الإرهابي.. إنه جريمة ضد الشعب الفلسطيني. أولئك الخونة يعملون ضد المصلحة الفلسطينية." http://arabic.cnn.com/2005/middle_east/7/14/israel.palestinian/index.html

(2) (أبو مازن يؤيد منح اللاجئين الفلسطينيين جنسيات الدول العربية(

الرئيس الفلسطيني يقول:

إن تجنيس الفلسطينيين في الدول العربية لا يعني توطينهم، أو المساس بحق العودة.

دبي – (الأحد 10 / 7 / 2005)أعلن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) انه يوافق على منح الدول العربية جنسيات للاجئين الفلسطينيين "اذا احبت"، معتبرا ان ذلك "لا يعني التوطين"، كما جاء في حديث لقناة دبي الفضائية بثته الأحد. وقال عباس "ارجو اي دولة عربية تريد ان تعطي الجنسية (للفلسطينيين) ان تعطيهم، فما الذي يمنع؟" واضاف "هذا لا يعني التوطين. وعندما تتاح للفلسطيني العودة الى وطنه، سيعود سواء اكان يحمل جنسية عربية او اجنبية". وقال "ان فلسطينيا من الجيل الخامس يعيش في تشيلي يحب ان يعود عندما يسمح له (…) انها مسألة عاطفية لا علاقة لها بالجنسية". ونفى الرئيس الفلسطيني الذي زار الاسبوع الماضي سوريا ولبنان، البلدين اللذين يستضيفان مئات الاف اللاجئين الفلسطينيين، ان تكون جامعة الدول العربية تمنع تجنيس اللاجئين. وردا على السؤال عن السبب في عدم السعي الى تغيير قرار الجامعة العربية الذي يمنع تجنيس الفلسطينيين، قال عباس "لا يوجد قرار، هناك توصية" واضاف "انها ذريعة" يتخذها البعض. واشار الى ان هذه التوصية "تعود الى الخمسينات" عندما اصبح مئات آلاف الفلسطينيين في عداد اللاجئين بعد انشاء الدولةالاسرائيلية عام 1948. وتمثل الاردن وكذلك سوريا ولبنان، ابرز البلدان التي تستضيف اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين، بالاضافة الى الضفة الغربية وقطاع غزة. وتستقبل المملكة الاردنية التي اعلنت فك ارتباطها مع الضفة الغربية عام 1988، 1.7 مليون لاجئ فلسطيني حصل معظمهم على الجنسية الاردنية فيما بحوزة اللاجئين في كل من لبنان وسوريا وثائق سفر لا غير. وحق الفلسطينيين بالعودة الى بلادهم يشكل احد ابرز العقبات التي تصطدم بها عملية السلام في الشرق الاوسط ، اذ تعتبر اسرائيل ان اليهود سيصبحون اقلية في بلادهم اذا ما سمح للفلسطينيين بالعودة باعداد غفيرة.

أبو مازن يدعو العرب لتجنيس اللاجئين

دبي - أ‚ف‚ ب- أعلن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) انه يوافق على منح الدول العربية جنسيات للاجئين الفلسطينيين «اذا احبت»‚ معتبرا ان ذلك «لا يعني التوطين»‚ كما جاء في حديث لقناة دبي الفضائية بثته مساء الاحد‚ وقال عباس «ارجو اي دولة عربية تريد ان تعطي الجنسية (للفلسطينيين) ان تعطيهم‚ فما الذي يمنع؟» واضاف «هذا لا يعني التوطين‚ وعندما تتاح للفلسطيني العودة الى وطنه‚ سيعود سواء اكان يحمل جنسية عربية او اجنبية»‚ وقال «ان فلسطينيا من الجيل الخامس يعيش في تشيلي يحب ان يعود عندما يسمح له انها مسالة عاطفية لا علاقة لها بالجنسية»‚ ونفى الرئيس الفلسطيني الذي زار الاسبوع الماضي سوريا ولبنان‚ البلدين اللذين يستضيفان مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين‚ ان تكون جامعة الدول العربية تمنع تجنيس اللاجئين‚ وردا على السؤال عن السبب في عدم السعي الى تغيير قرار الجامعة العربية الذي يمنع تجنيس الفلسطينيين‚ قال عباس «لا يوجد قرار‚ هناك توصية» وأضاف «انها ذريعة» يتخذها البعض‚ واشار الى ان هذه التوصية «تعود الى الخمسينيات» عندما اصبح مئات آلاف الفلسطينيين في عداد اللاجئين بعد انشاء الدولة الاسرائيلية عام 1948.

والعقبة الكبرى كما يعلم الكل هي حركة حماس والجهاد الإسلامي،وبعض الفصائل المعارضة الأخرى،ولا شك أن الوضع الراهن يحمل الكثير من احتمالات التصفية والتنازل الذي ينهي به أهل أوسلو الطريق المدمر الذي بدأوه،ومن الأسباب التي تجعلنا نقول ذلك اندفاع أميريكا لاستثمار احتلالها للعراق،والممارسات الإجرامية لقواتها هناك لكي تقدم بذلك رسالة إلى البواسل المجاهدين في فلسطين بعدم جدوى المقاومة وتصوير ذلك بأنه نوع من الانتحار،والسكوت العربي العام على كل المستويات، لكي يعطي العرب لهؤلاء المقاومين المجاهدين المعارضين إشارة مفادها:أن الأمر لا يعنينا (وكل واحد يقلع شوكه بيديه) أليست تلك مقولة رئيس السلطة عندما تسلل فريق التفاوض الذي يوجهه إلى محطة أوسلو ذات ليلة من لياليها الباردة ؟



محاذير أخرى لاحقة:

التراجع الأكبر في موقف المقاومة سيكون إذا نجح أهل أوسلو في إقناعهم بتجزيء مشروعهم النضالي بحيث يقبلون بدولة مقابل تأجيل حق العودة ، وهي ورقة محتملة ستحاول السلطة بواسطتها إغراء الفصائل المعارضة بالاشتراك في انتخابات على مستوى الأرض المحتلة لتشكيل مجلس أغلبية يقرالاتفاق النهائي ، والتوقيع على معاهدة السلام النهائية مهما كان شكل الدولة باعتبارها إنجازًا مرحليًا للمناضلين والمجاهدين في أراضي السلطة منذ 1987م ؛ مرورًا بانتفاضة الأقصى الحالية منذ سبتمبر عام 2000 م الحالية وصولاً إلى الحل النهائي،والفكر والسلوك البراجماسي الذي يطرب المسؤولون في السلطة عند وصفهم به،ويرددونه في المناظرات على القنوات الفضائية،ويواجهون به العقلاء المخلصين ممن يطلقون عليهم (الأكاديميين ) هذا السلوك العملي البراجماسي يجعلهم عندما يواجهون أمثال الأسئلة التي أوردناها سابقًا ـ أقول ـ يجعلهم يهزون أكتافهم ويغرقون رقابهم بين أكتافهم،وينكمشون قليلاً ويقولون:إن الشعب الفلسطيني (شعب الجبارين) مشهور بالخصوبة،وسيعوض في مدة وجيزة آلاف الشهداء والجرحى والمقعدين والمشردين،وفيما يتعلق بالوطن فإن الزمن والإعلام والحملات المخابراتية المنظمة لغسيل الأدمغة ستجعل كل الأجيال السابقة تقبل الأمر الواقع،ونحن خبراء في قبول الأمر الواقع،ألسنا جزءًا من الأمة العربية المجيدة؟ إلى جانب أنهم يراهنون على أن الجيل الذي يشده الحنين إلى كل ذرة تراب من فلسطين يكون قد انتهى ، ثم تذكروا:ها هي الأندلس قد ضاعت،ولا زلنا نزور أطلالها وآثارها في إسبانيا.فهل انتهى العرب من مواصلة دورهم التاريخي ‍‍؟ وها هو العراق قد ضاع،فهل نقول إن العرب سينتهون؟وحتى لو انتهوا فإن البركة في الموجودين من أهل أوسلو البراجماتيين،فإنهم سيواصلون العطاء والبناء ولو على شبر واحد من أرض الوطن يرفرف عليه رمزه علم الألوان الأربعة وسنجد باستمرار ممن تناسل منهم من ينشد للوطن وللعلم:

خضر مرابعنا... سود وقائعنا ... حمر وقائعنا ... بيض مواضينا !

أليسوا هم القادة الرواد الأذكياء الواقعيون؟والآخرون أكاديميون خياليون مثاليون واهمون مفرطون؟أليس هم الأبعد نظرًا والأقدر على استيعاب المتغيرات،والأكفأ في تشخيص مصلحة الشعب العليا؟!وهم الوحيدون الذين إذا تكلموا بلغة الجمع(نحن)أنصت لهم الجميع وسلموا لهم بالبراعة والفصاحة،وأنهم هم الأقدر على تمثيل الشعب الفلسطيني في عصر العولمة،وفي زمن النظام الدولي الجديد؟وهذه ميزات لا تتوفر في أيٍّ ممن يحترم نفسه ويتقي الله في دينه ودنياه من عباد الله الصالحين؟أليس هم سماسرة أوسلو الذين يفهمون الدبلوماسية،ويجيدون مخاطبة الآخر؟وغيرهم متخلفون متوحشون يتمنطقون بأحزمة المتفجرات فيقتلون المدنيين من اليهود الغاصبين المسالمين؟

وإذا حدث ذلك،ونجح رهان أوسلو،وانتصر الأوسلويون البراجماتيون،(أنصار السلام )المتفاوضون ـ ندعو الله ألا يتمَّ ذلك ـ دون تحديد لهوية الإنسان الذي سيكون مواطنًا في هذه الدولة،ودون حل عادل لمشكلة اللاجئين،وإذا تبين الشعب أن أهل أوسلو قد باعوا أصولهم ودينهم ومقدساتهم،وغدروا بحماس والفصائل الأخرى،كما حدث في تنصل أهل أسلو (الغرباء عن كل ما يعرفه العالم عن الشعب الفلسطيني) تنصلوا من كل ما اتفقوا عليه في القاهرة،وتاريخهم طويل في الكذب والنفاق والرياء والخيانة والتنازل،وأنهم تجاهلوا كل التضحيات،وتنكروا للوطن الذي لا يملك أيٌّ منهم شبرًا فيه ـ وأصروا على ذلك ـ ،وتحقق الشعب من أنهم أكملوا السير في طريق الخيانة،وأنهم قد تواطأوا مرة أخرى مع أميركا والصهيونية لتعزيز موقفهم،وستر خياناتهم وفضائحهم،والتغطية على كل ما ارتكبوه من جرائم في تزييف إرادة الشعب،ومصادرة قراره،وبيع وطنه؛فلا أحد حينئذ يستطيع أن يتخيل ما تخبيء الأقدار من أحداث،إلا إنسان يعرف الشعب الفلسطيني معرفة حقيقية،ويتابع الخصائص التي طورها النضال الإسلامي في فلسطين في مكافحة أحقر مخلوقات الله ( اليهود ) ومَنْ يصنفهم الشعب أو يتبين أنهم قد ساعدوا العدو،أو مكَّنوا لهم في أرض الآباء والأجداد،وصولاً إلى الملحمة الكبرى حيث سيقاتل المسلمون اليهود فينطق الشجر والحجر يقول : يا عبد الله يا مسلم،هذا ورائي يهودي ، تعال فاقتله،إلا شجر الغرقد فإنه شجر اليهود ، فذلك ما أخبرنا به نبينا وقدوتنا وقائدنا:رسولنا وقرة أعيينا محمد صلى الله عليه وسلم،وليفعل (البراجماسيون العمليون المتنازلون المتفاوضون المسالمون المستسلمون) ما يفعلون،فإن وعد الله ووعد رسوله قدر محتوم لا مفر منه ولا مهرب،وأكبر من يؤمن به ويخشاه هم اليهود أنفسهم؟!



القرار الديموقراطي(الفخ):

ولكن وفي انتخابات الخامس والعشرين من يناير 2006م،تحققت المعجزة في هذا الشعب المؤمن الصامد المكافح العظيم،وأثبت مرة أخرى صدق الحديث الشريف:" إن الرائد لا يكذب أهله."وأنه أهل لكل نصر واحترام وتقدير عندما وجه صفعة قوية للجواسيس واختار قادته الحقيقين ليعيدوا قطار الكفاح والجهاد إلى السكة الصحيحة بعد أن تاه السماسرة المتخاذلون في بيداء الصفقات التي باعوا فيها الوطن وفرطوا في حقوق الأمة،وأداروا ظهورهم لثوابت شعبهم،واستهانوا بتضحياته،وباعوا أرواح قادته وأبنائه ومجاهديه مقابل الوجاهات والمناصب وحطام الدنيا الفانية،ورغم رفض الشعب لهم فقد لدُّوا في العداوة وظهرت حقائق نفاقهم في أساليب الصلف والخطرسة والتبجح،وأعادوا إلى الذاكرة صفات المنافقين الذين صورهم القرآن في أبشع صورة {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }المنافقون4.

وفي سياق من الأعمال الإجرامية قاد بعض المحسوبين على فتح عمليات فلتان أمني في الضفة والقطاع (أحداث 9 ـ 14 يونيو 2007م)أزهقوا فيها أرواح المواطنين ونشروا الفساد والذعر في القطاع،ونتج عن ذلك اقتحام القوة التنفيذية وكتائب القسام التابعتين لحركة حماس مقرات الأمن الوقائي والمخابرات في قطاع غزة واستولوا على الوثائق التي تدين هذه الأجهزة بالتآمر والتخابر مع اليهود المحتلين فيما كان يعرف رسميًا بالتنسيق الأمني ،واستولوا كما أذيع على أطنان من الوثائق التي تدين سلطة أوسلو،فجن جنون الخونة القابعين في رام الله ،وقام رمز الخيانة والمروق المدعو محمود عباس بإجراءات متتابعة أقال فيها وزارة الوحدة الوطنية وعين المدعو سلام فياض رئيسًا لحكومة الطوارىء وأخيرًا لعبة أنابوليس والاجتماعات المتاوالية مع الصهاينة تبريرًا لإحياء مهزلة المفاوضات ،أو ما اصطلح عليه بمفاوضات الحل النهائي،فهل سيكون هناك حل نهائي؟وما صورته؟وما الذي يجعل أبا مازن في عجلة من أمره؟

صورة واحدة تكفي !

ومن أغرب ما أذيع بالصوت والصورة والحركة على شاشة قناة الأقصى التابعة لحركة حماس قول رئيس الشعب مخاطبًا رجاله في الأجهزة الأمنية:

("كل واحد يشوف واحد حامل صاروخ يقتله يطخه يرميه ......منيح هيك ؟ !).

وبعد أحداث غزة يونيو 2007م،وانكفاء فريق أوسلو على نفسه،هبَّ الصهاينة والأميريكان والأوروبيون ليعيدوه إلى واجهة الأحداث ،وليكرسوا حالة الانقسام في الداخل فدعوا أطراف النزاع وبصيغة مبهمة وغامضة إلى مؤتمر يعقد في أميريكا في مدينة أنابوليس في 26نوفمبر 2007م،وتوالت اللقاءات بين الطرف الصهيوني وفريق السلطة بمباركة ومشاركة عربية ودولية حاشدة لخلق بيئة نفسية وثقافية مشجعة لفريق أوسلو المشؤومة ممن يدعون شرعيتهم في اتخاذ القرار ،ثم جاء مؤتمر المانحين الذي توج باقتراح ساركوزي وتأييد عباس فورًا بإرسال قوات دولية بغرض رجوعه إلى غزة،والبقية تأتي .

أليست سلطة أوسلو ودولتها جزءًا من النظام الدولي الجديد في عصر العولمة؟

((وفُخَّار يكسر بعضه في عصر الفوضى الخلاقة والدمى التي تحركها رايس ثم كلينتون وأوباما والمخرجون الصهاينة القابعون في البيت الأبيض،وأخيرًا جورج ميتشل الفارس الذي لا يشق له غبار في تسوية المشكلات المستعصية،وعلى مسرح يكتب نصوصه المحافظون الجدد ويقوم بدور البطولة فيه بوش وساركوزي وبلير وألمورت وباراك وأوباما والمحافظون الجدد وكل أنصار الصهاينة ،مع جوقة كبيرة من الممثلين الثانويين المبدعين المتطلعين إلى جوائز نوبل للسلام )).



درس أخير في ضوء نظرية المعرفة:

أعرف أن (سيادة الرئيس) يحب الفلسفة،وهو متمرس في القانون والمذاهب،وأن الدكتور صائب عريقات أكاديمي نابه،وهناك الكثير من المستشارين البعيدين عن الأضواء ممن يدركون الكثير مما أكتبه،وكان ابتعادهم مقصودًا لعدم التشويش الفكري على سيادة (الأخ) قريع وبقية الشلة القابعة فيما يعرف بمؤسسة الرئاسة من ناقصي الأهلية،جامدي الضمائر،محدودي الفهم،قاصري التصور،وهذه المرحلة من المفاوضات تخضع لنظريات نفسية على نسق اتفاقات كامب ديفيد،وهي إستراتيجية وتكتيكات معروفة لمن عاصر هذه الحقبة منذ السبعينيات وتابعها عن كثب،ويظن أهل أوسلو أن الجيل الحالي لا يذكر شيئًا من هذه الحقبة،وأن الجو ملائم جدًا لتمريد ما اتفقوا عليه سلفًا مع اليهود الصهاينة،ولا يعدو الأمر مجرد إخراج مسرحي وإعلامي لما اتفق عليه،وأذكرهم فيما يأتي ببعض النقاط التي قد تفيدهم كمواطنين فلسطينيين وليس كمفاوضيين مفرطين.

ما أريد أن أهمس به لعباس وصائب وبقية فريق أوسلو أنه في ظل الزخم المعلوماتي المعرفي الحالي يبلور العلماء حاليًّا في كل فروع المعرفة الإنسانية نظرية تسمى نظرية المعرفة(إبستمولوجي)،ويحاولون توظيفها لتحديد المعالم المعرفية التي تصلح لتكون أساسًا للعمل المثمر في كل المجالات التربوية والسياسية والإستراتيجية والمنية والاقتصادية والإدارية وغيرها من المجالات، وتزداد نموًا وإلحاحًا وضرورة في ظل تراكم المشكلات وتعقدها،ويقرر علماء النفس وعلماء الإدارة خاصة أن أي إنسان عاقل في حالة الوعي والشعور والإحساس يُقْدِم على اتخاذ قرارات في مشروع من أي نوع، أو أي حجم يكون لديه تصورأوليٍّ ـ مجرد تصور ـ لهدفه ومراحله ونتائجه.

فما نوع التصور المتكون لدى (أبي مازن) عن الحل النهائي؟ذلك المصطلح الذي لم يعد له وجود على الساحة المحلية والإقليمة والدولية،ولا زال مصرًا على ترديده،وماذا جنى مما يردده دومًا المرجعية الدولية واللجنة الرباعية وغيرها من الألفاظ العائمة التي لم يكن لها أي احترام أو حدود،حتى تجد من يضع لها اعتبارًا؟وما تصوره لمراحله؟وما الذي يتصوره عن أي جانب من جوانب القضية التي يتمسح بها ماليهود وحلفاؤهم الأميريكان يمسكون بكل الخيارات؟وما الأهداف التي يرمي إليها (سيادته) وهدير الآلات يصمُّ الآذان، والمستوطنات تحجب الرؤية وتشدد الخناق على كل التجمعات الفلسطينية ،واليهود مستمرون في القتل والاعتقال اليومي للمواطنين،وأجهزته تلاحق الناس في مهجعهم،وهو ماضٍ في التلفيق والكذب وتزوير المواقف،،والحسرة والغصة تخنق الصدور مما يجري يوميًا على أرض المحتل من أرضنا؟وما الأفق الذي يتراءى له وحده؟وهو محجوب عن الآخرين، والشعارات الجديدة التي تخفي النوايا الصهيونية قد ألقاها الصهاينة في وجهه ووجه جماعة المفاوضين؟يا جماعة :هل ترون شيئًا لا نراه أو يراه الآخرون؟ نحن لا نرى إلا بيداء اليأس الممتدة،والقبائل المتناحرة على وطن غيَّر الصهاينة معالمه،فما الذي ترونه أيها الرفاق الحكماء مما خفي علينا؟وما الذي تفعلونه ونصف شعبكم محاصر،وقد انكشف تخاذلكم وتلاعبكم بمصائره،وأصبحتم لا تمثلون أحدًا؟ما هذه المكابرة الفجة والعناد الممجوج؟والتناطح الدامي مع البدهيات التي تجاهلتموها طويلاً؟أي مشاريع تسوية؟وأي حلول مستحيلة في ظل العجز والانقسام؟عبثتم طويلا ،وأهدرتم السنوات،ولا زلتم تصرون على أنكم تمثلون قضية،وأصحاب مشروع وطني ،قضيتكم تبعثرت أوراقها،فلماذا وإلى أين؟أم أنكم تريدون أن تقنعونا أن الأمر لا يعنينا؟وهل تتحملون المسؤولية عن ذلك؟وهل تعتقدون أن الرياح ستظل تهب رخاءً لأشرعتكم؟ألا تخشون أن يتكرر درس غزة وما هو أقسى من درس غزة؟يا جماعة اتقوا الله في أنفسكم وفي شعبكم ووطنكم،استحوا من الله إن كان ثمة حياء! ولقد أعذر من أنذر، اللهم هل بلغت،اللهم اشهد !

عنوان مقال لمحمد عبد الرؤوف القدوة المعروف إعلاميًا وحركيًا بِ(بياسر عرفات) منشور بالنيويرك تايمز NY Times بتاريخ February 3, 2002 يقر فيه بإلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم المنصوص عليه في القرار رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة .

NY Times: The Palestinian Vision of Peace By Yasir Arafat
February 3, 2002 Posted on August 21, 2007



تسريبات ويكيليكس وقناة الجزيرة

وأخيرًا وليس آخرًا في مخازي سلطة العملاء في رام :سلطة أوسلو اللعينة ما تسرب عبر قناة الجزيرة والفضائح التي زكمت روائحها النتنة أنوف من لديه إحساس من الشعب الفلسطيني ،تلك التسريبات التي اضطر معها رأس من رؤوس المفالوضات العبسية التي أمعنت في التفريط ونعني به صائب عريقات إلى الاستقالة ظنًا منه أن ذلك تهربًا من المسؤولية يعفيه من تحمل تبعات ما جنت يداه عندما تأتي ساعة الحساب ،وما هي من الظالمين ببعيد.

مصارع الطغاة ومهالك الجواسيس

ربما أتى هذا الفعل من صائب عريقات الملتزم بالتفاوض مدى الحياة(هو مؤلف كتاب الحياة مفاوضات) بعد قراءة فاحصة للظروف الخطيرة التي أعقبت سقوط أكبر نظام فاسد كان يشكل غطاءً احتياليًا لشلة أوسلو اللعينمة من العملاء والسماسرة وهو نظام حسني مبارك في مصر ،ذلك النظام الذي جند لشلة سماسرة وعملاء وجواسيس أوسلو كل رموزالنظام العربي الرسمي فيما يعرف بمبادرة السلام العربية التي تبناها مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002م ،وكلف المجتمعون محمود رضا عباس مرزا بمهمة تسوزيقها لليهود المحتلين كغطاء للتقصير العربي في تحمل تبعات الالتزامات القومية نحو القضية القومية المحورية ،والتهرب من استحقاقاتها ،والمضي في طريق التطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني المحتل الغازي لفلسطين (الأرض المقدسة )والتفريط في المسجد القصى ،أولى القبلتين ، وثالث الحرمين الشريفين.

CONVERSATION

0 comments: