أستراليا والعرب: أمام الاختيار الصعب!/ ناجي أمل الوصفي

أكثر ما يخافه الإنسان بشكل عام والإنسان السياسي بشكل خاص هو إنعدام القدرة على تسير الأمور ويعرف ذلك في العلوم السياسية بانعدام الوزن السياسي. وهذا ما شعر به الزعيمان المتعارضان المتناقران في الساحة السياسية الأسترالية خلال الاسابيع القليلة الماضية. الأمر الذي يضع الشعب الأسترالي في موضع ومكان ومعاناة الشعوب العربية!
إليك التحليل والدليل والبرهان. 
إنعدام القدرة بالنسبة لجوليا غيلارد:
جوليا غيلارد بلا شك شعرت بهذا الشعور المحبط عندما دخل إلى مكتبها زعيمان غاضبان من زعماء النقابات العمالية. كيف تمنح حكومة غيلارد البليونيرة جينا راينهار حق جلب ما يقرب من الفين عامل من خارج أستراليا للعمل في مشروع بناء منجمها الجديد بغرب أستراليا بأجور زهيدة بنما يتسكع العمال الاسترالييون في دهاليز السنتر لينك؟؟
وعلى الرغم من أن السيدة رئيسة الوزراء أنكرت معرفتها المسبقة بالقرار الذي أغضب الأستراليين جميعا فقد تبين بما لا يدع مجال للشك أن السيد الوزير كريس باون  قد أخبرها بالقرار ووافقت عليه قبل إعلانه.
هنا للمرة الثانية نواجه شخصيتان للسيدة جوليا. جوليا التي تعرف أن هذا المشروع سيكلف عشرة بليون دولار وسينعش الاقتصاد الأسترالي، وجوليا الخائفة من الهزيمة وغير قادرة على دعم قرارها السليم. هناك أثنان جوليانان!!! جولية صاحبة القرار وجوليا الخائفة من القرار. وهاكزا تشعر جوليا الحقيقية بعدم القدرة وانعدامها.
إنعدام القدرة بالنسبة لطوني أبوت:
في الأسبوع الماضي قام اعضاء البرلمان العمالين بطلب منع السيد جو هوكي الأحراري من الحديث. وأعترض الأحرار على هذا الطلب الغير ديمقراطي. وحدث تصويت على هذا الطلب الغريب. وإذا بالسيد جريج طومسن العمالي والنتهم بإهدار المال العام يصوت مع الأحرار الذين سلخوا جلده السياسي طوال الأسابيع الطويلة الماضية!!!
ماذا يفعل طوني أبوت زعيم الأحرار؟
إن قبل الصوت الفاسد فقد أخطأ. وإن رفضه وهرب من البرلمان راكضا كما ظهر على شاشات التلفزيون فقد أخطأ أيضا.
وبين الخطأ والخطأ لا شك أن السيد طوني قد شعر بأن لا حول له ولا قوة. أي أنه شعر بعدم القدرة.
يبدو أن أستراليا مرة أخري تمر بنفس الظروف التي تمر بها مصر. فنحن نعرف أن الفيضانات في مصر تقابلها فيضانات في استراليا! وقد نشرت صحيفة النهار أخبار بهذا الشأن عندما اجتاحت الفيضانات جميع أنحاء أستراليا منذ شهرين أو أكثر.
الاختيار الصعب:
 أما هذه المرة فيقف الشعب الأستراليي أمام خيارين لا ثالث لهما تماما مثل أخوانهم المصريين.  ففي مصر  يقف الشعب بين خيارين: الأول هو أختيار شفيق العسكري والثاني هو مرسي الديني. هل الفاشية العسكرية أفضل من الفاشية الدينية؟؟؟ هل الفاشية الدينية أفضل من الفاشية العسكرية؟؟ العسكر وبلاويهم أم المتدينين وإرهابهم؟؟؟
وإذا إنتقلنا من مصر إلى سورية الحزينة والجريحة فلن يختلف الأمر كثيرا. فالشعب السوري الحبيب يقف امام اختيارين: الأول هو شبل الأسد بكل الجرائم التي ارتكبها الأسد الكبير المرحوم حافظ الوحش (هذ هو أسمه الحقيقي)، والثاني هو الإرهابييون المختبؤن وراء قناع الديمقراطية الأمريكية الزائفة.
والحال في لبنان هو نفس الحال: اليمين اليبرالي من أمامكم يازلمة واليمين الديني من ورائكم. فماذا أنتم فاعلون.
ومن يتأمل الوضع في سائر الدول العربية لا يساعه إلى الوصول إلى نفس النتيجة.
أما في أستراليا فيقف الناخبون أمام خياريين: الأول هو الرأسمالية الدينية الأبوتية التي تشعر بإنعدام القوة والثاني هو الاشتراكية الملحدة الغيلاردية التي تشعر أيضا بإنعدام القوة؟ ايهما أفضل؟
أيهما أفضل؟ الأبوتية أم الغيلاردية؟؟؟
نترك للقارئ الكريم الإختيار وإتخاذ القرار بنفسه وبناء على الأسباب التي يمليها عليه ضميره.
أما أنا فأريد أن أؤكد للقارئ الكريم أن الإنسان هو الإنسان في كل مكان. وألفت نظر المتشدقين بشعارات جوفاء: مثل العدل للجميع والحرية المطلقة وحقوق الإنسان الخ الخ الخ (وبقية المعزوفة النحاسية الجوفاء الفارغة) إلى حقيقة بسيطة جدا: الإنسان مخلوق ناقص يعوزه الصدق والموضوعية وقلبه مملوء بالنفاق والكذب والرياء.

CONVERSATION

0 comments: