حالة غثيان أم تقيؤ!؟/ سامح عوده

نظرة على الواقع في سوريا .. بعد اندلاع شرارة الثورة السورية ..

راهن كثيرون من المحللين على أن سوريا الدولة الشقيقة لن تتأثر بحمى الثورة التي بدأت شرارتها في تونس ومصر واليمن وليبيا، إن المتابع للأحداث في سوريا يصاب بالغثيان عندما يتابع ماكنة الإعلام السورية الهرمة، بل ويتقيأ أكثر عندما يستمع إلى خطاب الفئة الحاكمة وهي تطلق الوعود بإصلاحات سياسية واقتصادية في سوريا، أبواق النظام تحاول امتصاص حالة الثورة التي اندلعت كالنار في الهشيم، فالقتلى بالمئات .. والجرحى بالآلاف، والحبل على الجرار.

يشعر السوريون بالاحتقان من نظام الحكم في سوريا، فهو رابض على صدورهم منذ ثمانية وأربعين عاماً، ويحكم البلد بالحديد والنار، وعلى مدار نصف قرن من الزمان استطاع النظام الحاكم أن يستأثر بالسلطة والمال والإعلام والمرجعية، التي تعني الحاشية العلوية الصغيرة التي تدوس بالنعال الشعب السوري.

عبثاً يحاولون تزييف الحقائق وطلائها برتوش لن تصمد طويلاً أمام حالة القهر التي يعيشها المواطن السوري، فالنظام السوري الذي يدعي الممانعة .. وتمسكه بقوميته وعروبته، هو أول من باع المبادئ وتخلى عن الثوابت، فكان حارساً أميناً على مصالح إسرائيل وأمريكا، كيف لا .. وهو النظام الذي يحرس حدود إسرائيل التي تحتل الجولان منذ هزيمة 1967م، فكم رصاصة أطلق هذا النظام على العدو المحتل؟

وسجل نظام الحكم في سوريا حافل بالهزائم والمآسي لا للشعب السوري وحده بل للعديد من الشعوب العربية وفي مقدمتهم الفلسطينيون الذين تآمر عليهم أثناء احتلاله أجزاء من لبنان الشقيق، ولم تقف مؤامراته عند هذا الحد بل تعدى ذلك إلى اللعب على وتر الانقسام الفلسطيني، وتعدت مؤامرات نظام الحكم في سوريا الفلسطينيين، فاللبنانيون طالهم من الهم جانب..!! أثناء وجود النظام السوري في لبنان، ولعبه على وتر التناقضات في العمق اللبناني، ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل إن الجيش السوري كان أول المقاتلين جنباً إلى جنب مع الجيش الأمريكي في ما سمي حرب الخليج الأولى – عاصفة الصحراء - .

وبالنظر إلى واقع المجتمع السوري الذي يئن تحت سياط القمع والفقر والرشوة والمحسوبية ستجد بحسب المعطيات التي تنشرها الهيئات الحقوقية والإنسانية في سوريا أن الوضع في البلد المحكوم من آل نعجة (أسد) هو " 250000 مهجر ممنوعون من العودة إلى سوريا، وأكثر من 5000 معتقل رأي، وأكثر من 30000 قتيل في مذابح حماة وتدمر وحلب مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، وعشرات آلاف المفقودين الذين لا يعلم أهلهم عنهم شيئاً، وأكثر من 20000 معتقل للإخوان المسلمين، فضلاً عن معاناة السورين الأكراد المكتومي الهوية ".

بعد أن عمت الثورات دولاً عربية سقطت أنظمتها في لحظات حاولت وسائل الإعلام السورية والتابعة لنظام الحكم في سوريا الحديث عن مليارات مبارك والقذافي وزين العابدين ابن علي، ولكن هذا الإعلام المضلل تناسى ثروة الأسد وعائلته، فقد كشف تقرير سويسري أن ثروة الرئيس السوري بشار الأسد في المصارف السويسرية " تبلغ نحو 1.9 مليار فرنك سويسري أي حوالي ملياري دولار، وحسب التقرير الذي أعدته مؤسسة مالية سويسرية بشأن ثروات الحكام العرب، استناداً إلى إحصائيات البنك المركزي السويسري، فإن المبلغ المشار إليه (1.9 مليار فرنك سويسري) يتعلق فقط بالأرصدة المالية التي تديرها البنوك السويسرية ولا يشمل أي أسهم قد يملكها الرئيس السوري في سويسرا" والأسد الابن الذي يحكم سوريا بالحديد والنار لم يمضِ على حكمه أحد عشر عاماً ويملك هذه الثروة، وبالتأكيد إذا ما مكث في الحكم – لا سمح الله – فترة القذافي فبالتأكيد ستتجاوز ثروته ثروة الأخير .. في بلد يفتقر إلى الموارد، وبحسب التقارير المالية تقدر ثروة عائلة الأسد بنحو " 40 " مليار دولار.

إن الشعب السوري العظيم الذي يعيش تحت الخوف، ويدار بالفكر الطائفي والقمعي والمخبرين ورجال البوليس..!! لا يمكن أن يصمت طويلاً على اغتصاب حقوقه، ومن المؤسف أن تجد أعوان النظام السوري وزبانيته يحاولون تصوير أن ما يحدث في البلد هو حدث عابر. إن المتابع لهذه الاسطوانة المشروخة يصاب بالغثيان لما يعرضه الإعلام الرسمي السوري، ويتقيأ عندما يتابع أخبار الثورة السورية عبر فضائيات تدعي النزاهة والحيادة على شاكلة الجزيرة ..!!

وإذا أردت أن تعرف أكثر عن هذا النظام فما عليك إلا أن تسير في شوارع دمشق وأزقتها وأحيائها لترى في كل حي وكل شارع وكل زقاق جموعا من الفرس الذين يعيثون في البلد فسادا وإفسادا، بل إن اللافت أكثر هو وجود الكم الهائل من المدارس الفارسية (الدينية) التي لا تتكلم العربية بل وإن حاولت أن تتحدث مع أحدهم فإنه يرفض أن يتحدث معك بالعربية، لا لشيء إلا لأنه مغموس بالشعوبية الفارسية من رأسه وحتى أخمص قدميه، ومحروس من النظام وزبانيته.

إن رياح التغيير قد هبت في سوريا، والثورة تجاوزت المخاض إلى الولادة، وإن الشعب السوري المقهور سيغير الظلم والفساد .. وسيتقيأ على كل من يحاول اللعب على وتر الطائفية ليقزم ثورته، حتى لو كان ذلك من الفصائل الفلسطينية التي تركع في محراب الحزب الحاكم البعيد كل البعد عن البعث وتطلعاته القومية العربية ..!!

CONVERSATION

0 comments: