أي عملية قَتل لأي طفل بغض النظر عن الدين، والجنس، والعرق، هي عملية إجرامية مدانة إنسانياً وأخلاقياً، ولا يمثل هذا الفعل إلا سقوط أخلاقي لا يمكن تبريره تحت اي مبرر كان.
سارعت بالأمس الدعاية الصهيونية بنشر قصة قتل العائلة الاستيطانية الصهيونية، وجاء في الرواية أن شابين فلسطينيين هما منفذا العملية بفعل دوافع شخصية، غير منظمة، وغير معدِ لها مسبقاَ، وهذه الرواية ما هي سوى صك براءة للشابين الفلسطينيين المراهقين- إن صدقت الرواية الصهيونية- بتنفيذ العملية.
هذه الرواية هي رواية إدانة للفعل الإجرامي الصهيوني الممثل بمشهد حي ومباشر منذ ثلاثة وستون عام ضد الأطفال الفلسطينييون، الذين مزقت اشلائهم صواريخ الطيارات الصهيونية، ومدافع دباباتهم، ورصاصهم المصبوب على الجسد الفلسطيني بكل أماكن تواجده، وأسلحتهم المحرمة دولياً التي اصابت المجتمع الفلسطيني بأمراض صحية ونفسية خطيرة جداً، وخاصة الأطفال الفلسطينييون الذين يترعرعوا ويكبروا تحت تاثير مشاهد الإجرام الصهيوني، بحقهم وبحق منازلهم ومدراسهم والعابهم، وأهلهم، وهي مشاهد لا زالت حية ماثلة في الضمير العالمي الذي اباح تمزيق جثمان الطفل الفلسطيني، وإيذائه نفسياً وجسدياً، ومعنوياً، وكل الدراسات تؤكد أن الطفل الفلسطيني يعاني من العديد من الأمراض النفسية، والإضطرابات الفسيولوجية جراء ممارسات الإجرام الصهيوني ضد الطفل الفلسطيني، المحروم من كل سبل الحياة، والذي لم تستطيع إتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالطفولة من حمايته، وأمام صمت هيئات حقوق الطفل والإنسان، التي تغض النظر عما يتعرض له الطفل الفلسطيني يومياً جراء الفعل الإجرامي الصهيوني.
فهذا الطفل المعذب من ممارسات الصهيونية وإجرامها، ينمو وسط اشلاء اقرانه الممزقة بفعل أداة الموت الصهيوني، ويترعرع وسط ركام منزله المقصوف بفعل الصواريخ الصهيونية، وبين حطام مدرستة، ويشاهد جثامين والديه وأخواته الممزقة أشلاء، يبحث عن ما تبقى من ألعابة البسيطة فلا يجد منها سوى أثار الجريمة الصهيونية، دون أن يتمكن العالم مسح دموع هذا الطفل الفلسطيني الذي يكبر وتكبر معه زراعة الحقد التي يمارسها العدو الصهيوني ويمارسها في العقل الباطن للطفل الفلسطيني.
وما أن يكبر ويشتد عودة ويصبح شاباً مراهقاً، تكبر وتنمو معه مشاهد الإجرام الصهيوني بطفولته وبألعابه، وبقلمه، وبكراسته، وبمنزله، وبمدرستة، وجثمان اقرانه من كان يلهو معهم، وأهله وذويه.
كل تلك المشاهد تنمو وتكبر مع هذا الطفل افلسطيني فتصبح محركاً لا إرادياً له للثأر والإنتقام من الإجرام الصهيوني، فيندفع دون إتزان نفسي أو فسيولوجي ليثأر من عذاباته، وإجرام الصهيونية بحق طفولته.
إن صدقت الرواية الصهيونية – وهي محل شك – فإنها فعلاً إدانة للإجرام الصهيوني الممارس ضد الطفل الفلسطيني، وهو شهادة صهيونية بأن محرك الشباب المراهق في طور الطفولة المتوسطة نحو تنفيذ هذه العملية ما هو إلاّ بفعل العذاب والإجرام والألم الممارس ضدهم، وقتل من قابلوا بطريقتهم دون وعِ أو إدراك لمؤثرات الفعل الإنساني.
فمشهد الطفل الذي مزقته صواريخ الإجرام الصهيوني لم تمنحهم الفرصة والتفكير باي طفولة أخرى، بل قادهم مشاهد قتل أطفال فلسطين للإعتقاد بأن الطفل يمكن قتله، وهو ما حدث فحركهم مشاهد الموت المغروسة في ذهن الشباب المراهق الذي نفذ العملية_ إن صدقت الرواية الصهيونية- .
فإن كانت إدانتنا للفعل غير الإنساني بقتل الأطفال في هذه العملية من نابع إنسانيتنا الثورية التي تحتم علينا ذلك بما إننا مناضلين ثوار نتحلى بأخلاق الثائر الإنسان، فإن هذه الإدانة لا تعتبر إدانة للشباب الفلسطيني المراهق الذي نفذ العملية، بل هم أبنائنا وفلذات أكبادنا، اجتهدوا بقدر وعيهم وفهمهم، وتحت تاثير فعل الإجرام الصهيوني الممارس ضد أطفال فلسطين، فحركتهم مشاهد الطفل( محمد الدرة)، والطفلة( إيمان حجو)، وصرخات الطفلة(هادية غالية) على بحر غزة، ومشاهد الإجرام ضد أطفال مذبحة جنين، ومذبحة غزة، ومشاهد أطفال عائلة (السموني)، ومشهد الطفل فارس عودة، والمئات من جثامين الأطفال الممزقة بفعل الإجرام الصهيوني في فلسطين.
فالشباب الفلسطيني المراهق الذي اتهمته الرواية الصهيونية- إن صدقت- بتنفيذ العملية لم يرتكب جٌرم – إن فعل ذلك فعلاً- بل إرتكب رد فعل في إطاره المفاهيمي لمشاهد الإجرام الصهيوني وهو ما سمح لهم إجتهادهم الذي أرادوا بفِعله الثأر لعذاباتهم من قبل الصهيونية وجرائمها.
وما هذه الرواية الصهيونية سوى إدانة للإجرام الصهيوني بحق أطفال فلسطين وشعب فلسطين. وبقدر إدانتي لقتل الأطفال في هذه العملية، بقدر فخرى وإعتزازي بالشباب الفلسطيني في كل أماكن تواجده لما يمثله من إحساس ووعي بمآسي شعبهم وقضيتهم ووطنهم.
0 comments:
إرسال تعليق