الفيتو الأمريكي والعدوان الإسرائيلي/ سري القدوة


استخدمت الولايات المتحدة الفيتو 82 مرة ضد مشاريع قرارات تطرحها دول المنظمة الدولية 43 منها اعتراضاً على مشاريع قرارات تدين إسرائيل.

وصوتت الولايات المتحدة ضد 10 قرارات تنتقد جنوب أفريقيا ، وثمانية بشأن ناميبيا ، وسبعة بشأن نيكاراغوا ، وخمسة بشأن فيتنام ، ولم تستخدم أي من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الفيتو لمنع صدور قرارات تدين إسرائيل باستثناء أمريكا.

وقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض 'الفيتو' ضد مشروع القرار العربي الفلسطيني الذي يندد بالاستيطان خلال عرضه على مجلس الأمن الدولي مؤخرا ، وتعد هذه الخطوة الأمريكية غير 'مبررة'، وتصب في اتجاه تشجيع المحتل الإسرائيلي على انتهاك قرارات الأمم المتحدة والقوانين الدولية، التي تعتبر الاستيطان والأعمال أحادية الجانب غير مشروعة.

إن استخدام الفيتو يظهر مدى الإجحاف الذي تمارسه الولايات المتحدة، بحق القضية الفلسطينية، فواشنطن تتحدث عن بذل مساع جادة لإحلال السلام، فيما توفر غطاءً سياسيا يمكن إسرائيل من مواصلة سياساتها العدوانية في الأراضي الفلسطينية بهذا الشكل الفاضح .

وفي ظل غياب الموقف العربي والتواطؤ الدولي وعدم قدرة الجامعة العربية على تحديد موقفها منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مزيداً من المناورة والكذب والخداع للاستفادة من الوقت والاستمرار في التملص من استحقاقات عملية السلام..

لم يكن بوسع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته إلا الاستمرار في سياسة القتل ومصادرة الأراضي وتضليل الرأي العام العالمي وتوجيه الاتهامات للشعب الفلسطيني وتصويره بأنه شعب إرهابي يمارس الإرهاب لأن حكومة بنيامين نتنياهو جاءت على قاعدة أساسية ترفض اتفاقيات السلام وجاءت لتمزيق أي معاهدات موقعة مع السلطة الوطنية الفلسطينية وبالتالي سيستمر بنيامين نتنياهو في مناوراته وليس بالغريب أن يغير مواقفه في اليوم الواحد إلى أكثر من ثلاث مرات فهذا هو بنيامين نتنياهو يفاوض الأمريكيين علي الاستمرار بالاستيطان تارة ووقف الاستيطان تارة أخري وكأن أمريكا في عهد اوباما أصبحت وصية علي الشعب الفلسطيني .. متنكراً للحقوق الفلسطينية ومتناسياً أن عنوان الشعب الفلسطيني ومرجعيته السياسية وقيادته التاريخية والمخولة في التفاوض واستمرار عملية السلام هو عنوان واضح ومعروف للجميع حيث يتابع الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية كل مستجدات عملية السلام .

أن استخدام الفيتو الامريكي بشأن مشروع القرار الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي سيعرقل محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية وأن المستوطنات غير شرعية وفق القانون الدولي، وتعد بمثابة عائق أمام إحلال السلام وتمثل تهديدا لحل الدولتين.

ان قرار الفيتو الأمريكي يعد قرار ' تعسفي ' بحق الشعب الفلسطيني وأنه يكشف حقيقة الدور الأمريكي المعطل لحالة الإجماع الدولي على عدم مشروعية الاستيطان والمستنكرة لوجوده، ويكشف حقيقة الدعم الأمريكي الواضح لكل ما يرتكبه الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.

وأن الموقف الأمريكي يشجع إسرائيل على الاستمرار بالاستيطان وازدراء القرارات الدولية، ويتناقض مع التعهدات والوعود الأميركية التي تطلق تصريحات ضد الاستيطان وتعد بحل الدولتين.

واليوم ومع تصعيد سياسة الاستيطان والاستمرار في اعتقال المزيد من ابناء الشعب الفلسطيني ومصادرة الأراضي والاستفادة من حالة الانقسام الفلسطيني الواقعة في الضفة وغزة وممارسة التنكيل بالشعب الفلسطيني بكل صورة وفرض الاحتلال بالقوة بات واضحا بان المطلوب من الفصائل الفلسطينية إنهاء الانقسام والعمل علي إيجاد صيغة سياسية تظهر أبناء الشعب الفلسطيني بصورة قوية في المحافل الدولية المختلفة.

وبات المطلوب أيضا من السلطة الفلسطينية مراجعة جادة وشاملة لنهجها وسياساتها والمراجعة الشاملة لمسيرة السلام والسياسات والإفرازات والالتزامات السياسية والقانونية والاقتصادية والأمنية التي قامت على أساسها السلطة الفلسطينية.

ان مسيرة الشعب الفلسطيني تميزت بالتضحية الفلسطينية العظيمة والتي قدمت خلالها مئات الشهداء وآلاف الجرحى والأسرى والمعوقين، وبالصمود الأسطوري الذي أكد تمسّك أبناء الشعب الفلسطيني بحقهم ووطنهم وأرضهم ومقدساتهم.

كما إن نضال الشعب الفلسطيني تميز بالعدد الكبير من الشهداء والقادة الذين ارتقوا إلى العلا وهم على ثباتهم وصمودهم.. لم يتنازلوا ولم يتهاونوا.. ضربوا المثال والنموذج .. وأناروا بدمائهم طريق النصر والحرية والعودة والتحرير ..

إن مسيرة النضال الوطني الفلسطيني تمثّل إنجازاً سياسياً وشعبياً وعسكرياً فلسطينياً يستحق التوقف أمام محطاته في ظل استمرار تضحيات شعبنا وتعاظم عطاءه تستمر حملة الإبادة التي تمارسها حكومة الاحتلال وجيشها ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والتي يصر قائد الإرهاب الدولي المنظم نتنياهو على استمرارها رغم أنف المجتمع الدولي، وبتغطية أمريكية منظمة ..

في ظل ذلك يعيش أبناء شعبنا الفلسطيني بالمخيمات الفلسطينية في أماكن الشتات بلبنان وسوريا والأردن وضعا مأساويا صعبا , تلك المناطق التي تشكل أعلى كثافة سكانية في العالم على حافة كارثة إنسانية مخيفة , حياة قاسية وواقع يثير الألم والفزع يتحمله الشعب الفلسطيني الصامد الذي يئن من وطأة الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية والذي فاقت جرائمه كل الممارسات النازية , هذا الواقع الذي يتجاهله مجلس الأمن الدولي في ظل دعم أمريكي مطلق لإسرائيل وحمايتها والذي يفترض بمجلس الأمن الدولي أنه يعبر عن إرادة المجتمع ومن مهامه ردع المعتدين ورفع المعاناة عن المقهورين.

وبسبب حملة الإبادة وسياسة الأرض المحرقة التي ينفذها نتنياهو وحكومته ارتفاع وتيرة العدوانية الإسرائيلية ودمويتها، سواء تجاه المواطنين الفلسطينيين أو الأرض الفلسطينية، يهدف إلى جر المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف وسفك الدماء، تعيد فيها إسرائيل خلط الأوراق للتملص من الضغوط والعزلة الدولية الآخذة بالازدياد على سياسات إسرائيل التي تمثل خطرًا مباشرًا على الاستقرار والأمن في المنطقة.

أن المكانة والتعاطف الدوليين المتصاعدين اللذين يحظى بهما كفاح الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال لا يمكن إيقافهما أو العودة بهما إلى الوراء، وإن الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة قادمة بعزم شعبنا وتضحياته مهما تعاظمت العدوانية الإسرائيلية ودمويتها.

إن حكومة نتينياهو وقيادة أركان الاحتلال يدركون تماماً بأن السبب الأساسي لاحتدام الصراع هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية واستمرار هذا الاحتلال يؤدي بالدرجة الأولى إلى استمرار النضال الفلسطيني ولا يمكن مهادنة هذا الاحتلال على حساب الدم الفلسطيني أو تجاوز الاحتلال على أنه خلاف عابر أو وجهات نظر.

إن الاحتلال هو المشكلة الكبرى وهذا العدوان على الشعب الفلسطيني هو الأساس ولا يمكن لمن كان أن يحاول القفز عن القيادة الشرعية ونضال الشعب الفلسطيني للنيل من صمود الإنسان الفلسطيني وإرادته وعزيمته وإثناؤه عن المطالبة بحقوقه لتقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة..

إن نيتنياهو بات في مأزق حقيقي بعد إصدار الفيتو الامريكي فهو يعيش في حصار كامل ولا يمتلك أي محاولات لمزيد من المناورة والكذب للاستمرار في تضليل الرأي العام والمحاولة للنيل من الحقوق الفلسطينية المشروعة ..

إن الصراع لا يمكن أن ينتهي بأي حال من الأحوال في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي واحتلال الأرض الفلسطينية واغتصاب ومصادرة الأراضي ولا يمكن للاحتلال أن يستمر في ظل عدوانه الظالم على شعبنا حيث هذا التطاول الواضح على الحقوق الفلسطينية , ولا يمكن لأي من كان أن يحاول تمرير مشروع تصفوي استسلامي يهدف إلى إفراغ القضية الفلسطينية من محتواها الوطني.

إن نتينياهو وأجهزة مخابراته يتناسون أن شعبنا وقيادته التاريخية لن يتخلوا عن الحق الفلسطيني المعترف به من الشرعية الدولية ولا يمكن لهذا الشعب أن ينسى حقوقه ونضالاته على مدار الزمن وعلى نيتنياهو أن يتوجه إلى رام الله بدلاً من استمرار مخادعة العالم والتوجه إلى عناوين يرفضها الشعب الفلسطيني والاستمرار في تلفيق الحجج الواهية والأكاذيب التي من شأنها فقط أن تؤجل ساعة الحسم ولكنها لن تستطيع أن تحسم الأمور لصالح نهجه العدواني القبيح .

رئيس تحرير جريدة الصباح



CONVERSATION

0 comments: