الجزيرة ليكس .. كشفت مستوراً .. أم أكدت مكشوفاً/ د. عيدة المطلق قناة


ربما لم يكن ماجاء في تسريبات الجزيرة مفاجئاً ..إلا أن هذه التسريبات أكدت ما كانت تتداوله الأوساط الإعلامية من تنازلات كنا نظنها إلى عهد قريب أنها (في أسوأ الاحتمالات ربما تكون ثرثرة ممجوجة وغيرمقبولة .. أو مواقف فردية غير ملزمة لأحد) ..أما حين تتحول إلى محاضر جلسات التفاوض .. ويدعي الناطقون بها تمثيلهم للأمة لا للشعب الفلسطيني فحسب وحين يتباهى أحدهم بتقديم أكبر أورشليم.. بصفته رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير .. عندها تكون الوثائق بالفعل قد كشفت مستوراً في نفس الوقت الذي أكدت فيه ما كان مكشوفاً ومتداولاً ..
إلا أن ما يستدعي التفكر هو ردود الأفعال الهستيرية التي صدرت عن فريق التفاوض أو الناطقين باسم سلطة التفاوض.. إذ يستغرب المراقب العادي أسباب هذه الهستيريا ..
• ألم يسبق لهذا الفريق أن وقع وثائق تفريطية مع العدو من أمثلتها : وثيقة عباس – بيلين بشأن القدس .. ووثيقة جنيف (عبد ربه -بيلين) التي فرطت بحق العودة؟؟
• أليس محمود عباس هو من يتغنى صباح مساء.. بأن لا خيار لديه إلا " الخيار التفاوضي البائس؟؟
• أليست سلطة التفاوض ذاتها هي التي تجرم وتحرم المقاومة.. وهي التي تلاحق وتعتقل وتغتال المقاومين أصالة ووكالة ؟؟
• فلماذا الاستغراب والهجوم الكاسح على قناة الجزيرة .. هل لأنها كشفت عري هؤلاء ؟
• فهل الجزيرة هي التي كتبت محاضر الجلسات ؟؟ أم أن الجزيرة هي التي اخترعت من خيالاتها كل هذا الكم الهائل من الثرثرة ؟؟

إن إثارة الأسئلة التشكيكية حول "من سرب الوثائق" ؟؟.. أو في التركيز على دقة وخطورة التوقيت الذي اختارته الجزيرة للبث ؟؟ أو القول بالتصرف اللامهني للجزيرة .. فكلها لا تعدو أن تكون من الغثائيات الاستعراضية التي يتقنها فريق التفاوض .. ولا قيمة لها أمام خطورة التلاعب البهلواني في أخطر تفاصيل القضية ؟

إن أي وثيقة من الوثائق التي تم نشرها تكفي بذاتها لملاحقة هذا الفريق وإدانته بجريمة التفريط بحقوق الأمة.. لعل من سخريات السلوك التفاوضي ما كشفته أحد الوثائق من اقتراح قدمه "كبير المفاوضين.. رئيس دائرة المفاوضات ".. لوزيرة الخارجية "الإسرائيلية" السابقة " تسيبي ليفني" في الرابع من مايو/أيار 2008- مفاده [أن يكون المستوطنون اليهود "مواطنين كاملي الحقوق في فلسطين".. مشبها وضعهم داخل "الدولة الفلسطينية المفترضة" بوضعية "العرب " داخل الأراضي المحتلة عام 48] .. فيالها من مقارنة سخيفة بين "أصحاب الأرض الأصليين.. ولصوص الأرض ومحتليها " .. فهذا الأداء المتهور الأرعن لم يكن حافزا للإسرائيليين حتى لقبول ما تم التنازل عنه لأنهم باتوا على يقين بأنهم غير مطالبين بأي ثمن ّ!!!

لقد كشفت الوثائق عن مستوى غير مسبوق من الانزلاق والسقوط الوطني الذي وصلت إليه سلطة عباس.. .. المتورطة بتصفية القضية بأبخس الأثمان وربما بدون ثمن اللهم إلا البقاء الذليل على هامش الاحتلال ..

خلاصة ما يمكن استنتاجه من هذا الكشف هو أن مجمل "السلوك التفاوضي" الذي يتخذ الفهلوة والاستعراضية أسلوباً .. يشكل بحد ذاته إدانة لنهج التفاوض برمته . إننا اليوم أمام نهج أسفر بعد عقدين من انطلاقته- عن تحويل فريق التفاوض "من أستاذ جامعي .. أو قيادي يساري.. أو اقتصادي لامع .. وغير ذلك " إلى بهلوانات .. بل حولهم في أحسن الأحوال إلى "باعة شنطة" بضاعتهم ثوابت الأمة .. فضلا ًعن تحويلهم إلى متسولين أقصى مناهم استجداء الرضى والقبول الصهيوني .. عبر عملية ابتزاز واستدراج كانت نتائجها كارثية !!

لقد أدمن العدو على ابتزاز هذه القيادة ودفعها للمزيد من التنازلات .. وبذلك فإن بقاء سلطة كهذه تتكلم باسم الشعب وقضيته .. سينتهي بتصفية القضية .. لقد آن للأمة أن تعلن براءتها من هذا النهج التخاذلي المهين؟؟ وبراءتها من كل من جعل التفاوض حرفة يعتاش عليها .. ؟؟


CONVERSATION

0 comments: