.......كما قال سماحة الشيخ حسن نصرالله عن دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنها أوهن من بيت العنكبوت،فإن أنظمة النظام الرسمي العربي هي أوهن كثيراً من بيت العنكبوت هذا،أنظمة معزولة ومنفصلة كلياً عن جماهيرها،وكما قال عنها الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب"بالدبابيس هذه الدمى واقفة" فهي في أول هزة جماهيرية "نفدت بجلدها"،حتى أنها تضيق وضاقت الأرض عليها بما رحبت،وتخلى عنها الذين كانوا يحتضنوها ويقدمون لها الدعم والمساندة والوصفات من أجل أن تستمر في البقاء جاثمة على صدور شعوبها،وأن تمارس بحقهم كل أشكال القمع والترويع والتخويف،والتجهيل والإفقار من أجل خدمة وحماية مصالحهم في المنطقة،فعندما شعروا بأن تلك الأنظمة لم تعد قادرة على القيام بهذا الدور والمهام الموكلة إليها، فعلوا معها كما تفعل المخابرات مع عملائها فبمجرد انكشافهم تقدم على تصفيتهم أو تقدمهم قرباناً للثورة والجماهير،وهناك تجربة ماثلة أمامنا فالجيش اللحدي في جنوب لبنان،حكومة الاحتلال الإسرائيلي عندما فر جيشها من جنوب لبنان،لم تبلغ عملائها اللحدين بنيتها الانسحاب والفرار من الجنوب اللبناني،وتركتهم يواجهون قدرهم مع المقاومة،ومن أسعفته قدميه في الهرب،تُرك يواجه قدره ومصيره في فلسطين المحتلة،حتى أن دولة الاحتلال لم تؤمن لهم لا المأوى ولا العمل،والكثيرون منهم اضطروا للعودة إلى للبنان ومواجهة قدرهم ومصيرهم،وفي نفس السياق والإطار كان مصير الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي كان الغرب والأمريكيان يمتدحون خطواته وإجراءاته في قمع وامتهان كرامة الشعب التونسي وتجويعه،ويشيدون بدوره في ضرب وتصفية المقاومة والمعارضة تحت يافطة وذريعة محاربة "الإرهاب" ولكن عندما انتفضت عليه الجماهير التونسية وفر مذعوراَ،تخلوا عنه ورفضوا مجرد استضافته،وعلى نفس الدرب والمنوال فإن بقية قادة أنظمة النظام الرسمي العربي الأخرى ستواجه نفس القدر والمصير،وهي ستبقى ملعونة من جماهيرها الى يوم الحشر والبعث،فهي التي اختارت هذا المصير.
أنظمة قامت على الطغيان والفساد والقمع والديكتاتورية وتوريث الأوطان وتحويلها إلى إقطاعيات ومزارع خاصة،وتخلت عن قرارها السياسي ورهنته للخارج،ووضعت كل خياراتها في سلة القوى المعادية،والتي رأت فيها أنها الحامية لها والمدافعة عن عروشها وأنها قدرها المؤبد،فالمغدور السادات وسلفه مبارك،كانوا دائماَ ضد خيار المقاومة والتنظير المستمر للخيار الأمريكي والقول بأن أمريكا تمتلك 99 % من أوراق الحل،خيار الاستسلام والاستجابة الكاملة للشروط والاملاءات الأمريكية والإسرائيلية،وكذلك الاستهانة بقدرة الشعوب على النهوض والصمود واسترداد وتحرير الأوطان،وكانت تعتقد بأن إسرائيل وأمريكا قوتان لا تهزمان،وأبعد من ذلك أضحى من يطالب باعتماد المقاومة كخيار ونهج وثقافة من أجل تحرير الأوطان،كأنه يطلب المستحيل أو حالم ويعيش في وهم،أو أنه ضد المصالح الوطنية والقومية،ولذلك وجدنا أنه عندما شنت إسرائيل حربها العدوانية على لبنان ومقاومته وفي المقدمة منها حزب الله في تموز/ 2006،فإن ما يسمى فريق الاعتدال في النظام الرسمي العربي،لم يكتفي ب"التندر" على حزب الله والمقاومة،بل كانوا يدعمون بالعلن والسر إسرائيل من أجل تصفية المقاومة وحزب الله،ولكن صمود حزب الله والمقاومة أصابهم بالهلع والذعر،ومن جهة أخرى كشف بشكل سافر عوراتهم،وكان صمود المقاومة وحزب الله وتحقيقهم لانتصار تاريخي على الجيش الذي لا يقهر،يؤسس لمرحلة جديدة في النضال والمقاومة العربية،جاءت الحرب العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة في كانون أول/2008لتؤكد على ذلك، حيث أنه رغم كل آلة الحرب الصهيونية المتطورة والحديثة والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني،فإنه استطاع المقاومة والصمود،وثبت بالملموس أن العامل الهام في الصمود والانتصار،هو إمتلاك الإرادة وقيادة ملتحمة مع جماهيرها ولديها رؤيا واستراتيجية واضحتين وقيم ومبادئ تؤمن بها وتدافع عنها،كما أكدت تلك الحرب أن قيادة فاقدة الإرادة ومهزومة من الداخل ولا تربط مصيرها بمصير شعبها،لا يمكن لها أن تحقق أي انتصار أو تفكر حتى بمجرد الصمود والمقاومة.
إن رياح التغير الثورية التي أشعل شراراتها شهيد انتفاضة الجوع والكرامة التونسية "بوعزيزي" تثبت أن هذه الجماهير رغم كل القمع والتطويع والتجويع قادرة على النهوض،وقادرة أن تصنع المعجزات،فهي لم يعد لديها ما تخسره،فالشهيد المبدع غسان كنفاني قال"ثوروا فلن تخسروا سوى القيد والخيمة"،فها هي الجماهير العربية التي أمعن النظام الرسمي في طحنها وتدميرها وتجويعها وإذلالها وإمتهان كرامتها،وجعل بلدانها مرتعاً للصوص والفاسدين والمتاجرين بالوطن،تخرج كالموج الهادر بالملايين لتقول لكل أنظمة الطغيان،بأن هذه الأمة العربية المجيدة،هي أمة واحدة وذات رسالة خالدة،أمة كما قال عنها الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب" إننا أمة لو جهنم صبت على رأسها واقفة"،نعم أمة لن ترضى الذل ولا الاستكانة، أمة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وصدام حسين وقسطنطين زريق وميشيل عفلق،أمة احمد بن بيله وهواري بومدين وجميلة بوحيرد وعمر المختار وجورج حبش وياسر عرفات وليلى خالد وكمال جنبلاط وعبد الكريم الخطابي وغيرهم من القادة العرب المؤمنين بالقومية والوحدة العربية،المؤمنين بوحدة الهدف والمصير،المؤمنين بأن هذه الأمة يجب أن يكون لها مكانة لائقة بين الشعوب والأمم.
نعم هذه الأمة العربية،أمة عزة وكرامة ،أمة رغم كل حالة الانكسار والهزائم قادرة على النهوض والتوحد،قادرة على قبر وإفشال مشاريع الفوضى الخلاقة،مشاريع تفتيت الوطن العربي واستباحة أمنه وجغرافيته.
أمة ستفشل مشاريع الشرق الوسط الكبير والجديد،ولن ينجح لا بريمري ولا دايتون ولا جيفري فليتمان ولا كلينتون ولا بلير ومن قبلهم ديك تشيني ورامسفيلد وجون بولتون ولا رايس في خلق إنسان عربي جديد،إنسان يتنكر لعروبته ولقضاياه وأمته،ويمتدح الاحتلال على أنه تحرير،ويقبل بوجود إسرائيل واستمرار احتلالها للأراضي العربية،وبأن تكون العصا الغليظة التي تستخدمها أمريكا في ضرب حركة التحرر العربي وقواها المقاومة والثورية.
ان الثورات الشعبية العربية والتي بدأتها ثورة الياسمينة في تونس،ستستمر وتتواصل وستطيح بعروش بقية أنظمة النظام الرسمي العربي،فها هو النظام المصري يترنح ويستعد للرحيل غير مأسوف على رحيله لا هو ولا غيرة من بقية أنظمة النظام الرسمي العربي،التي شكلت وسمة عار في التاريخ العربي،فهذه الأنظمة هي أنظمة أوهن من بيت العنكبوت،أنظمة ستلفظها الجماهير الشعبية،أنظمة لن تشفع لها خيانتها وخدماتها للقوى المعادية،فهذه القوى قالتها بالفم المليان بأنه ليس لها أصدقاء دائمين،بل لها مصالح دائمة،وهي في سبيل المحافظة على مصالحها وحمايتها،مستعدة للتضحية بهذه الأنظمة،إذا ما شعرت بأن هذه الأنظمة أصبحت غير قادرة على القيام بدورها ومهامها في خدمة مصالحها وأهدافها وأجنداتها في المنطقة.
0 comments:
إرسال تعليق